عندما جلس السلطان سليمان القانونى على كرسى الخلافة , كان أول ما فعله هو إرسال رسالة الى ملوك أوروبا يُعلمهم بتوليه الخلافة ويأمرهم بدفع الجزية المقررة عليهم كما كانوا يفعلون فى عهد أبيه السلطان سليم الأول .
فما كان من ملك المجر إلا أن قتل رسول السلطان سليمان !!
فاستشاط السلطان سليمان غضبا وانفعل قائلا : أيُقتل سفير دولة الإسلام !!! .. أيهددنى ملك المجر
فما أصبح الصباح إلا وقد أعدّ السلطان سليمان جيشا جرار مدعوما بالسفن الحربية وكان السلطان سليمان بنفسه على رأس هذا الجيش وكان قاصدا مدينة بلجراد المنيعة والتى تُعد بوابة أوروبا الوسطى
ولكم أن تعلموا ان محمد الفاتح
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حاول أن يفتح بلجراد ولكنه فشل , بل وأصيب إصابات خطيرة أثناء حصارها ... ولما انصرف عنها قال : عسى ان يخرج الله من أحفادى من يفتح تلك المدينة على يديه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حصار محمد الفاتح لبلجراد 1456م
بلجراد كانتوتنبع اهميتها كانت بوابة اوربا وخصوصا بعد سقوط القسطنطينية وسمّوها الحصن
ويذكر المؤرخون ان السلطان سليمان عندما كان وليا للعهد كان يمنّى نفسه بفتح بلجراد التى عجز أجداده ( مراد الثانى , محمد الفاتح , بايزيد الثانى ) من فتحها !!
توجه السلطان سليمان القانونى على رأس جيش عرمرم مكوّن من كتائب الإنكشارية الذين ما انسمعت بهم اورباحتى أخذ الرعب منهم كل مأخذ كونه مزود بأعتى المدافع والأسلحة يمدهم 3 آلاف جمل محمل بالأسلحة و30 ألف جمل محمل بالمهمات وسفن تحمل الخيول و50 سفينة حربية و مئات من المدافع العملاقة الفتاكة التى كانت فخر الجيوش الإسلامية ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وبالفعل يبدأ السلطان سليمان فى حصار قلعة بلجراد , وبعد شهرين ونصف من الحصار تسقط قلعة بلجراد فى 2 رمضان 927هـ , ثم دخل السلطان سليمان القانونى المدينة نفسها فاتحاً يوم 26 رمضان 927هـ ... !!
وكان يوماً مشهودا , وأمر السلطان سليمان أن يرفع الآذان من القلعة , ويذكر صاحب كتاب "تاريخ بلجراد الاسلامية" نقلاً عن صاحب يوميات السلطان سليمان الى بلجراد " بعون الله تعالى تم اليوم فتح قلعة بلغراد ... وارتفع صوت المؤذن من القلعة" , ونزل خبر سقوط بلجراد علىاوربا والبابا فى روما كالصاعقة وارتعدت فرائصهم من الرعب !!
وعلموا وقتها أنهم أمام سلطان من طراز فريد , وعلموا أنه سيعيد لهم سيرة بايزيد الأول ومحمد الفاتح , فوقعت هيبته فى قلوب ملوك أوروبا قاطبةً , وبعث اليه ملك روسيا والبندقية وسائر ملوك أوروبا يهنئونه بالفتح ويعطونه الجزية عن يدٍ وهم صاغرون !!
ومن يومها سمّى العثمانيون بلجراد (دار الجهاد) وكان منها القاعدة الحربية لانطلاق جيوشهم لغزو باقى أوروبا , واهتم العثمانيون بالأوجه الحضارية فى بلجراد حتى سمّاها المؤرخون (أندلس البلقان)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وظل السلطان سليمان القانونى فى بلجراد حتى عيد الفطر وأقام صلاة العيد فى أكبر كنائسها بعد تحويله الى مسجد ولم ينزل السلطان سليمان من جواده حتى امتطى جوادا آخر مجاهدا فى سبيل الله رافعا كلمة الله خفاقة ...
معركة موهاكس الخالدة (21 من ذي القعدة 932هـ= 29 من أغسطس 1526م ):معركة (موهاكس) من أشرس معارك العثمانيين وأشد قهرا وذلا فى قلوب اوربا الى يومنا هذا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]جيوش العثمانين بالعمائم واللحى فى معركة موهاكس
الى الآن يوجد مثّل شعبى فى المجر يتناوله أهلها اذا حدث أمر سيىء فيقول : أسوأ من هزيمتنا بموهاكس !!
وبعض الكتّاب سمّى هذه المعركة بأنها المعركة التى أدخلت الرعب على أوروبا !!
كانت فى هذه الفترة ظهرت قوة مملكة إسبانيا بصورة رهيبة جدا يقودها رجل مشهور وذائع الصيت فى أوروبا وهو شارل الخامس أو شارلكان , وكان هذا الخبيث النجس هو حفيد إيزابيلا وفردناندو الذين دخلوا غرناطة عام 1492م وأسقطوا الحكم الإسلامى فى الأندلس الى الأبد وقادوا حملات محاكم التفتيش ضد المسلمين ...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شارلكان أو شارل الخامس
شارلكان استطاع ان يبسط نوفذه على إسبانيا والبرتغال ألمانيا والنمسا وهولندا , وأسس إمبراطورية ضخمة وقوية جدا , وكان هذا الخبيث يحاول أن يفرض سيطرته على المجر لتكون حاجزا له ضد الدولة العثمانية والمسلمين .. !!
فانتبه لذلك السلطان سليمان , وعلم خطورة سيطرة شارلكان على المجر , وما يترتب عليه من أوضاع خطيرة للمسلمين فى أوروبا الوسطى !!
وهنا ظهر جانب آخر باتفاق الدولة الصفويه مع المجر
اتفقت الدولة الصفوية مع المجر ضد الدولة العثمانية , وعندما علم السلطان سليمان بهذا الأمر استشاط غضباً , وبدأ فى التحرك لغزو المجر وضمها للدولة العثمانية الإسلامية , وأراد ان تكون تلك المعركة شرسة وعنيفة ليلقن الأوروبين درسا وخصوصا شارلكان حتى يصرف أبصاره عن العثمانين
وبالفعل خرج السلطان سليمان القانونى من عاصمة الخلافة وحاضرة الدنيا اسلامبول "اسطنبول" فى 11 رجب عام 932هـ , 23 ابريل 1526م , على رأس جيش عرمرم من المجاهدين قوامه 100.000 ألف مقاتل مزودين بـ 300 مدفع عثمانى عملاق ومعهم 800 سفينة بحرية لتسهيل تحرك المسلمين بين الأنهار , ووصل السلطان الى بلغراد المسلمة ومكث هناك يستقبل التهانىء بعيد الفطر , ثم تحرك رحمه الله حتى وصل الى نهر طونة "الدانوب" وأمر بتشيد جسر يعبر عليه المسلمون , وبالفعل تم تشييد الجسر فى مدة زمنية قليلة , وظل عبور الجيش الإسلامى عليه لمدة 4 أيام , وهنا أمر السلطان سليمان أمرا عجيبا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أمر السلطان سليمان رحمه الله بهدم الجسر !!!
يقول صاحب كتاب (أخبار الدول وآثار الأول) معلقا على هذا الأمر : " ثم أمر السلطان برفع الجسر فرُفع , فبقى المسلمون فى بلاد الكفار , وذلك لشهامته وقوة عزيمته , وقطع أطماع العسكر من الفرار الى بلادهم ... " أ.هـ
وفى أثناء مسير السلطان سليمان رحمه الله افتتح عدة قلاع تقع على نهر الدانوب ولها أهمية حربية كبيرة , ثم يواصل السلطان سليمان القانونى تقدمه حتى وصل الى وادى موهاكس فى 20 ذى القعدة عام 932هـ , 28 أغسطس عام 1526م , وبات السلطان والجنود ليلتهم فى فى الدعاء والتهليل والتكبير , وتضرع السلطان سليمان الى الله سبحانه وتعالى وسأله النصر , وكان يمر بين صفوف الجند فيخطب فيهم عن الجهاد وعن فضل الشهادة , وفى اليوم الثانى , وبعد ما صلى السلطان صلاة الفجر دخل بين الجنود وحمسهم وكان مما قال لهم : وكأنى برسول الله ينظر اليكم الآن !! ...
فلم يتمالك احد من الجند دموعه , وبكى السلطان وبكى كل من حضر ....
انظروا يا إخوة , على مثل هؤلاء ينزل النصر ورب الكعبة .. وااااااااهٍ يا أيام العزة !!
أما على الجانب الآخر , عندما علم ملك المجر لايوش "لويس" الثانى بقدوم المسلمين اليه , فأعدّ جيشا جرارا واستعان ملوك أوروبا فأمدته ألمانيا بـ 38000 ألفا من خيرة الفرسان لديها , فوصل عدد جيوش الكفار الى 200.000 ألف مقاتل ... , وبات الكفار ليلتهم فى سهل موهاكس ومعهم القساوسة والرهبان يحثونهم على قتال المسلمين وأتوا بالصلبان يرفعونها أمام الجند ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لويس الثانى ملك المجر
وعند الصباح صُفّت الصفوف وبرز الشجعان , وكان السلطان سليمان وضع خطة مع أركان الجيش وهى :
ان يصطف جيش المسلمين فى ثلاثة صفوف , وأن يكون السلطان ومن معه من الإنكشارية فى الصف الثالث ومن ورائهم مدافع المسلمين , حتى اذا بدأ القتال يتقهقر الصفوف الأولى من المسلمين ويتراجعوا خلف السلطان ومن معه من الإنكشارية , وبالتالى سيفسح المجال للمدافع ان تحصد الاوربين حصدا !!
