خصائص المنهج المحوري :
يجدر بنا أن نلاحظ أن تنظيم المنهج المحوري له مجموعة من الخصائص أو الأسس الضرورية لفهم طبيعة وأسلوب هذا التنظيم للمناهج ونجمل هذه الخصائص فيما يأتي :
1- تستفد فكرة المحور علي مبدأ أساسي في التعليم وهو اعتبار الخبرة أساسا لتعديل السلوك .
2- ينطم محتوي المنهج علي أساس المشكلات التي لها مغزي شخصي واجتماعي معا .
3- يستمد المنهج المحوري محتواه من مصادر متعددة ويستعين في ذلك خبرات متنوعة من البيئة .
4- يستخدم طريقة حل المشكلات بدلا من الحفظ والأستظهار .
5- يقتضي تخطيطا جماعيا من المدرسين ولا ينظر الي المدرس علي أنه مدرس مادة ولكن علي أساس أنه عضو في فريق مهني .
6- يقتضي التعاون بين المدرس والتلاميذ لتحديد المشكلات الهامة والأهتمامات المشتركة حتى يمكن اختيار الخبرات التعليمية المناسبة لها .
7- يقتضي نشاطا مكثفا من التوجيه والأرشاد التربوي ولذلك يعتبر المدرس في البرنامج المحوري معلما ومرشدا تربويا في نفس الوقت .
8- يقتضي التنسيق العام بين وجهي المنهج : العام أو المحوري ، والوجة الخاص أو الأكاديمي .
9- يقتضي استخدام وحدات زمنية مطولة وهذا من مقتضيات طريقة حل المشكلات .
10- يقتضي وجود المدرس مع التلاميذ فترة أطول مما يحدث في التدريس في ظل المواد المنفصلة وذلك حتي يتمكن المدرس من فهم طبيعة التلميذ وخصائصة وحاجاته .
مميزات المنهج المحوري :
1- يتمشى مع النظرية العلمية للتعلم التي تعتبر التعلم عملية ايجابية يلعب فيها الفرد دورا فعالا ولابد من مروره بالخبرة واحتكاكه بعناصرها وتفاعله معها .
2- يراعي اهتمامات وحاجات التلميذ عن طريق استخدامة للمشكلات الواقعية فهو تنظيم قائم علي أساس استخدام مشكلات فعلية وواقعية متصلة ببيئة التلميذ ومتمشية مع اهتماماته .
3- يساعد التلاميذ علي تعلم مهارات اجتماعية هامة وضرورية لمطالب المجتمع الذي يعيشون فيه مثل التعاون والتخطيط والعمل الجماعي واحترام الرأي الأخر ومراعاة حقوق الآأخرين وغير ذلك من القيم والمهارات الأجتماعية التي يحتاج اليها الأفراد من ألأجل تفاعلهم مع النظام الأجتماعي الذي يعيشون فيه .
4- يراعي الفروق الفردية للتلاميذ حيث أن كل تلميذ يتفاعل مع الموقف التعليمي تفاعلا مختلفا ومنفردا حيث تحل طريقة المناقشة محل التلقن والألقاء كما أن المنهج المحوري يسمح بتوزيع التلاميذ توزيعا غير متجانس مما يساعد علي احترام الفروق الفرديةومراعاتها .
5- يسمح للمدرس بمعرفة تلاميذه معرفة قيقة وذلك لطول الفترة الزمنية المخصصة للدراسة من ناحية ومن ناحية أخري بسبب استخدام طريقة تعليمية يكون فيها المتعلم ايجابيا ومشاركا مما يساعد المدرس علي فهم اهتمامات وميول وحاجات تلاميذة كل علي حده كما أن التنظيم للمناهج يسمح للتلاميذ بمعرفة بعضهم البعض وتكوين علاقات قائمة علي الفهم والأحترام المتبادل .
6- يدفع التلاميذ الي مزيد من التعلم خارج النطاق الرسمي للتعليم وذلك بسبب واقعية الخبرات التي يدرسونها في تنظيم المنهج المحوري وبسبب ارتباطها بالحياة مما يجعلهم يدركون الحاجة الي مزيد من التعلم والبحث في هذه المشكلات وهنا يتحول التعليم الي نشاط ذاتي يوجهه دافع داخلي ورغبة شخصية .
