Esraa Hussein Forum
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي الزائر اهلا وسهلا بكم في منتدي اسراء حسين ، إذا كنت زائر يسعدنا ويشرفنا ان تسجل في المنتدي وتكون من ضمن اعضاؤه ، اما إذا كنت عضوا فتفضل بالدخول ، شكرا لزيارتكم لمنتدانا
دمتم برعاية الله وحفظه
مع تحياتي،
اسراء حسين
Esraa Hussein Forum
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي الزائر اهلا وسهلا بكم في منتدي اسراء حسين ، إذا كنت زائر يسعدنا ويشرفنا ان تسجل في المنتدي وتكون من ضمن اعضاؤه ، اما إذا كنت عضوا فتفضل بالدخول ، شكرا لزيارتكم لمنتدانا
دمتم برعاية الله وحفظه
مع تحياتي،
اسراء حسين
Esraa Hussein Forum
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Esraa Hussein Forum



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدخول
المواضيع الأخيرة
» صناعة الخرائط عبر التاريخ
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالخميس 20 يوليو 2017, 10:04 pm من طرف محمدسعيدخير

» بطاقات القوانين الصفية للطلاب مهمة جدا جدا
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالأربعاء 19 أكتوبر 2016, 8:12 pm من طرف تلميذة سيبويه

» برنامج الأرشفة الإلكترونية/ مجانا 100% برنامج أرشيف التعاميم والوثائق
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالإثنين 10 أكتوبر 2016, 9:36 pm من طرف alialneamy

» المكتبة الألمانية النازية (مكتبة كتب عن تاريخ المانيا النازية) من تجميعى الشخصى حصريا على منتدانا
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالجمعة 24 يوليو 2015, 11:48 pm من طرف هشيم النار

» جامعة المدينة العالمية
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:42 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:41 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:40 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:40 pm من طرف BI744

» جامعة المدينة العالمية
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالثلاثاء 16 يونيو 2015, 4:40 pm من طرف BI744

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
Esraa Eman Hussein{Admin}
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
Dr.Emanis
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
أبلة حكمت
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
البروفوسور
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
mony moon
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
zinab abd elrahman
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
نهى
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
nihal noor eldin
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
heba mohammed fouad
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
super mada
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_rcapعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_voting_barعوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
التوقيت
Free Clock
مواضيع مماثلة

 

 عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Esraa Eman Hussein{Admin}
Admin المدير العام للمنتدى
Admin المدير العام للمنتدى
Esraa Eman Hussein{Admin}


عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر 115810
الابراج : الدلو
عدد المساهمات : 4049
تاريخ التسجيل : 15/06/2009
العمر : 35
الموقع : www.esraa-2009.ahlablog.com
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر Jb12915568671

عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر 107601

عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر   عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالخميس 11 فبراير 2010, 11:30 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لا يشك أحد في أن علم الاجتماع يعتمد على حقائق جزئية، وحوادث واقعية، لا ينكرها عقل، ولا علم، ولا دين، ومع ذلك نجد علماء الاجتماع يختلفون اختلافاً كبيراً عند دراستهم لهذه الوقائع، وقد اعترف بهذا الاختلاف كثير من علماء الاجتماع (54).

ولا شك أن وراء هذا الاختلاف تقف المعايير التي يسير على ضوئها هذا العلم، ونقصد بها الموازين التي تزن وتقوِّم الأبحاث الاجتماعية.

ويهمنا في هذا المقام، أن نتحدث عن معيارين، كان لهما الأثر الكبير في إعاقة الاتفادة الكاملة من علم الاجتماع بالنسبة للمسلمين، مما يحتم بعد ذلك دفع عملية الصياغة الإسلامية إلى الأمام، خصوصاً ونحن نعرف أن هذا العلم مرتع لتعدد وجهات النظر.

وهذان المعياران هما:

1- الدقة العلمية والتحليل الموضوعي.

2- الارتباط الوثيق بالفلسفات والعقائد المختلفة.

وسيكون الحديث في البداية عن عرض ومناقشة المعيار الأول، ثم نتكلم بعد ذلك عن المعيار الثاني.

المعيار الأول
الدقة العلمية والتحليل الموضوعي

ويعني هذا المعيار: أن المجتمع بظواهره ومشاكله، يعتبر موضوعاً لعلم " Science " هو علم الاجتماع.

والعلم، مصطلح يعني: الدراسة الموضوعية المنظمة للظواهر الواقعية، وما يترتب على ذلك من بناء للمعرفة. وعليه فإنه يتميز بالخصائص التالية، وهي : أنه منظم، وموضوعي، وواقعي "أمبريقي ".. ويقوم العلم على دعوى جوهرية، محصلتها أنه من الممكن استقاء المعرفة بالعالم من خلال الحواس، وأن صدق هذه المعرفة يتأكد بواسطة الملاحظات المتشابهة التي يقوم بها كثير من الأشخاص. وأنه من الممكن -نسبياً - التحكم في تحيز الملاحظ وقيمه الشخصية، حتى تتوافر درجة ملائمة من الموضوعية (55).

وقد قاد هذا المفهوم للعلم إلى التأكيد على قيمة الموضوعية العلمية التي لا تعني النزاهة والأمانة فقط، ولكنها تتعدى ذلك إلى التخلص من ضغوط الأهواء السياسية، والذهنية والفكرية، وعدم الخضوع أو الأخذ بأي نظرية أو فكر اجتماعي، أو سياسي، عند بحث أي ظاهرة، وتقتصر على رؤية العالم كما يبدو بالفعل، وتكتفي بملاحظة الظواهر المشاهدة فحسب، مما يعني تنحية القيم، حيث يعتبر مفهوم القيمة مفهوم غير ضروري، وغير مرغوب فيه، في علم الاجتماع كما يقول أدلر (56) (57).

وتعني دراسة الظواهر الاجتماعية دراسة علمية، أن تدرس بعيداً عن الفلسفات التأملية، والعقائد الدينية، فالدراسة العلمية تعتمد على الملاحظة والتجريب فحسب، وتقابلها الدراسة الدينية والفلسفية والفنية التي تعتبر غير علمية. ولكنها ربما تزودنا بنوع من المعرفة، إلا أنها على كل حال غير علمية (58).

نشأة الدراسة العلمية
للظواهر الاجتماعية "الموضوعية" ورسوخها

لقد نشأت المطالبة بالدراسة العلمية للظواهر الاجتماعية، باعتبار هذه الدراسة متميزة عن الدراسة الدينية والفلسفية، في أجواء الثقافة الغربية، حيث تأثر الباحثون في الشؤون الإنسانية، بالنجاح الذي حققه المنهج العلمي في العلوم الطبيعية والبيولوجية. فقد نجح العلم الطبيعي في كشف ظواهر الكون، والسيطرة عليها، بعد أن تخلص من هيمنة الكنيسة الكاثوليكية، قبل عصر النهضة، التي كانت ترى أن غاية البحث هي فهم كلمة الإله في الكون. وعين الضلالة عندها هي: البحث عن الحقيقة في غير الكتاب المقدس، حيث يقول أحد الآباء: "لو كان هناك احتمال للوصول إلى الحقيقة عن طريق البحث والدراسة، لكنا قد توصلنا إليها من زمن بعيد، وبما أنه لم يتوصل إليها برغم ما ضاع في سبيل ذلك من وقت وجهد، فمن الواضح الجلي إذاً أن الحكمة والحقيقة لا وجود لهما "(59).

وقد استخدمت الكنيسة العنف في سبيل حمل العلماء على اعتناق هذا المبدأ، مما ولد عندهم ردة فعل ضدها، فاستبدلوا مبدأ آخر بمبدأ الكنيسة فحواه: أن المعارف يجب أن تنمى عن طريق ما يمكن أن يلاحظ، أو ما يمكن جعله قابلاً للملاحظة. . وكانت الروح المميزة للقرن الثامن عشر، هي روح المشاهدة، والدقة، والمراقبة، وإجراء التجارب، واستنباط القوانين العامة الواضحة والدقيقة، وكما يقول أحد المؤرخين:

"لقد انشغل الناس بالمنهاج المعصوم من الخطأ "المنهج العلمي"، وخُيل إليهم أنه لم يبق من مهمة سوى أن يسحبوا المنهاج العلمي الذي ولد على يدي ديكارت (61) ونيوتن (62)، ليغطي تلك المناطق التي لا تزال خاضعة للخرافات وعدم الانتظام "(60).

ونظراً لنجاح المنهج العلمي في كشف الظواهر الطبيعية، فقد أفترض أن هذا المنهج سيحقق نفس النجاح في كشف حقائق الظواهر الاجتماعية، لأنها طبيعية يجب إخضاعها لنفس المنهج، حتى يمكن التحكم فيها. ومن هنا بدأ العلماء يدرسون الظواهر الاجتماعية بالمنهج العلمي السالف، وأصبح هذا المنهج ركيزة من ركائز علم الاجتماع، تقاس قيمة الأبحاث، بقدر تمسكها به. وعلى كل حال، فقد سيطرت الفكرة القائلة: بأن نجاح علم الاجتماع خاصة، والعلوم الاجتماعية على وجه العموم، وتقدمه، رهن بقدرته على استخدام مناهج العلوم الطبيعية، وطرق البحث فيها، وبخاصة استخدام القياس، والإحصائيات، والاستبيانات، والجداول، وغيرها.

ومن هنا فقد كثر الحديث عن المقارنة بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية، الذي ينتهي غالباً بتأكيد أن الفرق بينهما هو فرق في الدرجة فقط (63).

بمعنى أن العلوم الاجتماعية، ستصل يوماً ما إلى ما وصلت إليه العلوم الطبيعية، من دقة، فهذا أحدهم يقول: "إن المنهج العلمي إنما ينحصر في المشاهدة، والتجريب، مشاهدة الوقائع البسيطة، لا الغليظة (المعقدة) حيث إن الواقعة العلمية هي التي يمكن إجراء التجارب عليها " (64).

ويقول آخر: "إن المعرفة التي لا يمكن قياسها، هي معرفة هزيلة، وغير مقنعة "(65).

والحقيقة أن الاقتناع السابق بضرورة دراسة الظواهر الاجتماعية بالمنهاج العلمي، ظهر تدريجياً، ولم يظهر دفعة واحدة، فلما جاء كونت أعلن علمية علم الاجتماع، ووضعه على رأس القائمة عند تصنيفه للعلوم، واعتبره علماً طبيعياً. فقد كان يقيس الأشياء جميعها بمقياس العلم، الذي يعتبره الصيغة الوحيدة للمعرفة الإنسانية. وقد رفض اعتبار اللاهوت والميتافيزيقا مجالات للمعرفة، بناء على أنه لا يمكن تبرير ما تدعيه من معرفة، بمنهج البحث العلمي(66).

وهذا أمر طبيعي أن يصدر من رائد الوضعية، التي تكتفي بملاحظة الظواهر المحسوسة فقط.

ويمكن تحديد الملامح العامة لمنهج كونت في القضايا الرئيسة التالية:

1- إن الحقيقة تنحصر في كل ما هو متاح أمام إدراك الحواس.

2- إن العلوم الطبيعية والاجتماعية تشترك في أساس منطقي ومنهجي واحد.

