وقد تأثر المصريون بالواقع الجغرافي الجديد بشكل سلبي من الناحية العسكرية، إذ عملت الصحاري المحيطة بمصر شرقاً وغرباً، والبحر من الشمال إلى توفير حماية طبيعية ضد الغزو مما أدى إلى ظهور انعزال مصري عسكري عن أسيا حيث الصراعات العسكرية المحتدمة وهو ما أدى إلى تأخر العتاد الحربي المصري عن العتاد الحربي الآسيوي في فترة الدولة القديمة والدولة الوسطي، على كل حال، فقد دخل المصريون في تلك الفترة عصر المعادن وهو ما أنعكس على استخدامهم للنحاس في صنع الأسلحة بجانب الأخشاب وحجر الظران.
أسلحة الرمي
يعود تاريخ أسلحة الرمي إلى فترة ما قبل التاريخ، حيث كان إنسان العصر الحجري بحاجة إلى أدوات تمكنه من قتل طرائده، خاصة الخطيرة منها، من مسافات بعيدة. حيث أن استخدام الحراب في الصيد لطعن الحيوانات وهو أسلوب شاع في العصر الجليدي حيث كانت الكمائن هي الوسيلة النموذجية لصيد الطرائد، غير أن هذه الطريقة جد خطيرة خاص مع الطرائد الضخمة مثل الثيران والوعول وقد عثر على العديد من هياكل إنسان النيادرتال والذي كان يعتمد بشكل أساسي على طريقة الكمائن وهي مصابة بكسور بشعة تماثل الكسور التي تحدث لمصارعي الثيران نتيجة مواجهة الحيوانات البرية من مسافات قريبة. أما اما الإنسان العاقل والذي هو سلفنا نحن فقد استخدم نمطاً جديداً وهو الرمح القابل للرمي والأقواس والسهام والمقاليع القاذفة للأحجار، مما مكنه من الصمود بعد ذوال العصر الجليدي وسيادة غابات السافانا حيث لا كمائن، والطرائد الكثير منها سريع مثل الغزلان، شكلت تلك الأسلحة بدايات أسلحة الرمي التي توفرت لمختلف الأمم ومنها الشعب المصري.
أسلحة الرمي المصرية
رغم تنوع أسلحة الرمي المتاحة لدى المصريين، وهي الأقواس والسهام والمقاليع وعصي الرمي والرماح، إلا أن كل الأنواع الأخرى عدا القوس والسهم ستفقد أهميتها نسبياً مقارنة بالأقواس والسهام فيما ستتراجع عصى الرمي من مرتبة الأسلحة القتالية إلى مرتبة أدوات الصيد.
الأقواس والسهام
الصناعة: تكونت الأقواس في تلك الفترة من الأخشاب والحبال وهو ما يعرف بالقوس البسيط، وكان يصل طول القوس إلى ما يقارب هامة الرجل، أما السهام فكانت أعواد خشبية يوضع لها رؤوس من الحجر المدبب الصلد أو النحاس.
نمط الاستخدام : الوسيلة الأساسية للاشتباك بعيد المدى، وتصبح السهام وسيلة تفوق ساحق إذا ما تم تنسيق وتنظيم استخدامها كوحدة لكل الجيش. ويعتمد تكنيك الرمي على طريقتين: أولهما الرمي الجماعي، حيث يحتشد الرماة في مكان محدد وينتشرون على أبعاد متساوية بما يكفل لهم أن تنزل سهامهم على العدو لتغطي مساحة مشابهة، وفي هذه الحالة يرفع الرماة أقواسهم إلى أعلى ويطلقون زخات الأسهم مجتمعين، ويعتمد مدى الرمي على درجة رفع القوس وهو الأمر الذي يحدده قائد الرماة / وبذلك يستطيعون أن يمطروا مساحة محددة بوابل كثيف من الأسهم وأن يغيروا موقع الرمي من حيث المدى والاتجاه حسب تعليمات قائد الرماة، والحقيقة أن الرمي الجماعي بعيد المدى كان نقطة تفوق ممتازة لأجدادنا أحسنوا استخدامها إلى حد كبير. أما النوع الثاني من الرمي هو الرمي الفردي المباشر وفيه يتواجد الرماة قريباً من الصفوف الأمامية للقوات حيث يقوم كل رامي بانتقاء هدفه من الخصوم والتصويب عليه بشكل مباشر، وكانت يتواجد بعض الرماة عادة من ضمن التكوين العضوي للكتائب المقاتلة فضلاً عن قوات الرماة الخاصة بالجيش ككل.
المقاليع
الصناعة ـ المقلاع سلاح بسيط للغاية مكون من سير جلدي به قطع خاصة لوضع الحجارة والتي يتم انتقائها بحيث تكون ذات ذوايا حادة ، وفكرة المقلاع بسيطة إذ تعتمد على تطويح السير الجلدي ثم إفلات أحدى طرفيه لتطلق الحجر نحو الخصم مما يكسب الحجر قوة اندفاع كبيرة جداً تمكنه من تهشيم جمجمة الخصم بسهولة، وبتقدم الزمن تم استبدال قطع الحجارة بقطع من المعدن لتسبب ضرراً كافياً للأعداء الذين يرتدون الخوذ.
