( 8 ) التاريخ يتحدث
وإذا رجعنا إلى التاريخ وليس تاريخ "شامبليون" لأن قراءته كما وضحت من قبل أنها خطأ وفيها تناقض ولكن التاريخ المدون عن المصريين الصحيح هو :-
"بطليموس" الثاني الملقب بـ "فيلادلفيس" وسمي بهذا الاسم من باب التهكم والسخرية لأنه كان يبغض أخوته وكان وقت تقليده للسلطنة وكان يبلغ من العمر ( 24 سنة ) وقد سار على سيرة أبيه وتفرغ إلى تقديم العلوم وهو الذي أمر ( القسيس المصري مانيتون ) بتأليف ( تدوين ) تاريخ مصر باللغة اليونانية .
ولم يأمر "بطليموس" الكاهن "مانيتون" بتعريف حروف الخط الهيروغليفي بما يقابلها من حروف الخط الإغريقي لذلك ظلت لغة مصر القديمة مطموسة لا يعرف أحد عنها شئ .
لكن صياغة التاريخ وعدد الأسرات وضحه "مانيتون" .
"المأمون" العباسي كانت أثاره من أجل آثار الخلفاء لأنها تدل على ما بلغه العلم والصناعة من السعة والإتقان وقد كان لشدة تعلقه بالعلم والصناعة وكان يبذل النفس والنفيس في سبيل تقدمهما ولولاه لفات العرب كثير من المؤلفات التي كتبت بالفارسية السريانية واليونانية والهندية واللاتينية فهو الذي سعى في نقل أكثرها إلى اللغة العربية ونشط رعيته لمطالعتها والاستفادة منها ولا يقتصر فضله من هذا القبيل على أبناء اللغة العربية فإن أهالي أوروبا عموما مدينون له لأنه حفظ لهم كتابات كثيرة يونانية ولاتينية لولا نقلها للعربية وحفظها فيها لأزالتها يد الزمان كما أزالت غيرها مما نسمع به ولا نراه وكان كلفا بمجالسة العلماء والحكماء لا يخلو مجلسه منهم ولم يكن يقتصر على العلماء من شعبه وملته لكنه استدعى إليه جماعة من علماء النصارى واليهود واليونان والفرس والهنود والمجوس وقربهم منه ولم يفرق بين أحد منهم بالإكرام والسخاء وكان إذا صرفهم إنما يصرفهم متأسفا على مفارقتهم وهم أشد آسفا منه على ذلك لأنهم كانوا يرتاحون إلى مجالسته ، وقد نبغ في أيامه علماء كثيرون من المسلمين وغيرهم بعلوم كثيرة كالفلك والهندسة والفلسفة العقلية وغيرها.
منهم "أحمد بن كثير" الملقب بالفرغانى و "عبد الله بن سهل ومحمد بن موسى وما شاء الله اليهودي ويحي بن آبى المنصور" وقد أقام بواسطتهم الأرصاد الكثيرة وكان عالما بالفلك فكان يعاونهم بالرصد أحيانا في مرصد الشماسية قرب بغداد وأحيانا في المرصد على جبل قيسون قرب دمشق ومن الأطباء الذين كانوا يجالسونه "سهل" بن سابور "وجبرائيل" الذي بحث في الرمد على الخصوص و"يوحنا" بن "البطريق" الملقب بالترجمان لأنه كان يترجم الكتب الطبية من اليونانية إلى العربية ، توفى "المأمون" في ( 18 رجب ) سنة ( 218 هـ ) وكان قدومه إلى مصر في عام ( 216 هـ ) الموافق ( 827 م ) وأثناء وجودة أراد البحث عن حقيقة الأهرام وهدم جزء منها ثم كف عن الشغل لصعوبته بعد صرف مبالغ كبيرة وقال :-
إن الملوك الذين بنوا الأهرام كانوا بمنزلة لا ندركها نحن ولا أمثالنا .
معنى ذلك أن :-
1 - التاريخ المصري القديم المدون عن طريق "مانيتون" باليونانية صحيح .