3- أن ثمة فرقاً جوهرياً بين الواقع والقيمة، فالعلم يتعامل مع الواقع فقط، وأما القيمة فإنها تعكس نظاماً للظواهر، يتميز باختلافه التام، وخروجه عن نطاق العلم(67).

وهذه الدراسة الوضعية للظواهر الاجتماعية، التي أكدها كونت، صارت فيما بعد عقيدة أساسية في المناهج الاجتماعية المعاصرة. حيث يحذر الباحثون من الوقوع تحت طائلة التعصب لأقوامهم، أو أديانهم، أو وجهات نظرهم الخاصة. ويكتفون فقط باستنباط افتراضاتهم ونظرياتهم من النتائج التجريبية فحسب. وعليه، فما لا يمكن تحقيقه بالتجربة، فهو تأملي تماماً كما يفعل علماء الطبيعة (68).

ولعل "دوركايم " كان أكثر علماء الاجتماع اجتهاداً في تحديد كيفية دراسة الظواهر الاجتماعية، وقد ألف كتاباً في هذا الموضوع سماه: "قواعد المنهج في علم الاجتماع "، حدد فيه خواص الظاهرة الاجتماعية. ثم بين القواعد الخاصة بملاحظة الظواهر الاجتماعية.

وقد كانت أولى القواعد، وأكثرها أهمية -على حد تعبيره- هي أنه يجب ملاحظة الظواهر الاجتماعية على أنها أشياء.

ويعني بذلك أن على عالم الاجتماع أن يسلك مسلكاً شبيهاً بالمسلك الذي ينهجه كل من عالم الطبيعة والكيمياء، أو وظائف الأعضاء، حينما يأخذ في دراسة بعض الظواهر، التي لم تكتشف بعد في دائرة اختصاصه العلمي (69). وذلك على أساس أنها أشياء تقدم نفسها للملاحظة، كنقط بدء للعمل.

وقد أضاف قواعد متممة لهذه القواعد كانت أولاها: أنه يجب على علام الاجتماع أن يتحرر بصفة مطردة من كل فكرة سابقة(70). ويعني بذلك التحرر من سيطرة الأفكار الشائعة، وإسكات المعتقدات والعادات الأخلاقية مؤقتاً، إلى حين الانتهاء من دراسة الظاهرة. كما يجب عليه أن يزيح عن كاهله تلك الآراء البدهية الكاذبة، التي تسيطر على قعول العامة من الناس، ويحذر قواعد التفكير التقليدي، وهي تلك القواعد التي تنقلب مستبدة قاهرة في نهاية الأمر، وذلك بسبب شدة إلفه إياها. وإذا اضطر إلى استخدامها، فلا بد أن يتذكر أنها قليلة الجدوى، حتى لا يعطيها أكبر من حجمها أثناء بحثه(71).

ويقول أحد أساتذة علم الاجتماع عن جهود دوركايم في ترسيخ المنهج العلمي في علم الاجتماع: "وجدير بالذكر أن دوركايم حين يسعى إلى إقامة علم الاجتماع على أسس علمية، إنما هو في الحقيقة يعيد صياغة أفكار سبقه إليها سان سيمون، وكونت، وسبنسر، ولكن الشيء الوحيد الذي يؤكده دوركايم: هو أن هؤلاء لم ينجحوا في فصل علم الاجتماع عن الفلسفة والتصورات الميتافيزيقية.

فهو وإن كان يؤمن بالمنهج الوضعي، إلا أنها ليست تلك الوضعية الميتافيزيقية، التي تبناها كونت، وسبنسر، حيث نظرا إلى الظواهر الاجتماعية بوصفها تسير عبر خط تطوري وتقدمي واحد (72).

ويعني هذا أن دوركايم أوغل في علمية علم الاجتماع، إلى درجة أبعد مما وصل إليه كونت.

وامتداداً لدراسة الظواهر الاجتماعية بالمنهج العلمي، ظهرت النظرية الوضعية المحدثة في علم الاجتماع، التي اعتبرت المناهج غير الكمية في دراسة السلوك الإنساني شديدة السطحية، على خلاف المنهج الكمي الذي يعتبر العد والقياس منهجاً لا غنى عنه للبحث العلمي في أي ميدان.

وعلى كل حال فإن علم الاجتماع، لم يتجاوز ما وضعه له كونت من أسس، بالرغم من تعدد نظرياته. فهذه النظريات جميعاً تؤكد علميته نفسها. وتتفهم تلك العلمية كاعتماد على المحسوس دون غيره. وكما يقول تيماشيف: "فلقد كان الهدف الأساس للرعيل الأول من علماء الاجتماع، هو إرساء الدعائم العلمية لدراسة المجتمع. ونحن نعتقد أن أغلب علماء الاجتماع خلال مراحل تطوره المختلفة، كانونا يسعون إلى تحقيق هذا الهدف (73).

أوجه الاعتراض على هذا المعيار:

يمكن حصر الاعتراضات على هذا المنهج، في ثلاث نقاط:

1- خطأ التسوية بين الظاهرة الطبيعية، والظاهرة الاجتماعية.

2- الحياد حيال القيم.

3- عدم الواقعية في هذا المعيار.

و نبدأ بالاعتراض الأول:

1- خطأ التسوية بين الظاهرة الطبيعية، والظاهرة الاجتماعية:

لقد كان الخطأ الأساس في المنهج العلمي الذي تبناه علم الاجتماع، هو التسوية بين البحث في الظاهرة الاجتماعية والظاهرة الطبيعية، علماً بأنه لا مجال للاتفاق بينهما، فبينما يمكن الوصول إلى حقيقة الظاهرة الطبيعية، حين تنفصل عن سياقها الزماني والمكاني، الذي تقع فيه، فإن الوصول إلى حقيقة الظاهرة الاجتماعية، يستحيل، حيث تجرد من سياقها الزماني والمكاني، وحين تسلب من محيطها الديني الخلقي والاجتماعي الذي يتحكم في حركتها(74).

إن أي ظاهرة إنسانية، اجتماعية كانت أو فردية، لا تتكون من عناصر مادية خالصة، يمكن ملاحظتها بالحواس، ومعرفة كمها وقياسها، بل هناك عناصر أهم تتدخل في تكوينها والتحكم فيها وهي العناصر المعنوية والروحية، ولا يكتمل وصف الظاهرة الإنسانية دن الرجوع إليها، كما لا يمكن ردها إلى المحسوس، ولا يمكن عزلها ولا فصلها عن محيطها. كما لا يمكن أيضاً إخضاعها للقياس الكمي الذي لا يعرف العلم غيره، ولا تخضع لقانون ثابت أبداً، وفي هذا المجال يمكنني أن أضرب هذا المثال:

إن الشعور بالفقر والحرمان والإخفاق، قد يسلم صاحبه إلى اليأس والقنوط من الحياة، ومن ثم الانتحار هرباً من مشاكله. كما يؤدي بإنسان آخر إلى الجد والاجتهاد والثبات، وحضور المل، وبالتالي قهر المشاكل والتغلب عليها.

ومرد ما سبق إلى اختلاف الشخصين في مدى حظهما من الإيمان العميق، وسلامة الشخصية، وسداد التفكير، ونوع التربية (75).

ومن ناحية أخرى، فإن الظواهر الاجتماعية لا تتشابه، بل تختلف باختلاف الجماعات الإنسانية، حيث تعتمد على تقاليد الثقافة والدين، وعلى الهوى الشخصي والجماعي، الذي لا يمكن تحديده بشكل شامل (76).

ومن هنا فإن تحديد مادة العلم بما يمكن رصده وقياسه، يعتبر انتقاصاً لجانب الحقيقة، التي تشتمل على جانب آخر لا يقاس.

فعلماء الاجتماع الذين يتمسكون بالمنهج العلمي، كما ورد سابقاً يؤمنون بعالم الشهادة فقط، وهو العالم الذي تدرك الحواس جزئياته في الحياة الأرضية، وما يحيط بها من كون مادي، ولا شيء قبل هذا الكون المادي المشاهد، ولا شيء بعده، فلا يعالج ما وراء الطبيعة، ولا يتعامل مع عالم الغيب، كما يرفض الوحي السماوي بصورة مطلقة، ويهدم حقيقة النبوات والمعجزات، ولا يؤمن إلا بما هو محسوس.

أمثلة على التسوية بين الظاهرتين:

نظراً لاعتماد علم الاجتماع على المنهج العلمي، الذي يسوي بين الظواهر الاجتماعية والظواهر الطبيعية، مع خطأ التسوية بينهما، فقد كثرت الأخطاء في البحوث الاجتماعية، خصوصاً عند تناولها للدين.

ولعله من المناسب هنا أن نورد رأي محرر دائرة معارف العلوم الاجتماعية، عند حديثه عن الدين، لنوضح أن المنهج العلمي عند علماء الاجتماع الغربيين، ليس كاملاً بل ينقصه التعامل مع عالم الغيب.

فقد رأى أنه يمكن تشبيه "الدين " بـ "الفن "، فكما أن بعض الناس يتمتعون بقوة غير عادية في التذوق الفني، كذلك ينفرد بعض الناس بخصائص "العيون والآذان الداخلية "، يلتقطون بها ما لا يتمكن الإنسان العادي من سماعه أو رؤيته. وهذا الشيء هو الذي قاد الإنسان إلى تجارب الدين(77).

ويكتب آخر: "إن خصائص الدين المتعلقة بما بعد الطبيعة، لا معنى لها إذا نظرنا إليها بمفهومها الديني. أما إذا أعطينا هذه الحقائق لغة المجاز، فإنها قد تصبح ذات معنى مثلما نقول على شخص ما إذا اكتشف شيئاً جديداً: "لقد كان هذا إلهاماً"، فهكذا "يتنزل" الإلهام على الشاعر، وكذلك على النبي "(78).

ويرى أيضاً أن الوحي، لا معنى له إذا نظرنا إليه على أنه كلمات الله التي نقلها أحد الملائكة إلى إنسان مخصوص. بل إن أمر الوحي يكون مفهوماً لو قلنا عنه: إنه "ضوء البصيرة الداخلية ". لأننا نعرف أن الفنان أو المفكر كليهما تخطر له بصورة خاطفة، أفكار من نوع ما، وهكذا الحياة بعد الموت، يمكن فهمها في لغة تمثيلية، أما إذا نظرنا إليها بالمفهوم اللفظي الظاهري، فإنها تصبح بدون معنى، وذلك لأننا نعرف أن الجسم تنتشر أعضاؤه بعد الموت، وتنتهي معه الروح، ففي ضوء هذا الأمر تكون الحياة بعد الموت غير مفهومة بمعناها اللفظي (79).

ولعل من أشهر من درس الدين من علماء الاجتماع "دوركايم "، الذي ألف كتاباً بعنوان "الصور الأولية للحياة الدينية " عام 1912م، حاول فيه تطبيق المنهج العلمي السابق على دراسة الدين في أكثر صوره أولية.

