Esraa Hussein Forum
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي الزائر اهلا وسهلا بكم في منتدي اسراء حسين ، إذا كنت زائر يسعدنا ويشرفنا ان تسجل في المنتدي وتكون من ضمن اعضاؤه ، اما إذا كنت عضوا فتفضل بالدخول ، شكرا لزيارتكم لمنتدانا
دمتم برعاية الله وحفظه
مع تحياتي،
اسراء حسين
Esraa Hussein Forum
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي الزائر اهلا وسهلا بكم في منتدي اسراء حسين ، إذا كنت زائر يسعدنا ويشرفنا ان تسجل في المنتدي وتكون من ضمن اعضاؤه ، اما إذا كنت عضوا فتفضل بالدخول ، شكرا لزيارتكم لمنتدانا
دمتم برعاية الله وحفظه
مع تحياتي،
اسراء حسين
Esraa Hussein Forum
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Esraa Hussein Forum



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدخول
المواضيع الأخيرة
» صناعة الخرائط عبر التاريخ
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالخميس 20 يوليو 2017, 10:04 pm من طرف محمدسعيدخير

» بطاقات القوانين الصفية للطلاب مهمة جدا جدا
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالأربعاء 19 أكتوبر 2016, 8:12 pm من طرف تلميذة سيبويه

» برنامج الأرشفة الإلكترونية/ مجانا 100% برنامج أرشيف التعاميم والوثائق
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالإثنين 10 أكتوبر 2016, 9:36 pm من طرف alialneamy

» المكتبة الألمانية النازية (مكتبة كتب عن تاريخ المانيا النازية) من تجميعى الشخصى حصريا على منتدانا
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالجمعة 24 يوليو 2015, 11:48 pm من طرف هشيم النار

» جامعة المدينة العالمية
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:42 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:41 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:40 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:40 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:40 pm من طرف BI744

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
Esraa Eman Hussein{Admin}
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
Dr.Emanis
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
أبلة حكمت
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
البروفوسور
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
mony moon
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
zinab abd elrahman
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
نهى
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
nihal noor eldin
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
heba mohammed fouad
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
super mada
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_rcapموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_voting_barموقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
التوقيت
Free Clock
مواضيع مماثلة

 

 موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Esraa Eman Hussein{Admin}
Admin المدير العام للمنتدى
Admin المدير العام للمنتدى
Esraa Eman Hussein{Admin}


موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله 115810
الابراج : الدلو
عدد المساهمات : 4049
تاريخ التسجيل : 15/06/2009
العمر : 35
الموقع : www.esraa-2009.ahlablog.com
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله Jb12915568671

موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله 107601

موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله Empty
مُساهمةموضوع: موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله   موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 23 نوفمبر 2010, 11:16 pm



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

موقف ابن خلدون من علم الكلام
تصنيف أحمد إدريس عبد الله







بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أهدي هذا البحث للذين أضاءوا شموع الحق في زمن الظلمات، وأناروا دروب الهدى في عصر انتشرت فيه الجهالات، فوقفوا صخرة منيعة في وجوه أصحاب الضلالات..

إلى شيخنا ومولانا العلامة الشيخ سعيد فودة حفظه الله وأدام علينا من بركاته ونفعنا به، نصر الله به أهل الحق وجعله غصة في حلوق أرباب الهوى والزيغ والضلال، وإلى الشيخ الفاضل بلال النجار الشيخ الخلوق المتواضع الذي يحرق نفسه ليضيء للآخرين، وإلى شيخنا الفاضل عماد الزبن الذي ما يزال يغمرنا بفضله وألطافه..

وإلى الإخوة الأفاضل في منتدى الأصلين الصادحين بالحق رغم أنوف الحاقدين..

وإلى جميع الباحثين عن الحق من منابعه صافيا أصيلا لا تعكره أهواء المبتدعين، ولا زخارف المتهوكين الذين يحرفون الكلم عن مواضعه..

سائلا المولى عز وجل أن ينفع به، ويغفر لنا ما كان من زلل وتقصير..

فهرس المحتويات: TOC \o "1-3" \h \z \u

التعريف بابن خلدون. PAGEREF _Toc211511381 \h 5

مكانة ابن خلدون، ورأي الباحثين في اشتغاله بعلم الكلام PAGEREF _Toc211511382 \h 6

* تعريف علم الكلام * PAGEREF _Toc211511383 \h 9

- تعريف ابن خلدون لعلم الكلام PAGEREF _Toc211511384 \h 9

- تعريف علم الكلام عند متكلمي الأشاعرة PAGEREF _Toc211511385 \h 9

نقاش: PAGEREF _Toc211511386 \h 10

* موضوع علم الكلام ومسائله * PAGEREF _Toc211511387 \h 10

رأي ابن خلدون في موضوع علم الكلام PAGEREF _Toc211511388 \h 10

كلام المتكلمين في موضوع علم الكلام PAGEREF _Toc211511389 \h 12

نقاش: PAGEREF _Toc211511390 \h 13

* مرتبة علم الكلام بين العلوم * PAGEREF _Toc211511391 \h 14

رأي ابن خلدون. PAGEREF _Toc211511392 \h 14

رأي المتكلمين. PAGEREF _Toc211511393 \h 15

نقاش: PAGEREF _Toc211511394 \h 15

* الغرض من علم الكلام وفائدته * PAGEREF _Toc211511395 \h 16

رأي ابن خلدون. PAGEREF _Toc211511396 \h 16

غايته وفائدته كما يذكرها المتكلمون. PAGEREF _Toc211511397 \h 16

نقاش: PAGEREF _Toc211511398 \h 18

* تحقيق معنى الإيمان * PAGEREF _Toc211511399 \h 20

كلام ابن خلدون على الإيمان. PAGEREF _Toc211511400 \h 20

رأي المتكلمين في الإيمان. PAGEREF _Toc211511401 \h 22

نقاش: PAGEREF _Toc211511402 \h 24

* البرهان العقلي على التوحيد * PAGEREF _Toc211511403 \h 25

الاستدلال العقلي على البعث.. PAGEREF _Toc211511404 \h 27

نقاش: PAGEREF _Toc211511405 \h 27

أحكام العقل: PAGEREF _Toc211511406 \h 28

* تقرير العقائد في علم الكلام جملة * PAGEREF _Toc211511407 \h 29

* الكلام على الفرق الإسلامية * PAGEREF _Toc211511408 \h 30

بيان عقيدة السلف.. PAGEREF _Toc211511409 \h 30

مذهب السلف في الصفات.. PAGEREF _Toc211511410 \h 31

الكلام على المجسمة PAGEREF _Toc211511411 \h 31

مذهب المجسمة في الصفات.. PAGEREF _Toc211511412 \h 32

الكلام على المشبهة: PAGEREF _Toc211511413 \h 33

مذهب المشبهة في الصفات.. PAGEREF _Toc211511414 \h 33

الكلام على منشأ الاعتزال. PAGEREF _Toc211511415 \h 35

مذهب المعتزلة في الصفات.. PAGEREF _Toc211511416 \h 35

الكلام على نشأة مذهب الأشاعرة PAGEREF _Toc211511417 \h 36

الكلام على طريقة المتقدمين. PAGEREF _Toc211511418 \h 37

الكلام على طريقة المتأخرين. PAGEREF _Toc211511419 \h 38

الكلام على طائفة متأخرة من المتأخرين. PAGEREF _Toc211511420 \h 39

مذهب الأشاعرة في الصفات.. PAGEREF _Toc211511421 \h 40

نصرة مذهب الأشاعرة PAGEREF _Toc211511422 \h 41

تقرير أن الأشاعرة هم أهل السنة PAGEREF _Toc211511423 \h 41

* خلاصة القسم الأول من البحث * PAGEREF _Toc211511424 \h 43


التعريف بابن خلدون



هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن خلدون الحضرمي الإشبيلي. ولقبه ولي الدين لقبه بذلك السلطان الظاهر برقوق من سلاطين المماليك في مصر عند عهده إياه بمنصب قاضي قضاة المالكية في مصر سنة 786هـ -1386م، ذكره المقريزي في ترجمته له، ولقب أيضا بالوزير، والفقيه، والرئيس وجمال الإسلام والمسلمين.

