???? زائر
| موضوع: قصائد قتلت أصحابها - مقتل أبي الطيب المتنبي الخميس 22 أبريل 2010, 4:44 am | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ترجمته هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي ، من بني جعفر بن سعد العشيرة بن مذحج من كهلان من قحطان من عرب الجنوب اليمنيين . أما لقبه بالمتنبي فقد قيل فيه أمور كثيرة : أصحها أنه أدعى النبوة في بداية حياته إلى أن سجن واستتيب - كما سبق ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله - عن المتنبي :"وقد اشتهر بلفظة تدل على كذبه فيما كان ادعاه من الإفك والبهتان وهي لفة المتنبي ، الدالة على الكذب".
من أشعاره التي سارت في الآفاق قوله :
doPoem(0)
| أعز مكان فـي الدنـا سـرج سابـحوخيـر جليـس فـي الزمـان كتـاب | وقوله : | ومـا قتـل الأحـرار كالعفـو عنهـمومن لك بالحـر الـذي يحفـظ اليـدا | إذا أنـت أكرمـت الكـريـم ملكـتـهوإن أنـت أكرمـت اللئيـم تـمـردا | ووضع الندى في موضع السيف بالعلىمضر ، كوضع السيف في موضع الندى | وقوله : | عيـد بأيـة حـال عـدت يـا عيـدبمـا مضـى أم بأمـر فيـك تجديـد | وقوله : | وإذا أتتـك مذمتـي مــن نـاقـصِفهـي الشهـادة لـي بأنـي كـامـل | وقوله : | لا تعـذل المشتـاق فــي أشـواقـهحيـن يكـون حشـاك فـي أحشائـه | وقوله : | أنا الذي نظـر الأعمـى إلـى أدبـيوأسمعـت كلماتـي مـن بـه صمـم | وقوله : | ومـا الدهـر إلا مـن رواة قصائـديإذا قلت شعراً أصبـح الدهـر منشـداً | فسـار بـه مـن لا يسيـر مشـمـراًوغنـى بـه مـن لا يغنـي مـفـرداً |
| إلى غير ذلك من الأشعار والأبيات الجميلة التي لا يمل المرء من سماعها أو تردادها .
مقتله
المتنبي واحد من الذين قتلتهم قصائدهم ، ولعل من الملف للنظر أنه لم يلق حتفه على يد كافور أو حاشيته ممن كانت تدين له أرض مصر ، رغم ما سلطه المتنبي عليه من أهاج مدوية ترددت على الألسنة، إنما كان حتف هذا الشاعر البائس على يد رجل من عامة الناس ثأر لقريب له سلقه المتنبي بلسانه، فانظر إلى المفارقة . والقصيدة القاتلة هجا بها المتنبي رجلاً يدعى (ضبة بن يزيد العيني) ، فأفحش في القوع وأقذع. يقول المتنبي :
doPoem(0)
| ما أنصف القوم ضبـةوأمــه الطـرطـبـه | فلا بمـن مـات فخـرولا بمن عـاش رغبـه | وإنما قلـت مـا قلـترحـمـة لا مـحـبـة | وحيلـة لــك حـتـىعذرت لو كنـت تيبـه | ومـن يبـالـي بــذمإذا تـعـود كـسـبـه | أما ترى الخيل في النخلسربـة بعـد سـربـه | فسل فؤادك يـا ضـبأيـن خلـف عجـبـه | وإن يخنـك لعمـرريلطالمـا خـان صحبـه | وكيـف ترغـب فيـهوقـد تبينـت رعـبـه | مـا كنـت إلا ذبـابـاًنفتـك عـنـا مـذبـه | وكنـت تفخـر تيـهـاًفصرت تضرط رهبـه | وإن بعـدنـا قـلـيـلاًحملت رمحـاً وحربـه | وقلـت : ليـت بكفـيعنان جـرداء شطبـه | إن أوحشتـك المعالـيفإنـهـا دار غـربـه | أو آنستـك المـخـازيفإنهـا لــك نسـبـه | وإن عرفـت مــراديفـإنـه بــك أشـبـه |
| هذا ما قاله المتنبي في (ضبة) المذكور ، وهو كما نقل ابن العديم :"ما للمتنبي شعر أسخف من هذا الشعر ولا أوهى كلاماً، فكان على سخافته وركاكته سبب قلته وقتل ابنه وذهاب ماله". لما سمع فاتك الأسدي خال ضبة بهذا الشعر داخلته الحمية لابن أخته ضبة ، فقرر الثأر له بقتل المتنبي، ولندع الربعي يروي لنا قصة مقتل المتنبي عمن عاصر أحداثها : وهو محمد بن المبارك الجبلي . قال الجبلي: "وأما ما سألتما عنه من خبر مقتل أبي الطيب -رحمه الله- فأنا أنسقه لكما وأشرحه شرحاً بيناً . اعلما أن مسيره كان من واسط في يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة ، قتل ببيزع ضيعة تقرب من دير العاقول ، في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة . والذي تولى قتله وقتل ابنه وغلامه رجل من بني أسد يقال له "فاتك بن أبي الجهل بن فراس بن بداد"، وكان من قوله لما قتله وهو منعفر:"قبحاً لهذه اللحية يا سباب!"، وذلك أن فاتكاً هذا قرابة لوالدة "ضبة بن يزيد العيني" الذي هجاه المتنبي بقوله :
doPoem(0)
| ما أنصف القوم ضبهوأمـه الطرطـبـه |
| ويقال أن "فاتكا" خال "ضبة"، وإن الحمية داخلته لما سمع ذكرها بالقبيح في الشعر، وما للمتنبي شعر أسخف من هذا الشعر ولا أوهى كلاماً، فكان على سخافته وركاكته سبب قتله وقتل ابنه وذهاب ماله . وأما شرح الخبر :فإن "فاتكاً" كان صديقاً لي، وكان كما سمي فاتكاً لسفكه الدماء وإقدامه على الأهوال ، فلما سمع الشعر الذي هجي به "ضبة"أغاظه ذلك واشتد عليه ، ورجع على "ضبة" باللوم، وقال له :قد كان يجب أن لا تجعل لشاعر عليك سبيلاً! وأضمر غير ما أظهر ، واتصل بن خبر انصراف المتنبي من بلد فارس إلى العراق ، وأن اجتيازه بجبل ودير العاقول ، فلم يكن ينزل عن فرسه . وجماعة من بني عمه رأيهم في المتنبي مثل رأيه في طلبه واستعلام خبره من كل صادر ووارد ، وكان فاتك يتحرى خوفاً أن يفوته . وكان كثيراً ما يجيئني وينزل عندي ، فقلت له يوماً وقد جاءني وهو يسأل قوماً مجتازين عنه : قد أكثرت المسألة عن هذا الرجل فأي شئ عزمك أن تفعله متى لقيته ؟ قال : ما عزمي إلا للجميل ، وأن أعذله على ما أفحش فيه من الهجاء. فقلت له : هذا الأليق بأخلاق والأشبه بأفعالك . فتضاحك ثم قال : والله يا أبا نصر ، لئن اكتحلت عيني به أو جمعتني وإياه بقعة لأسفكن دمه ولأمحقن حياته ، إلا أن يحال بيني وبينه . فقلت له : كف - عافاك الله - عن ها القول وأرجع إلى الله وأزل هذا الرأي من قلبك ، فإن الرجل شهير الاسم بعيد الصوت ، وقتلك إياه في شعر قاله لا يحسن ، وقد هجت الشعراء الملوك في الجاهلية والخلفاء في الإسلام ، فما علمنا أن شاعراً قتل بهجاء وقد قال الشاعر : هجوت زهيراً ثم إني مدحته = وما زالت الأشراف تهجى وتمدح ولم يبلغ جرمه ما يوجب