والحق أن أصل الدين، لا يمكن أن يستخلص من دراسة مجموعة الطقوس والشعائر الدينية، حين تدرس بمنهج الملاحظة الاجتماعية أو الأسلوب الإحصائي، أو دراسة الحالة، أو المسوح الاجتماعية، وغيرها من مناهج علم الاجتماع، وأي دراسة من هذا القبيل لا تستعين بالوحي، فإنما هي ضرب من الحدس والتخمين، لا تمتُّ إلى العلم بصلة، وذلك لأنه لا سبيل إلى البحث في أصل الدين ونشأته عن طريق التجربة، والبحث العلمي، لبعده عن حيز المشاهدة، وارتباطه بالزمن الماضي البعيد، لذلك فلا مندوحة عن استعمال التأمل والتفكير المجرد، الذي كثيراً ما تندس خلاله العناصر الشخصية، غير العلمية، بحيث تسيطر على الباحث فكرة سابقة، لا يستطيع التخلي عنها حتى ولو حاول، فإذا انطلق الملحد ليبحث في أصل الدين، فلا يمكن أن يتحرر من فكرته عن الدين. وكذلك من يحمل فكرة خاطئة عن الدين، كعدم التمييز بين السحر والدين، أو عدم التمييز بين وجود الله في ذاته، وفكرة الإنسان عن الله وعقيدته به.

وغالبية علماء الاجتماع من الغربيين، لا يستطيعون التخلص من ردة الفعل، التي أحدثتها عندهم المسيحية المحرفة، حيث أورثتهم عداء للدين عامة، نتيجة لطبيعتها في ذاتها عندما حرفت، ونتيجة لمحاربتها للعلم وأهله، ومصادمتها للعقل. ومن هنا فقد كانت بحوثهم عن أصل الدين خاطئة ومضللة، ومخالفة لحقائق القرآن الكريم.

وعلماء الاجتماع يسوون بين نوعين من الموضوعات والنظريات والحقائق في البحث، مع اختلافهما الواضح، ومن المهم جداً التفريق بينهما:

1- الحوادث الاجتماعية التي هي تحت سمعنا وبصرنا، مما يمكن مشاهدته، وجمعه، ودراسته، ووصفه، وتصنيفه.

2- الأمور التي لا يمكن إخضاعها لطرائق البحث العلمي الدقيق، وذلك كالبحث في نشأة الأديان، وأصول اللغات، وما إلى ذلك (80).

فالأمر الثاني تحدثنا عنه فيما سبق، وعرفنا كيف تخبط علما الاجتماع في دراسته. وقد كثرت فيه النظريات واختلفت، وجميعها لا تمتُ إلى العلم بصلة. وينبغي أن ننبه هنا إلى أن موضوعاً كالظواهر الدينية بالنسبة لكل دين عند المؤمنين به، وذلك كالفرق الإسلامية مثلاً، لا تعتبر من هذا الصنف، بل تكون مندرجة تحت الصنف الأول، وكذلك تطور اللغات وأصواتها ومعاني مفرداتها وتراكيب جملها، فإنها من الأمور المشاهدة التي يمكن جمعها والنظر فيها، ومقارنة بعضها ببعض.

وأما بالنسبة للصنف الأول، فإنه يمكن دراسته، والوصول فيه إلى نتائج صادقة وصحيحة، إلا أنها لا تبلغ ما تبلغه نتائج البحوث الطبيعية من صدق وصحة. علماً بأن المنهج المتبع حالياً لا يخلو من ملاحظات.

ويمكننا أن نلخص ما سبق في: أن مصدر المعرفة بالواقع الاجتماعي، لا يقتصر على المنهج العلمي المتمثل في التجريب والتحليل وحده، بل هناك مصادر أخرى لاكتساب المعرفة، أهمها الوحي، إضافة إلى الإلهام والحسد، كما أن الواقع الاجتماعي نفسه، ليس مقصوراً على الشاهد المحسوس فقط، بل إنه يشتمل على المعنويات والروحانيات التي لا تحس ولا تقاس. وإذا قصرنا الواقع على ما يلاحظ ويحس، فإننا بذلك نستبعد القيم الأخلاقية والدينية، التي تعتمد على معايير محددة سلفاً.

2- الحياد حيال القيم:

إن المنهج العلمي يؤكد الحياد حيال القيم من قبل الباحث، حتى لا تغطي عقيدته الموجهة، وأمانيه ورغباته على حقيقة الواقع الاجتماعي، تحقيقاً للموضوعية الكاملة. وليس معنى هذا أن عالم الاجتماع شخص بلا قيم، ولكنه يعني - كما يرى علماء الاجتماع - أن يبذل الباحث جهداً لكي يعلق قيمه كما يعلق معطفه، فما دام خاضعاً لاعتبارات الخطأ والصواب، فإن تصوراته ومقاييسه الخاصة عن الحقيقة، سوف تتسلل إلى بحوثه وتحليلاته الاجتماعية. وقد خصص عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، جزءاً كبيراً من اهتمامه لمعالجة هذا الموضوع، وقد شدد على الابتعاد عن خطر الأحكام الأخلاقية، التي تعتبر من مشوهات نتائج الدراسة، وذهب إلى أكثر من هذا حين دعا إلى الإقلاع عن كل فكرة إصلاح، أو تقويم، فعالم الاجتماع في رأيه ليس مصلحاً اجتماعياً ولا نبياً. وأكثر ما يجب عليه هو أبحاث تفيد المعرفة كمعرفة (81).

فليس من حق الباحث في علم الاجتماع، أن يصدر أحكاماً تقويمية، فيقول: بأن هذا السلوك أو هذه الظاهرة صحيحة أو معتلة، ويجب تقويمها أو المحافظة عليها.

وبذلك تكون مهمة عالم الاجتماع: الملاحظة، والوصف، والتحليل، والتفسير فقط، ولا يجوز له أن يعدوها إلى إيرها، كأن يقف موقفاً نقدياً، أو أن يبدي وجهة نظر معينة، أو يصدر حكماً تقويمياً.

ومع أن هذه الدعوة مستحيلة التحقق، نظراً لأن مواضيع علم الاجتماع تتعلق، بالنسبة لأي باحث، بميوله، ورغباته، وعقيدته، وحبه، وبغضه، إلا أنها تشكل مبدأ هاماً من البحث في علم الاجتماع، وعلى حد تعبير جولدتر فقد اتخذت هذه الدعوة شكل وصية تقول: "لا تصدر حكماً تقويميا ً"، وهي وصية تمتلئ بها الآن كل الكتب المدرسية (82).

ونظراً لأن علم الاجتماع يأمر الباحث بإخفاء عواطفه وميوله ومعتقداته، في سبيل الوصول إلى الحقيقة، "التي يظن أنها خارج الذوات والرغبات والمعتقدات، وأنها لا علاقة لها بما يشعر به الإنسان، أو يدركه، أو يحياه، بل هي في عالم منفصل عن الإنسان، وتدرك عن طريق التجربة والملاحظة "، فإن علم الاجتماع، في نظر علمائه، يؤدي خدمة جليلة، وذلك بتوعيتنا بنسبية القيم والأخلاق، وأساليب السلوك الشائعة في عالمنا الإنساني. وإدراك هذه الحقيقة هو بداية الطريق نحو إكسابنا القدرة على فهم القيم، وأساليب السلوك الشائعة، عند أبناء مجتمعات وثقافات غريبة عن مجتمعنا وثقافاتنا، وتمكيننا من الإحساس بحقيقة مشاعر غيرنا من البشر. ويعني هذا: التخلي عن الشعوبية، ومشاعر التمركز حول السلالة (83).

ويعني هذا أيضاً في النهاية: تلك العبارات التي ذكرها عالم الاجتماع الأمريكي "ويليام سمنر (84)، ومؤداها، أن الأعراف تصنع الصواب"، وكان يقصد بذلك أن مفاهيم الصواب والخطأ والخير والشر تعتبر نسبية، وأن الذي يضفي عليها النسبية، هي المعايير والعادات الشعبية السائدة في نظام اجتماعي معين. فالزنا يعتبر سلوكاً انحرافياً يوجب العقوبة التي تصل إلى حد القتل في مجتمعنا، ولكنه لا يعتبر كذلك في مجتمعات أخرى، فمصر القديمة مثلاً كانت تنظر إلى الاتصال الجنسي بين أبناء الصفوة، بوصفه سلوكاً لا يخضع للتحريم (85).

وعندما يعلق عالم الاجتماع قيمه، كما يعلق معطفه، فإنه يتحاشى البت في مثل عادة بعض قبائل الأسكيمو "الذين يعلقون الرجل المسن الذي يعجز عن الصيد، على حائط، أو يلقون به في البحر ليموت "، من ناحية الصواب والخطأ، ويكتفي بالقول: إن مستويات الصواب والخطأ، والحسن والرديء، تنسب إلى الثقافة التي تظهر فيها، فما يكون صواباً في مجتمع ما، قد يكون خطأ في مجتمع آخر. فقتل الأطفال الذي توافق عليه بعض الجماعات تحت ظروف خاصة، يعتبر إجراماً في جماعات أخرى، والعفة قبل الزواج مطلوبة في أحد المجتمعات، وغير مستحبة في الآخر. و بناءً على ذلك، فإن الصواب والخطأ يعتمدان على ما يتقبله الناس على أنه كذلك، ويصبح بإمكان الثقافة أن تجعل أي شيء صواب أو خطأ، بالنسبة لأعضاء مجتمع معين، ويصبح معنى الأخلاق: "ما هو أخلاقي بالنسبة لنا " (86).

إن الاختلاف بين المجتمعات في معتقداتها وعاداتها ونظمها، واقع يُشاهد ويُوصف. ولكن عالم الاجتماع المسلم لا يختلف عنده الحكم عليها عن وصفها وصفاً حقيقياً مطابقاً للواقع، وذلك لأنه يعتقد اعتقاداً جازماً بأنه يملك الحقيقة المطلقة، وهي الإسلام، الذي ارتضاه الله للناس كافة، فليس الواقع الاجتماعي شيئاً، إذا لم يكن خروجاً على قيم الإسلام، أو دخولاً في قيمه (87) ومن ثم فهو لا يغفل ما ينبغي أن يكون عليه الواقع المدروس: ((كُنتم خير أمّةٍ أخرجتْ للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عنِ المُنكر وتؤمِنون بالله ))

[آل عمران:110].

فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من أبجديات إسلام المرء، ولا يعفيه من هذه المسؤولية كونه عالم اجتماع، أو اقتصاد، أو طب، أو هندسة، بل الجميع يتحملون مسؤولية جعل كلمة الله هي العليا. وإن المسؤولية لتتضاعف إذا علمنا أن "العلماء ورثة الأنبياء "، وقد بعث الله الأنبياء والرسل لا لمجرد التبليغ والإعلام فقط، بل لطاعتهم فيما جاءوا به، ((وما أرسلنا مِن رّسولٍ إلاّ لِيُطاع بإذنِ الله )) [النساء:64].

فمهمتهم هداية الناس لمنهج الله، وكذلك العلماء يتحملون هذه المهمة بعد أن ختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي.

وما كان الأنبياء يكتفون بوصف ومعرفة أحوال المجتمعات، بل كان كل منهم رافضاً لكل انحراف، وداعياً إلى ما يحمله من خير:

((وَلقد أرسلنا نوحاً إلى قومِه إنّ لكم نذيرٌ مبينٌ، ألاّ تعبدوا إلا الله )) [هود:25-26].