وبالفعل التزم المسلمون بالخطة , وظل المسلمون واقفون فى أرض المعركة على الهيئة التى أمرهم بها السلطان وقادة الجيش , وطال انتظار الفريقين , حتى بدأ الملك لويس الثانى فى الانقضاض على المسلمين وقت العصر ...
وبدأ القتال , ووالله كان القتال فى شدته وضراوته يشبه معاركنا الحديثة فى شدتها وضرواتها مع اختلاف نوع السلاح المسخدم !!
والتزم المسلمون بالخطة وتراجعوا الى الوراء , فسارع الكفار خلفهم وظنّوا ان النصر سيكون حليفهم , وتقدم الكفار حتى وصلوا الى المكان الذى يقف فيه السلطان , وحاولوا قتل السلطان وبالفعل أصابوه فى صدره بسهم إلا أن السهم لم ينفذ الى صدره ولله الحمد , والتحم الفريقين وذهب ثلاثة من شجعان المجر الى السلطان سليمان , إلا أنه قتلهم ولله الحمد , وكان مشهورا بالشجاعة رحمه الله
وهنا أعطى السلطان الأمر بإطلاق المدافع !!!
الى الآن يروى المؤرخين الأوروبين هذه المعركة بشيىء من الذهول , وعندما يصلون الى هذه النقطة يصيبهم الدهشة والعجب !!
يا أخوة يُروى ان مدافعالعثمانين أُطلقت بسرعة ومهارة فائقة للغاية وكأن المسلمين استعانوا بالجن فى هذا الأمر , ولا عجب أن يكون هذا حال من استعان بالله واستمد قوته من الله !!!
كان إطلاق المدافع بصورة سريعة جدا وبدقة كبيرة , مما أصاب الجيش المجرى بحالة من الذهل والهلع والرعب , فولوا أدبارهم , والمسلمون ورائهم يركبون أذنابهم ويضعوا سيفهم فيهم كما أرادوا ...
وفرّ المجريون المعروفين ببسالتهم وضراورتهم أمام طلقات المسلمين وسيوفهم , وفرّ ملكهم لويس الثانى , بل أنه غرق أثناء فراره ومات !!
وانتصر المسلمون انتصارا لم يُسمع بمثله فى أقطار الدنيا , وكان نصراً مؤزرا ولله الحمد والمنة ..
والعجيب
أن مدة المعركة كانت ساعة ونصف فقط !!
وكان قتلى العثمانين لم يتجاوز 150 شهيد – نحسبهم كذلك ان شاء الله
وعدد ما أسر العثمانينمن المجرين 25000 ألفاً , والباقى 175000 ألفاً ما بين قتيل وجريح !!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]سيف السلطان المجاهد الغازى سليمان القانونى - رحمه الله
بعد هذه المعركة أصبح الجيش المجرى فى ذمة التاريخ وسقطت إمبراطورية المجر التى دامت قرابة 6 قرون (637 سنة ) , وانتفضت النصرانية من أقصاها الى أقصاها ...
وكانت هذه المعركة هى أسوأ هزيمة لأوروبا قاطبةً بعد سقوط القسطنطينية وهزيمتهم فى نيكوبوليس ايام بايزيد الأول ...
صلى السلطان صلاة المغرب مع الجنود فى أرض المعركة , ثم واصل مسيره الى عاصمة المجر وهى مدينة "بودا" فدخلها بدون اى مقاومة تذكر فى 3 من ذي الحجة 932هـ , 10 من سبتمبر 1526م, ومكث فيها 13 يوما , واستقبل التهانىء بعيد الأضحى المبارك فى سراى الملك هناك , فكان العيد عيدين , عيد فتح المجر وعيد الأضحى .
وبعد هذه المعركة تبدلت حسابات أوروبا , وتغيرت خريطة المنطقة , وما اجترىء أحد من ملوك أوروبا ان يقوم بأى عمل ضد المسلمين بعد هذه المعركة الفاصلة فى تاريخ أوروبا ...
ولا ننسى فتح جزيرة رودس (13 صفر 929هـ , 1 يناير 1523م)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ومن آسيا :