قتله ! فقال : يفعل الله ما يشاء ! وانصرف. فلم يمض لهذا القول إلا ثلاثة (أيام حتى وافى) المتنبي ومعه بغال موقرة كل شي من الذهب والفضة والثياب والطيب والجوهر والآلة : لأنه إذا كان مسافراً لم يخلف في منزله درهما ولا ديناراً ولا ثوباً ولا شيئاً يساوي درهماً واحداً فما فوقه ، وكان أكثر إشفاقه على دفاتره ، لأنه كان قد انتخبها وأحكمها قراءة وتصحيحاً . قال : فتلقيته وأنزلته داري وساءلته عن أخباره ؟ وعمن لقي ؟ وكيف وجد من قصده؟(فعرفني) من ذلك ما سررت به ، وأقبل يصف لي ابن العميد وفضله وأدبه وعلمه وكرمه ، وسماحة الملك أبي شجاع فناخسرو ، ورغبته في الأدب وميله إلى أهله . فلما أمسينا قلت له : على أي شي أنت مجمع؟ قال : على أن أتخذ الليل جملاً ، فإن السير يخف فيه علي . قلت: هذا هو الصواب - رجاء أن يخفيه الليل ، ولا يصبح إلا وقد قطع بلداً بعيداً - والوجه أن يكون معك من رجالة هذه المدينة الذي يخبرون الطريق ويعرفون المواضع المخوفة فيه ، جماعة يمشون بين يديك إلى بغداد . فقطب وقال : ولم قلت هذا القول؟ قلت : تستأنس بهم . قال : أما والجراز في عنقي فما بي حاجة إلى مؤنس غيره . قلت : الأمر كما تقول ، والرأي فيما أشرت به عليك . فقال : تلويحك هذا ينبي عن تعريض ، وتعريضك يخبر عن تصريح ، فعرفني الأمر وبين لي الخطب . قلت : إن هذا الجاهل "فاتكاً الأسدي" كان عندي منذ ثلاثة أيام ، وهو محفظ عليك لأنك هجوت ابن اخته ، وقد تكلم بأشياء توجب الاحتراس والتيقظ ، ومعه نحو العشرين فارساً من بني عمه قولهم مثل قوله - قال : وغلامه كان عاقلاً لبيباً فارساً يسمع كلامنا - فقال : الصواب ما رآه أبو نصر ، خذ معك عشرين راجلاً يسيرون بين يديك إلى بغداد . فاغتاظ غيظاً شديداً وشتم الغلام شتما قبيحاً ، وقال : والله لا تحدث عني أني سرت في خفارة غير سيفي . فقلت له : يا هذا فأنا أوجه قوماً من قبلي في حاجة يسيرون بمسيرك ويكونون في خفارتك . قال : والله لا فعلت شيئاً من هذا ، وقال لي : يا أبا نصر أبخروء الطير تخشيني ، ومن عبيد العصا تخاف علي ..! والله لو أن مخصرتي ملقاة على شاطئ الفرات وبنو أسد معطشون لخمس وقد نظروا إلى الماء كبطون الحيات ، ما جسر لهم خف ولا ظلف أن يرده ..! حاش لله من فكر أشغله بهم لحظة العين . فقلت له : قل إن شاء الله . فقال : كلمة مقولة لا تدفع مقضياص ولا تستجلب آتياً! ثم ركب فكان آخر العهد به . قال :"ولما صح عندي خبر قتله وجهت من دفنه وابنه وغلامه وذهبت دماؤهم هدراً". ويقال : بأن المتنبي لما خرج عليه فاتك ورجاله أراد أن ينهزم ، فقال له ابنه : يا أبه : وأين قولك : الخيل والليل والبيداء تعرفني والطعن والضرب والقرطاس والقلم فقال له : قتلتني يابن اللخناء! ثم قاتل حتى قتل . فقيل : بأن هذا البيت هو الذي قلته . نقلاً من كتاب قصائد قتلت أصحابها للشيخ الدكتور عائض القرني </B></I> |
|