((وإلى عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم مِّن إلهٍ غيره )) [هود:50].

((وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ))[هود:61].

((وإلى مدْين أخاهم شُعيباً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المِكْيال والميزان )) [هود:84].

إن عالم الاجتماع المسلم له أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فهو مشغول دائماً بقضية الإسلام، سواء بدعوة غير المسلمين إليه، أو رصد حركة المجتمع المسلم السلبية والإيجابية، فيقوّم السلبي، ويعزز الإيجابي. فهو لا يقف عند فهم وتحليل الوضع الاجتماعي فحسب، بل يتعداه إلى تغييره وتحويله إلى وضع يقوم على هدي الإسلام الحنيف. فهو ناقد، ومقوم في الوقت نفسه، إضافة إلى أنه علمي في منهجه، لا يكف عن البحث عن الحقيقة.

3- عدم الواقعية في هذا المعيار:

في ملاحظاتنا السابقة على المنهج العلمي في علم الاجتماع، لاحظنا الحرارة الزائدة عند الحديث عن قيم الباحث وحياده حياله، وفي هذه الملاحظة نتساءل: هل طبق علماء الاجتماع الغربيون هذا المبدأ؟

لقد كشف علم اجتماع المعرفة، عن تداخل مجموعة كبيرة من العوامل المرئية وغير المرئية في تشكيل فكر الباحث. فالباحث لا يستطيع الانفلات من معتقداته وقيمه،والظروف المحيطة به، بل إنها تؤثر تأثيراً كبيراً لا على رؤيته للحقيقة الاجتماعية فحسب، بل حتى على انتقائه لموضوعات دراسته. وإذا عرفنا أن عالم الاجتماع يبحث المواضيع المتصلة بالقيم والدين والمعتقدات، وكذلك مواضيع أنظمة الحكم، والأسرة، والاقتصاد، والاجتماع، عرفنا إلى أي درجة يلتصق عالم الاجتماع بموضوعات بحثه. وإنه لا يمكن إلا أن يكون إنساناً عادياً تجاهها. فكما أن الإنسان العادي يتأثر بأوضاعه الدينية والاقتصادية والأسرية، فكذلك عالم الاجتماع لا يمكن أن يتحرر من كل ذلك.

لقد أكد "جون ديوي (88) أن الإدراك، وهو أول ثمرة للملاحظة الحسية، لا يمكن أن يكون محايداً، وإنما يتأثر دائماً بخلفيات الملاحظ السابقة، وحظه من المعرفة، وبذكائه "(89).

ومن هنا، فإن أحكام الباحثين تتأثر بنظرياتهم، وفروضهم، وخلفيتهم المعرفية، وهذا هو السبب الذي دعا روبرت مرتون (91) لأن يعترف بأن في الولايات المتحدة خمسة آلاف عالم، لكل واحد منهم علم الاجتماع الذي يخصه (90) وحده، وذلك نتيجة تعدد العقائد الخاصة بكل عالم، رغم انتماء غالبيتهم إلى عقيدة المجتمع الرأسمالي.

ورغم اعتراف ميرتون السابق، واعتراف غيره بتعدد علوم الاجتماع، فإنه يذهب مع غيره من العلماء مثل لا زارس فيلد، وتالكوت بارسونز (92) إلى أنهم يعتبرون أنفسهم علماء اجتماع علميين، يقومون بدراسات نظرية وأمبريقية بحتة، لا علاقة لها بعقيدة سياسية أو غيرها. ومع هذا فإن الواقع يكشف عن أن الدراسات التي قام بها عالم غربي في مجتمع غربي، هي بالضرورة غربية، لا تنطبق على مجتمعات المسلمين.

ومن ناحية أخرى، فإن علماء الاجتماع، لم يكونوا منعزلين، رغم ادعاءاتهم السابقة، عن عقائد الغرب السياسية والفكرية، بل كانوا مخلصين في خدمتها. يكشف هذا بجلاء ، علم الاجتماع في عهد الاستعمار، فقد كان ذا نزعة استعمارية.

فالدراسة المقارنة للإدارات الاستعمارية، والثقة الكبيرة في التحليلات الاجتماعية، والدراسة المنهجية للمجتمع، والدين، والمؤسسات، واقتصاد المنطقة، التي يراد استعمارها، كل ذلك جعل من الممكن إقامة الاستعمار على أساس علمي، يخفف كثيراً من الخسائر التي تلحق بالدول الاستعمارية فيما لو سلكت سبيل الهجوم والطعنات الخاطفة. فبواسطة علم الاجتماع الاستعماري، يمكن تسجيل نقط ضعف المجتمع واستغلالها، وتسجيل نقط القوة وإضعافها، أو تحييدها. ويمكن أن نمثل على ذلك بالجهود التي بذلت في أواخر القرن الماضبي، وأوائل هذا القرن في دراسة المغرب العربي من قبل الاستعمار الفرنسي.

المعيار الثاني
الارتباط الوثيق بالفلسفات والعقائد المختلفة

يشكل ارتباط علم الاجتماع بالعقائد والفلسفات المختلفة، عائقاً كبيراً أمام الاستفادة الكاملة من علم الاجتماع. وقد اتضح بجلاء أن علماء الاجتماع يقدمون أبحاثاً تخدم المعرفة، بل أنهم يخدمون أوضاعهم وعقائدهم (93).

والدليل الأكبر على ذلك انقسام علم الاجتماع إلى قسمين هما علم الاجتماع الماركسي، وعلم الاجتماع الغربي الليبرالي. وطبيعة هذا الانقسام تعود بالدرجة الأولى إلى التصورات العقدية والأطر الفكرية للباحثين حول الإنسان، والمجتمع،والتاريخ، ولقد أكد جولدتر وغيره "أن أغلب النظريات في علم الاجتماع المعلنة ذات طابع فلسفي. بمعنى أنها ليست سوى تبريرات عقلية، لبعض الفروض الخلقية التي يقتنع بها الباحث "(94).

كما أكد "أ.ك أوتاواي " في كتابه "التربية والمجتمع ": أنه من المستحيل الكتابة في علم الاجتماع، دون التعرض للأسئلة المتعلقة بطبيعة الإنسان ومعنى الحضارة، ولا يمكننا أن نتجنب بعض مسئوليتنا في تحديد الاتجاه الذي نعتقد أنه يجب على المجتمع أن يتطور فيه (95).

وعلى هذا، فإن لكل من الفلسفة الماركسية والفلسفة الوضعية، مذهب في علم الاجتماع، يتناسب مع مقولاتها، ويبني على آرائها، ويقوم أولاً وأخيراً على الوقائع المحسوسة، وإنكار الغيب، وما وراء الطبيعة.

علاقة علم الاجتماع بالوضعية واللادينية:

لقد تركت التطورات الفكرية والفلسفية في المجتمع الغربي نقاشاً حاداً بين المفكرين والمصلحين حول طبيعة النظام الذي يجب أن يسود، وانقسم الناس تبعاً لذلك إلى فريقين: فريق يطالب بالتغييرات الجذرية، التي تقضي على القديم، وفريق يطالب بالحفاظ على القديم وعدم الإضرار به(96).

وعلى هذا فقد كان النظام الأمثل، مسرحاً لعراك فكري بين أنصار فلسفة التنوير، وبين الرومانسية المحافظة، وبمعنى آخر كان العراك قائماً بين دعاة التقدم، وبين دعاة النظام، "فدعاة النظام يذهبون إلى أن المشكلة ترجع إلى تحطيم النظام القديم، بينما يذهب دعاة التقدم، وهم الثوريون، إلى أن الأزمة ناتجة عن أن النظام القديم، لم يحطم تحطيماً كاملاً "(97).

وفي هذه الأجواء ظهرت الفلسفة الوضعية، مرتدية ثوب العلم وحده، وكما يقول "جولدتر ": ظهر جيل جديد لم يناصر الأيديولوجية الثورية، ولكنه لم يناهضها، وتأثر هذا الجيل بتطور العلم السريع. وقد اتصف هذا الجيل بصفتين: القدرة على الانفصال عن الأطر الفكرية السائدة من ناحية، والاستعداد للتأثر بنسق فكري جديد من ناحية أخرى.

لقد أحس هذا الجيل بالحاجة إلى أيديولوجية تضفي على العلم صورة رومانسية، وتتفق في نفس الوقت مع النظرة العلمية الجديدة. فكانت الفلسفة الوضعية هي ما قدمه ذلك الجيل. وقد ظهر من خلالها علم الاجتماع وهو الذي تقبلها ونشرها(98).

وانطلاقاً من هذه الفلسفة، صاغ "كونت " مصطلح "علم الاجتماع " وأدرجه ضمن تصنيفه للعلوم، الذي يبتدأ بالرياضيات، وينتهي بعلم الاجتماع، الذي أضفى عليه أهمية فائقة، فقد كتب يقول: "لدينا الآن فيزياء سماوية، وفيزياء أرضية ميكانيكية أو كيميائية، وفيزياء نباتية وفيزياء حيوانية. وما زلنا بحاجة إلى نوع آخر وأخير من الفيزياء وهي الفيزياء الاجتماعية، حتى يكتمل نسقنا المعروف عن الطبيعة، وأعني بالفيزياء الاجتماعية، ذلك العلم الذي يتخذ من الظواهر الاجتماعية موضوعاً لدراسته، باعتبار هذه الظواهر من نفس روح الظواهر الفلكية، والطبيعية، والكيميائية، والفسيولوجية، من حيث كونها موضوعاً للقوانين الطبيعية الثابتة "(99).

لقد آمنت الوضعية بمنهاج العلم التجريبي، ورفضت أي قضية لا تثبت بهذا المنهج، وذلك محاولة منها لغرس العقلية التي لا تفكّر إلا باصطلاحات علمية، وترفض قضايا الدين التقليدي، والغيبيات بكل بساطة على أساس أنها غير علمية.

ومن ناحية أخرى، فقد أثرت الوضعية على الاتجاهات النظرية التي سادت فيما بعد، فعلم الاجتماع الذي دعا إليه كونت، هو الذي أصبح علم الاجتماع السائد في الجامعات في أوروبا الغربية، والذي وصل إلى قمة تطوره التنظيمي في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد كان الاتجاه البنائي الوظيفي هو الوليد الأكبر للوضعية. فهو لا يعدو أن يكون صياغات جديدة لأفكار ومسلّمات تنتمي إلى المؤسسين لعلم الاجتماع الوضعيين العضويين. لذلك فهو يعتمد على فكرة النسق العضوي، التي اعتمدت عليها النظريات العضوية.

ومع أن من أهم مظاهر علم الاجتماع الحديث تعدد الاتجاهات النظرية، إلاّ أنها تتغذى على المذاهب الفلسفية، التي من أهمها الوضعية والتطورية، وكذلك البرجماتية.

