الأدلة الشرعية على استخدام الوسائل التعليمية

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأدلة الشرعية على استخدام الوسائل التعليمية

مقدمة:
تعد الوسائل التعليمية ركيزة مهمة في العملية التربوية ، فالمعلم الناجح هو الذي يحسن استخدام هذه الوسائل ؛ وذلك لأن الوسائل التعليمية عنصر مهم من عناصر المنهج المدرسي، الذي يتكون من عدة عناصر هى ؛ الأهداف ، والمحتويات ، والطرق ، والأنشطة، و الوسائل التعليمية، وأساليب التقويم .
وتعريف الوسيلة التعليمية بأنها: "هي كل أداة يستخدمها المعلم لتحسين عملية التعلم والتعليم ، وتوضيح المعاني والأفكار ، أو التدريب على المهارات ، أو تعويد التلاميذ على العادات الصالحة ، أو تنمية الاتجاهات ، وغرس القيم المرغوب فيها ، دون أن يعتمد المعلم أساسا على الألفاظ والرموز والأرقام ."
وهي باختصار جميع الوسائط التي يستخدمها المعلم في الموقف التعليمي لتوصيل الحقائق ، أو الأفكار ، أو المعاني للتلاميذ لجعل درسه أكثر إثارة وتشويقا ، ولجعل الخبر التربوية خبرة حية ، وهادفة ، ومباشرة في نفس الوقت .
ولكي تتم العملية التعليمية على نحو فعال لابد من تفاعل هذه مكونات المنهج الستة تفاعلاً منظماً ، فالوسائل التعليمية ليست أدوات مساعدة أو معينة على تحقيق أهداف المنهج ، بل هي مكون من مكوناته وعنصر من عناصره الأساسية . وإذا كانت هذه هى مكانة الوسيلة التعليمية في المجال التعليمي فمن الضروري تسليط الضوء عليها بتركيز قوي يوضح هذه الحقيقة لمن يجهلها ويذكر المتغافلين عن أهميتها، خاصة وأن هناك بعض من المعلمين ، ومنهم عدد من معلمي التربية الإسلامية يعتقدون أنهم لا يحتاجون إلى الوسائل لتدريس مادة التربية الدينية ؛

ويرجع اعتقادهم هذا وعزوفهم عن استخدام الوسائل التعليمية إلى عدة أسباب ، منها:
- كثير من الوسائل التعليمية مضيعة للوقت والجهد .
- بعض المواضيع يستطيع المعلم والطالب عمل وسائل لها والبعض الآخر يصعب ذلك .
- الاهتمام العام بالوسائل هو للمناهج غير الدينية حيث إن المتخصصين وشركات إنتاج الوسائل أصلاً من الجامعات الغربية والعالم الغربي .
- كثير من خريجي الشريعة وكليات المعلمين القديمة والذين يشكلون نسبة كبيرة من المعلمين لم يدرسوا الوسائل في الكليات ، والبعض منهم ليس لديه إعداد تربوي .
- بعض المعلمين ليس لديهم الرغبة أو الاقتناع أو يتكاسل عن استخدامها ، ولا يكتب خانة الوسائل في دفتر التحضير.
- بعض المديرين يشاركون في عزوف المعلمين عن استخدام الوسائل التعليمية، حيث يخافون عليها من التلف ويحرصون تخزينها بعيدة عن التداول والاستخدام أو ليس لديهم اهتماما نهائيا على استخدام المعلمين للوسائل.
- بعض الوسائل مكلف كثيرا .

ومن هنا يجب أن يتغير اعتقاد هؤلاء المعلمين ، وأن يغرس لديهم الاتجاه الإيجابي نحو استخدام الوسائل التعليمية ، وأيضا المبدأ الذي يفرض نفسه على مجال التعليم في وقتنا الحالي هو ، بأن الوسيلة ليست حشوا لفراغات لا يجد المعلم غيرها لسدها ، بل لأنها تقوم بأدوار أساسية في إعانة المعلم على أدائه للمهمة التي يتحملها في إيصال الرسالة العلمية والتربوية إلى الأجيال المتلقية بأساليب جذابة ومشوقة لا يمكن أن تكون إلا بواسطتها غالبا ، حيث إن الوسيلة في حد ذاتها تجعل المتعلم في موقف إيجابي متفاعل مع الموقف التربوي وهي تنقله - شاء أم أبى - من شخص سلبي جامد إلى أوسع مجالات التفاعل المثمر مع المواقف التربوية التي تمر به داخل وخارج غرفة الدراسة 0