ولد في تونس غرة رمضان سنة 732هـ سنة 1332م، وفيها شب وتعلم، حيث كان أبوه معلمه الأول. ثم اختلف علي العديد من العلماء والمشايخ الذين استقطبتهم تونس من مختلف بلاد المغرب والأندلس بعد أن ساءت أحوالهم في تلك البلاد فحفظ عليهم القرآن وجوده بالقراءات السبع- وكذلك بقراءة يعقوب ابن اسحق البصري. وتلقف عنهم علوم الشرع من تفسير وحديث وفقه وأصول وتوحيد، ودرس علوم اللسان من لغة ونحو وصرف وبلاغة وأدب وتاريخ ثم درس المنطق والفلسفة وعلوم الطبيعة والرياضة. ولقد أظهر في كل أولئك نبوغا أعجب شيوخه.

ومن الكتب التي آثر ابن خلدون أن يقف عندها في تعريفه اللامية في القراءات والرائية في رسم المصحف للشاطبي وكتاب التسهيل في النحو لابن مالك والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني والمعلقات وكتاب الحماسة للشنتمري وديوان أبي تمام وديوان المتنبي والصحاح الست خاصة صحيح مسلم وموطأ مالك وكتاب التهذيب للبرادعي ومختصر ابن الحاجب في الفقه والأصول ومختصر سحنون فــي الفقه المالكي لابن إسحق.

ولما بلغ ابن خلدون الثامنة عشرة اجتاح تونس الطاعون فأهلك فيمن أهلك أبويه وجميع من كان يأخذ عنهم العلم.

وفي عهد الوزير أبو محمد بن تافراكـين تولى ابن خلدون سنة 751 هـ كتابة العلامة للسلطان، وكانت هذه أول وظيفة يتولاها في دولة بني حفص.

تزوج بعد هروبه إلى الجزائر عقب سقوط حكم ابن تافراكين نحو عام 754 هـ وفي فاس عاود ابن خلدون الدرس والاتصال بالشيوخ والعلماء من المغرب وممن وفد عليها من الأندلس.

ثم ارتحل إلى غرناطة في الأندلس وقصد إليها أوائل سنة 764 هـ. واتصل بأمير غرناطة محمد بن يوسف بن الأحمر ووزيره الأديب ذائع الصيت لسان الدين بن الخطيب اللذين كانت تربطهما بابن خلدون صداقة قوية حيث تولى مناصب عديدة، وكان في كل مرة عرضة للوشاية والعزل، فكان يبتعد أحيانا عن السياسة لكن ولعه بها يعيده إليها. وكان لمقتل الوزير ابن الخطيب أمامه أثره عليه حيث انصرف عن السياسة ليلقي بنفسه في أحضان كتبه فبدأ بالترحال ليكمل كتاباته ويتعرف على التاريخ.

انتقل إلى القاهرة أول ذي القعدة 784هـ، وقضى فيها قريبا من ربع قرن، ودرس في أشهر مدارسها ومنها الأزهر، وتولى مشيخة خانقاه بيبرس الذي كان من أكبر التجمعات الصوفية، وتقلد فيها منصب شيخ قضاة المالكية.

وفي سنة 789هـ سافر لتأدية فريضة الحج، وسافر إلى القدس سنة 802هـ، وكانت آخر رحلاته إلى دمشق والتقى فيها بتيمورلنك سنة 803هـ، ثم عاد بعدها إلى مصر.

توفي ابن خلدون رحمه الله في السادس والعشرين من رمضان سنة808هـ - 1406م، ليلة القدر، ودفن في مقابر الصوفية بالقاهرة، تاركا وراءه عدة مؤلفات قيّمة منها:

المقدمة،

كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، وهو المشهور بتاريخ ابن خلدون، الذي اشتهرت مقدمته المعروفة بمقدمة ابن خلدون.

لباب المحصل في أصول الدين في علم الكلام، وألفه في مقتبل عمره وهو تلخيص لكتاب المحصل للإمام الرازي.

التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا- ترجمة ذاتية.

شفاء السائل وتهذيب المسائل - في التصوف.
مكانة ابن خلدون، ورأي الباحثين في اشتغاله بعلم الكلام



يحتل ابن خلدون في التراث العربي الإسلامي، وفي الفكر الغربي المعاصر، مكانة متميزة. فهو صاحب رؤية حضارية خاصة، لا سيما فيما يتعلق بدراسة التاريخ البشري، والمجتمع الإنساني، والعمران الحضاري. فقد تحدث عن التاريخ باعتباره حضارة تنشئها أمة من الأمم حتى تسقط وتنهار.

لذلك اهتم به الباحثون كثيرا، وعكفوا على تحليل مقدمته، إلا أن كثيرا من هذه الأبحاث لم تتسم بالحيادية، وذلك أن كثيرا من اهتمام الباحثين العرب بدراسة ابن خلدون كان بعد الاكتشاف الغربي له، فجاءت دراساتهم متأثرة به، بل لعل الباحثين الغربيين كانوا أكثر إنصافا ممن تابعهم من العرب إلا من رحم الله، وذلك أن غالب المتكلمين على ابن خلدون إنما يريدون استغلال براعة هذا العالم الفذ في نظرية العمران وعلم الاجتماع، الذي أبدع ابن خلدون الكلام عليه، لترويج أفكار اعتنقوها ومحاولة ليّ أعناق نصوص ابن خلدون ليتحقق لهم ما يريدون إيهامه، وهم مع ذلك يغفلون خلفية فكر ابن خلدون الإسلامية أو يتنكرون لها، محاولين نزعه من ثقافته وبيئته، فابن خلدون أشعري، فقيه، أصولي، محدث، لغوي، وصوفي أيضا، لكنهم يتغافلون عن هذا الأمر؛ وباتوا يربطون نبوغ ابن خلدون باليونان والغربيين. (وللتوسع في هذا الأمر ينصح بالاطلاع على كتاب الدكتور مصطفى الشكعة بعنوان "الأسس الإسلامية في فكر ابن خلدون ونظرياته").

إلا أن ما يهمنا في هذه الورقات هو ما يثار من كلام حول علاقة ابن خلدون بعلم الكلام، ومنهجه الكلامي الذي حظي أيضا بشيء من الأخذ والرد؛ "فقد تعددَّت الآراء حول أصالةِ وجدَّة الإنتاج المتعلِّق بعلم الكلام الذي أبدعه ابن خلدون؛ فقد رأى فيه بعض المعاصرين متكلمًا أصيلا، وفي مقدمتهم لويس جارديه وجورج قنواتي، وصنَّفه عددٌ كبيرٌ من الباحثين كأحد متكلمي الأشاعرة، مثل الدكتور محجوب ميلاد الذي أكَّد على ذلك بقوله: «إن ابن خلدون أشعريٌ في الأصول، وينتحل في الأشعريّة طريقة المتأخرين»، أما الدكتور أبو العلا العفيفي فقد ذهب إلى أن ابن خلدون يتوافر على نظراتٍ فاحصة في مجال علم الكلام ويشبِّهه بالإمام الغزالي، وأيّد هذه المقولة الدكتور عمر فروخ الذي قال: «إن ابن خلدون أشعريّ المذهب، ومخالفٌ للمعتزلة في آرائهم».

أما الأستاذ عبد الله عنان فقد اعتبر أن اهتمام ابن خلدون بهذا العلم كان مبكرًا، إذ أن أوّل مصنَّف قام بتأليفه كان عن أحد الكتب الكلاميّة للفخر الرازي، وهو «مُحصّل أفكار المتقدمين والمتأخرين» فقام ابن خلدون بتلخيصه في «لُباب المُحصّل».