وقد اختلطت الوضعية والتطورية في دراسات علماء الاجتماع التي تتبع مسيرة الإنسان الفكرية والاجتماعية، حيث ساروا على خطى "كونت " الذي أعلن أن هدف علم الاجتماع عنده هو : "اكتشاف سلسلة التحولات الثابتة المتتابعة للعنصر الإنساني، الذي بدأ من مستوى لا يرقى عن مجتمعات القردة العليا، وتحوّل تدريجياً إلى حيث يجد الأوروبيون المتحضرون أنفسهم اليوم "(100).

وكما يتضح من هذه العبارة، فإن علم الاجتماع يضع المجتمع الغربي في القمة، ويسعى جاهداً إلى أن تحذو المجتمعات الأخرى حذوه. وهذا بالفعل ما أكدته النظريات والقوانين، التي توصّل إليها علماء الاجتماع "قديمهم وحديثهم "، حيث ركزت على مسيرة الإنسانية، خلال عمرها المديد، مؤكدين سيرها نحو الأحسن الذي يتمثل في حياة الإنسان الأوربي المعاصر.

وقد كان لفكرة التطور، التي انتشرت في أوروبا خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر، إضافة إلى فلسفة التاريخ، والإيمان المتزايد بقيمة العلم ومنهجه، الأثر الكبير في أن يتتبع علماء الاجتماع مسيرة الحياة الاجتماعية والفكرية، ويقدموها في شكل نظريات وقوانين.. من هذا القبيل، دراسة كونت الشهيرة عن قانون التقدم البشري، والذي عرف بقانون الحالات الثلاث.

لقد صرح "كونت" بأن الدين قد استنفد موضوعه، ولم يعد هناك ما يبرر وجوده، وقد أفسح المجال الآن للعلم الوضعي الذي حلّ محله، بل إنه رأى أن سبب الفوضى وعدم النظام يعودان بدرجة كبيرة إلى أن الفكر الديني والميتافيزيقي، لا يزالان يعيشان جنباً إلى جنب مع الفكر الوضعي، في حين أنه من المفروض أن يفسحا المجال له.

ويلاحظ على هذه النظرية ما يلي:

1- الإيمان بفكرة التطور الخطي حيث يحل الجديد محل القديم.

2- اعتبار الدين مرحلة أولى، يناسب العقلية البدائية، ولا يصلح للعقلية المعاصرة.

3- تعميم هذه النظرية وجعلها قانوناً عاماً، مع أنها تاريخ مشوه لمسيرة الإنسان الغربي الفكرية. فالمرحلة اللاهوتية تخص المسيحية الكاثوليكية، والمرحلة الميتافيزيقية تنطبق على فلسفة التنوير، والمرحلة الوضعية هي المرحلة الصناعية الحديثة.

ومن النظريات الحديثة التي سارت على خطى نظرية "كونت "، ما قدمه "سوركين" على أنه نظرية التواتر المتحول، والتي عرضها في مؤلفه الشهير "الديناميات الاجتماعية والثقافية "، حيث رأى أن كل مجتمع من المجتمعات البشرية، يمر بثلاث مراحل، يحكم كل منها نسق معين من الثقافة، ولكل ثقافة عدة مراحل يمر المجتمع بكل منها في خط مستقيم، ثم يتحول إلى الثقافة التي تليها، وهكذا حتى ينتهي من مراحل الثقافة الثلاث، وحينئذ يتحول المجتمع إلى الثقافة الأولى، وهكذا تدون الدورة.

وبغض النظر عن صدق أو عدم صدق هذه المراحل، فإن الملاحظ في هذه النظريات هو النظرة العدائية للدين، حيث تربطه دائماً بالمجتمعات المتخلفة، كما أن كل مجتمع متقدم، يكون قد تخلّص من الدين وثقافته وروابطه.

ويؤكد هذا أيضاً تالكوت بارسونز في نظريته التطورية، التي حاول خلالها أن يوسع نطاقها، بحيث تشمل التاريخ الإنساني بأكمله. وقد حدد ثلاثة مستويات تطورية تتيح كل منها وجود مجتمعات متنوعة ومختلفة:

المرحلة الأولى: وهي "البداية " ، وتنقسم إلى مرحلتين فرعيتين.

فيتميز المجتمع البدائي أولاً، بأن الدين وروابط القرابة يلعبان فيه دوراً بالغ الأهمية. وثانياً يشير النموذج المتقدم من هذه المرحلة، إلى المجتمعات التي تشهد نسقاً للتدرج الاجتماعي، وتنظيماً سياسياً، يقوم على وجود حدود إقليمية آمنة مستقرة نسبياً.

المرحلة الثانية: وهي "الوسيطة "، وتضم أيضاً نمطين فرعيين من المجتمعات:

(أ) المجتمعات القديمة التي تتميز بوجود "تعليم حرفي "، أي تعليم محدود وخاضع لتنظيم وسيطرة الجماعات الدينية في المجتمع.

(ب) النموذج المتقدم من المجتمعات القديمة، كمجتمع الصين والهند والإمبراطورية الرومانية، والدولة الإسلامية، حيث ينتشر ما سمي بالدين التاريخي.

المرحلة الثالثة والخيرة: "المتقدمة "، وتشير إلى المجتمعات الصناعية الحديثة(101).

وتلعب التطورات الحاسمة التي تطرأ على عناصر النسق القيمي، دوراً بارزاً في الانتقال من مرحلة إلى مرحلة.

إن هذه النظريات وغيرها من النظريات التي يعج بها علم الاجتماع، تهدف إلى إقامة فكرة التطور المطلق، وإنكار فطرة الدين والأسرة والزواج (102). وفي هذا نفي لقداسة الدين والأخلاق والأسرة، والتشكيك في قيمها، كما أنها تحمل دعوة لتحطيم الدين باعتباره عاتقاً عن التطور، ومرحلة مضت وانقضت من تاريخ البشرية.

وهي تحمل من ناحية أخرى، إلغاء مفهوم الإسلام القائم على إطار من الثوابت، في داخله حركة وتغيير.

والحق أن علماء الاجتماع يظهرون عداء للدين وأحكامه، الأمر الذي يظهر جلياً في نظرياتهم وأحكامهم. حيث اعتبروا أنفسهم ممثلين للعلم الذي يعتبر مضاداً للدين. وقد كانت المشكلة التي عالجها رواد علم الاجتماع واعتبرها جوهرية، كما قرر ذلك "ريموند أرون "، هي التناقض بين الاعتقاد الديني وبين العلم. "فدوركايم " مثلاً علماني، باعتباره أستاذاً للفلسفة، وقد وجد أن الدين التقليدي، لم يعد قادراً على مواجهة ما أطلق عليه الروح العلمية، كما أن أزمة المجتمع الحديث، هي في أنه لم يستطيع أن يستبدل الأخلاقيات التقليدية القائمة على الدين، بأخلاقيات قائمة على العلم، وكان يرى أن علم الاجتماع يستطيع أن يعاون في إقامة هذه الأخلاقيات (103).

و "باريتو " الإيطالي، كان مصراً طوال حياته على أنه عالم فقط، ولذلك اعتبر القضايا العلمية، هي ما يمكن التوصل إليها عن طريق المنهج التجريبي فقط. وأما غيرها من القضايا، وخاصة الأخلاقية، والميتافيزيقية، والدينية، فليس لها أي قيمة علمية، ومع أنه يؤمن بتأثير الدين في تصرفات الناس، إلا إنه يقول: "المرء لا يستطيع أن يفسر عن طريق المنهج المنطقي التجريبي الوضع القائم للنظام الاجتماعي، دون أن يدمر أساسه.

فالمجتمع يقوم عن طريق المشاعر، التي لا حقيقة فيها، إلا أنها ذات تأثير عظيم. إن عالم الاجتماع إذا كشف للناس ما يجري خلف أنظارهم، فإنه بذلك يخاطر بتدمير أوهام، لا يمكن الاستغناء عنها ". فهو يعتبر الدين أوهاماً لا يمكن الاستغناء عنها (104).

وهذا "ماكس فيبر" الألماني ينظر إلى التنظيم البيروقراطي والعقلاني على أنه قدر المجتمعات الحديثة. وكان يرى التناقض قائماً بين مجتمع يقوم على العقلانية، وبين الحاجة إلى الإيمان. وقد رأى أن الطبيعة كما يفسرها العلم وكما تعالجها التكنولوجيا، ليس فيها متسع لسحر الدين، وأساطيره القديمة. إن الإيمان يجب أن ينسحب ليعيش في عزلة مع الضمير.

ولقد رأى أن أهم ميزة للحضارة الغربية، هي غياب العقلية الغيبية القديمة، وسيادة الروح العقلية الرشيدة، لجميع جوانب الثقافة الغربية(105).

وهذا "ليفي بريل " (106) الفرنسي يسير على خطى الوضعية، فيرفض القول بمعيارية الأخلاق، لأنه رأى أن العلم لا يكون إلا وصفاً للأحداث الخلقية دون أن يتجاوز الوصف إلى تصوير ما ينبغي أن يكون. وقد أنكر عمومية المثل العليا، مستنداً إلى أن التجربة تشهد بأنها تختلف باختلاف الشعوب وعصورها. وزاد على ذلك حين رأى أن الأخلاق التقليدية تقوم على مصادرتين هما:

1- أن الطبيعة الإنسانية واحدة في كل زمان ومكان، ومن هنا أمكن وضع مبادئ عامة للسلوك الإنساني، في حين أن التجربة تشهد بأن طبائع الناس تختلف باختلاف زمانهم ومكانهم.

2- القول بالفطرة المطلقة، في حين أنه يرى أن الضمير وليد التجربة من ناحية، ونسبي متغير من ناحية أخرى.

ولذلك فقد رأى أن الظواهر الخلقية يجب أن تدرس دراسة موضوعية مستخدمة المنهج التجريبي، الذي تعالج به الظواهر الطبيعية المادية، وذلك لمعرفة قوانين الحقائق الاجتماعية، للسيطرة عليها ما أمكن ذلك(107). وهذا الرأي الذي يعتنقه "بريل" هو نفس الرأي الذي اعتنقه من قبله "دوركايم "، حيث حاول إقامة علم للأخلاق على أساس وضعي، فقد نظر إليها نظرة نفعية، وتصورها روابط تشيع التماسك في المجتمع وفي ذلك يقول: "لقد استقر عزمنا على أن تكون التربية الخلقية التي نلقنها لأبنائنا في المدارس، ذات صيغة دنيوية محضة. ونعني بذلك التربية التي لا تستند إلى المبادئ التي تقوم عليها الديانات المنزلة، وإنما ترتكز فقط على أفكار ومبادئ يبررها العقل وحده، أي أنها في كلمة واحدة: تربية عقلية خالصة "(108).

كل ما سبق ذكره يصب في قالب واحد يسمى: "العلمانية "، فقد تغلغلت العلمانية في علم الاجتماع عن طريق منهجه، وتكوين رواده الغربيين العقدي. يقول المستشرق "أربري " عن العلمانية: "إن المادية العلمية والإنسانية، والمذهب الطبيعي، والموضوعية، كلها أشكال للادينية، واللادينية صفة مميزة لأوروبا وأمريكا ".

وفي المعجم الدولي الثالث الجديد، مادة ""Secularism :

"هي نظام اجتماعي في الأخلاق، مؤسس على فكرة وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية على اعتبارات الحياة المعاصرة، والتضامن الاجتماعي، دون النظر إلى الدين "(109).