نشأة الوسائل التعليمية وتطورها:
الوسائل التعليمية قديمة قدم التاريخ وحديثه حداثة الساعة ...ففي قصة هابيل وقابيل استخدام واضح للوسائل التعليمية ، فقد أرسل الله تعالى الغراب ليقتل غراباً آخر فدفنه ليتعلم هابيل كيف يواري سوءة أخيه . وفي أقدم الحضارات نجد أن الإنسان قد استخدم الرسومات الرائعة ليسجل بعض الحيوانات التي كانت تعيش في زمنه على جدران الكهوف التي كان يعيش فيها ، ولما جاء الدين المسيحي سخر رجال الكنيسة والحكم الزمني الفن سواء التشكيلي من رسم أو نحت أو فن مسرحي أو موسيقى لتوصيل الأفكار والمبادئ الدينية للناس. ولو رجعنا للتاريخ مرة أخرى لوجدنا الإنسان فكر في استخدام وسيلة أخرى يتعامل فيها للتعبير عما يريد وللتعبير عن أفكاره ، فحاول تجسيد المحسوسات التي يتعامل بها فاهتدى إلى الرسوم والرموز وأخذ يبسط هذه الرسوم والرموز إلى أن أصبحت الحروف والكلمات التي نتعامل بها في عصرنا الحاضر وهي رموز للتعامل والتعبير. وقد تطورت وسائل الاتصال هذه من عبارة عن رسائل لفظية تتطلب وجود المرسل والمستقبل في نفس المكان والزمان ، أو قرع الطبول وإشعال النار لجذب الانتباه إلى اختراع الكتابة في عملية الاتصال والتي مكنت المرسل من تبليغ رسالته للعدد من المستقبلين متجاوزاً حدود الزمان والمكان ، ثم اخترع الصينيون الورق ثم ظهرت الطابعة والتي قامت بتحسين عملية نقل الأفكار وحفظ التراث الإنساني تحسناً ملحوظاً . و استمر الإنسان في تطوير أنماط اتصالاته ، فاخترع الاتصالات السلكية والاتصالات اللاسلكية ( التلغراف والإذاعة )

الأدلة الشرعية على استخدام الوسائل التعليمية:

أولاً: الوسائل التعليمية في القرآن الكريم:

وردت في القرآن الكريم نماذج عديدة وكثيرة مما نسميه اليوم بالوسائل التعليمية ، وقد استخدمت هذه النماذج لتوضيح القضايا المعروضة بالطريقة التي تتناسب مع العقلية البشرية وإمكاناتها المختلفة حسب أنماط البشر وقدراتهم المتفاوتة على الإدراك ، كما أن من أهداف استخدام هذه النماذج وفي مواقف متعددة تأكيد المعاني وتقريبها إلى مفاهيم البشر مهما تبدلت ظروف الزمان والمكان ، ونحن هنا نحاول استعراض بعض النماذج الواردة في كتاب الله ، وإذا رغب أحد في المزيد فأمامه كتاب الله يستطيع تلمس المواضع التي وردت فيها نماذج أخرى 0
1- ضرب الأمثال : (مثل) و ( الكاف ) و (كأن): قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (العنكبوت : 41- 42)
2- القصة : 1 – طويلة 2 – قصيرة
قصص الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم المؤمنين منهم والكافرين ، قال الله تعالى ) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الْغَافِلِينَ (يوسف : 3)
3- عناصر الكون: نبات – حيوان – طيور– ماء – جبال – فلك – حشرات
قال الله تعالى): سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (فصلت : 53)
وقال الله تعالى ): أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ) (الملك : 19)
4- العروض العملية :
يقصد بالعروض العملية : " توضيح مرئي لحقيقة أو فكرة أو عملية عامة فيقوم العارض بإيضاح كيف تعمل الأشياء " ومثال لذلك قصة ابني آدم عندما قتل أحدهما الآخر فتوضح القصة الطريقة التي تمت بها الجريمة وتصف الموقف بتفاصيله 0 قال الله تعالى :(فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ) (المائدة : 31)
5 - الرحلات التعليمية:
وقد ورد الحث على ذلك في قوله تعالى : (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (التوبة :122)
6 - الزيارات الميدانية:
والهدف منها في القرآن التعرف على آثار المكذبين : 1 – في البيئة 2 – خارج البيئة.