إلا أن هناك مجموعة من العلماء والمفكرين أنكروا أن يكون ابن خلدون متخصصًا في علم الكلام - على الرغم من معرفته به - ومنهم جورج لابيكا". (انظر الفكر الكلامي عند ابن خلدون، د.منى أبو زيد، المؤسسة الجامعية، ط1-1997، ص15).

بل بلغ الأمر بالكاتب «هورو» أن نسب "عدم استمرار ابن خلدون في فتوحاته التاريخية العقلانية والوضعية للعمران البشري إلى أنه ظل متأثرا بالإيديولوجيا الدينية الأشعرية التي كانت سائدة في عصره". (يراجع "ابن خلدون، إسلام الأنوار"، كلود هورو، مطبوعات كوميليكس بروكسل 2006)

وهكذا نرى هذا الخلاف الذي أثاره الغربيون في كتاباتهم عن ابن خلدون، وتابعهم فيه من كتب عنه من العرب، على الرغم من أن نصوص المقدمة وما كتبه ابن خلدون ما تزال ناطقة، بعبارات صريحة وواضحة، إلا أن داء النقل قد أصاب كثيرا من أهل هذا الزمان، حتى باتوا لا يعرفون عن ابن خلدون إلا ما كتبه الآخرون، لذا سنحاول بإذن الله الوقوف على المنهج الكلامي لابن خلدون، باستقصاء ما يمكن من نصوصه، وسنقتصر في هذا البحث على نصوص المقدمة، إذ فيها عصارة فكر ابن خلدون رحمه الله.

وسيكون منهجنا في هذا البحث أن نستقصي نصوص ابن خلدون التي تختص بعلم الكلام، ونستعرض آراء المتكلمين، وسنعتمد أساساً كتاب شرح المقاصد للإمام السعد، وشرح المواقف للشريف الجرجاني، لكونهما من أبرز الكتب في تحقيق هذا العلم، ونرى مدى تطابق رأي ابن خلدون مع آرائهم، إلى أن نخلص إلى الموقف الكلامي لابن خلدون رحمه الله.

وسنذكر في هذا البحث بإذن الله الشبه التي يوردها البعض من كلام ابن خلدون على علم الكلام، والرد عليها من نصوص ابن خلدون نفسه، ولن نتعنى بعزو هذه الشبه إلى قائليها، لأنها باتت معروفة، واللاحق منهم يردد ما قاله السابق، هكذا، مع أن قليلا من النظر في ما كتبه ابن خلدون رحمه الله يبدد هذه الأوهام التي لا مكان لها إلا في أذهانهم المنغلقة.

إننا نأمل من هذا البحث أن نضع خطوة في الطريق الصحيح للتعامل مع هؤلاء الأئمة، وتحقيق آرائهم ومذاهبهم من داخل نصوصهم، بعيدا عن إصدار أحكام مسبقة، واتباع آراء غير محققة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.




* تعريف علم الكلام *


- تعريف ابن خلدون لعلم الكلام:



"علم الكلام وهو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية، بالأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة." (تاريخ ابن خلدون، المسمى ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج1:مقدمة ابن خلدون، اعتناء الأستاذ خليل شحادة، دار الفكر، 2001م، الباب السادس/الفصل العاشر - ص 580).

وقال أيضا: "ثم إن التكاليف: منها بدني، ومنها قلبي، وهو المختص بالإيمان وما يجب أن يعتقد مما لا يعتقد. وهذه هي العقائد الإيمانية في الذات والصفات وأمور الحشر والنعيم والعذاب والقدر. والحجاج عن هذه بالأدلة العقلية هو علم الكلام". (تاريخ ابن خلدون/ج1:المقدمة، ص550)
- تعريف علم الكلام عند متكلمي الأشاعرة:



عرف الإمام عضد الدين الإيجي (ت756هـ) علم الكلام: "الكلام علم يقتدر معه إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه، والمراد بالعقائد ما يقصد فيه نفس الاعتقاد دون العمل، والدينية المنسوبة إلى دين محمد عليه السلام" (شرح المواقف للجرجاني (ت816هـ)، مطبعة السعادة، ط1- 1907م، ج1/ص34 وما بعدها.)

وقال السعد: "ومعنى إثبات العقائد تحصيلها واكتسابها بحيث يحصل الترقي من التقليد إلى التحقيق أو إثباتها على الغير بحيث يتمكن من إلزام المعاندين أو إتقانها وإحكامها بحيث لا تزلزلها شبه المبطلين" (شرح المقاصد، الإمام مسعود بن عمر الشهير بسعد الدين التفتازاني (ت793هـ)، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب-بيروت، ط2 (1419هـ-1998م) ج1/ص166)

وقال:"الكلام هو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية"(شرح المقاصد، ج1/ص163) ..."ظهر أنه العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسب من أدلتها اليقينية وهذا هو معنى العقائد الدينية أي المنسوبة إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم سواء توقف على الشرع أم لا وسواء كان من الدين في الواقع ككلام أهل الحق أم لا ككلام المخالفين" (شرح المقاصد، ج1/ص165)
نقاش:



قدم ابن خلدون رحمه الله تعريفا موجزا يعبر عن الغرض من علم الكلام، حتى صار تعريفه لوضوحه واختصاره معتمدا عند كثيرين لتعريف هذا العلم الجليل، وابن خلدون يقرر من البداية أن هذا العلم معتمده الأدلة العقلية، وأن الحجاج عن العقائد والرد على المبتدعة والمنحرفين يكون بهذه الأدلة العقلية، وفي هذا رد على من ادعى أن ابن خلدون يرى عدم جدوى الأدلة العقلية في إثبات العقائد، وسيأتي ذلك تفصيلا عند كلامه على الاستدلال على العقائد، ليتبين لك أن ابن خلدون سائر على طريقة المتكلمين الأشاعرة من البداية إلى النهاية.

وقد يقال إن ابن خلدون إنما أراد تعريف علم الكلام السني أو الأشعري، إذا اعتبرنا الجملة الثانية من ضمن التعريف، وليس في هذا إنكار لنشأة علم الكلام على أيدي المعتزلة كما زعم البعض، لأنه ذكر هذه النشأة فيما بعد، ولكن يبدو لي أنه عرف هذا العلم بحسب ما استقر عليه أمر علم الكلام عنده، كعلم للدفاع عن عقائد الإسلام الصحيحة المتمثلة بأهل السنة، ومما يؤيد ذلك وصفه فيما بعد الإمام الأشعري بأنه إمام المتكلمين.
* موضوع علم الكلام ومسائله *


رأي ابن خلدون في موضوع علم الكلام:



قال ابن خلدون: "وبالجملة فموضوع علم الكلام عند أهله إنما هو العقائد الإيمانية بعد فروضها صحيحة من الشرع، من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية، فترفع البدع وتزال الشكوك والشبه عن تلك العقائد. وإذا تأملت حال الفن في حدوثه، وكيف تدرج كلام الناس فيه صدراً بعد صدر، وكلهم يفرض العقائد صحيحة ويستنهض الحجج والأدلة، علمت حينئذ ما قررناه لك في موضوع الفن، وأنه لا يعدوه". (المقدمة، ب6/ف10،ص590)

وقال في موضع آخر، في فصل علم الإلهيات: "لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد متلقاة من الشريعة، كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه، بمعنى أنها لا تثبت إلا به. فإن العقل معزول عن الشرع وأنظاره. وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج، فليس بحثاً عن الحق فيها ليعلم بالدليل بعد أن لم يكن معلوماً كما هو شأن الفلسفة، بل إنما هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها، وتدفع شبه أهل البدع عنها، الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية. وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها، وكثير ما بين المقامين. وذلك أن مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية، فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية، فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المحاط بها. فإذا هدانا الشارع إلى مدرك، فينبغي أن نقدمه على مداركنا ونثق به دونها، ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه، بل نعتقد ما أمرنا به اعتقاداً وعلماً، ونسكت عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه". (المقدمة، ب6/ف27، ص653-654)

وهذا النص من ابن خلدون في غاية الأهمية في بيان أن علم الكلام للاستدلال على نفس العقائد الثابتة بالشرع وليس لاختراع العقائد ولا الخوض في الصفات الإلهية كشفاً عن حقائقها لأن ذلك فوق قدرة العقل ومدركاته.