والعلمانية تعني صراحة، كلفظ في اللغات الأوروبية: "اللادينية " أو "الدنيوية "، وهي تعني ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد(110).

لقد درس علماء الاجتماع الدين على أنه واحد من النظم الاجتماعية الكثيرة الموجودة في المجتمع، مهمته توفير الوحدة الجماعية، كما يقول "دوركايم"، وهذه نظرة تتفق مع الفلسفة الرأسمالية الحديثة، بمعنى أن الدين والدولة شيئان منفصلان تربطهما علاقة تعاون(111).

فمثلاً يذهب أودييه في كتابه المعنون "علم اجتماع الدين "، إلى أن الدين، أحد البناءات النظامية الهامة في أي مجتمع، وأن الدين يختلف عن الحكومة التي تهتم بالسلطة والقوة، ويختلف أيضاً عن النظام الاقتصادي الذي يهتم بالعمل والإنتاج والتسويق، ويختلف عن نظام الأسرة المسؤول عن تنظيم العلاقات بين الجنسين، وبين الأجيال.. كما يرى أيضاً أن الاهتمام الرئيس بالدين يبدو وكأنه اهتمام بشيء غامض، ليس من اليسير إدراك حقيقته الواقعية. أي أن الدين - في نظره - يهتم أصلاً باتجاهات الإنسان نحو ما هو فوقي، والتنظيمات العملية لما هو فوق الحياة البشرية. فلقد حدد الدين على أنه المجسد لكل الإلهامات الرفيعة، كذلك فهو حصن الأخلاق، ومصدر النظام العام، وسلام الفرد الداخلي (112).

والحق، فإن اعتبار الإسلام أحد النظم العديدة في المجتمعات الإسلامية، ليس خطأ فحسب ولكنه تحريف لمعنى الدين الإسلامي. فهو بهذا المعنى لا يتعدى كونه ظاهرة اجتماعية، نشأت من المعيشة في جماعة، ويعادل في أهميته الظواهر الاجتماعية الأخرى التي يعرفها المجتمع.

بينما الحقيقة، أن الدين الإسلامي، بناء شامل يضم جميع الأبنية الفرعية كالاقتصاد، والأسرة، والسياسة، وغيرها من الأنظمة. كما يشمل في الوقت ذاته الإطار التصوري العقدي، ويشمل أيضاً العبادات ومختلف الطاعات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://esraa-2009.ahlamountada.com
Esraa Eman Hussein{Admin}
Admin المدير العام للمنتدى
Admin المدير العام للمنتدى
Esraa Eman Hussein{Admin}


عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر 115810
الابراج : الدلو
عدد المساهمات : 4049
تاريخ التسجيل : 15/06/2009
العمر : 35
الموقع : www.esraa-2009.ahlablog.com
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر Jb12915568671

عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر 107601

عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر   عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر I_icon_minitimeالخميس 11 فبراير 2010, 11:35 am

المبحث الثاني : اتجاهات الباحثين في علم الاجتماع في العالم الإسلامي


يتفق علماء الاجتماع المعاصرون، على أن علم الاجتماع في العالم الإسلامي، يسير على خطى علم الاجتماع في الغرب، حذو القذة بالقذة. فالنظريات والمناهج الغربية، بل في أحيان كثيرة اللغة الغربية، هي ما يجيده علماء الاجتماع في العالم الإسلامي، ويعتبر هذا الوضع أمراً طبيعياً في مناخ تسوده التبعية المطلقة للغرب، التي انتظمت كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

وفي جو معتم، بلغت فيه التبعية مبلغاً، جعلت الدول الإسلامية تستورد كل شيء ضروري لوجودها - بما في ذلك أفكارها عن نفسها - في جو كهذا لا غرابة أن ينشأ المفكر- أياً كان تخصصه - تابعاً، لا تتجاوز قدرته النقل والترجمة والشرح على النص(113).

وقد بدأت خيوط هذه التبعية تتشابك في القرنين الأخيرين، حيث يمكن تحديد فترة الالتقاء بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية في العصر الحديث، بحوادث احتلال الإنجليز للهند، وفرنسا لمصر، ثم لشمالي أفريقيا، ولأوائل اتصال الدولة العثمانية بالغرب عن طريق التمثيل السياسي، والصلات التجارية، والبعثات العلمية(114).

وقد تسربت الثقافة الغربية عن طريق عدة قنوات إلى الثقافة الإسلامية، واستطاعت بعد ذلك أن تسيطر على أذهان كثير من أبنائها.

فعلى ضوء العوامل السابقة، أثيرت في العالم الإسلامي كثير من المشكلات، دار حولها نقاش حاد، تعتبر في صميمها من مواضيع علم الاجتماع، على الرغم من أنها لم تستخدم المفاهيم والمصطلحات الخاصة بعلم الاجتماع. فالكتابات التي كتبها قاسم أمين (115) وأحمد فتحي زغلول (116) وبطرس البستاني (117) وأمين الريحاني (118)، في مصر والشام، وأمثال الطاهر الحداد في تونس، كانت تتناول مواضيع اجتماعية، وتعتبر في مجملها مقارنة بين الأوضاع الأوربية والأوضاع في العالم ا لإسلامي. كما أنها تحمل دعوة لتبني الأوضاع الأوربية. وتدور الكتابات في هذه الفترة حول قضايا ثلاث رئيسة يمكن تلخيصها فيما يلي:

1- الدعوة إلى الحرية الشخصية، والحياة النيابية، كما عرفتها الدول الأوربية. وكان القصد منها المطالبة بحرية الفرد في أن يفعل ما يشاء، وفي أن يعبر عن رأيه، وينشره كيفما أراد، وكان دعاة هذه الحرية متأثرين بالثورة الفرنسية على وجه الخصوص، حيث نادت هذه الثورة بالحرية والإخاء والمساواة.

2- الدعوة إلى فصل السلطة الدينية عن السلطة المدنية، وبمعنى آخر فصل الدين عن الحياة وشؤونها، على غرار ما حدث في أوربا، عندما تخلص المفكرون من سلطة الكنيسة.

3- الدعوة إلى تحرير المرأة من العادات والتقاليد، التي تحد من حريتها، وعلى رأسها الحجاب، وكذلك تعدد الزوجات، إضافة إلى مسألة الطلاق، واشتغال المرأة بالشؤون العامة(119).

ويلاحظ في هذه الفترة أن الدراسات تسير بخطى حثيثة لتبني وجهة الغرب الليبرالي في المسائل الاجتماعية السابقة.

وقد اعتبرت الكتابات في تلك الفترة، بمثابة إشارات وعلامات سبقت ظهور علم الاجتماع، كعلم مستقل في العالم الإسلامي(120). وقد أظهرت - كما سبق - قدراً كبيراً من التبعية للغرب الليبرالي بالذات.

ظهور علم الاجتماع

وأما إذا جئنا إلى الكتابات في علم الاجتماع، بعد رسوخه والاعتراف به، نجدها قد أوغلت في التبعية للغرب الليبرالي، إلى درجة بعيدة، وسنحاول استعراض بعض الدراسات في هذه الفترة التي تمثل بداية مشوار على الاجتماع.

وتعتبر رسالة المصري منصور فهمي (122)، المبتعث من قلب الجامعة المصرية إلى جامعة باريس سنة 1913م، أول رسالة في علم الاجتماع، وكان عنوان الرسالة "حالة المرأة في التقاليد الإسلامية والتطور الإسلامي "، وكان المشرف عليها عالم الاجتماع والأنثربولوجيا اليهودي "لوسيان ليفي بريل ". يذكر المؤلف في مقدمة رسالته: "أنه سيُغْضب كثيراً من مواطنيه، ولكنه أراد تحري الحقيقة، مع أن قلبه يتمزق أسىً على من سيجرح شعورهم بلا قصد، وهم في الوقت نفسه أعزاء عليه، غير أن الحقيقة من شيمة الأقوياء، بينما إغفالها من شيمة الضعفاء " (121).

وقد كان يبرر بذلك وقوعه تحت تأثير المستشرقين المتعصبين، فقد أتت رسالته مجافية لقواعد الدين، فضلاً عما يجب أن يتصف به المسلم إذا تناول مبادئ الإسلام، من توقير واحترام وموضوعية.

وعندما نذكر عناوين الفصل الأول، تنكشف مدى مبالغة المؤلف في البعد عن روح البحث العلمي الواجب التحلي به، فهو يتحوي العناوين التالية:

"محمد يشرع للجميع، ويستثني من ذلك نفسه "، ثم: "زيجات محمد "، "حياته المنزلية "، "آراؤه المعادية للمرأة "، ثم: "آراؤه المناصرة للمرأة "، وفي هذا الفصل يتحدث عن القواعد الخاصة بالزواج، وكيف استثني النبي صلى الله عليه وسلم منها. وكما يقول د. سعفان "فلا يستطيع قارئ أن يتصور فصلاً يحتوي على نقد لاذع للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولحياته الزوجية والاجتماعية أكثر من هذا الفصل "(123).

وقد سار الباحث على خطو أستاذه اليهودي، ووقع تحت تأثيراته، فكانت نظرياته بعيدة عن الصواب، ولا يليق صدورها عن مسلم. وقد تراجع عنها المؤلف فيما بعد.

وعلى الرغم من أن طه حسين (124) يعد في عداد الأدباء، إلا أن رسالته عن "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية "، 1918م، التي أشرف عليها المسيو كازانوفا (125) أستاذ الأدب العربي في باريس، لها علاقة كبيرة بعلم الاجتماع، حيث تناول البحث أراء ابن خلدون الاجتماعية.

واللافت للانتباه في هذه الرسالة، أمران: يتعلق الأول: بإنكار المؤلف أن يكون ابن خلدون مؤسساً لعلم الاجتماع أو مبشراً به، وذلك على خلاف الغالبية من علماء الاجتماع المسلمين. وكذلك بعض الأوروبين. وقال عن رأي هؤلاء: "إنني أعتقد أن تلك مبالغة جسيمة ". ويتعلق الأمر الثاني، برأيه في الإبداع الذي قدمه ابن خلدون، فهو يعتبر أن عبقرية ابن خلدون تجلت في أنه فصل السياسة عن الأخلاق، واللاهوت، والقانون، فقد خلّص ابن خلدون السياسة من الاعتبارات الدينية، وعرضها في صورة علمية صرفة (126).

وكما نرى: فقد صور طه حسين ابن خلدون في صورة العلماني الذي يفصل أمور الدنيا عن الدين، وذلك نتيجة حتمية لتشبعه بالثقافة الغربية، ويغفل عن أن ابن خلدون فقيه من فقهاء الشريعة، وعلم من أعلام المذهب الملكي، قبل أن يكون سياسياً أو مؤرخاً، كما أنه ابن البيئة والثقافة الإسلامية، وكان يصدر في نظرياته جميعاً عن منطلق إسلامي مخض، كيف لا وهو الذي يقرر في هذا الموضوع ما يأتي: "والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها. وإذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع ال اعتبارها بمصالح الأخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا "(127).

فقد اعتبر أن الشرع إنما جاء لسياسة الدنيا، والتوجيه إلى مصالح الآخرة أيضاً.