7- يحقق التكامل بين حياة الأسر وحياة المدرسة والحياة في المجتمع وهذا بدوره يجعل الموقف التعليمي متصلا بالحياة وليس موقفا اصطناعيا منسلخا عن الحياة التي يعيش فيها التلاميذ .
8- يساعد علي تكامل برامج النشاط وتلاحمها مع المنهج ونحن نعرف أن برامج النشاط هامة جدا لأكتشاف قدرات التلاميذ وتوجيهها وتنميتها وهذه البرامج تعتبر جزءا أساسيا وليس عملية اضافية في المنهج .
9- ينقل محور الأرتكاز في العملية التعليمية من التدريس الي التعلم ومن المدرس الي المتعلم ومن الحفظ الي الأستبصار وحل المشكلات ولذلك يتحول دور المعلم من دور الملقن الي المرشد والموجه للعملية التعليمية والمسهل لها .
10- يشيع روح العمل في الفريق والتعاون بين المدرسين ويقوي من عري الصلة بينهم مما يجعل الأدارة المدرسية أكثر ديمقراطية ومرونة وتعمل علي تحقيق الأهداف التي ينتظرها المجتمع من المدرسة .
11- يخترق حواجز المواد بين أجزا ء المعرفة ويساعد التلاميذ علي ادراك وحدة المعرفة الأنسانية والصلة بين فروعها عن طريق معرفة وظيفتها وفائدتها في الحياة العملية وهنا نلاحظ تكامل جوانب التعلم المعرفية والأنفعالية والحسية والحركية .
12- يسمح بتنويع مصادر الخبرة التعليمية حيث لا يقتصر النشاط التعليمي علي الفصل الدراسي أو الكتاب المدرسي ولكن طول الفترة الدراسية المحورية تسمح بالخروج الي المكتبة أو في رحلة لمؤسسات المجتمع التي يدرس التلاميذ وظيفتها وصلتها بالمجتمع كما يشيع استخدام الوسائل السمعية والبصرية كمعينات للتدريس ...
أوجه القصور في المنهج المحوري :
رغم ما سبق ذكره من خصائص ومميزات المنهج المحوري الأ أن هناك بعض الصعوبات التي واجهت مثل هذا التنظيم وجعلته يختفي من مسرح المدارس الأعدادية والثانوية .
وقد كانت الخمسينيات وأوائل الستينيات بمثابة "العصر الذهبي للمنهج المحوري " وفي مقدمة الأنتقادات التي وجهت الي تنظيم المنهج المحوري ما يأتي :
1- أنه يحتاج الي درجة عالية من التخطيط والتنسيق من المدرسين كذلك الي استخدام التلاميذ في عملية تخطيط المناهج وهو أمر لا يزال الكثير من رجال الفكر والآباء لا يقرونه .
2- صعوبة اعداد الجدول المدرسي نظرا لطول الفترة الزمنية المستخدمة في الدراسة المحورية .
3- لا يراعي مدي تركيز التلاميذ فمن المعروف أن مدي التركيز عند التلاميذ لا يزيد في اي مرحلة تعليمية عن نصف ساعة وما يشيع في المنهج المحوري من طول الفترة الدراسية يخالف هذا المبدأ .
4- يقتضي الأستعانة بمصادر كثيرة من البيئة لجمع المواد خاصة في المناطق النائية كالمناطق الصحرواية وبيئات البدو .
5- يقتضي الأستعانة بالتلاميذ في جميع مراحل تخطيط المنهج وعندما يصعب ذلك يقوم المدرس بأغلب نواحي العمل وجوانبه وهذا بدوره يحول المنهج المحوري الي طريقة روتينية مكانيكية للتعلم كما تصبح الخبرة غير مرتبة وغير مربية .
6- يعتبر تنظيما منحازا الي طبيعة المجتمع والي خصائصة وحاجاتة خاصة حاجات المواطنة والمسؤولية الأجتماعية والنظام وهي أفكار يلح عليها المنهج المحوري بصفة مستمرة وذلك علي حساب حاجات الفرد وميوله اي أن حاجات الفرد تأتي في مقام ثان لحاجات المجتمع وهو اتجاه لا يرضي به أصحاب المدرسية الحديثة التي تقدم الفرد علي المجتمع وعلي المادة وتعتبره محور الأرتكاز في اي نشاط تعليمي .
