أخصائي معلومات المكتبة الرقمية
المكتبة الرقمية
يعد مفهوم المكتبة الرقمية فى
حدذاته
مثار للجدل والنقاش فمن ناحية يستخدم مصطلح المكتبات الرقمية للدلالة علىمفاهيم وتصورات متعددة، ومن ناحية
أخرى يُعبر عن هذا النوع من المكتبات بمصطلحاتعديدة، ينطوى كل منها على دلالات
مختلفة ومن أكثر هذه المصطلحات استخداماً: المكتبةالإلكترونية، والمكتبة الافتراضية،
والمكتبة المتشابكة، والمكتبة المتكاملة (المركبة)، ومكتبة بلا جدران
خصائص المكتبة الرقمية:
تكمن مظاهر الاختلافالرئيسية بين المكتبات الرقمية،
والتقليدية أو ما قبل الرقمية كما يراها كلُُ منرولاندز Rowlands، وبودن Bawden فيما يلى:
1 – التحول من الامتلاك إلىالإتاحة:
لم يعد يقتصر دور المكتبات
على إتاحة المواد التى تقتنيها فحسب، ولكنأيضاً إتاحة الوصول إلى المصادر
الرقمية المتشابكة بغض النظر عن المواقع التىتقتنيها أو تملكها. ويترتب على ذلك
حدوث تغييرات جوهرية فى طبيعة المكتبة كمؤسسةمادية. ومن شأن ذلك أيضاً أن يؤثر على
نوعية المهارات التى يجب أن يتقنهاالمكتبيون، فإلى جانب المهارات
التقليدية مثل القدرة على تنظيم المعرفة ؛ ينبغى علىالمكتبين إتقان مهارات التعامل مع
تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة مثل: القدرةعلى توظيف النظم المحسبة واستخدامها
والبحث عن المعلومات على شبكة الانترانت،وتطبيق الأساليب الحديثة فى تقييم
المعلومات، وتصميم صفحات الويب ... الخ.
2 – التحول من إتاحة المواد والقدرة على
تصفحها مادياً إلى البحث والابحار فيما بينالمواد أو داخل محتوى كل مادة على حدة:
لقد أصبح القيام بالتصفح
المادى
Browsing Approach سواء للأعمال المتاحة أو لمحتويات تلك الأعمال فى بيئة
المكتبات الرقميةإنما يعد درباً من الخيال. ويعنى ذلك أن المكتبيين عليهم أن
يعمدوا إلى اكتسابمهارات إضافية إلى جانب تلك المرتبطة بالمعرفة كالتمرس فى
عمليتى تنظيم المقتنياتالمادية، والإرشاد الببليوجرافى لمصادر المعلومات، وتتمثل هذه
المهارات فى القدرةعلى تصميم نظم استرجاع المعلومات، والإحاطة بمستويات
الاسترجاع، والتمرس فى استخدامأوامر وأساليب الاسترجاع، ... الخ.
فلكى يضطلع المكتبى بوظيفته
فى البيئةالجديدة،
عليه أن يقوم بمد يد العون للمستفيدين حتى يستطيعوا التمييز بين الأنواعالمختلفة لمصادر المعلومات، وإدراك
الاختلافات بينها، والوقوف على الغرض الذى يخدمهكلٍ من هذه المصادر، ونخص بالذكر هنا
الأشكال الحديثة مثل: حلقات الويب ... Rings،ومنتديات الويب ... Logs.
وبينما تتجه المكتبات بقوة
نحو البيئة الرقمية،يتحتم علينا إعادة النظر فى مفهوم المكتبة "كمكان". هل يمثل
الموقع المادى جزءاً لايتجزأ من مفهوم المكتبة؟ وإذا كان الأمر كذلك فلأى غرض
يستخدم؟ مخزن أم أرشيف؟ مكانما مناسب للدراسة والاستذكار؟ مكان يبعث على الابتكار
والإبداع ؟ إن الإجاباتالمحتملة كثيرة بيد أنه لم يتم التوصل إلى الإجابة المثلى بعد.
3 – صعوبةالتنبؤ باحتياجات المستفيدين:
تهم مثل هذه القضايا مجتمعا
المستفيدين والمكتبيينعلى حدِ سواء. فبالنسبة للمكتبيين عليهم أن يغيروا من رؤيتهم
للعملية التعليميةاستجابة لما طرأ عليها من تطورات. لقد كان التوافق بين توقعات
المستفيدين من ناحيةوبين ما تقدمه نظم المعلومات من ناحية أخرى أهم ملامح الأجيال
السابقة من نظمالمعلومات. ومهما يكن من أمر هذا التوافق فى الماضى فقد أدى
الاهتمام المستمربعنصرى المرونة والسهولة لتيسير تعامل المستفيدين مع نظم
المعلومات المتاحة الآنإلى افتقار القدرة على توقع احتياجات المستفيدين. ويدعم ذلك
ما ذهبت إليه كرستينبورجمان(14) من أن ما يتوقعه المستفيدون من نظم المعلومات
الآن أصبح من الصعوبةبمكان التنبؤ به فى ظل تزايد وتنوع عناصر مجتمع المستفيدين.
ومن ثم ينبغىالتعامل مع توقعات المستفيدين فى
البيئة الرقمية بشىء من الحذر، حيث يعتقد غالبيةالمستفيدين أنه دائما يمكنهم التوصل
إلى "كل المعلومات" التى تتيحها نظم المعلوماتباستخدام أساليب بحث بسيطة كتلك التى
توفرها محركات البحث العامة مثل : Google،وهكذا يمكنهم باستمرار الحصول على أحدث المعلومات. وفى واقع
الأمر ينبغى أن يتمإقناعهم بأن هذه الانطباعات يمكن أن تنطبق على المواد
المطبوعة أو تلك المواد التىتتيحها نظم المعلومات المتخصصة، إلا أنه ما من سبيل لقبول
مثل هذا التصور فى بيئةالمكتبات الرقمية. وتتركز أهمية المكتبات الرقمية فى قدرتها
على إمداد المستفيدينبواصفات البيانات (الميتاداتا) للمواد التى تقتنيها، وكذلك
الإرشاد إلى مواقعتواجدها بصورة تفوق قدرتها على إتاحة النص الكامل لكل المواد.
ويشير ذلك إلى الدورالمهم الذى يمكن للمكتبى أن يضطلع به كمساعد يعين المستفيدين
على الوصول إلىالمعلومات التى ينشدونها، بيد أن هذه المساعدة ينبغى أن تكون
واقعية وفعَّالةأيضاً.
ثالثاَ: البحث عن المعلومات فى
البيئة الرقمية:
تؤكد كرستينبورجمان (15) على أن المكتبات الرقمية
لن تكون سهلة الاستخدام كما هو الحال بالنسبةللتطبيقات التكنولوجية التى تخدم غرضاً
واحداً، وأن التعامل معها يتطلب تعلم قدر منالمهارات المعقدة نوعاً ما، حيث يفتقر
العاملون والمتعلمون والمستفيدون المستخدمونلهذه المكتبات إلى استيعاب المفاهيم
المتنوعة الشائعة فى مجال الحاسب من ناحية،والتمرس فى توظيف المهارات التى
يتطلبها التعامل مع التطبيقات المتخصصة من ناحيةأخرى. علاوة على الحاجة إلى اكتساب
مهارات تتعلق بالاحتياجات المعلوماتيةللمستفيدين وسلوكياتهم فى البحث عن
المعلومات. وترتبط هذه الأخيرة بقوة بسلوكياتإيجاد الحلول للمشكلات، والتى يمكن
تفصيلها إلى
أربع خطوات هى ذاتها العملياتالإداركية التى أشارت إليها بوليا:
1 – إدراك المشكلة.
2 – التخطيطللحل.
3 – تنفيذ الخطة.
4 – استقراء النتائج.
ويعتبر التخطيطلحل المشكلة أكثر هذه العمليات تعقيداً؛ ذلك أنها تتنوع وتختلف طبقاً لثلاثة
عواملهى:
القدرة على تحديد أبعاد المشكلة، ورصيد الخبرات المتراكمة فى مجال القضية
موضعالتخطيط،
ومدى الإحاطة بالمصادر والإجراءات المتاحة لحل المشكلة. وعلى ضوء هذهالعوامل يمكن تصنيف المستفيدين إلى
مبتدئين وخبراء. وتوضح الخطوة الأخيرة المرحلةالتى يجرى فيها اختبار وتجريب الخطط
المتنوعة للوصول إلى المعلومات المنشودة(16). وتعكس هذه الاختبارات القيمة التى
يحتلها التوليف بين المعرفة من ناحية وبينالمهارات من ناحية أخرى عند البحث عن
المعلومات. ويمكن لمثل هذه الأساليب أن يتمتلقينها للمبتدئين من خلال وظيفة جديدة
يمكن إضافتها إلى مجموع الوظائف التى تنفذهانظم المعلومات الحديثة.
المكتبى الرقمى:
يتغير الدور الذى يضطلع به
المكتبيونفى
عصر المعلومات تدريجياً نحو العمل كخبراء معلومات، ومرشدين يقومون بتوجيهالمجتمع وسط هذا الفيضان المتدفق من
المعلومات. وفى هذا الصدد يشير محمد فتحى عبدالهادى الى أن" اخصائى المعلومات
المستقبلى ليس هو ذلك الشخص المنهمك فى أعماليومية روتينية سواء فى شكلها اليدوى أو
حتى الآلى، وإنما هو ذلك الشخص المساهم بقوةفى بناء العالم الرقمى، وهو الوسيط
البشرى الذى يتعامل بفاعلية وبكفاءة مع المصادروالتجهيزات والمستفيدين فى اطار منظومة
متناغمة، وهو أيضاً المعلم والمرشد والموجهلمن هم فى حاجة إليه"(18) . وعند
مقارنة هذا الدور الجديد للمكتبيين بدورهمالتقليدى يتبين وجود اختلافات جذرية فى
طبيعة العمل الذى ينهضون به (انظر جدول 1).