ثم قال: "وأما النظر في مسائل الطبيعيات والإلهيات بالتصحيح والبطلان، فليس من موضوع علم الكلام، ولا من جنس أنظار المتكلمين. فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتآليف. والحق، مغايرة كل منهما لصاحبه بالموضوع والمسائل. وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال، وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتقاد بالدليل، وليس كذلك. بل إنما هو رد على الملحدين، والمطلوب مفروض الصدق معلومه". (المقدمة، ص654)

وهذا النص مهم في بيان أن الاشتغال بالطبيعيات ليس بالذات في علم الكلام لأنه علم مغاير له، وإنما هو بالعرض للتوسل بما ثبت فيه لإثبات العقائد الدينية. وفرق كبير كما قال ابن خلدون بين الأمرين.

وقال: "وذلك أن قوماً من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك ذواته وأحواله بأسبابها وعللها بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية، وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع، فإنها بعض من مدارك العقل. وهؤلاء يسمون فلاسفة،" (المقدمة، ب6/ف31، ص707)

هذا النص لبيان الفرق بين صنعة الفلسفة وصنعة الكلام تأكيداً على ما بينه آنفاً من الاختلاف بين المسلكين.
كلام المتكلمين في موضوع علم الكلام:



قال في شرح المقاصد: "موضوع علم الكلام هو المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية لما أنه يبحث عن أحوال الصانع من القدم والوحدة والقدرة والإرادة وغيرها وأحوال الجسم والعرض من الحدوث والافتقار والتركب من الأجزاء وقبول الفناء ونحو ذلك مما هو عقيدة إسلامية أو وسيلة إليها وكل هذا بحث عن أحوال المعلوم وهو كالموجود بين الهلية والشمول لموضوعات سائر العلوم الإسلامية فيكون الكلام فوق الكل إلا أنه أوثر على الموجود ليصح على رأي من لا يقول بالموجود الذهني" (شرح المقاصد، ج1/ص 173)

وقال: "ومسائله القضايا النظرية الشرعية الاعتقادية" (شرح المقاصد، ج1/ص174)

وقال السيد الجرجاني في تعليقه على تعريف الإمام العضد: "واختار إثبات العقائد على تحصيلها إشعارا بأن ثمرة الكلام إثباتها على الغير، وأن العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليعتد بها، وإن كانت مما يستقل العقل فيه" (شرح المواقف، ج1/ص36)

ونقل أيضا رأي طائفة من المتكلمين في موضوعه فقال: "وقيل هو أي موضوع الكلام الموجود بما هو موجود أي من حيث هو هو غير مقيد بشيء والقائل به طائفة منهم حجة الإسلام، ويمتاز الكلام عن الإلهي المشارك له في أن موضوعه أيضا هو الموجود مطلقا باعتبار وهو أن البحث ههنا أي في الكلام على قانون الإسلام بخلاف البحث في الإلهي فإنه على قانون عقولهم وافق الإسلام أو خالفه" (شرح المواقف ج1/ 47)

والمقصود بالإلهي هنا هو قسم الإلهيات في الفلسفة. وهذا الكلام موافق كما ترى لكلام ابن خلدون.

وقال: "وهي أي شهادة العقل لها بصحتها مع تأيدها بالنقل هي الغاية في الوثاقة إذ لا يبقى شبهة في صحة الدليل الذي تطابق فيه العقل والنقل قطعا بخلاف دلائل العلم الإلهي فإن مخالفة النقل إياها شهادة عليها بأن أحكام عقولهم بها مأخوذة من أوهامهم لا من صرائحها فلا وثوق بها أصلا" (شرح المواقف، ج1/52)

وقال في موضع آخر " وتجويز أن تكون مبادىء أعلى علوم الشرع مبينة في علم غير شرعي وتحتاج بذلك إليه مما لا يجترىء عليه إلا فلسفي أو متفلسف يلحس من فضلات الفلاسفة" (شرح المواقف، ج1/59)

وقال الإمام السعد في التفريق بين موضوع علم الكلام والفلسفة "ولما كان موضوع العلم الإلهي من الفلسفة هو الموجود بما هو موجود وكان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات قيد الموجود ههنا بحيثية كونه متعلقا للمباحث الجارية على قانون الإسلام فتميز الكلام عن الإلهي بأن البحث فيه إنما يكون على قانون الإسلام أي الطريقة المعهودة المسماة بالدين والملة والقواعد المعلومة قطعا من الكتاب والسنة والإجماع مثل كون الواحد موجدا للكثير وكون الملك نازلا من السماء وكون العالم مسبوقا بالعدم وفانيا بعد الوجود إلى غير ذلك من القواعد التي يقطع بها في الإسلام دون الفلسفة وإلى هذا أشار من قال الأصل في هذا العلم التمسك بالكتاب والسنة أي التعلق بهما وكون مباحثه منتسبة إليهما جارية على قواعدهما على ما هو معنى انتساب العقائد إلى الدين" (شرح المقاصد، ج1/177)

* سيأتي الكلام على مبحث الإمامة وصلته بعلم الكلام في بابه.
نقاش:



- يؤكد ابن خلدون أن موضوع علم الكلام " العقائد الإيمانية بعد فروضها صحيحة من الشرع"، "لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد متلقاة من الشريعة"، وهذا مطابق لما قاله المتكلمون "البحث ههنا أي في الكلام على قانون الإسلام"، و"المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية"، ويتفق الطرفان في أن مادة هذا العلم تؤخذ من الشرع حيث قال السعد "ومسائله القضايا النظرية الشرعية الاعتقادية" وقال الشريف "إن العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليعتد بها".

- يؤكد ابن خلدون كما أهل الكلام على التفريق بين ما يبحث فيه علم الكلام وما تبحث فيه الفلسفة، وأن البون بينهما شاسع، وابن خلدون يتخذ موقفا صلبا تجاه الفلسفة، لذا يركز كثيرا على التفريق بين علم الكلام الذي هو علم شرعي مطلوب لذاته، وبين الفلسفة الضارة بالدين، وتراه ينبه دائما على هذا الفرق، بين هذا العلم المستمد من الشريعة أو كما عبر عنه السعد "على قانون الإسلام" وبين الفلسفة التي تبحث في الوجود المطلق ولا تبني على هذه المقدمات التي يقطع بها في الإسلام، وهو في كلامه هذا يطابق آراء المتكلمين ويحذو حذوهم كما تبين من النقول السابقة.

- يتمسك بعضهم بقول ابن خلدون "من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه" للاستدلال على أن العقل لا مدخلية له في العقائد البتة، وفي هذا افتراء على ابن خلدون لأنه وضح مراده بذلك في العبارة التالية لها مباشرة بقوله "بمعنى أنها لا تثبت إلا به" وهذا الكلام موافق لمذهب المتكلمين كما وضحنا سابقا من أن هذا العلم مادته مأخوذة من الشرع، ومراد ابن خلدون إنما هو التشنيع على الفلاسفة ومن تابعهم كما يتضح من عباراته اللاحقة، " فليس بحثاً عن الحق فيها ليعلم بالدليل بعد أن لم يكن معلوماً كما هو شأن الفلسفة"، "وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع، فإنها بعض من مدارك العقل. وهؤلاء يسمون فلاسفة"، فاتضح المراد، وفيما نقلناه من كلام المتكلمين في توضيح هذا الرأي كفاية، وبالله التوفيق.


* مرتبة علم الكلام بين العلوم *


رأي ابن خلدون:



"وأصل هذه العلوم النقلية كلها هي الشرعيات، من الكتاب والسنة التي هي مشروعة لنا من الله ورسوله، وما يتعلق بذلك من العلوم التي تهيأوها للإفادة. ثم يستتبع ذلك علوم اللسان العربي، الذي هو لسان الملة وبه نزل القرآن. وأصناف هذه العلوم النقلية كثيرة، لأن المكلف يجب عليه أن يعرف أحكام الله تعالى المفروضة عليه وعلى أبناء جنسه، وهي مأخوذة من الكتاب والسنة بالنص أو بالإجماع أو بالإلحاق، فلا بد من النظر في الكتاب: ببيان ألفاظه أولاً، وهذا هو علم التفسير، ثم بإسناد نقله وروايته إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء به من عند الله، واختلاف روايات القراء في قراءته، وهذا هو علم القراءات، ثم بإسناد السنة إلى صاحبها، والكلام في الرواة الناقلين لها، ومعرفة أحوالهم وعدالتهم ليقع الوثوق بأخبارهم، ويعمل ما يجب العمل بمقتضاه من ذلك. وهذه هي علوم الحديث. ثم لا بد في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانوني، يفيدنا العلم بكيفية هذا الاستنباط، وهذا هو أصول الفقه. وبعد هذا تحصل الثمرة بمعرفة أحكام الله تعالى المكلفين، وهذا هو الفقه. ثم إن التكاليف: منها بدني، ومنها قلبي، وهو المختص بالإيمان وما يجب أن يعتقد مما لا يعتقد. وهذه هي العقائد الإيمانية في الذات والصفات وأمور الحشر والنعيم والعذاب والقدر. والحجاج عن هذه بالأدلة العقلية هو علم الكلام".(المقدمة، ب6/ف4- ص550)

"اعلم أن العلوم المتعارفة بين أهل العمران على صنفين: علوم مقصودة بالذات، كالشرعيات من التفسير والحديث والفقه وعلم الكلام، وكالطبيعيات والإلهيات من الفلسفة، وعلوم هي آلة ووسيلة لهذه العلوم، كالعربية والحساب وغيرهما للشرعيات، وكالمنطق للفلسفة. وربما كان آلة لعلم الكلام وأصول الفقه على طريقة المتأخرين. فأما العلوم التي هي مقاصد، فلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://esraa-2009.ahlamountada.com
Esraa Eman Hussein{Admin}
Admin المدير العام للمنتدى
Admin المدير العام للمنتدى
Esraa Eman Hussein{Admin}


موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله 115810
الابراج : الدلو
عدد المساهمات : 4049
تاريخ التسجيل : 15/06/2009
العمر : 35
الموقع : www.esraa-2009.ahlablog.com
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله Jb12915568671

موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله 107601

موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله   موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله I_icon_minitimeالثلاثاء 23 نوفمبر 2010, 11:17 pm





إذاً فكلام ابن خلدون مقيد ليس على إطلاقه كما يحلو للبعض أن يعتبره، وقد وضحنا كلامه من كلامه بما لا يدع مجالاً للمغرضين بتحريفه عن مواضعه.

- بقي الإشارة إلى قول الإمام الجنيد رحمه الله: "عن قوم مر بهم من المتكلمين يفيضون فيه، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: قوم ينزهون الله بالأدلة عن صفات الحدوث وسمات النقص؟ فقال: "نفي العيب حيث يستحيل العيب عيب"". وهذا القول أيضا مما أساء البعض فهمه وتأويله، فالإمام الجنيد ربط التنزيه عن العيب عند الحاجة لنفي ذلك العيب، أما عندما يكون استحالة هذا العيب بينا فإن تكلف نفي العيب لا حاجة له ويصبح عيبا، كما قال الإمام الغزالي "إذ تبين أنه ليس يجب على كافة الخلق إلا التصديق والجزم وتطهير القلب عن الريب والشك في الإيمان. وإنما تصير إزالة الشك فرض عين في حق من اعتراه الشك." وهذا الفهم هو عين ما فهمه ابن خلدون من هذه العبارة حين استدل بها في معرض آخر، قال رحمه الله في المقدمة بعد الرد على القادحين في نسب إدريس: "وإنما أطنبت في هذا الرد سدا لأبواب الريب ودفعا في صدر الحاسد، لما سمعته أذناي من قائله المعتدي عليهم، القادح في نسبهم بفريته، وينقله بزعمه عن بعض مؤرخي المغرب ممن انحرف عن أهل البيت، وارتاب في الإيمان بسلفهم. وإلا فالمحل منزه عن ذلك معصوم منه، ونفي العيب حيث يستحيل العيب عيب. لكني جادلت عنهم في الحياة الدنيا، وأرجو أن يجادلوا عني يوم القيامة" فهذا فيه دليل قاطع على عمق فهم ابن خلدون رحمه الله لهذه العبارة واستدلاله بها في الموضع المراد، فإن ابن خلدون يرى أن الرد إنما يكون سدا لأبواب الريب ودفعا في صدر الحاسد، مع كون المحل منزهاً عن العيب، فمن علم هذا التنزيه فنفي العيب حيث يستحيل العيب عيب، فهذه العبارة هي فهم لعين عبارة الإمام الجنيد، وبالله التوفيق.


* تحقيق معنى الإيمان *


كلام ابن خلدون على الإيمان:



"ثم إن المعتبر في هذا التوحيد ليس هو الإيمان فقط، الذي هو تصديق حكمي، فإن ذلك من حديث النفس. وإنما الكمال فيه حصول صفة منه، تتكيف بها النفس. كما أن المطلوب من الأعمال والعبادات أيضاً حصول ملكة الطاعة والانقياد، وتفريغ القلب عن شواغل ما سوى المعبود، حتى ينقلب المريد السالك ربانياً. والفرق بين الحال والعلم في العقائد فرق ما بين القول والاتصاف. وشرحه أن كثيراً من الناس يعلم أن رحمة اليتيم والمسكين، قربة إلى الله تعالى ..... وكذا علمك بالتوحيد مع اتصافك به، والعلم الحاصل عن الاتصاف ضرورة، هو أوثق مبنى من العلم الحاصل قبل الاتصاف. وليس الاتصاف بحاصل عن مجرد العلم حتى يقع العمل ويتكرر مراراً غير منحصرة، فترسخ الملكة ويحصل الاتصاف والتحقيق، ويجيء العلم الثاني النافع في الآخرة. فإن العلم الأول المجرد عن الاتصاف قليل الجدوى والنفع، وهذا علم أكثر النظار، والمطلوب إنما هو العلم الحالي الناشىء عن العادة.

واعلم أن الكمال عند الشارع في كل ما كلف به إنما هو في هذا: فما طلب اعتقاده فالكمال فيه في العلم الثاني الحاصل عن الاتصاف، وما طلب عمله من العبادات، فالكمال فيها في حصول الاتصاف والتحقيق بها. ثم إن الإقبال على العبادات والمواظبة عليها هو المحصل لهذه الثمرة الشريفة...

فقد تبين لك من جميع ما قررناه، أن المطلوب في التكاليف كلها حصول ملكة راسخة في النفس، ينشأ عنها علم اضطراري للنفس، هو التوحيد، وهو العقيدة الإيمانية، وهو الذي تحصل به السعادة، وأن ذلك سواء في التكاليف القلبية والبدنية. ويتفهم منه أن الإيمان الذي هو أصل التكاليف كلها وينبوعها، هو بهذه المثابة وأنه ذو مراتب: أولها التصديق القلبي الموافق للسان، وأعلاها حصول كيفية، من ذلك الاعتقاد القلبي، وما يتبعه من العمل، مستولية على القلب، فيستتبع الجوارح. وتندرج في طاعتها جميع التصرفات، حتى تنخرط الأفعال كلها في طاعة ذلك التصديق الإيماني. وهذا أرفع مراتب الإيمان، وهو الإيمان الكامل الذي لا يقارف المؤمن معه صغيرة ولا كبيرة. إذ حصول الملكة ورسوخها مانع من الانحراف عن مناهجه طرفة عين.

