مصراوية Effective Member عضو فعال
الابراج : عدد المساهمات : 71 تاريخ التسجيل : 21/06/2009 العمر : 36
| موضوع: إدارة الوقت في القرآن الكريم(1) الثلاثاء 30 يونيو 2009, 5:47 am | |
| :بسم الله الرحم الجزء الأول الإدارة هي تحقيق هدف، وتحقيق الهدف يحتاج إلى وقت، فالوقت مرتبط بكل عنصر من عناصر الإدارة، وكل عمل إداري يحتاج إلى وقت ويحتاج أيضاً إلى توقيت مناسب حتى يحقق الهدف المراد منه.وإدارة الوقت من الحكمة التي عرّفها ابن القيم بقوله: ( هي فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي). و"إن لم يكن بالإمكان استثمار كل الوقت... فعلى الأقل يمكن استثمار أكبر قدر منه. وحتى تكون نقطة البداية صحيحة وفعالة، يلزم البحث في العناصر الأساسية للعملية الإدارية"."فهناك شبه إجماع بين علماء الإدارة على أن أهم وظائف الإدارة هي: التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة، اتخاذ القرارات" وسنقوم هنا بتعريف هذه الوظائف مع ذكر الآيات القرآنية التي أشارت إليها إن شاء الله تعالى. أولاً: التخطيط عرض القرآن الكريم لأنموذج بشري في التخطيط ذُكر في معرض الإقرار والثناء جاء ذلك في سورة يوسف عليه السلام، في قوله تعالى: [وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ]. إن هذه الآيات تدل على أن يوسف عليه السلام قد رسم خطة للسنوات المقبلة، وأن التخطيط لا ينافي الإيمان فهو من باب الأخذ بالأسباب. كما تشير الآيات الكريمات إلى أول موازنة تخطيطية مبنية على أسس علمية، وازن فيها يوسف عليه السلام بين إنتاج وتخزين واستهلاك القمح في مصر الفرعونية مدة سنوات القحط وسنوات الرخاء، وتتضح أركان هذه الموازنة التخطيطية فيما يلي: 1 - الموازنة بين الإنتاج الزراعي والاستهلاك بهدف تخطي أعوام القحط والجدب. 2 - إن عنصر الزمن اتضح من عدد سنوات القحط وسنوات الرخاء إذ تم إعداد خطتين سبعيتين للدولة. 3 - إن هذه الموازنة بمثابة خطة طويلة الأجل امتدت أربعة عشر عاماً. 4 - استخدام الموازنة أداةً رقابيةً لتنفيذ الخطة بدقة. فهي خطة زمنية وضعها يوسف عليه السلام بإلهام من الله عز وجل لكسب الوقت في سنوات الرخاء بمضاعفة الإنتاج وتخزينه بأسلوب علمي للاستفادة منه في سنوات الجدب. عرّف بعض الباحثين التخطيط الإسلامي بأنه: "أسلوب عمل جماعي يأخذ بالأسباب لمواجهة توقعات مستقبلية، ويعتمد على منهج فكري عقدي يؤمن بالقدر ويتوكل على الله ويسعى لتحقيق هدف شرعي هو عبادة الله وتعمير الكون". بينما عرفه آخر بأنه: " التفكر والتدبر بشكل فردي أو جماعي في أداء عمل مستقبلي مشروع مع ربط ذلك بمشيئة الله تعالى ثم بذل الأسباب المشروعة في تحقيقه مع كامل التوكل والإيمان بالغيب فيما قضى الله وقدّره على النتائج". وباستعراض هذين التعريفين نلمس أنه بينما يحصر الأول التخطيط في الجماعة نجد الآخر يشمل في تعريفه الفرد والجماعة، كما أنهما يتعرضان للعملية التخطيطية في الإدارة بشكل عام. ومن خلال التعريفين السابقين يمكن للباحث تعريف التخطيط في الإدارة الإسلامية في إطار إدارة الوقت ضمن المنهجية التي تتبناها الدراسة بأنه: ( إعمال الفكر في رسم أهداف مشروعة، مع تحديد الوسائل المتاحة والموارد المباحة شرعاً، وبذل الطاقات في استثمارها، لتحقيق الأهداف في أقل وقت ممكن، مع تعليق النتائج بقضاء الله وقدره ). ويكون هذا التعريف في رأي الباحث شاملاً لجميع مراحل العملية التخطيطية بدءًا بالتدبر والتفكر ومروراً برسم الأهداف وتحديد الوسائل، واستثمار الموارد المتاحة لتحقيق الأهداف في إطار فترة زمنية محددة، وانتهاءً بتعليق النتائج بقضاء الله وتقديره. * وباستعراض بعضِ نصوص القرآن نجد أن أهم عناصر التخطيط الإسلامي هي: 1 - تحديد الأهداف:يعد تحديد الأهداف من أبرز سمات التخطيط التي دعا إليها القرآن الكريم إذ يقول المولى عز وجل: [أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ](ولا شك أن من يمشي إلى هدف وغاية أهدى ممن يخبط خبط عشواء. 2 - تحديد الأولويات:بعد تحديد الأهداف يتم تحديد الأولويات أي ترتيب الأهداف حسب أهميتها الأهم فالمهم وهذا مما يعين على كسب الوقت بإعطاء الأهداف ذات الأهمية الكبرى الأولوية في التنفيذ، فحين أمر المولى عز وجل النبي (ص) بالدعوة في قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ].(9) فإنه حدد له أولوية دعوة الأقربين من عشيرته بقوله: [وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ].(10) وحين أمر سبحانه المسلم بالحذر من النار واتخاذ سبل الوقاية منها أمره أن يبدأ بنفسه ثم أهله، وذلك في قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ]. 3 - استثمار جميع الموارد المتاحة:يقــول الله عزّ وجــل: [هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُـمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِـهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِـهِ وَإِلَيْـهِ النُّشُورُ] ويقول أيضاً: [اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ]. وغير ذلك من الموارد المتاحة التي أحل الله للإنسان استغلالها وعلى رأسها الوقت الذي هو أهم الموارد وأعظمها شأناً، والذي سخره الله لنفع الإنسان كما هو ظاهر الآيات السابقة. 4 - بذل الأسباب والوسائل المشروعة:تحقيق الأهداف لا يكون إلا بالسعي وبذل الأسباب في استثمار كافة الوسائل المتاحة، وفي ذلك يقول الله عز وجل: [وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ]. على أنه من الواجب على المسلم التحري في مشروعية الوسائل التي يستخدمها في تحقيق الأهداف فالغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة. 5 - تعليق النتائج بمشيئة الله:من سمات التخطيط في الإسلام تحديد الأهداف وبذل الأسباب والتوكل على الله بعد ذلك في تحقيق النتائج وتعليق ذلك بمشيئة الله وتقديره، قال تعالى: [وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ]. والخطاب في الآية للنبي (صلى الله عليه وسلم) وأمته من بعده. | |
|