ثانياً: الوسائل التعليمية في السنة النبوية المطهرة:

كان النبي عليه الصلاة والسلام القدوة العملية الحية للمسلمين إبان حياته بينهم ، ثم تحولت القدوة إلى المنهج الذي تركه لهم إلى يوم القيامة ، وكما كان يحدثهم بكلماته كان يريهم أعماله نموذجا تطبيقيا إما بالتوجيه المباشر أو بالتلميح أو أساليب أخرى تدخل ضمن ما نطلق عليه اليوم بالوسائل التعليمية ، والنماذج التي سنذكرها هي غيض من فيض ، وسيجد من لديه رغبة في المزيد بغيته في كتب السيرة النبوية وكتب الصحاح.
1- ضرب الأمثال :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:أر أيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ما تقولون ؟هل يبقى من درنه ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال : ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا "
2- القصة:
ومن أمثلتها قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ومن أمثلة القصص القصيرة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فشرب ، ثم خرج ،فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ بي ، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا : يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر.
3- اللوح:
كان اللوح من ضمن ما يستخدم من أدوات لكتابة القرآن الكريم .
4- عناصر الكون المادي (البيئة:(
قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هذه العناصر في مواقف متعددة كفضل العالم على العابد ورؤية الله بالنسبة للمؤمنين وتوضيح فضل قراءة القرآن والفرق بين المؤمن والمنافق والكافر في ذلك ، وذكر الحيوانات في فضل التبكير إلى الجمعة.
5- الرسوم التوضيحية:
استخدم النبي عليه الصلاة والسلام الرسوم التوضيحية على هيئة خطوط زوايا وأشكال في توضيح قضايا معنوية كبيرة لتصوير المعنى وتوضيحه وتبسيطه والأمثلة على ذلك كثيرة جدا منها :
– رسم يوضح طريق الخير وطريق الشر
" روى الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال : " كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا هكذا أمامه ، فقال : هذا سبيل الله عز وجل ، وخطين عن يمينه ، وخطين عن شماله ، قال : هذا سبيل الشيطان ، ثم وضع يده في الخط الأوسط ثم تلا قول الله تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام: 153)
– رسم يوضح الإنسان وأجله وأمله والأعراض التي تقابله:
أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خط النبي خطا مربعا ، وخط خطا في الوسط خارجا منه ، وخط خططا صغارا و هذا الذي في الوسط وقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، أو قد أحاط به ، وهذا الذي خارج منه أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا "
– رسم يوضح أفضل نساء أهل الجنة.
6- العروض العملية:
ورد في السنة النبوية المطهرة أحاديث كثيرة تدل على استخدام النبي صلى الله عليه وسلم العروض العملية في تعليم الصحابة أمور الدين وخاصة العبادات كالصلاة والحج والتيمم ، ومن هذه النماذج قصة الرجل المسيء صلاته ، وفي الحج يقول عليه الصلاة والسلام :" يا أيها الناس خذوا عني مناسككم ، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا"
7- الحركات المعبرة :
يقصد بالحركات المعبرة تغير ملامح الوجه أو هيئة الجلسة ، أو الإشارة باليد أو الأصابع أو غيرهما بهدف التعبير أو تجسيم الأحاسيس وبلورتها بحيث تعرض سماتها الواضحة المعبرة على المشاهد ، وهي تختلف عن أفعال الإنسان الأصلية التي يقوم بها في أكله وشربه "
ومن أمثلة على تغير ملامح الوجه ، عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم" أما استخدام الإشارة بالإصبع ففي عدة مواقف مثل تشبيه التكاتف بين المؤمنين بالبنيان المرصوص ، وتبيين مكانة كافل اليتيم وغيرها ، وشدة قرب الساعة مع البعثة النبوية.
8- الأشياء الحقيقية والعينات:
استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الأشياء الحقيقية في مواقف عديدة ، منها تبيين حرمة الحرير والذهب بالنسبة لرجال الأمة المسلمة .
9- المحاكاة والتدريب العملي:
من هذا أمره صلى الله عليه وسلم للآباء أمر أبنائهم بالصلاة لسبع سنين وضربهم عليها إذا بلغوا عشر سنين ، بمعنى تدريبهم ومتابعتهم عليها
10- الرحلات التعليمية:
حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على طلب العلم و بين لها مكانة طالب العلم
وبعد عرض هذه الأدلة الشرعية على استخدام الوسائل التعليمية في كل من الكتاب والسنة ، يتضح لنا مدى أهمية هذه الوسائل وضرورة استخدامها ، خاصة في العلمية التربوية ، وأنه لمن الضروري توظيفها بشكل جيد في خدمة المنهج الدراسي لتحقيق أهدافه المرجوة ، وأنه لمن الضروري أيضا أن يتغير اعتقاد بعض المعلمين الذين يرون لا توجد ضرورة لاستخدام هذه الوسائل ، وأن يكون لديهم اتجاه إيجابي نحو استخدام هذه الوسائل.