وفي تراجم البخاري رضي الله عنه، في باب الإيمان، كثير منه، مثل: "أن الإيمان قول وعمل وأنه يزيد وينقص، وأن الصلاة والصيام من الإيمان، وأن تطوع رمضان من الإيمان، والحياء من الإيمان". والمراد بهذا كله الإيمان الكامل، الذي أشرنا إليه وإلى ملكته، وهو فعلي. وأما التصديق الذي هو أول مراتبه فلا تفاوت فيه. فمن اعتبر أوائل الأسماء، وحمله على التصديق منع من التفاوت، كما قال أئمة المتكلمين، ومن اعتبر أواخر الأسماء، وحمله على هذه الملكة التي هي الإيمان الكامل ظهر له التفاوت. وليس ذلك بقادح في اتحاد حقيقته الأولى التي هي التصديق، إذ التصديق موجود في جميع رتبه، لأنه أول ما يطلق عليه اسم الإيمان، وهو المخلص من عهدة الكفر، والفيصل بين الكافر والمؤمن، فلا يجزي أقل منه. وهو في نفسه حقيقة واحدة لا تتفاوت، وإنما التفاوت في الحال الحاصلة عن الأعمال كما قلناه، فافهم.

واعلم أن الشارع وصف لنا هذا الإيمان، الذي في المرتبة الأولى، الذي هو تصديق، وعين أموراً مخصوصة، كلفنا التصديق بها بقلوبنا، واعتقادها في أنفسنا مع الإقرار بها بألسنتنا، وهي العقائد التي تقررت في الدين. قال صلى الله عليه وسلم، حين سئل عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر، وتؤمن بالقدر: خيره وشره". (المقدمة، ب/6، ف10- ص582-585 مع اختصار يسير لطول الكلام)
رأي المتكلمين في الإيمان



وسنقتصر هنا في هذا الباب على نقل ما سطره يراع الإمام السعد، تجنبا للإطالة، فإنه أجمل الكلام في الخلاف في هذه المسألة بأحسن صورة، قال الإمام: "الإيمان في اللغة التصديق إفعال من الأمن للصيرورة أو التعدية...وأما في الشرع فاختلف الآراء في تحقيق الإيمان وفي كونه اسما لفعل القلب فقط أو فعل اللسان فقط أو لفعلهما جميعا وحدهما أو مع سائر الجوارح وهذه طرق أربعة.

فعلى الأول قد يجعل اسما للتصديق أعني تصديق النبي فيما علم مجيئه به بالضرورة أي فيما اشتهر كونه من الدين بحيث يعلمه العامة من غير افتقار إلى نظر واستدلال كوحدة الصانع ووجوب الصلاة وحرمة الخمر ونحو ذلك ويكفي الإجمال فيما يلاحظ إجمالا ويشترط التفصيل فيما يلاحظ تفصيلا حتى لو لم يصدق بوجوب الصلاة عند السؤال عنه وبحرمة الخمر عند السؤال عنه كان كافرا وهذا هو المشهور وعليه الجمهور.

وقد يجعل اسما للمعرفة أعني معرفة ما ذكرنا ويتناول معرفة الله تعالى بوحدانيته وسائر ما يليق به وتنزهه عما لا يليق به وهو مذهب الشيعة وجهم بن صفوان وأبي الحسين الصالحي من القدرية وقد يميل إليه الأشعري وستعرف فرقا بين المعرفة والتصديق.

ومن الناس من يكاد يقول بأنه اسم لمعنى آخر غير المعرفة والتصديق هو التسليم إلا أنه يعود بالآخرة إلى التصديق على ما يراه أهل التحقيق.

وعلى الثاني وهو أن يجعل اسما لفعل اللسان أعني الإقرار بحقية ما جاء به النبي عليه السلام

وقد يشترط معه معرفة القلب حتى لا يكون الإقرار بدونها إيمانا وإليه ذهب الرقاشي زاعما أن المعرفة ضرورية يوجد لا محالة فلا يجعل من الإيمان لكونه اسما لفعل مكتسب لا ضروري

وقد يشترط التصديق وإليه ذهب القطان وصرح بأن الإقرار الخالي عن المعرفة والتصديق لا يكون إيمانا وعند اقترانه بهما يكون الإيمان هو الإقرار فقط.

وقد لا يشترط شيء منهما وإليه ذهب الكرامية حتى أن من أضمر الكفر وأظهر الإيمان يكون مؤمنا إلا أنه يستحق الخلود في النار ومن أضمر الإيمان وأظهر الكفر لا يكون مؤمنا ومن أضمر الإيمان ولم يتفق منه الإظهار والإقرار لم يستحق الجنة.

وإذا تحققت فليس لهؤلاء الفرق الثلاث كثير خلاف في المعنى وفيما يرجع إلى الأحكام

وعلى الثالث وهو أن يكون اسما لفعل القلب واللسان فهو اسم للتصديق المذكور مع الإقرار وعليه كثير من المحققين وهو المحكي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

وكثيرا ما يقع في عبارات النحارير من العلماء مكان التصديق تارة المعرفة وتارة العلم وتارة الاعتقاد فعلى هذا من صدق بقلبه ولم يتفق له الإقرار باللسان في عمره مرة لا يكون مؤمنا عند الله تعالى ولا يستحق دخول الجنة ولا النجاة من الخلود في النار بخلاف ما إذا جعل اسما للتصديق فقط فإن الإقرار حينئذ شرط لإجراء الأحكام عليه في الدنيا من الصلاة عليه وخلفه والدفن في مقابر المسلمين والمطالبة بالعشور والزكوات ونحو ذلك.

...وأما على الرابع وهو أن يكون الإيمان اسما لفعل القلب واللسان والجوارح على ما يقال إنه إقرار باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان.

فقد يجعل تارك العمل خارجا عن الإيمان داخلا في الكفر وإليه ذهب الخوارج.

أو غير داخل فيه وهو القول بالمنزلة بين المنزلتين وإليه ذهب المعتزلة إلا أنهم اختلفوا في الأعمال فعند أبي علي وأبي هاشم فعل الواجبات وترك المحظورات وعند أبي الهذيل وعبد الجبار فعل الطاعات واجبة كانت أو مندوبة إلا أن الخروج عن الإيمان وحرمان دخول الجنة بترك المندوب مما لا ينبغي أن يكون مذهبا لعاقل.

وقد لا يجعل تارك العمل خارجا عن الإيمان بل يقطع بدخوله الجنة وعدم خلوده في النار وهو مذهب أكثر السلف وجميع أئمة الحديث وكثير من المتكلمين والمحكي عن مالك والشافعي والأوزاعي وعليه إشكال ظاهر وهو أنه كيف لا ينتفي الشيء أعني الإيمان مع انتفاء ركنه أعني الأعمال وكيف يدخل الجنة من لم يتصف بما جعل اسما للإيمان وجوابه أن الإيمان يطلق على ما هو الأصل والأساس في دخول الجنة وهو التصديق وحده أو مع الإقرار وعلى ما هو الكامل المنجي بلا خلاف وهو التصديق مع الإقرار والعمل على ما أشير إليه بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)) [سورة الأنفال]

وموضع الخلاف أن مطلق الاسم للأول أم الثاني؟ وذكر الإمام في وجه الضبط أن الإيمان إما أن يكون اسما لعمل القلب فقط وهو المعرفة عند الإمامية وجهم والتصديق عندنا وإما لعمل الجوارح، فإن كان هو القول، فمذهب الكرامية. أو سائر الأعمال فمذهب المعتزلة، وإما مجموع عمل القلب والجوارح وهو مذهب السلف.

وفيه اختلال من جهة ترك عمل القلب في مذهب الاعتزال، وعدم التعرض لمذهب التصديق والإقرار.

قال لنا مقامات: الأول أن الإيمان فعل القلب دون مجرد فعل اللسان، الثاني أنه التصديق دون المعرفة والاعتقاد والثالث أن الأعمال ليست داخلة فيه بحيث ينتفي هو بانتفائها....