لكن "مانيتون" ترجم التاريخ المصري القديم إلى اليونانية فقط ولم يترجم أشكال الحروف المصرية القديمة إلى ما يقابلها من الحروف اليونانية .
2- ترجمة الحيثيين ( بالخط المسماري ) عن الحروب بين مصر وخيتا صحيحة لأن "عبد الله المأمون" كان له الفضل في ذلك فقد تولى الخلافة من سنة ( 813 : 833 م ) أي من فترة قريبة وكان الخط المسماري متداول في هذا الوقت .
واللغة المصرية القديمة لا يعلم عنها أحد شئ بعد غزو الرومان سنة ( 30 ق.م ) لتخريبهما معابد قدماء المصريين .
3 – ترجمة التاريخ المصري عن طريق ترجمة الخط اليوناني الذي ترجم في عصر"المأمون" والذي كان مترجما إليه التاريخ المصري عن طريق "مانيتون" في عصر بطليموس الثاني صحيح
4 – كان "شامبليون" قارئا جيدا للغة اليونانية وبطبيعة الحال للغته الفرنسية .
ذكر في كتاب إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر الموجود بدار الوثائق العامة بالمنصورة أن بعد ترجمة "مانيتون" تاريخ مصر من المصرية القديمة إلى اليونانية وترجم من اليونانية إلى الفرنسية ثم بعد ذلك قام الأستاذ ( "عبد الله" بك الشهير"بأبي السعود" مدير عموم المكاتب الأهلية سابقا ) بترجمته من الفرنسي إلى العربية وجمع المؤلف تاريخها من الدفاتر المصرية القديمة المحفوظة بالهياكل والمعابد المصرية ولم يتبق من هذا التاريخ إلا بعض جزيئات وصلت إلى الفرنج ضمن كتب المؤرخين .
ثم بعد ذلك بدأ "شامبليون" في سردها ...!
ومن هنا ندرك أن "شامبليون" استعان بهذه الترجمة لتأكده من صحتها وضبطها مع ترجمته على أنها مترجمة بالهيروغليفية لأن ترجمه "شامبليون" غير مفهومة وحينما يسأل المتخصص ما هذه الترجمة لا أفهم معناه يقول هذا الكلام يعنى ثم يتبع بشرح المعنى وطبعا يكون المعنى إما من ترجمة "مانيتون" الصحيحة من المصرية إلى اليونانية أو من ترجمة الخط المسماري عن طريق سرد الحروب وكان الحيثيون يدونون ملوك مصر في حروبهم معهم بكلمة ( ملك ) لذلك لم يعرف "شامبليون" عن طريق ترجمته من هو "فرعون" وفى أي أسرة كان لخطأ ترجمته وعدم وصوله للحقيقة !!!
ونجد أنه لم يبلغ ملك من ملوك مصر القديمة ما بلغه الملك "فرعون" "رمسيس" الثاني من شهرة في التاريخ القديم فنجد أن مدة حكمه كانت ( 67 سنة ) وتولى الحكم في عام ( 1290 ق.م ) وكانت معركة قادش في العام الخامس من حكمه هي سبب شهرته وذيوع صيته وكانت هي السبب في استكباره وادعائه بأنه قائد للآلهة أهم الأبحاث عن مدينة قادش وعن بعض النقاط الغامضة في هذه المعركة موجودة في كتاب GARDINER, Onomastico, Vol., 1(1947) p.1.37 ffحدث في هذه المعركة أن قبض الجنود المصريين على جاسوسين من بدو فلسطين (الشاسو ) كان أرسلهما "موتلين" ملك خيتا في ذلك الوقت ليعرف تحركات الجيوش المصرية ،واتفقا إذا وقعا في الآسر أن يضللا الجيش المصري بقصة متفق عليها وبعد ضربهما ضربا مبرحا اعترفا بموقع الجيش الخيتى ولكن بغير الحقيقة أن ملك خيتا تقهقر بجيوشه إلى حلب عندما علم بتقدم الجيوش المصرية ، ولكن الحقيقة أن الجيوش الخيتية كلها كانت مختبئة وراء مدينة قادش منتظرة حضور جيوش