نماذج تاريخية لاستخدام الوسائل التعليمية:

يرجع تطور الإنسان في استخدامه الوسائل لتخدم أغراضه ، فعندما بدأ العقل الإنساني بالتحضر وجد المعلم والمتعلم ، وبدأت عملية التنظيم شيئاً فشيئاً فنجد كونتليان الذي عاش في القرن الأول الميلادي ينادي بضرورة مصاحبة اللعب لعملية تعليم الأطفال الرومان وعمل مجسمات للحروف من العظام ليلعب بها الأطفال ، فيستخدم الأطفال أكثر من حاسة ، ونجد حمورابي المشهور يأمر بنحت تعاليمه المشهورة على عمود من الصخر الصلب فقد أمر بنحت تمثال له وتمثال للإله ، وهذا الحسن البصري عالم البصريات المشهور يخرج تلاميذه إلى الساحة ويعلمهم ظاهرة الانكسار الضوئي، وهذا الإدريسي ينقش كرة من الفضة يرسم عليها خارطة العالم المعروف لديه في تلك الأيام للدوق روجر الثاني ملك صقلية ويرسم سبعين خارطة في كتابه"الشتات" وهو من أهم كتب الجغرافيا المصورة.
وفي القرن السادس إلى السابع الهجريين يكلف الحكام والولاة كبار الفنانين بنسخ كتبهم وتزيينها برسوم توضيحية ، وخرج إلينا ابن خلدون في مقدمته في القرن الخامس عشر بضرورة اعتماد الأمثلة الحية في عملية التعليم بل ويعتبرها أفضل وسيلة ، وظهر كمونيوس في أول عصر النهضة عام 1592 وبعد أن استقرت النهضة في أوربا بدأت الأمور تأخذ مجراها الطبيعي. فقد ظهر الفيلسوف روسو عام 1712-1778 فيخرج كتابه إميل " تربية الطفل إذ شرح في كتابه كيف يريد لابنه الحرية والنمو وجاء بعده بستالوزي وآخرون ... واستمر رجال التربية في تطوير الغرف التربوية في عملية اكتشاف الخبرات والتأكيد على الوسائل التعليمية لتسهيل اكتساب الخبرات فكثرت الآراء والمدارس حول هذا الموضوع ، وقام رجال التربية بتجارب عديدة وأبحاث عديدة حول المتعلم واكتساب المهارات وتيسير أمر استيعابها لدى المتعلمين وخرجوا بالعديد من النظريات واهتدوا إلى كثير من الوسائل والأساليب الأكثر توفير للوقت والجهد على المتعلمين والمعلمين وجاءت الحرب العالمية الثانية لتظهر وسائل حديثة تيسر عملية التدريب العسكري من وقته إلى تدريب الرجال لإدارة المصانع الحربية والمدنية والمناجم والمزارع ، إلى أن وصلت ليومنا هذا أحدث الأساليب للتكنولوجيا والتقدم العلمي حيث : مناهل المعرفة ، والفضائيات ، والشبكة العنكبوتية ( الانترنت)

قواعد ومبادئ استخدام الوسائل التعليمية :