وأما عن أول مؤلف بالعربية، يحمل اسم علم الاجتماع، فقد صدر في مصر سنة 1925م، وهو بعنوان "علم الاجتماع - حياة الهيئة الاجتماعية وتطورها "، ألفه نقولا الحداد(128)، وهو عبارة عن جزأين.

ولقد لقي الكتاب ترحيباً حاراً عند صدوره، فمثلاً كتب أسعد داغر(129) في مجلة المقتطف، 1925م: "وجملة القول: إن كتاب علم الاجتماع وحيد في بابه، فريد في نوعه، لم يُنسج بعد على منواله، ولا سمحت قريحة كاتب بمثله ".

وكتبت مجلة "الشورى " عنه قائلة: "كتاب لم الاجتماع، هو الأول من نوعه على ما نعلم، وقد اشتغل الأستاذ في الاستعداد لتأليفه خمسة عشر عاماً".

وكتبت "السياسة " قائلة: "نحن بإزاء مجهود عالج فيه المؤلف علماً جديداً في العربية، وجاهد ليضع اصطلاحات جديدة، ولكل جديد حقه في الحياة "(130).

ويدور الكاتب في كتابه هذا، في فلك الدراوينية والتطورية، فقد تأثر تأثراً كبيراً بمؤلفات أصحاب النظريات العضوية والتطورية، التي سادة أوربا في ذلك الوقت. فقد قرأ أعمال "هربرت سبنسر "، وترجم منها نصوصاً كاملة.

وللتمثيل على آرائه، نورد ما يلي:

يقول الباحث عند حديثه عن منشأ الإنسان الأول، وتحت العنوان الفرعي: ابتدأت الإنسانية بتفوق جماعة واحدة: "أغضينا النظر فيما تقدم عن عقيدة خلق الإنسان الخالص، لأنا نعتنق في بحثنا لاجتماعي عقيدة تسلسل النوع الإنساني من نوع أحط منه، استناداً على تقرير العلم الطبيعي البيولوجي والجيولوجي لعقيدة التسلسل، العلم الطبيعي يؤيدها بيولوجياً، علم الاجتماع يؤيدها اجتماعياً أيضاً، لما علمته فيما تقدم من استمرار الاجتماعية من المملكة الحيوانية إلى المملكة الإنسانية "(131).

ويقول في موضوع آخر - عند كلامه عن الدين-: "يظهر لمن درس عقائد الجماعات المنحطة المختلفة، أن الدين جاء بعد السحر والعرافة، وما يشبهها من العقائد، ولعله تولد منها. . والسحر والعرافة وما إليهما، جاءت بعد خرافات التشاؤم والتفاؤل، لأن بعض القبائل الهمجية الباقية إلى الآن ليس عندها عقيدة دينية بتاتاً، وإنما عندها خرافات وأوهام من قبيل التفاؤل "(132).

ولم يكن المؤلف سباقاً لنقل الداروينية بكتابه هذا، بل إنه كان يساير الوضع السائد، حيث ازدهرت التطورية في تلك الفترة في العالم الغربي، وازدهر نقلها إلى العالم العربي.

ومن ناحية أخرى، يقول أحد مؤرخي علم الاجتماع في مصر: "لم تتح الفرصة، لتدريس هذا العلم في مصر، كعلم أساس إلا في سنة 1925م، التي تحولت فيها الجامعة المصرية من جامعة أهلية إلى جامعة حكومية، وقد أنشئ في كلية الآداب قسم مستقل، لتدريس علم الاجتماع،سار على نهج المدرسة الاجتماعية الفرنسية التي بدأها: "أوجست كونت".. وأرسى قواعدها "اميل دوركايم".. ولقد أثرت هذه المدرسة، ولا تزال تؤثر، قسم الدراسات الاجتماعية في كلية الآداب بجامعة القاهرة، الجامعة الأم، وحتى يومنا هذا "(133).

ومن أوائل الكتب التي صدرت بعنوان علم الاجتماع، كتاب د. عبد العزيز عزت الذي صدر عام 1949م بعنوان: "علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية "، تكلم فيه عن أهمية علم الاجتماع في فهم الظواهر الاجتماعية.

وفي عام 1953م، كتب د. حسن سعفان كتابه: "أسس علم الاجتماع " تناول فيه أغلب موضوعات علم الاجتماع، وقد طبع طبعات كثيرة درست لمعظم طلاب علم الاجتماع في مصر، والكويت، ولبنان، وليبيا، وقد رجع المؤلف إلى عدد كبير من المراجع الفرنسية، والإنجليزية، والأمريكية(134).

ولسعفان مؤلفات أخرى متقدمة النشر، منها: مشكلات المجتمع المصري "1951م "، تاريخ الفكر الاجتماعي "1957م "، الدين والمجتمع "1957 - 1958م "، إلا أن هذه المؤلفات "لا تنم عن موقف خاص للمؤلف، أو اتجاه نظري معين ينتمي إليه، فهي عبارة عن جهد تجميعي نشط، ولا تنطوي على أي إنجاز علمي حقيقي " (135). وقد انحصر نشاطه في الغالب في نقل مفهومات وتصورات المدرسة الفرنسية في علم الاجتماع من خلال أعمال "دوركايم " وتلاميذه.

وكتب د. عبد الكريم اليافي من سوريا كتاب: تمهيد في علم الاجتماع "سنة 1952م "، وهو لا يختلف عن الكتاب السابق من حيث الاتجاه، حيث يدور حول النظرية في علم لاجتماع الأوروبي الكلاسيكي.

وهناك نوع آخر من الكتابة في علم الاجتماع ظهر مبكراً، وهو البحوث الأمبريقية الميدانية، وتمثل دراسة حسن الساعاتي "1951م ": علم الاجتماع الجنائي، واحدة من أقدم الدراسات من هذا النوع. وكذلك دراسته: التصنيع والعمران "1962م "، وقد استخدم في دراساته أساليب البحث الأمبيريقي.

ويعد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة - والذي أنشئ في منتصف الخمسينيات- رائداً في البحوث الأمبيريقية التي شملت مختلف الجوانب، كالتصنيع، والريف، والأسرة، والرأي العام، إضافة إلى الجريمة وانحراف الأحداث، وغيرها.

وبالنسبة لعلم الاجتماع في المغرب العربي، فإن نشأته جاءت مرتبطة بالسلطة الاستعمارية الفرنسية، وقد هدف الاستعمار إلى إذابة الهوية الإسلامية، فكانت الدراسات الميدانية، تتجاهل دور الإسلام، لتعود إلى تاريخ البربر القديم وتحاول التركيز على الفروق بين العرب والبربر، فالمدرسة الاستعمارية في الاجتماع المغربي، كانت مشغولة بهدف أيديولوجي أساس صبغ كل أعمالها هو:

العمل على تمثل السكان الريفيين - وخاصة البربر- سياسياً وفكرياً ولا شك أن علم الاجتماع في تلك الفترة، لكان أداة للقهر، وتأكيد السيادة الفرنسية(136).

وملامح علم الاجتماع في المغرب في هذه الفترة، يمكن تحديدها كما يلي:

1- إن علم الاجتماع كان ذا طبيعة عملية، هدفها توفير المعلومات المطلوبة إلى رجال الإدارة الفرنسيين.

2- إن جميع الدراسات التي تمت، أجريت بواسطة فرنسيين.

3- إن الإطار النظري لتلك الدراسات، كان ذا مضامين سياسية واضحة تماماً(137).

ملاحظات حول مسيرة علم الاجتماع

بالجهود السابقة وغيرها، رسخ علم الاجتماع أقدامه في العالم الإسلامي. وأصبح علماً معترفاً به. فمنذ إنشاء قسم الاجتماع في الجامعة المصرية سنة 1925م، والجامعة الأمريكية ببيروت في أوائل الثلاثينيات، وعلم الاجتماع ينمو ويكبر حتى تحول إلى عملاق ضخم، أفردت له الأقسام في الجامعات والمعاهد.

ويمكننا هنا أن نسجل بعض الملاحظات على مسيرة علم الاجتماع بعد أن ثبتت أركان كعلم معترف به:

1- كان غالبية رواد علم الاجتماع، الذين ثبتوا دعائمه، تخرجوا في جامعات بريطانية أو فرنسية - كما حدث في مصر والمغرب - أو أمريكية كما حدث في العراق. يقول أحد مؤرخي علم الاجتماع في العراق: "إن تطور علم الاجتماع في العراق، لم يختلف كثيراً عنه في الدول النامية: الأخرى، وموضوعه حديث بالنسبة لجميع هذه الدول، وليس له جذور قومية عميقة، ويجدر بالذكر هنا أن علم الاجتماع في كثير من الدول النامية ومن ضمنها العراق، كان قد تأثر كثيراً بعلم الاجتماع الأمريكي في النظرية والمنهجية "(138).

وقد ترك التعليم الغربي لهؤلاء الرواد، آثاره الواضحة على تصوراتهم وأفكارهم، وكانت جهودهم منصبة على الترجمة أو التأليف المعتمد على المراجع والمصادر الأوربية، وقد ساهموا بنقل المدرسة الليبرالية في علم الاجتماع كما هي، دون إخضاعها لأية عملية نقدية في المنهج أو في النظرية(139).

2- لقد كان هناك أساتذة أجانب كثيرون يدرّسون علم الاجتماع في الجامعات الإسلامية، فمثلاً في الجامعات المصرية كان أول أستاذ لعلم الاجتماع فيها هو المسيو "جورج هوستاليه " البلجيكي، والذي كان رئيساً لمعهد سولفي الاجتماعي، والفرنسيان المشهوران إميل برييه الذي درّس في الجامعة ست سنوات متقطعة. وكذلك الإنجليزي الشهير إيغانز بريتشارد، والإنجليزي هوكارت.. ولأن الأساتذة أجانب، فقد كانت لغة التعليم أجنبية أيضاً، ففي البداية دُرُست أغلب المواد بالفرنسية، لوجود الأساتذة الفرنسيين، ثم تحولت إلى الإنجليزية لوجود الأساتذة الإنجليز(140).

3- شكلت الجهود السابقة الخطوط العريضة لمسيرة علم الاجتماع فيما بعد، فقد واصل علم الاجتماع مسيرته في هذا الطريق، فالطلبة تلقوا علمهم من الرواد السابقين، من ثم تحولوا إلى أساتذة في الجامعات التي درسوا فيها. وكانت مادة العلم هي تلك المادة الفرنسية، أو الإنجليزية، أو الأمريكية، التي ترجمت ثم حفظت. ومن ثم كان الطالب على علم تام بكونت، ودوركايم، وفيبر، وسمنر، وكيلر، وبارسونز. وبذلك تكون المدرسة الليبرالية الغربية على وجه العموم، هي الاتجاه الأول، الذي سيطر على الباحثين في علم الاجتماع في العالم الإسلامي. ولا يزال الغالبية من علماء الاجتماع يدورون في فلك هذه المدرسة، دون محاولة الانعتاق منها، أو الابتكار.