نمط الاستخدام: استخدام المقلاع مبكراً لمحاولة إصابة الخصوم من مسافة بعيدة (تقل كثيراً عن الرمي بالسهام) على أن يحدث الحجر المدبب الزوايا جروح أو كسور قد تكون قاتلة للخصوم، وأشهر من استخدم المقلاع هو داود عليه السلام إذ قتل به جالوت ذو الدروع الحديدة السابغة، على كل، نظراً لظهور وسائل الحماسة من دروع وتروس وخوذ أو حتى الملابس الجلدية السميكة، تم تطوير المقلاع ليقذف المعادن وقد اثبت هذا السلاح كفاءته على الرغم من بساطته واستمر استخدامه لفترات طويلة من التاريخ حتى أن السجلات الرمانية أشارت إلى الاستخدام البارع للمقلاع لجنود قرطاج تحت قيادة حنبعل للمقلاع والخسائر التي يحدثها في صفوفهم. وفي الجيش المصري كان أغلب الجنود يحملون المقلاع إذ أنه لا يشكل عبئاً، ويثبتون في وسطهم كيساً يحمل الذخيرة حيث يمكن لصفوف الجند الأمامية قذف الأعداء به أثناء اقتراب القوات من بعضها ما يلبثون أن يستعملوا السلاح الرئيسي عند الالتحام وهو الحربة والفأس والخناجر المتنوعة.
الرمح
الصناعة:- يصنع الرمح من أخشاب خفيفة ويوضح له رأس صلب صغير من الحجر أو النحاس، ويصلح الرمح للرمي لمسافات معقولة حيث يسبب ضرراً أكثر من السهم بسبب وزنه إذا ما قذف بقوة مناسبة، وفضلاً عن ذلك يصلح الرمح للاستخدام للطعن ولكن بشكل محدود حيث أنه قد ينكسر في حالة استخدامه ضد درع صلب.
نمط الاستخدام:- يعد الرمح من أسلحة الصف الثاني حيث يستخدم لقنص الأعداء أثناء الاشتباكات القريبة وهو يعد متوسط المدى إذا ما قيس بالأسهم، وتراجعت أهمية الرمح مع زيادة معدلات التدريع مع الزمن.
عصي الرمي
الصناعة:- تشبه عصي الرمي المصرية تلك الاسترالية وتتكون من قطعة خشبية على شكل زاوية منفرجة وتصنع من الأخشاب الصلبة.
نمط الاستخدام:- استخدم المصريون عصي الرمي كسلاح حربي في البداية لكن سرعان ما انحصر استخدامه في صيد الطيور نظراً لمحدودية تأثيره بعد انتشار استخدام التروس ودروع الجسم.
نماذج صور أسلحة الرمي
رؤوس سهام حجرية من عهد الدولة القديمة
أسلحة القتال القريب والمتلاحم
تطورت الأسلحة المستخدمة في العصر الحجري القديم بشكل سلس من استخدامات الصيد والقنص إلى الاستخدامات القتالية، ومن اليسير ملاحظة أن ذات الأسلحة التي استخدمها البشر في العصور السحيقة لأجل توفير الطعام لأنفسهم هي تقريباً التي ظلت تستخدم بعد اكتشاف المعادن، وإن تهذبت وتطورت. ومن الواجب أن ننوه بالفارق بين أسلحة المدى القريبة والتي يكون المسافة بين الجنود المتقاتلين فيها أمتار معدودة، وبين أسلحة القتال المتلاحم حيث تختفي المسافات بين الجنود ويصبح القتال بغاية الشراسة والوحشية
تعريف بأسلحة الطعن
أسلحة الطعن على اختلاف صناعتها وأنواعها مهمتها إحداث جرح قاتل للخصم، وذلك بدفع رأس السلاح عميقاً في الخصم كي يتسبب بضرر قاتل في أعضائه الحيوية، والجرح الذي سببه السلاح القاطع في العادية ليس كبير من حيث المساحة لكنه ممتد العمق، وتمكنت أسلحة الطعن من البقاء من بدايات البشرية وحتى العصور الحديثة إذ يتم تزويد بنادق المشاة حتى اليوم بنصل يعلق تحت ماسورة السلاح يعرف بالسنكي وذلك للاشتباك في المسافات القريبة جداً، ولعل السبب في صمود أسلحة الطعن كل تلك الفترة هي قدرتها على التطور والتجدد بما يكفل لها الفاعلية ضد الأنواع المستجدة من الدروع والتي تطورت بدورها لحماية جسم المحارب من تلك الأسلحة
الحربة
الحربة هي سلاح يستخدم في المدى القريب، بل هي السلاح الوحيد الذي يشتبك به المصريون في عهد الدولة القديمة في المدى القريب وباقي الأسلحة مخصصة للقتال المتلاحم، وتكتسب الحربة فاعليتها عن طريق الطعن، وقد استخدم الإنسان الحربة في الصيد بأسلوب الكمائن، وأفضل من استخدم الحربة هو إنسان النياندرتال المنقرض وذلك بسبب كون قوته البدنية تفوق الإنسان الحديث بما يتعدى الضعف وكان تكوينه العضلي بارزاً للغاية، مما مكنه من استخدام الحربة بكفاءة عالية ضد الحيوانات الضخمة مثل الدببة وحيوانات الرنة وأفيال الماموث أو ضد المفترسات مثل النمر الجليدية وغيرها، وتتميز الحربة بتأثيرها القاتل إذا ما تم استخدامها على النحو الصحيح وهي تقتل بسرعة.