7- ورغم تنوع الخبرات في المنهج الحوري واختلاف الطرق والأساليب المستخدمة ، الأ أنه لا يزال منهجا معرفيا في محتواه ولا يزال تعليما لفظيا في أغلب جوانبه ، ونجد أن البرنامج العام أو المحوري يهتم بعموميات الثقافة بينما يهتم البرنامج التخصصي بخصوصياتها .
8- أن سرعة تغير الحياة وعدم استقرارها وما يجعل التنبؤ بشكل الحياة في المستقبل أمرا صعبا ان لم يكن مستحيلا ولذلك فأن المنهج المحوري لا يمكنه من هذه الناحية أن يعد الأفراد لحياة المستقبل لأن هذا المستقبل غير واضح المعالم وأن ما سيوجد فيه أعمال وما يقتضيه من مهارات ومسؤوليات لايمكن التكهن بها .
9- أن اعتمادنا علي دراسات هشه غير مضبوطة عن حاجات التلاميذ وخصائص نموهم ومن زروف البيئة وخصائصها يجعل من الصعب في بناء المنهج المحوري اختيار خبرات تعليمية مناسبة لمستوي نمو التلاميذ كما أن طبيعة العصر الذي نعيش فيه وشيوع ظاهرة الحراك الأجتماعي جغرافيا واقتصاديا تجعل التلاميذ لا يستقرون في بيئة اجتماعية واحده وهذا يؤثر بالطبع في تحديد محتوى البرنامج المحوري .
10- ان اعتبارا المحور بمثابة ارتكاز علي مجموعة من المواد تشتق منها من المفاهيم والعموميات ما يتصل بمشكلة معينه بصرف النظر عن حواجز وفواصل المواد من أهم خصائص المنهج المحوري الأ أن ذلك يحمل عبئا خطيرا يتعلق بتنظيم خبرات المنهج وهو عدم توفير عنصري الأستمرار والتتابع كما يصعب عي التلاميذ ادراك الصلة بين المحاور المختلفة ولا شك أن الأستمرار والتتابع والتكامل من أهم شروط ومعايير الخبرة المربية وبعبارة أخري يمكن القول أن المنهج المحوري يخترق حواجز المواد ويحقق التكامل بينها ولكنه يخفق في تحقيق التكامل بين المحاور التي يعاد علي أساسها تنظيم الخبرات التعليمية .
- وبالأضافة الي هذه الأنتقادات فان المنهج المحوري لم تنجح تجربته في كثير من البيئات التعليمية بسبب ضعف الأمكانات المادية والبشرية وعدم توافر جهاز فني من المشرفين والمرشدين التربويين كما أن الكثير من واضعي المنهج وجدوا راحة أكثر من التعامل مع تنظيم المواد المنفصلة لأن المنهج المحوري يقتضي تغييرا جوهريا في طريقة تفكيرهم وفي نظرتهم للموقف التعليمي وعناصرة المختلفة ، وعلي المستوى المدرسي اخفقت معاهد وكليات اعداد المعلمين في اعداد مدرس يدرك حقيقة التكامل بين فروع المعرفة ويكون علي درجة كبيرة من الكفاءة الفنية واستخدام تكنولوجيا التعليم كما يكون علي استعداد لقبول التلمي1 والتسليم بايجابيته ودوره في العملية التعليمية .
أضف الي ذلك حله مشكلات الأدارة المدرسية التقليدية والجدول الدراسي والأبنية المدرسية والدعوة المستمرة الي الأهتمام بالتخصص الأكاديمي .
كل ذلك جعل بيئة النظام التعليمي ترفض تنظيم المنهج المحوري وتعتبره جسما غريبا في بنية النسق التعليمي ،وفي رأينا أن المنهج المحوري كان تحديدا واستحداثا تربويا سابقا لعصرة ولم تستطع المدرسة أن توفر له امكانات النجاح ..
ولعل ما أدرك أن كل ما وجه الي المنهج المحوري من نقد كان يتعلق بالأجراءات التنفيذية وأساليب الأداء أما الأساس النظري والفلسفي لتنظيم المنهج المحوري لا يزال صالحا ، وبل يعتبر هدفا لمدرسة اليوم والغد علي السواء .