4- ازدادت التبعية لعلم الاجتماع الغربي، مع ازدياد توسع علم الاجتماع، حيث نقلت نظريات غربية كاملة في علم الاجتماع. وذلك بطريقتين:

(أ) نقل مؤلف بذاته نقلاً كاملاً، من خلال ترجمته إلى اللغة العربية.

(ب) النقل من عدة مصادر غربية، قصد التعريف بهذه النظريات من خلال أهم أعمال روادها، وأهم مفهومات وقضايا هذه النظريات(141). وهذا هو الطابع الغالب على التأليف في علم الاجتماع، وهو طابع شائع في العالم العربي، يتميز بالغزارة من حيث الكم، ولكنه من حيث النوع ليست له أي قيمة حقيقية، ولا يلعب أي دور في تحليل المجتمع العربي، أو الإسلامي. فهو عبارة عن "تجميعات لنظريات مختلفة، دون أي ربط بينها وبين المشكلات الملحة القائمة في المجتمع "(142).

ولعل من الأمثلة على ذلك، سلسلة علم الاجتماع المعاصر التي صدر منها ما يزيد على 64 كتاباً تمثل في غالبيتها ترجمات للنظريات الغربية الليبرالية.

5- لم تكن ولادة علم الاجتماع الحديث في العالم الإسلامي تلبية لحاجات معينة، ولكنه كان تقليداً للنظام الأكاديمي الغربي، لذلك لم يكن مستغرباً منه ا لمحاكاة، والتقليد التام للدراسات الغربية، وقد ساعد الاستعمار على السير في هذا الطريق، حيث إنه هو الذي صمم خلال سيطرته على العالم الإسلامي، أُطر التعليم والثقافة، بل إنه هو الذي أوجد المؤسسات التعليمية والثقافية في شكلها الحديث. ومما لا شك فيه، أن علم الاجتماع، والبحث الاجتماعي، والأنثربولوجيا، علوم استعمارية. ويدل على ذلك ارتباطها في كثير من الأقطار، بالإدارة الاستعمارية الإنجليزية، والفرنسية، وفيما بعد الأمريكية. وعندما رحل الاستعمار السياسي بقي الاستعمار الفكري، حيث بقيت المؤسسات التعليمية مرتبطة بالمستعمر من خلال اللغة السائدة، والبعثات الدراسية، وتمويل البحوث، والدراسات العليا، والجامعات. وحتى البلدان التي قللت من البعثات للخارج، وصارت تمنح درجات عليا من جامعاتها المحلية، لا تزال مرتبطة بالغرب، حيث أن النظريات والمناهج هي نسخ سيئ لإنتاج الغرب(143).

6- لم تكن التبعية لعلم الاجتماع الغربي، مرد نقل نظريات ومناهج غربية، ولكنه نقل لقيم الغرب ومبادئه. فالنظريات والمناهج الغربية أوجدتها قيمه، وحاجاته، وظروفه. فهي تحمل العلمانية، والعقلانية، والليبرالية التحررية، وتحمل أيضاً المادية. فعلم الاجتماع ليس المادة الإحصائية أو الواقعية، ولا تصبح هذه علم اجتماع ليس المادة الإحصائية أو الواقعية، ولا تصبح هذه علم اجتماع إلاّ عندما تفسر، أو تؤول بناء على رؤية أو نظرية معينة(144).

الاتجاه الماركسي

يمثل الاتجاه الماركسي القطب الآخر، الذي يشد علماء الاجتماع في العالم الإسلامي إليه. وقد مارس سيطرته على أتباعه، وكانوا أوفياء له لدرجة أنه يوجد فيهم من هو ماركسي أكثر من ماركس نفسه. ومع أن هذا الاتجاه أحدث ظهوراً، وأقل انتشاراً، من الاتجاه الليبرالي، إلا أنه أشد نشوزاً، وأكثر تنافراً مع مبادئ المسلمين، وواقعهم أيضاً. ويتحتم علينا هنا أن نعرض لبدايات ظهور هذا الاتجاه عند علماء الاجتماع العرب خاصة، كما عرضنا لبدايات ظهور نظيره الليبرالي:

* يعد كتاب أوسيبوف: "قضايا علم الاجتماع - دراسة سوفيتية نقدية لعم الاجتماع الرأسمالي "، أول عمل ماركسي في علم الاجتماع يترجم إلى العربية، وقد قام بترجمته د. سمير نعيم أحمد، ود. فرج أحمد فرج، وقدم له د. عاطف غيث سنة 1970م.

وكان الهدف من ترجمته: البحث عن اتجاه بديل للاتجاهات الغربية الفاشلة.

وقد علل المترجمان أيضاً اختيارهما لهذا الكتاب: أنه "انطلاقاً من حاجتنا إلى فكر مفتوح لكل التجارب... ولقد كان رائدنا في اختياره أن نقدم للقارئ وجهاً أخر لعلم الاجتماع، وجهاً مخالفاً لعلم الاجتماع الذي ألف أن يطالعه.. ونعني به الوجه "البرجوازي" لعلم الاجتماع.. والوجه الآخر الذي يعرضه هذا الكتاب، هو الوجه الماركسي لعلم الاجتماع "(145).

* وقبل هذا الكتاب، أفرد د. مصطفي الخشاب في كتابه: "المدارس الاجتماعية المعاصرة "، فصلاً عن الروسية في علم الاجتماع، عني فيه بالجهود السوفييتية الحديثة في هذا العلم.

* كذلك كتب السيد ياسين عدة مقالات في مجلات مختلفة، عن علم الاجتماع الماركسي، منها مقال بعنوان "الاتجاهات الحديثة في علم الاجتماع الماركسي "(146)، عني فيه بظهور علم الاجتماع الماركسي الأمبريقي.

* كتب د. سيد عويس عام 1970م، مقالاً وسمه: "علم الاجتماع في بلد اشتراكي "(147)، وضح فيه الملامح الأساسية لبحوث علم الاجتماع في روسيا، من حيث النظرية، والموضوع، وأساليب البحث.

وفي سنة 1973م، تمت ترجمت كتاب س. بوبوف: "نقد علم الاجتماع البرجوازي المعاصر "، وهو من الكتب الرائدة في التعريف بالنظرية الماركسية.

كما كتب د. عبد الباسط عبد المعطي في وقت لاحق، كتابه: "الاتجاه السوفييتي في علم الاجتماع "، وفي هذا الكتاب عرض المؤلف بدراسة نقدية تقويمية، لبعض البحوث الشهيرة التي أجريت في الاتحاد السوفييتي.

هذه بعض الجهود التي فتحت الأنظار على علم الاجتماع الماركسي. ولقد انتشر علم الاجتماع الماركسي، في العالم الإسلامي حتى أصبح يشكل تياراً قوياً. وقد ساعد في انتشاره تبني كثير من أبناء العالم الإسلامي للمبدأ الماركسي، واعتناق بعض الحكومات للماركسية، إضافة إلى فشل علم الاجتماع الليبرالي في تحقيق طموحات علماء الاجتماع، كما أن الطبيعة الثورية والنقدية، عامل آخر يجذب إلى علم الاجتماع الماركسي.

وتشير إحدى الدراسات ، إلى أن الماركسية تشكل مصدراً هاماً من مصادر تكوين فكر علماء الاجتماع. فقد أشارت هذه الدراسة، إلى المصادر الفكرية العامة، التي تساهم في التكوين الفكري لعلماء الاجتماع التونسيين. وكان على رأس القائمة التي توصلت إليها الدراسة، "سمير أمين "(148)، ثم أتى في مرحلة تالية له ماركس - إنجلز(149) - ليفي ستراوس - ماكس فيبر - عبد الله العروي - رودنسون، وغيرهم. وفي القائمة الأخيرة أتى ابن خلدون(150).

ويوحى الترتيب السابق، بالمدارس المهيمنة على علم الاجتماع في تونس. فالماركسية تظهر من خلال ماركس، وإنجلز، ثم رودنسون، ومن خلال الماركسيين العرب: سمير أمين، وعبد الله العروي. والليبرالية تظهر من خلال فيبر. يقول الباحث خلال تحليله للنصوص التي دونها الطلبة، أما ماركس فأقرب إلى وضع "الإله الخفي " الذي يتغير الموقف منه، دون أن يهمله أو ينفصل عنه. وليس هناك -عموماً - رجوع مباشر إليه، وإنما عبر "قراءات ماركسية " من نوع قراءات ألتوسير وغرامشي، أو - من منظور فهم الواقع العربي عموماً والمغربي خصوصاً - من نوع قراءات سمير أمين، وعبد الله العروي(151).

وفي المغرب، تشكل المادية التاريخية واحدة من أهم النظريات في علم الاجتماع، إضافة إلى "الأمبيريقية، والتجزيئية، والجمالية ". وهي تعني عند المغاربة: تركيب بين معطيات الواقع، وبين مفهوم نظري قوى "نمط الإنتاج ".. إنها جمع بين الشمولي والخاص، من خلال منهج جدلي في تاريخ عالمي واحد، يحركه الصراع الطبقي.. وعلى هذا، فإن ولادة علم الاجتماع المغربي، مشروطة بإنتاج نظرية حول الأشكال المغربية "الخاصة " للصراع الطبقي(152).

ولقد أيد هذه الحقيقة، ما توصلت إليه إحدى الدراسات، حول تصورات علماء الاجتماع العرب، الحالية والمستقبلية، لأهم موضوعات ونظريات ومناهج علماء الاجتماع في الوطن العربي. وقد توصلت الدراسة إلى أن علم الاجتماع في الوطنالعربي، تابع للاتجاهين الفكريين العالميين: "البنائية الوظيفية، والمادية التاريخية "، اللذين يمثلان نتاجاً لخبرات المجتمعات الغربية.

فقد عبر 48.8% من مجموع شرائح البحث، عن أن النظريات البنائية الوظيفية - بشكليها التقليدي والمعدل - تمثل النظرية الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي.

كما دلت الدراسة على أن هناك اتجاهات غربية أخرى، لها شعبيتها عند بعض علماء الاجتماع، كالتفاعل الاجتماعي، والنظرية النفسية الاجتماعية.

وعبر 18.52% من شريحة البحث عن اعتقادهم بأن المادية التاريخية تمثل واحدة من أهم النظريات الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي(153). وتشير نفس الدراسات إلى "أن هناك توازياً ملحوظاً بين طبيعة النظرية السائدة في الوطن العربي، وبين أنماط المناهج المستخدمة، فالذين اعتبروا أن البنائية الوظيفية هي النظرية الاجتماعية السائدة في الوطن العربي، هم الذين اعتبروا أن أكثر المناهج والأدوات شيوعاً هي المسح الاجتماعي، والمنهج التجريبي، والمنهج الوظيفي. أما الذين اعتقدوا أن المادية التاريخية تمثل نظرية شائعة في الوطن العربي، فكانوا هم الذين اعتقدوا أن المنهجين التاريخي والمقارن، هما الأكثر شيوعا ً"(154).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://esraa-2009.ahlamountada.com
 
عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تاريخ الجزائر المعاصر
» ما هو علم الاجتماع؟
» نظريات علم الاجتماع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Esraa Hussein Forum :: العلوم الإجتماعية :: علم الإجتماع :: منتدى علم الاجتماع والانثربولوجي-
انتقل الى: