[size=21]مثال آخر يوضح الفرق بين التغذية الراجعة ، وغيرها من عمليات الربط بين النتائج والوسائل التي تؤدي إلى الربط بين المشاعر وحالة معينة .
أ ـ لقد قام الطلاب بعمل جيد في تزيين حجرة الصف .
ب ـ هل أنتم سعداء لأن حجرة الصف تبدو جميلة جدا .
في المثال السابق نجد أن عبارة ( أ ) تقدم مثالا واضحا دالا على التغذية الراجعة . حيث إنها تقدم معلومات تتعلق بالنتائج ، وهي تزيين الفصل .
أما عبارة ( ب ) ما هي إلا وسيلة لربط مشاعر الطلاب بحالة معينة . فالشعور في هذا الموقف هو " السعادة الغامرة التي شعر بها الطلاب " ، والحالة هي " حجرة دراسة مزينة باللوحات والوسائل التعليمية " .
إن المعلم في الحالة التي أشرنا إليها آنفا يريد من طلابه أن ينشئوا علاقة بين المشاعر السعيدة ، وحجرة الدراسة الجميلة . فإذا استطاع الطالب أن يربط جملة المعلم بعمله في تزيين صفه ، فإن الجملة يمكن أن تصبح تغذية راجعة ، ولكن المعلم لم يقدم تغذية راجعة واضحة ، لأن العمل لم يذكر بوضوح .
ومن خلال ما سبق يمكن طرح السؤال التالي :
س ـ متى تكون الجملة ، أو العبارة تغذية راجعة ؟
التغذية الراجعة يجب أن تكون متعلقة بالعمل . فإذا أخبرنا شخص ما بأن العرب والمسلمين أصحاب حضارة ، فإننا نشعر بالرضا والسرور ، ولكنه عندما يذكر أننا لم نقم بأي عمل يترتب عليه انتماؤنا لتلك الحضارة ، فإن ذلك لا يشير بالضرورة إلى أن كل جملة تعزز ، أو تقلل من شأن الذات هي تغذية راجعة . بل إن التغذية الراجعة يجب أن ترتبط بعمل ما كما ذكرنا سابقا . كما يجب علينا الربط بين العمل وبين المعلومات المقدمة ، وعندئذ تكون تلك المعلومات التي نقدمها للآخرين تغذية راجعة .
ومما سبق يتأكد لنا أن التمييز بين التغذية الراجعة ، والجملة الإيجابية ، أو السلبية أمر مهم وضروري في حجرة الدراسة ، فالتغذية الراجعة تخبر الطالب عن عمل قام به ، أما الجملة الإيجابية فإنها يمكن أن تزيد من سروره ، ولكن لا يتوقع أن تُحدث تغييرا في سلوكه .
أهمية التغذية الراجعة :
للتغذية الراجعة أهمية عظيمة في عملية التعلم ، ولا سيما في المواقف الصفية . إذ أنها ضرورية ومهمة في عمليات الرقابة والضبط والتحكم والتعديل التي ترافق وتعقب عمليات التفاعل والعلم الصفي . وأهميتها هذه تنبثق من توظيفها في تعديل السلوك وتطويره إلى الأفضل . إضافة إلى دورها المهم في استثارة دافعية التعلم ، من خلال مساعدة المعلم لتلميذه على اكتشاف الاستجابات الصحيحة فيثبتها ، وحذف الاستجابات الخاطئة أو إلغاؤها .
إن تزويد المعلم لتلاميذه بالتغذية الراجعة يمكن أن يسهم إسهاما كبيرا في زيادة فاعلية التعلم ، واندماجه في المواقف والخبرات التعلمية . لهذا فالمعلم الذي يُعنى بالتغذية الراجعة يسهم في تهيئة جو تعلمي يسوده الأمن والثقة والاحترام بين الطلاب أنفسهم ، وبينهم وبين المعلم ، كما يساعد على ترسيخ الممارسات الديمقراطية ، واحترام الذات لديهم ، ويطور المشاعر الإيجابية نحو قدراتهم التعلمية والخبراتية .
ومما تقدم يمكن إجمال أهمية التغذية الراجعة في المواقف الصفية على النحو التالي :
1 ـ تعمل التغذية الراجعة على إعلام المتعلم بنتيجة عمله ، سواء أكانت صحيحة أم خاطئة .
2 ـ إن معرفة المتعلم بأن إجاباته كانت خاطئة ، والسبب في خطئها يجعله يقتنع بأن ما حصل عليه من نتيجة ، كان هو المسؤول عنها .
3 ـ التغذية الراجعة تعزز قدرات المتعلم ، وتشجعه على الاستمرار في عملية التعلم .
4 ـ إن تصحيح إجابة المتعلم الخطأ من شأنها أن تضعف الارتباطات الخاطئة التي تكونت في ذاكرته بين الأسئلة والإجابة الخاطئة .
5 ـ استخدام التغذية الراجعة من شأنها أن تنشط عملية التعلم ، وتزيد من مستوى دافعية التعلم .
6 ـ توضح التغذية الراجعة للمتعلم أين يقف من الهدف المرغوب فيه ، وما الزمن الذي يحتاج إليه لتحقيقه .
7 ـ كما تُبين للمتعلم أين هو من الأهداف السلوكية التي حققها غيره من طلاب صفه ، والتي لم يحققوها بعد ، وعليه فقد تكون هذه العملية بمثابة تقويم ذاتي للمعلم ، وأسلوبه في التعليم .
خصائص التغذية الراجعة :
يفترض التربويون وعلماء النفس أن للتغذية الراجعة ثلاث خصائص هي :
1 ـ الخاصية التعزيزية :
تشكل هذه الخاصية مرتكزا رئيسا في الدور الوظيفي للتغذية الراجعة ، الأمر الذي يساعد على التعلم ، وقد ركز أحد الباحثين على هذه الخاصية من خلال التغذية الراجعة الفورية في التعليم المبرمج ، حيث يرى أن إشعار الطالب بصحة استجابته يعززه ، ويزيد احتمال تكرار الاستجابة الصحيحة فيما بعد .
2 ـ الخاصية الدافعية :
تشكل هذه الخاصية محورا هاما ، حيث تسهم التغذية الراجعة في إثارة دافعية المتعلم للتعلم والإنجاز ، والأداء المتقن . مما يعني جعل المتعلم يستمتع بعملية التعلم ، ويقبل عليها بشوق ، ويسهم في النقاش الصفي ، مما يؤدي إلى تعديل سلوك المتعلم .
[/size]