ثم قال:

المقام الثالث الأعمال غير داخلة في حقيقة الإيمان لوجوه:

الأول: ما مر أنه اسم للتصديق ولا دليل على النقل

الثاني: النص والإجماع على أنه لا ينفع عند معاينة العذاب ويسمى إيمان اليأس ولا خفاء في أن ذلك إنما هو التصديق والإقرار إذ لا مجال للأعمال

الثالث: النصوص الدالة على الأوامر والنواهي بعد إثبات الإيمان كقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام)

الرابع: النصوص الدالة على أن الإيمان والأعمال أمران متفارقان كقوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا) (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات) (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن) وسئل النبي عن أفضل الأعمال فقال: "إيمان لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه وحج مبرور" (شرح المقاصد، ج5/ ص177-206، باختصار)
نقاش:



- من المعلوم أن مسألة الإيمان حصل فيها اختلاف كبير بين الفرق الإسلامية، إلا أن ابن خلدون استطاع ببراعة التوفيق بين ما قاله أهل السنة من السلف ومن تبعهم من المتكلمين، فقد قرر رحمه الله أن الإيمان في مرتبته الأولى هو التصديق بالقلب وهذا مما لا تفاوت فيه، وهو مراد المتكلمين إلا أن المطلوب من هذا التصديق العمل وبه يكمل الإيمان حتى يصل إلى أعلى مراتبه، وبهذا النوع الثاني يكون التفاضل، وبالجملة فإن كلام ابن خلدون على الإيمان لا يخرج عما أشار إليه الإمام السعد من أنه المشهور بين المتكلمين وجمهور السلف "وقد لا يجعل تارك العمل خارجا عن الإيمان بل يقطع بدخوله الجنة وعدم خلوده في النار وهو مذهب أكثر السلف وجميع أئمة الحديث وكثير من المتكلمين" والمحكي عن مالك والشافعي والأوزاعي وعليه إشكال ظاهر وهو أنه كيف لا ينتفي الشيء أعني الإيمان مع انتفاء ركنه أعني الأعمال وكيف يدخل الجنة من لم يتصف بما جعل اسما للإيمان وجوابه أن الإيمان يطلق على ما هو الأصل والأساس في دخول الجنة وهو التصديق وحده أو مع الإقرار وعلى ما هو الكامل المنجي بلا خلاف وهو التصديق مع الإقرار والعمل" والمتأمل في النقول السابقة يعلم هذا بوضوح، والله يهدي من يشاء.
* البرهان العقلي على التوحيد *



قال ابن خلدون:

"فلنقدم هنا لطيفة في برهان عقلي يكشف لنا عن التوحيد على أقرب الطرق والمآخذ، ثم نرجع إلى تحقيق علم الكلام وفيما ينظر ونشير إلى حدوثه في الملة، وما دعا إلى وضعه فنقول: اعلم أن الحوادث في عالم الكائنات سواء كانت من الذوات أو من الأفعال البشرية أو الحيوانية فلا بد لها من أسباب متقدمة عليها بها تقع في مستقر العادة، وعنها يتم كونه. وكل واحد من تلك الأسباب حادث أيضاً، فلا بد له من أسباب أخرى. ولا تزال تلك الأسباب مرتقية حتى تنتهي إلى مسبب الأسباب وموجدها وخالقها، لا إله إلا هو سبحانه.

"وتلك الأسباب في ارتقائها تتفسح وتتضاعف طولاً وعرضاً، ويحار العقل في إدراكها وتعديدها. فإذا لا يحصرها إلا العلم المحيط، سيما الأفعال البشرية والحيوانية، فإن من جملة أسبابها في الشاهد القصود والإرادات، إذ لا يتم كون الفعل إلا بإرادته والقصد إليه. والقصودات والإرادات أمور نفسانية ناشئة في الغالب عن تصورات سابقة، يتلو بعضها بعضاً. وتلك التصورات هي أسباب قصد الفعل. وقد تكون أسباب تلك التصورات تصورات أخرى، وكل ما يقع في النفس من التصورات فمجهول سببه، إذ لا يطلع أحد على مبادئ الأمور النفسانية، ولا على ترتيبها. إنما هي أشياء يلقيها الله في الفكر، يتبع بعضها بعضاً، والإنسان عاجز عن معرفة مبادئها وغاياتها. وإنما يحيط علماً في الغالب بالأسباب التي هي طبيعة ظاهرة، وتقع في مداركها على نظام وترتيب، لأن الطبيعة محصورة للنفس وتحت طورها. وأما التصورات فنطاقها أوسع من النفس، لأنها للعقل الذي هو فوق طور النفس، فلا تكاد النفس تدرك الكثير منها فضلاً عن الإحاطة. وتأمل من ذلك حكمة الشارع في نهيه عن النظر إلى الأسباب والوقوف معها، فإنه واد يهيم فيه الفكر ولا يحلو[1] منه بطائل، ولا يظفر بحقيقة. (قل الله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون). وربما انقطع في وقوفه عن الارتقاء إلى ما فوقه فزلت قدمه، وأصبح من الضالين الهالكين. نعوذ بالله من الحرمان والخسران المبين.

ولا تحسبن أن هذا الوقوف أو الرجوع عنه في قدرتك أو اختيارك، بل هو لون يحصل للنفس وصبغة تستحكم من الخوض في الأسباب على نسبة لا نعلمها. إذ لو علمناها لتحرزنا منها، فلنتحرز من ذلك بقطع النظر عنها جملة. وأيضاً فوجه تأثير هذه الأسباب في الكثير من مسبباتها مجهول، لأنها إنما يوقف عليها بالعادة، وقضية الاقتران الشاهد بالاستناد إلى الظاهر. وحقيقة التأثير وكيفيته مجهولة، "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً "، فلذلك أمرنا بقطع النظر عنها وإلغائها جملة، والتوجه إلى مسبب الأسباب كلها وفاعلها وموجدها، لترسخ صبغة التوحيد في النفس، على ما علمنا الشارع الذي هو أعرف بمصالح ديننا، وطرق سعادتنا، لاطلاعه على ما وراء الحس.

قال صلى الله عليه وسلم: "من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة". فإن وقف عند تلك الأسباب، فقد انقطع وحقت عليه كلمة الكفر، وإن سبح في بحر النظر والبحث عنها وعن أسبابها وتأثيراتها واحداً بعد واحد، فأنا الضامن له أن لا يعود إلا بالخيبة فلذلك نهانا الشارع عن النظر في الأسباب وأمرنا بالتوحيد المطلق. "قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد". ولا تثقن بما يزعم لك الفكر من أنه مقتدر على الإحاطة بالكائنات وأسبابها، والوقوف على تفصيل الوجود كله، وسفه رأيه في ذلك. واعلم أن الوجود عند كل مدرك في بادئ رأيه أنه منحصر في مداركه لا يعدوها، والأمر في نفسه بخلاف ذلك، والحق من ورائه. ألا ترى الأصم كيف ينحصر الوجود عنده في المحسوسات الأربع والمعقولات، ويسقط من الوجود عنده صنف المسموعات. وكذلك الأعمى أيضاً يسقط من الوجود عنده صنف المرئيات، ولولا ما يردهم إلى ذلك تقليد الآباء والمشيخة من أهل عصرهم والكافة، لما أقروا به. لكنهم يتبعون الكافة في إثبات هذه الأصناف، لا بمقتضى فطرتهم وطبيعة إدراكهم، ولو سئل الحيوان الأعجم ونطق، لوجدناه منكراً للمعقولات وساقطة لديه بالكلية. فإذا علمت هذا فلعل هناك ضرباً من الإدراك غير مدركاتنا، لأن إدراكاتنا مخلوقة محدثة، وخلق الله أكبر من خلق الناس. والحصر مجهول والوجود أوسع نطاقاً من ذلك، والله من ورائهم محيط. فاتهم إدراكك ومدركاتك في الحصر، واتبع ما أمرك الشارع به في اعتقادك وعملك، فهو أحرص على سعادتك، وأعلم بما ينفعك، لأنه من طور فوق إدراكك، ومن نطاق أوسع من نطاق عقلك". (المقدمة، ب6/ف10، ص580)
الاستدلال العقلي على البعث