مصر لملاقيتها ، فأراد "فرعون" أن يسرع خلف عدوه ولم ينتظر حتى تلحق به باقي جيوشه ، ثم عبر "فرعون" نهر العاصي ( الأورونت ) وعسكر بجيشه في الشمال الغربي من المدينة ولم يكن يعلم أن ملك خيتا وحلفاءه كانوا خلف التلال وأنهم قاموا في الوقت نفسه بحركة التفاف وانسحبوا إلى ما وراء قادش على الشاطئ الآخر من النهر ، فلما وصل جيش "فرعون" وبدأ في عبور النهر انتظر المتحالفون حتى وصل بعض الجنود إلى الشاطئ الآخر ، وعند ذلك هجموا على جيش "فرعون" هجوما مفاجئا فلم يستطع الجنود أن يلملموا شملهم ويصمدوا للحرب بل ولى معظمهم فارا من المعركة فحدث اضطراب كبير ولم يكن في وسع "فرعون" إلا أن يحاول جمع شتات جنوده ليدافعوا عن أنفسهم، ولكن هذا الهجوم المفاجئ كان قد خلع قلب الجنود الذين كانوا بمثابة الحرس الخاص لـ "فرعون" وبعد تخلى أكثر رجال "فرعون" عنه لم يجد بدا من الاعتماد على نفسه فأندفع بين المهاجمين .
كان موت "فرعون" في هذه المعركة أكيدا لا محالة لتخلى جنوده عنه وخاصة الحرس الخاص به ووقوعه في الشرك الذي نصبه له ملك خيتا فلقد وجد نفسه وحيدا بين الأعداء هو وقليل من جنوده ولكن ...
كان فضل اليهود على فرعون عظيما
حيث وصلت نجدة من شباب الفلسطينيين المجندين ( ثيارونا _ بلغة الكنعانيين ) إلى ميدان المعركة ووجدت حرج مركز "فرعون" فمالت على العدو ميله واحدة فسببت تغيرا في سير المعركة وأنقذت "فرعون" مما كان فيه والسبب الحقيقي ليس من أجل "فرعون" ولكن حقيقة الأمر أن أبناء عمومتهم مقيمين في مصر من فترة سيدنا "يوسف" ، ولكن "فرعون" بدلا من العرفان بالجميل بعد عودته من المعركة اشتد غروره وتضليل من حوله له جعله يستكبر ويطغى وفعل بأبناء عمومتهم ما لا يرضى أحد على وجه الأرض . ففي القرآن سورة القصص أية(4) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأَرْض وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ *
أيضا في سورة البقرة أية(49) وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفى ذَلِكُم بَلاَءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ *
وفى التوراة خروج الإصحاح الأول(9) فقال لشعبه هو ذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا(10) هلم نحتال لهم لئلا ينمو فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض(11) فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم
وفى نفس الإصحاح(16) وقال حينما تولدان العبرانيات وتنتظرانهن على الكراسي ، إن كان ابنا فاقتلاه وإن كان بنتا فتحيا *
وفعل "فرعون" ذلك لأنه كان يتألم حينما يصله أخبار معايرة بنى إسرائيل المقيمين في مصر للمصريين أنه لولا أبناء عمومتهم ما كان "فرعون" على قيد الحياة وأن فضلهم عليه عظيما .
وبعد ذلك في العام الثامن من حكم "فرعون" قام بحملة كبيرة كانت سبباً في تأكيد صلفه وغروره وبطشه ،ومضت على الحملة الأخيرة أعوام مات فيها "موتلين" ملك خيتا فنشب نزاع بين "أورخى" بن "موتلين" وبين عمة "خاتوسيلى" على الحكم انتهت بتغلب "خاتوسيلى" على ابن أخيه "أورخى" واستيلائه على العرش .