الصناعة: تصنع الحراب من قناة خشبية غليظة ذات رأس حاد من النحاس أو الحجر، وفي العادة يتم لف حزمة من الحبال عند منطقة القبضة حتى لا ينزلق السلاح من اليد عندما يصطدم بالهدف،
نمط الاستخدام: الحربة قادرة على اختراق التروس الخشبية والجلدية التي يحملها المحاربون للوقاية وكذلك اختراق الدروع الجلدية السميكة التي تلبس على الجسم من أجل الحماية، وذلك بالطبع شريطة أن يستخدمها المحارب بشكل متقن، والحربة تصل إلى الفاعلية القصوى إذا ما استخدمها المشاة في شكل تشكيلات منظمة مما دفعها إلى أن تصبح السلاح الرئيسي في الاشتباك القريب أغلب جيوش العالم القديم.
المقمعة
المقمعة سلاح الملوك الفراعنة، وطالما صورتهم النقوش الفرعونية قابضين على ناوصي أعدائهم ورافعين المقمعة إلى أعلى تمهيداً لتهشيم رؤوسهم بها. والمقمعة أحد سلاحين تطورا عن الفأس الحجرية القديمة، وكانت تلك الفأس يتصنع من مقبض خشبي ومثبت فيه من الأعلى تكوين حجري حاد من طرف واحد أو طرفين، وقد تفرع من الفأس الحجرية القديمة سلاحين هما المقمعة والفؤوس الحربية بأنواعها، لكن المقمعة تعتد الامتداد الماشر للفأس الحجرية
الصناعة: تصنع المقمعة من مقبض خشبي طويل ينتهي برأس حجري كروي من حجر الظران ( الظلط ) أو العظام أو النحاس، وبعض المقامع الفاخرة والتي صنعت لملوك مصر تنتهي بقطعة حجرية أو معدنية على شكل قرص سميك حاد الأطراف، وغالباً ما رسم على رؤوس المقاع الفخمة تلك نقوشاً فرعونية.
نمط الاستخدام : تعد المقمعة سلاح وحشي إلى حد ما، والمقمعة تستهدف العظام وهدفها المفضل هو الرأس، وضربة المقمعة قادرة على تهشيم الجمجمة بسهولة ما لم يكن الخصم يرتدي خوذة الرأس، ويعد ثاني الأهداف المفضلة للمقمعة هو الضلوع وعظام الصدر حيث ترتطم بها رأس المقمعة لتسبب كسوراً قاتلة نظراً لدخول أطراف العظام المكسورة في الرئة مما يسبب مشاكل تنفسية تنتهي بوفاة مؤلمة، أمر الأهداف الثانوية للمقمعة فهي عظام اليدين والرجلين حيث من الممكن أن تسبب كسوراً أو شروخاً بهما، والمقمعة لم تحتفظ بمكانتها طويلا ًكسلاح للقتال المتلاحم بين القوات المصرية حيث تمكنت فأس الحرب القاطعة من إزاحتها عن مكانها.
الخنجر
هو من أسلحة الطعن المستخدمة في القتال المتلاحم، وهو خلف السكين الحجرية ذات المقبض الخشبي.
الصناعة: يصنع الخنجر من نصل نحاسي قصي ومدبب ومقبض خشبي أو جلدي يلتف على جزء من النصل
نمط الاستخدام، يستخدم الخنجر بنجاح عند التلاحم بين صفوف الجند، إذا غالباً ما تمنع المسافات شديدة القرب الضخصوم من استخدام الحراب أو فؤوس الحرب، في هذه الحالة يمكن للمحارب أن يستل خنجره ويطعن خصمه به، وظل الخنجر محتفظاً بتلك لمكانة حتى بعد ظهور السيف إذ أن المدة اللازمة لسحب السيف من جرابه طول من المدة اللازمة لسحب الخنجر وهذا الفروق من أجزاء الثانية قد يكون قاتلاً في المواقف الحرجة.