لكي تأتى الوسائل التعليمية ثمارها المرجوة من استخدامها ، هناك جملة من القواعد والمبادئ يجب على المعلم إتباعها جيدا عند استخدامها، وهى :
- تحديد الأهداف التعليمية التي تحققها الوسيلة بدقة : وهذا يتطلب معرفة جيدة بطريقة صياغة الأهداف بشكل دقيق قابل للقياس ، علمًا بأن قدرة المعلم على ذلك يساعده على الاختيار السليم للوسيلة التي تحقق هذا الهدف أو ذلك .
2- معرفة بالمنهج المدرسي ومدى ارتباط هذه الوسيلة وتكاملها من المنهج : ومعنى ذلك أن المستخدم للوسيلة التعليمية عليه الإلمام الجيّد بالأهداف ومحتوى المادة الدراسية وطريقة التدريس وطريقة التقويم حتى يتسنى له الأنسب والأفضل للوسيلة فقد يتطلب الأمر استخدام وسيلة جماهيرية أو وسيلة فردية .
3- معرفة خصائص الفئة المستهدفة ومراعاتها : ويقصد بالفئة المستهدفة الطلاب ، والمستخدم للوسائل التعليمية عليه أن يكون عارفاً للمستوى العمري والذكائي والمعرفي وحاجات المتعلمين حتى يضمن الاستخدام الفعّال للوسيلة 0
4- تجربة الوسيلة قبل استخدامها : والمعلم المستخدم هو المعني بتجريب الوسيلة قبل الاستخدام ، وهذا يساعده على اتخاذ القرار المناسب بشأن استخدام وتحديد الوقت المناسب لعرضها وكذلك المكان المناسب ، كما أنه يحفظ نفسه من مفاجآت غير سارة قد تحدث كأن يعرض فيلماً غير الفيلم المطلوب أو أن يكون جهاز العرض غير صالح للعمل ، أو أن يكون وصف الوسيلة في الدليل غير مطابق لمحتواها ؛ ذلك مما يسبب إحراجاً للمدّرس وفوضى بين الطلاب وإخفاق في تحقيق الهدف المرجو منها .
5- تهيئة أذهان الطلاب : ومن الأساليب المستخدمة في تهيئة أذهان الطلاب: توجيه مجموعة من الأسئلة إلى الدارسين تحثهم على متابعة الوسيلة،وتحديد مشكلة معينة تساعد الوسيلة على حلّها،وتلخيص لمحتوى الوسيلة مع التنبيه إلى نقاط مهمة لم يتعرض لها التلخيص
6- تهيئة الجو المناسب لاستخدام الوسيلة : ويشمل ذلك جميع الظروف الطبيعية للمكان الذي ستستخدم فيه الوسيلة مثل : الإضاءة ، التهوية ، توفير الأجهزة ، الاستخدام في الوقت المناسب من الدرس ، فإذا لم ينجح المستخدم للوسيلة في تهيئة الجو المناسب فإن من المؤكد الإخفاق في الحصول على نتائج المرغوب فيها .
7- تقويم الوسيلة : ويتضمن التقويم النتائج التي ترتبت على استخدام الوسيلة مع الأهداف التي أعدت من أجلها ، ويكون التقويم عادة بأداة لقياس تحصيل الدارسين بعد استخدام الوسيلة ، أو معرفة اتجاهات الدارسين وميولهم ومهاراتهم 0
8- متابعة الوسيلة : والمتابعة تتضمن ألوان النشاط التي يمكن أن يمارسها الطلاب بعد استخدام الوسيلة لأحداث مزيد من التفاعل بين الطلاب.

المراجع :
- أماني سعود الشرفات ،"نشأة الوسائل التعليمية "، متاح على
aou.edu.jo/userfiles/file/file_type_d...‏
- حسن بن عبيد باحبيشي" الوسائل التعليمية في مادة التربية الإسلامية"، متاح على [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- على دويدى،" دروس مهمة في الوسائل التعليمية" متاح على
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- سراج حسين فتحي" الوسائل التعليمية في القرآن والسنة المطهرة "، 2008م ، متاح على
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- محمد علي السيد، الوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم ، عمان ( الأردن) : دار الشروق ، 1983م.

مع تحيات : الدكتور وحيد حامد عبد الرشيد

» مقالات عن الوسائل التعليمية
» ديداكتيك استعمال الوسائل التعليمية
» فاعلية استخدام كل من التعليم الإلكترونى والمدمج في تنمية مهارات إنتاج النماذج التعليمية