"والطور الرابع، طور الموت الذي تفارق أشخاص البشر فيه حياتهم الظاهرة إلى وجود قبل القيامة، شاهده ما تنزل على الأنبياء من وحي الله تعالى في المعاد وأحوال البرزخ والقيامة، مع أن العقل يقتضي به، كما نبهنا الله عليه، في كثير من آيات البعثة. ومن أوضح الدلالة على صحتها أن أشخاص الإنسان لو لم يكن لهم وجود آخر بعد الموت غير هذه المشاهد يتلقى فيه أحوالاً تليق به. لكان إيجاده الأول عبثاً. إذ الموت إذا كان عدماً كان مآل الشخص إلى العدم، فلا يكون لوجود الأول حكمة. والعبث على الحكيم محال". (المقدمة، ب6/ف16، ص607)
نقاش:



استدل هنا ابن خلدون بما يعرف بدليل التسلسل (إبطال التسلسل) وهو من أشهر الأدلة عند أهل السنة الأشاعرة.

قال الإمام السعد: (بطلان التسلسل، وهو أنه لو ترتبت سلسلة الممكنات لا إلى نهايةٍ لاحتاجت إلى علة، وهي لا يجوز أن تكون نفسها ولا بعضها، لاستحالة كون الشيء علة لنفسه ولعلله، بل خارجاً عنها، فتكون واجباً فتنقطع السلسلة).(شرح العقائد النسفية).

ثم ما ذكره رحمه الله من الكلام على الأسباب والإدراكات ليدلك بحق أن هذا الإمام كان له باعا في هذا العلم، ولم يكتف بجعله من العلوم الشرعية والحث على تعلمه لطالب السنة، بل إنه مارس هذا العلم في كثير من مواضع المقدمة، فضلا عن تصنيفه في هذا العلم منذ نشأته، وتلخيصه لكتاب إمام كبير من أئمة الإسلام، ومن له الباع في علم الكلام، الإمام الرازي رحمه الله، أعني كتابه تلخيص المحصل، المسمى لباب المحصل في أصول الدين" وأن ابن خلدون نشأ أشعريا على مذهب أهل السنة وبقي يدافع عن هذا المذهب ويبدد كل ما أثارته بقية الفرق من البدع في الدين.
أحكام العقل:



قال: "وليس ذلك بقادح في العقل ومداركه، بل العقل ميزان صحيح، فأحكامه يقينية لا كذب فيها. غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة، وحقيقة النبوة، وحقائق الصفات الإلهية، وكل ما وراء طوره، فإن ذلك طمع في محال.

ومثال ذلك مثال رجل رأى الميزان الذي يوزن به الذهب، فطمع أن يزن به الجبال، وهذا لا يدرك. على أن الميزان في أحكامه غير صادق، لكن للعقل حد يقف عنده ولا يتعدى طوره، حتى يكون له أن يحيط بالله وبصفاته، فإنه ذرة من ذرات الوجود الحاصل منه. وتفطن من هذا الغلط ومن يقدم العقل على السمع في أمثال هذه القضايا، وقصور فهمه واضمحلال رأيه، فقد تبين لك الحق من ذلك. وإذا تبين ذلك، فلعل الأسباب إذا تجاوزت في الارتقاء نطاق إدراكنا ووجودنا، خرجت عن أن تكون مدركة، فيضل العقل في بيداء الأوهام، ويحار وينقطع. فإذا: التوحيد هو العجز عن إدراك الأسباب وكيفيات تأثيراتها، وتفويض ذلك إلى خالقها المحيط بها، إذ لا فاعل غيره. وكلها ترتقي إليه وترجع إلى قدرته، وعلمنا به إنما هو من حيث صدورنا عنه لا غير.

وهذا هو معنى ما نقل عن بعض الصديقين: "العجز عن الإدراك إدراك"". (المقدمة، ب6/ف10، ص582)

وسننقل هنا كلاما للإمام السعد في المواقف مع شيء من الاختصار والاقتصار على موضع الشاهد، فبعد أن ذكر عبارة المتن: "وغايته أشرف الغايات مع الإشارة إلى شدة الاحتياج إليه وابتناء سائر العلوم الدينية عليه والإشعار بوثاقة براهينه لكونها يقينيات يتطابق عليها العقل والشرع" قال: " على ما قال الإمام حجة الإسلام أن المتكلم ينظر في أعم الأشياء وهو الموجود فيقسمه إلى قديم ومحدث والمحدث إلى جوهر وعرض والعرض إلى ما يشترط فيه الحياة كالعلم والقدرة" ...."وأن هذا واقع وحينئذ ينتهي تصرف العقل ويأخذ في التلقي من النبي عليه السلام الثابت عند صدقه وقبول ما يقوله في الله تعالى وفي أمر المبدأ والمعاد" ..." وإلى هذا أشار من قال الأصل في هذا العلم التمسك بالكتاب والسنة أي التعلق بهما وكون مباحثه منتسبة إليهما جارية على قواعدهما على ما هو معنى انتساب العقائد إلى الدين وقيل المراد بقانون الإسلام أصوله من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول الذي لا يخالفها وبالجملة فحاصله أن يحافظ في جميع المباحث على القواعد الشرعية ولا يخالف القطعيات منها جريا على مقتضى نظر العقول القاصرة على ما هو قانون الفلسفة"(شرح المقاصد، ج1/ ص176-177، باختصار)

- وقال الإمام الجويني: "من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره فهو مشبه، ومن سكن إلى النفي المحض فهو معطل، ومن قطع بموجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد"

وهكذا فإن ابن خلدون يؤكد ما سبق من أن "العقل ميزان صحيح، فأحكامه يقينية لا كذب فيها" وذلك إذا استعمل في إثبات العقائد، إلا أنه يشنع على الفلاسفة في وزنهم الإلهيات بميزان العقل، وادعائهم الوصول إلى الحقائق بمحض الاعتماد عليه، وقد خلط البعض تخليطا شديدا عندما ظن أو ادعى أن الكلام هنا على علم الكلام، وهذا من عقم فكره واستحكام هواه، وإلا يكون هذا تناقضا في كلام ابن خلدون وحاشاه، وإنما أراد ابن خلدون بهذا عين ما أراده المتكلمون، ونصوصهم مصرحة بهذا، ويكفيك أن ما قاله مطابق للنقل عن أئمة كبار من أئمة الكلام كالإمام السعد والإمام أبي المعالي الجويني رحمهما الله، كما هو ظاهر من نصوصهما.


* تقرير العقائد في علم الكلام جملة *



"وهذه هي العقائد الإيمانية المقررة في علم الكلام. ولنشر إليها مجملة لتتبين لك حقيقة هذا الفن وكيفية حدوثه، فنقول: اعلم أن الشارع لما أمرنا بالإيمان بهذا الخالق، الذي رد الأفعال كلها إليه، وأفرده بها كما قدمناه، وعرفنا أن في هذا الإيمان نجاتنا عند الموت إذا حضرنا، لم يعرفنا بكنه حقيقة هذا الخالق المعبود، إذ ذلك متعذر على إدراكنا ومن فوق طورنا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://esraa-2009.ahlamountada.com
 
موقف ابن خلدون من الفلسفة وعلم الكلام ، تصنيف أحمد أدريس عبد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من هو ابن خلدون بالاضافة الي كتب عن ابن خلدون وفلسفته و مقدمة ابن خلدون
» أم الرسول صلى الله عليه وسلم بالبادية السيد إبراهيم أحمد
» أكبر مجموعة أفلام وثائقية / للشهيد بإذن الله الشيخ أحمد ياسين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Esraa Hussein Forum :: العلوم الإجتماعية :: الفلسفة والمنطق :: منتدى علم الفلسفة والمنطق-
انتقل الى: