القدس في ضوء قرارات اللجان البريطانية والدولية 1917-1947م
(1)
إعداد الدكتور/ محمد ماجد الجزماوي أستاذ مساعد - قسم التاريخ- جامعة الخليل - فلسطين
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، وإعلان الدولة العثمانية وقوفها إلى جانب ألمانيا، أخذت دول الحلفاء تتفق فيما بينها لتقاسم ممتلكات الدولة العثمانية كما بدأت بريطانيا بالتفكير في السيطرة على فلسطين، مستغلة في ذلك الضعف العسكري للجيش العثماني، وحتى تتمكن أيضا من تشتيت القوة العسكرية لألمانيا وإشغالها في عدة جبهات. وقد تمكن الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إدموند أللنبي من احتلال كافة الأراضي الفلسطينية خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 1917 حتى سبتمبر 1918 فقد احتل بئر السبع في 21 أكتوبر 1917 وغزة في 9 أكتوبر 1917 ويافا في 16 نوفمبر 1917 والقدس في 9 ديسمبر 1917، أما القسم الشمالي من فلسطين فقد بقي تحت السيادة العثمانية حتى احتلت القوات العسكرية البريطانية نابلس في 20 أكتوبر 1918، وحيفا وعكا في 23 أكتوبر 1918 وهكذا انتهى الحكم العثماني لفلسطين بعد حكم امتد أربعمائة سنة.
وبنهاية عام 1918 وبانتهاء الحكم العثماني لفلسطين أصبحت البلاد تدار بإدارة عسكرية بريطانية أطلق عليها اسم "الإدارة الجنوبية لبلاد العدو المحتلة" واتخذت من مدينة القدس مقرا لها وعملت تحت سلطة حاكم إداري عام كان يتلقى أوامره من القائد العام الجنرال أللنبي، باعتباره المرجع الأعلى في المسائل الرئيسة، إذ أنه كان يعمل تحت إشراف وزارة الحربية البريطانية التي كانت تنفذ التعليمات وأوامر وزارة الخارجية.
وكانت الحكومة البريطانية قد تنكرت للوعود التي قطعتها للشريف حسين خلال مراسلات الحسين مكماهون (1915-1916) بشأن الاستقلال إذ قامت بإجراء مفاوضات سرية مع الحكومة الفرنسية حول مصير البلدان العربية التي كانت تحت الحكم العثماني وتمخضت هذه المفاوضات عن التوقيع على اتفاقية سايكس - بيكو عام 1916 بين الحكومتين وبموجبها كانت العراق وشرق الأردن وسواحل الجزيرة العربية الشرقية الجنوبية من نصيب بريطانيا. بينما اختصت فرنسا بسورية ولبنان، أما فلسطين فقد نصت الاتفاقية على وضعها تحت إدارة خاصة وفاقا لاتفاقية تعقد بين روسيا وفرنسا وبريطانيا كما منحت الاتفاقية بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون ميناء حيفا حرا لتجارة فرنسا ومستعمراتها.
أخذت الإدارة العسكرية تعمل على تهيئة فلسطين بشكل تدريجي حتى تصبح وطنا قوميا لليهود، فاتبعت سياسة علنية موالية للحركة الصهيونية إذ قامت بتضييق الخناق الاقتصادي على عرب فلسطين وخاصة الفلاحين منهم وتهويد الوظائف الحكومية، وفتح الأبواب أمام تدفق المهاجرين اليهود، وغير ذلك من الأساليب لإرساء الدعائم الأولى للوطن القومي اليهودي وتنفيذ وعد بلفور. ولم يكن عرب فلسطين بمنأى عن هذه السياسة، فقد أدركوا مدى تحيز ومحاباة الحكومة البريطانية تجاه اليهود ومساندتها لمطالبهم في الاستيطان والهجرة ونزع الأراضي من أصحابها العرب، فكان لا بد من أن يكون ردة فعل من عرب فلسطين إزاء هذه السياسة، وقد تمثل ذلك في الاضطرابات التي وقعت في مدينة القدس خلال الفترة ما بين 4-8 أبريل 1920 أثناء احتفال المسلمين بموسم النبي موسى، الذي تصادف مع الاحتفالات الدينية للمسيحيين واليهود، وخلال هذا الاحتفال وقعت الاشتباكات بين العرب واليهود أسفرت عن وقوع العديد من القتلى والجرحى من كلا الدانبين، وقد أظهرت هذه الأحداث مدى تحيز بريطانيا تجاه اليهود إذ قامت الشرطة البريطانية باستخدام كافة أساليب القمع والتنكيل بحق العرب، وقد اتهمت الحكومة كلا من موسى كاظم الحسيني والحاج أمين الحسيني وعارف العارف بإثارة تلك الاضطرابات، فحكمت على الأخيرين بالسجن غيابيا لمدة عشر سنوات مع الأشغال الشاقة غير أنهما تمكنا من الفرار إلى شرق الأردن.
وعزلت موسى كاظم الحسيني عن منصبه في رئاسة بلدية القدس وعينت راغب النشاشيبي بدلا منه.
قامت الحكومة البريطانية على إثر هذه الاضطرابات بتشكيل لجنة تحقيق عسكرية لدراسة الأسباب التي أدت إليها، وكانت هذه اللجنة برئاسة الجنرال بالين، وقد أصبحت تعرف باسمه. وقد جاء في التقرير النهائي للجنة أن أسباب الاضطرابات تعود إلى الأمور التالية:
1- خيبة أمل العربي لعدم تنفيذ وتحقيق وعود الاستقلال التي منحت لهم خلال الحرب العالمية الأولى.
2- اعتقاد العرب بأن وعد بلفور يتضمن إنكارا لحقهم في تقرير مصيرهم وخوفهم من أن إنشاء الوطن القومي يعني الزيادة الهائلة في الهجرة اليهودية التي ستؤدي إلى إخضاعهم للسيطرة اليهودية من الناحية الاقتصادية والسياسية.
3- ازدياد حدة الشعور بالقومية العربية نظرا لوجود الدولة العربية في دمشق والتي كانت موئلا للآمال العربية.
وفي مؤتمر سان ريمو عام 1920 قرر المجلس الأعلى للحلفاء منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وبناء على ذلك عينت الحكومة البريطانية السير هربرت صموئيل الصهيوني البريطاني مندوبا ساميا على فلسطين، وحولت الإدارة العسكرية إلى إدارة مدنية، وكان في بداية الأمر تحت رقابة وزارة الخارجية البريطانية ثم أصبحت تتبع مباشرة وزارة المستعمرات وأطلق عليها اسم "حكومة فلسطين" واتخذت من مدينة القدس مقرا لها.
استمرت ولاية صموئيل في فلسطين لمدة خمس سنوات قام خلالها بإصدار العديد من الأنظمة والتشريعات لصالح اليهود، وكان أكثر الأنظمة خطورة في تغيير الوضع القائم في فلسطين هي تلك المتعلقة بالأراضي والهجرة، وذلك لتسهيل الهجرة، وذلك لتسهيل الهجرة اليهودية وتمليك اليهود مساحات واسعة من الأراضي كما منح المؤسسات اليهودية العديد من الامتيازات والمشاريع الاقتصادية حتى يتمكنوا من السيطرة على الموارد الاقتصادية في فلسطين، منها امتياز العوجا الذي منح لبنحاس روتنبرج لاستخدام مياه العوجا لتوليد الطاقة الكهربائية عام 1921 وامتياز شركة الكهرباء الفلسطينية عام 1923 لاستخدام نهر الأردن واليرموك لتوليد الطاقة الكهربائية وتوريدها وامتياز استخراج الأملاح والمعادن من البحر الميت عام 1925.
وفي 22 يونيو عام 1922 أصدر وزير المستعمرات ونستون تشرشل بيانا بشأن السياسة البريطانية تجاه فلسطين عرف باسم الكتاب الأبيض، حيث أكد بأن وعد بلفور لا يعني تحويل فلسطين بجملتها وجعلها وطنا قوميا لليهود بل إنما تعني بأن وطنا كهذا يؤسس في فلسطين، غير أنه أكد أن هذا التصريح الذي حظي بتأييد دول الحلفاء في مؤتمر سان ريمو ومعاهدة سيفر، غير قابل للتغيير، وأشار غلى أن ترقية الوطن القومي اليهودي في فلسطين لا يعني فرض الجنسية اليهودية على أهالي فلسطين بل زيادة رقي الطائفة اليهودية بمساعدة من جمع اليهود في مختلف أنحاء العالم. إلا أنه بين أن وجود الشعب اليهودي في فلسطين هو حق وليس منة مما جعل ضمان إنشاء الوطن القومي اليهودي ضمانا دوليا كما أنه يستند إلى صلة تاريخية قديمة، كما تضمن الكتاب استمرار الهجرة اليهودية مع مراعاة القدرة الاقتصادية للبلاد على استيعاب المهاجرين. ونص على تشكيل مجلس تشريعي للبحث مع الإدارة في الأمور المتعلقة بتنظيم المهاجرة، وأخيرا بين الكتاب استثناء فلسطين من الوعود التي قطعتها الحكومة البريطانية للشريف حسين بشأن الاستقلال.
وهكذا فقد جاء الكتاب الأبيض ليؤكد تصميم الحكومة البريطانية تنفيذ وعد بلفور وإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين دون الاكتراث بمطالب عرب فلسطين فيما يتعلق بإلغاء وعد بلفور ووقف الهجرة وإقامة الحكومة الوطنية فإذا كان القصد منه تطمين العرب وتهدئة مخاوفهم فقد زادهم قلقا وخيب آمالهم.
وفي 24 يونيو 1922 أقر صك الانتداب البريطاني على فلسطين من قبل عصبة الأمم وجاء الصك في مقدمة و28 مادة كان معظمها لصالح اليهود والوطن القومي اليهودي، فقد تضمنت المقدمة نص تصريح وعد بلفور ومصادقة عصبة الأمم على الانتداب البريطاني على فلسطين وتخويل بريطانيا بتنفيذ الوعد. وتضمن الصك موادا تتعلق بإنشاء الوطن القومي اليهودي والاعتراف بوكالة يهودية لتكون هيئة عامة لإسداء المشورة إلى إدارة فلسطينية والتعاون معها في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من الأمور التي قد تؤثر في إنشاء الوطن القومي اليهودي، ويعترف الصك بالجمعية الصهيونية كوكالة دائمة شريطة موافقة الدولة المنتدبة على دستورها (مادة 4) وحدد مسؤوليتين للانتداب البريطاني الأولى تتطلب أن تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية واقتصادية تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي، والثانية ترقية مؤسسات الحكم الذاتي وتكون مسؤولة عن صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين بغض النظر عن الجنس والدين (مادة2). وطلب من إدارة فلسطين أن تعمل على تسهيل الهجرة اليهودية في أحوال ملائمة وتشجع بالتعاون مع الوكالة اليهودية الاستيطان اليهودي في الأراضي الأميرية والأراضي الموات غير المطلوبة للمقاصد العمومية (مادة 6).
وتضمن الصك اربع مواد تتعلق بالأماكن المقدسة والحفاظ عليها، فقد أنيط بالدولة المنتدبة جميع المسؤوليات المتعلقة بالأماكن والمباني والمواقع المقدسة في فلسطين وضمان الوصول إليها (مادة 13)، وتشكيل الدولية المنتدبة بموافقة من مجلس عصبة الأمم المتحدة لجنة لدراسة وتحديد وتقرير الحقوق والادعاءات المتعلقة بالأماكن المقدسة والطوائف الدينية المختلفة في فلسطين (مادة 4). ويترتب على الدولة ضمان الحرية الدينية لجميع الطوائف شريطة المحافظة على النظام العام والآداب العامة دون تمييز بين السكان على أساس الجنس او الدين أو اللغة (مادة 15)، وتكون مسؤولة عن ممارسة ما يقتضيه أمر المحافظة على النظام العام والحكم المنظم من الإشراف على الهيئات الدينية والجزائية التابعة لجميع الطوائف الدينية المذهبية في فلسطين، ولا يجوز اتخاذ أية تدابير من شانها أن تعمل على إعاقة أعمال هذه الهيئات أو التعرض لها أو إظهار التمييز ضد أي ممثل من ممثليها أو عضو من أعضائها بسبب دينه أو جنسه (مادة 16).
ويتضح من مواد الصك أنها صيغت بشكل يخدم السياسة الصهيونية ويكفل إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين، فالانتداب جاء ليخدم مصالح الشعوب والدول التي تخضع له حتى تصل إلى مرحلة النضج السياسي والاستقلال التام وليس لتنفيذ وعود سياسية قطعتها على نفسها حكومة الدولة المنتدبة قبل إقرار مبدأ الانتداب من عصبة الأمم. وبالإضافة إلى ذلك فإن المادة الثانية من صك الانتداب تضمنت تعهدين متناقضين لا يمكن التوفيق بينهما إذ ليس من المعقول أن توضع فلسطين في ظروف خاصة لصالح اليهود وهم أقلية دون المساس بحقوق العرب الذين كانوا يشكلون أغلبية السكان.
كما تجاهلت مواد الصك مبادئ الرئيس الأمريكي ولسن بشأن حق الشعوب في تقرير مصيرها والتي أوفدت من أجلها لجنة كنج - كرين عام 1919 حيث كان من ضمن توصياتها رفض إقامة الوطن القومي اليهودي والعدول "عن الخطة" التي ترمي إلى جعل فلسطين حكومة يهودية، واستنتجت بأنه من المستحيل أن يوافق المسلمون والمسيحيون على وضع الأماكن المقدسة تحت رعاية اليهود وذلك لأن الأماكن الأكثر تقديسا عند المسيحيين هي ما له علاقة بالمسيح والأماكن المقدسة التي يقدسها المسلمون غير مقدسة عند اليهود بل مكروهة وبذلك اقترحت اللجنة وضع الأماكن المقدسة تحت إدارة لجنة دولية دينية تكون بإشراف الدولة الوصية وعصبة الأمم.
وبعد أسبوعين من موافقة عصبة الأمم على صك الانتداب البريطاني لفلسطين أصدرت الحكومة البريطانية دستورا لفلسطين في 10 أغسطس، وأصبح نافذ المفعول في 11 سبتمبر 1922 واشتملت مقدمته على نص تصريح وعد بلفور. وتضمن إنشاء مجلس تشريعي يكون برئاسة المندوب السامي لا تنفذ قوانينه إلى بموافقته، وأعطى المندوب السامي صلاحيات واسعة تتمثل في إصدار القوانين والإشراف على الأراضي العمومية وتعيين الموظفين وعزلهم ومنح العفو وإبعاد المجرمين السياسيين.
ومن الواضح أن السلطة العليا وفق الدستور كانت بيد المندوب السامي، بينما لم يكن للعرب الفلسطينيين أية سلطة تذكر حتى أن المجلس التشريعي كانت صلاحياته مقيدة بإدارة المندوب السامي، وبالتالي فلم يكن لهذا المجلس سلطة تنفيذية على الإطلاق ولذلك كان من الطبيعي أن لا توافق اللجنة التنفيذية العربية على هذا الدستور.
ومهما يكن من أمر فإن حكومة الانتداب البريطاني استمرت في نهج السياسة الرامية لبناء الوطن القومي اليهودي وتمثلت هذه السياسة في تشجيع الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين، والعمل على تسخير القوانين لصالح اليهود وتضييق الخناق الاقتصادي على العرب بالإضافة إلى رفض مطالب عرب فلسطين بشأن التمثيل السياسي وإقامة حكومة وطنية، مما أدى إلى ازدياد حدة التوتر لدى العرب خاصة بعد محاولات اليهود الاعتداء على المقدسات الإسلامية وأراضي الأوقاف في مدينة القدس، الأمر الذي أدى إلى ازدياد نقمة الفلسطينيين على الحكومة.
ثورة البراق 1929
كان السبب الرئيسي في الصدامات التي وقعت بين العرب واليهود. عام 1929يعود للخلافات بين الطرفين حول حائط البراق الذي يعتبر مكانا مقدسا لدى المسلمين واليهود والبراق مكان صغير ملاصق لجدار الحرم الشريف في القدس وقد جرت التقاليد الإسلامية على اعتباره المكان الذي ربط فيه الرسول صلى الله عليه وسلم البراق ليلة الإسراء فاصبح يعرف عند المسلمين بالبراق كما أن الجهات الخارجية التي تحيط بالبراق هي أوقاف إسلامية منذ 700 سنة دون انقطاع ويعتبر أيضا الحرم الشريف مكانا مقدسا وملكا للأمة الإسلامية منذ ثلاثة عشر قرنا ونصف القرن.
أما بالنسبة ليهود فيشكل الحائط جزءا من الحائط الخارجي الغربي لهيكل اليهود القديم ويقدسونه باعتباره البقية الباقية من ذلك المكان المقدس، فقد اعتاد اليهود منذ العصور الوسطى على زيارة هذا المكان في المناسبات الدينية خاصة يوم الصيام المعروف بيوم (تسعة آب) والذي يحتفل به بذكرى خراب آخر هيكل لليهود من قبل هيرودس.
وقد جرت العادة أن يسمح لليهود بزيارة البراق والبكاء على خراب هيكل سليمان دون أية معارضة من قبل المسلمين وذلك من باب التسامح الديني ومن باب أنها مجرد شعائر يؤدونها دون أن يكون لهم أي حق مكتسب في هذا المكان.
وبعد وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني حاول اليهود خلال فترة العشرينات إجراء بعض التغييرات في الوضع القائم، ففي 24 أيلول 1928 وبمناسبة عيد الغفران قاموا بنصب المقاعد أمام الحائط وجلب الكراسي والمصابيح والحصر وتابوت العهد وكتب التوراة وإقامة الستار الخشبي الذي يفصل بين الرجال والنساء، وذلك تمهيدا لإقامة كنيس يهودي في هذا المكان، مما أدى إلى احتجاج المسلمين وتدخل الحكومة البريطانية التي قامت بإزالة الستار ورفع كافة الأغراض التي وضعها اليهود والتي تخالف ما كان معتادا عليه من قبل.
بعد أن أخذ الحاج أمين الحسيني يدعو لعقد مؤتمر إسلامي عام لإثارة الجو الإسلامي في فلسطين والبلاد العربية. وانعقد هذا المؤتمر في أول تشرين الثاني 1928 حيث اتخذ العديد من القرارات من أهمها:
الاحتجاج بكل قوة على أي عمل أو محاولة ترمي إلى إحداث أي حق لليهود في مكان البراق واستنكار ذلك والاحتجاج على كل تساهل أو تغاض أو تأجيل يمكن أن يبدو من الحكومة في هذا المجال.
منع اليهود منعا باتا من وضع أية أداة من أدوات الجلوس والإنارة والعبادة والقراءة وضعا مؤقتا أو دائما في ذلك المكان في أية حالة من الأحوال وأي رف من الظروف ومنعهم من رفع الأصوات وإظهار المقالات بحيث يكون المنع باتا حتى لا يضطر المسلمون إلى أن يباشروا منعه بأنفسهم مهما كلفهم الأمر دفاعا عن هذا المكان المقدس وعن حقوقهم الثابتة لهم فيه.
إبعاد المستر بنتويش الزعيم الصهيوني البريطاني عن منصبة كمدع عام والذي اشتهر بآرائه المتطرفة المعادية للإسلام والمسلمين.
كما قرر المؤتمرون إنشاء جمعية تعرف ب"جمعية حراسة الأماكن المقدسة" على أن يكون مركزها في مدينة القدس وأن تتعاون في مهامها مع "لجنة الدفاع عن البراق الشريف" وأنيط بهذه الجمعية مهام تنفيذ قرارات المؤتمر الإسلامي وإنشاء فروع لها في مختلف أنحاء العالم الإسلامي والاتصال مع الجاليات الإسلامية في المهجر.
وفي أواخر تشرين الثاني 1928 أصدرت الحكومة كتابا أبيض رقم 2229عن أحداث البراق لعام 1928 تضمن مسؤولية الحكومة في الحفاظ على حقوق اليهود في أداء الصلاة في الحائط وأن يأخذوا معهم الأشياء الجوهرية التي كان مسموحا بها خلال الحكم العثماني، واقترحت الحكومة في هذا الكتاب على اللجنة التنفيذية الصهيونية والمجلس الإسلامي الأعلى لعقد بروتوكول بين الطائفتين الإسلامية واليهودية لتنظيم القيام بالخدمة الدينية عند الحائط دون إجحاف بحقوق المسلمين الشرعية وعلى منوال يتناسب مع مقتضيات الطقوس الدينية العادية ولياقتها فيما يتعلق بشؤون العبادة.
غير أن الحكومة البريطانية فشلت في التوفيق بين الطرفين لا سيما وأن الخلاف هنا خلاف على مكان مقدس لديهما مما يعني بأن الصدامات ستتجدد مرة أخرى وبشكل أعنف من قبل، ففي 15 آب 1929 وبمناسبة ذكرى إحياء هيكل سليمان قام اليهود بمظاهرة ضخمة في شوارع مدينة القدس واتجهوا إلى حائط البراق حيث رفعوا العلم الصهيوني وأنشدوا النشيد الوطني الصهيوني، الأمر الذي أدى إلى استفزاز مشاعر المسلمين فقاموا في اليوم التالي بمظاهرة مضادة حطموا خلالها منضدة لليهود على رصيف الحائط وأحرقوا أوراق الصلوات اليهودية الموجودة في ثقوب الحائط. فكان هذه الأحداث مقدمة للصدامات الكبيرة التي وقعت بين الطرفين في 23 آب 1929والتي ابتدأت من مدينة القدس وامتدت لتشمل كافة أنحاء فلسطين، وقد أسفرت تلك الصدامات عن وقوع العديد من الضحايا والجرحى من كلا الجانبين، ولم تهدأ إلا بعد تدخل القوات العسكرية البريطانية التي استخدمت كافة أساليب القمع والعنف بحق العرب.
لجنة شو للتحقيق
وعلى أثر هذه الأحداث أعلن اللورد باسفيلد وزير المستعمرات في الحكومة البريطانية في 13 أيلول 1929 تعيين لجنة للتحقيق عن الأسباب المباشرة التي أدت إلى وقوع الاضطرابات الأخيرة في فلسطين ولوضع التوصيات بشأن التدابير الواجب اتخاذها لمنع تكرارها. وتشكلت اللجنة من السير والتر شو قاضي قضاة ملقا سابقا رئيسا، والسير هنري بتريون من حزب المحافظين عضوا، والمستر هوبكن موريس من حزب الأحرار عضوا ثانيا، والمستر هنري سنل من حزب العمال عضوا ثالثا. وصلت اللجنة إلى فلسطين في 24 تشرين الأول 1929 ومكثت فيها 66 يوما معظمها في مدينة القدس عقدت خلالها سبعا وأربعين جلسة علنية وإحدى عشرة جلسة سرية استمعت فيها إلى العديد من الشهود من الأطراف الثلاثة والإنجليز العرب واليهود.
وفي 31 آذار 1930 قدمت اللجنة تقريرها إلى وزير المستعمرات اللورد باسفيلد وقد بينت في معرض تحليلها للاضطرابات التي وقعت في 23 آب 1929 أنها كانت نتيجة لخيبة الأماني القومية والسياسية للعرب وخوفهم على مستقبلهم الاقتصادي وأشارت إلى أن العلاقات بين العرب واليهود في فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى كانت جيدة فقد عاشوا جنبا إلى جنب بألفة ومحبة وتسامح وتساهل وهذا ما لم يعد متوفرا وموجودا في عام 1929 وترى اللجنة أن هذا التغيير في العلاقات بين الشعبين جاء نتيجة للسياسة المتناقضة للحكومة البريطانية فيما يتعلق بوعد بلفور والوعود التي قطعت للشريف حسين خلال الحرب العالمية الأولى، فكان إنشاء وطن قومي لليهود حسب المعنى الواسع الذي فهم به يخالف مطالب العرب بينما لو سلم بالمطالب القومية العربية لأصبح من المستحيل تحقيق العهد المقطوع لليهود.
وبينت اللجنة أن الأسباب المباشرة للاضطرابات تتمثل في سلسلة الحوادث الطويلة المتعلقة بحائط البراق التي ابتدأت يوم عيد الغفران في شهر أيلول 1928 وانتهت بالمظاهرة الإسلامية التي أقيمت بجانب الحائط في 15 آب 1929 كانت أكبر مساعدة في وقوع الاضطرابات، ثم يلي ذلك أهمية في سلسلة الحوادث أعمال جمعية حراسة الأماكن المقدسة وبدرجة أقل أعمال لجنة الدفاع عن حائط المبكى اليهودية، إذ أن كلا منهما كانت تدير حملة دعاية بشأن مسألة من شأنها أن تؤدي إلى اضطرابات كما أن الفرق بين لهجة صحافة هاتين الهيئتين يبين جليا الفرق بين مزاج وعقلية كل منهما، وحملت اللجنة الصحاف العربية واليهودية مسؤولية: إثارة الخلافات بين الشعبين نظرا للمقالات المهيجة الخارجية عن حد الاعتدال التي كانت تنشرها تلك الصحف.
وفندت اللجنة الشكاوي التي تقدمت بها اللجنة التنفيذية الصهيونية بحق الحاج محمد أمين الحسيني مفتي القدس ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى ومفادها أن الاضطرابات كانت بتحريض من المفتي ومن اللجنة التنفيذية العربية إذ أن المفتي كان مدفوعا برغبة تأمين منصبة في رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى بعد ان أصبح مركزه مهددا وفقا لمشروع النظام الجديد الذي وضعته الحكومة عام 1928 بشأن تعديل نظم المجلس الإسلامي الأعلى الذي لو أقرته الحكومة لحدد فترة بقاء المفتي بمنصبه.
غير أن اللجنة لم تقبل هذا التفسير إذ أن مشروع النظام يسمح للمفتي الاستمرار في منصبه لمدة تسع سنوات يجدد تلقائيا ما لم تقرر الهيئة الإسلامية العامة بموافقة ثلثي مجموع أعضائها بتجديد انتخابه، ولذلك فلا يمكن "إدراكه حسب اعتقادنا أن بكون مشروع هذا النظام الذي يؤمن مركز المفتي تسع سنوات ويفتح أمامه باب الأمل بالبقاء في منصبه بعد انقضاء هذه المدة دافعا للمفتي للتحريض على الثورة أو تنظيمها".
أما بشأن الادعاء الآخر الذي قدمته اللجنة الصهيونية بحق المفتي من أنه ضرب على الوتر الديني فيما يتعلق بمطامع اليهود في الأماكن الإسلامية المقدسة في فلسطين والاستيلاء على المسجد الأقصى وعلى منطقة الهيكل القديم حتى يحرك شعور المسلمين ضد اليهود في فلسطين، أشارت لجنة شو إلى هذه الحملة ربما تكون دينية أو سياسية أو دينية وسياسية في آن واحد ، وإذا كانت دينية فما هي إلى سوى الإعراب عن شعور حقيقي وهي لهذا الحد مبررة، كما بينت اللجنة أن الدور الذي لعبه المفتي في تنظيم حملة البراق كان يرمي إلى إزعاج اليهود وتوجيه الرأي العام العربي إلى مسألة حائط البراق، ولم يكن يهدف إلى استغلال هذه الحملة لتكون وسيلة للتحريض على الاضطرابات، وقد دللت اللجنة أن الاضطرابات التي وقعت في مدن الخليل وحيفا ويافا وصفد كانت عنيفة جدا في حين كان نفوذ المفتي في هذه المدن ضعيفا بالمقارنة مع نفوذ الحزب المنافس له، كما أن المفتي كان خلال فترة الاضطرابات يقوم باستمرار بإلقاء الخطب لتهدئة الأهالي وتسكينهم كما كان يوجه النداءات يدعو فيها إلى التذرع بالحلم والحكمة الصبر، إضافة إلى أنه ساعد الحكومة في جهوده لتوطيد السلام والحيلولة دون امتداد الاضطرابات.
لجنة البراق الدولية
كان من ضمن توصيات لجنة شو تعيين لجنة دولية للفصل في الحقوق المطالب المتعلقة بحائط البراق. وتنفيذا لهذا التوصية شكلت الحكومة البريطانية لجنة من ثلاثة أشخاص عرفت باسم لجنة البراق الدولية، وقد أقر مجلس عصبة الأمم هذه اللجنة في 15 أيار 1930.
وفي 19 حزيران 1930 وصلت اللجنة إلى مدينة القدس وأقامت فيها شهرا عقدت خلاله 23 جلسة واستمعت إلى شهادات أدلى بها العديد من اليهود والعرب، وقد مثل الجانب العربي كل من عوني عبد الهادي وأحمد زكي باشا ومحمد علي باشا بينما مثل الجانب اليهودي كل من الدكتور مردخاي الياش والمستر دافيد يلين والحاخام موشي بلاد. كما أدلى بالشهادة أمام اللجنة العديد من الشخصيات الفلسطينية ممن كان لهم إطلاع واسع ومعرفة شاملة بالأماكن المقدسة من الناحية التاريخية القانونية إضافة إلى العديد من الشخصيات العربية والإسلامية البارزة من مختلف الدول العربية والإسلامية كمراكش والجزائر وليبيا ومصر والأردن والعراق وسوريا ولبان وبلاد فارس والهند وإندونيسيا.
أبرز فريق المسلمين للجنة مستندات ووثائق متعددة كسجلات المحاكم الشرعية والفرمانات التي أصدرها السلاطين العثمانيون المتعلقة بالحائط والمراسلات بين المجلس الإسلامي الأعلى من جهة وحكومة الانتداب وعصبة الأمم من جهة ثانية، وصور فوتوغرافية، بالإضافة إلى خلاصات لكتب الجغرافيين والسياح والرحالة والمؤرخين الغربيين.
وبين الجانب الإسلامي للجنة بأن البراق جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف ولا يوجد فيه حجر واحد يعود إلى عهد الملك سليمان، كما أن الممر الكائن عند الحائط ليس طريقا عاما لأنه أنشئ لمرور سكان حارة المغاربة وغيرهم من المسلمين للذهاب إلى مسجد البراق والحرم الشريف، كما بين أيضا أن السماح لليهود بزيارة الحائط خلال أيام معينة لا يعني سوى أنه من قبيل التسامح الذي أبداه نحوهم المسلمون، وقد استند الجانب الإسلامي في ذلك إلى ما أورده السياح والمؤرخون والجغرافيون من أنه لما كان يسمح لليهود بالاقتراب من الحائط وما كان ليسمح بذلك دائما، ولم يكن ما يبدونه عند الحائط يتجاوز حد النواح ولم يحاولوا قط إقامة شعائر دينية بالفعل، وفضلا عن ذلك كان اليهود في بعض الأحيان لا ينوحون عند الحائط يل يذهبون خارج المدينة، وأشار الجانب الإسلامي إلى قدسية الرصيف الكائن عند الحائط ولمكان المجاور له، وقد جاءت هذه القدسية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نزل فيه ومر به ثم ربط براقه في الحائط ليلة الإسراء.
أما بشأن طلب اليهود بالسماح لهم بجلب أدوات إلى الحائط كالمقاعد والكراسي والستائر وغير ذلك، فقد بين الجانب الإسلامي أن هذا الطلب لا يستند إلى عادة سابقة، واستند في ذلك إلى المراسيم التي أصدرتها الدولة العثمانية عامي 1840، و1911 فقد منعت فيها إجراء مثل ذلك، كما استدعى العديد من الشهود ممن كانوا يزورون الحائط بانتظام خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى وشهدوا بأنهم لم يروا هنالك شيئا يشبه صلاة طقسية يقيمها اليهود ولا أدوات دينية.
ومهما يكن من أمر فقد أبدى وكلاء فريق المسلمين تحفظين اتخذهما الحجج التي أدلوا بها وهما:
أن الشعب العربي الفلسطيني لا يعترف بالانتداب البريطاني على فلسطين وبالتالي فهو لا يلتزم بأي نظام مستمد من الانتداب ولا الإقرار بأية نتيجة تؤي إلى إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، فالشعب الفلسطيني هو وحده صاحب الحق في تقرير مصيره.
أن النزاع على ملكية أماكن العبادة أو على حقوق مدعى بها على هذه الأماكن يجب أن يرفع إلى الهيئة المختصة دون غيرها بالفصل في أمر الوقف والأماكن الإسلامية.
أما فيما يتعلق بمطالب اليهود وادعاءاتهم، فتتلخص في عادة اليهود بالذهاب إلى حائط البراق للبكاء على خراب حائط سليمان، وادعوا أن هذه العادة تعود إلى أقدم الأزمنة أي إلى فترة ما بعد خراب الهيكل لأنهم اعتادوا الذهاب في يوم ذكرى خراب الهيكل وفي الأعياد الدينية وأيام السبت، وكانوا يؤدون الصلوات اليهودية والبكاء والنواح ووضع قصاصات من الأوراق في ثقوب جدران الحائط تتضمن استرحامات وتمنيات دينية كما ادعوا أن استعمال أدوات كالمقاعد والستائر وخزانة تتضمن أسفار التوراة وقناديل طقسية وطشت للغسيل وغير ذلك كان شائعا قبل الحرب العالمية الأولى. ونفى الجانب اليهودي اعتبار الحائط والرصيف الكائن أمامه حارة المغاربة أماكن إسلامية مقدسة، إذ أشار إلى أن مدى اتساع المنطقة التي يشملها الوقف غير واضح تمام الوضوح في سجلات المحاكم الشرعية كما أن حدودها غير واضحة، ويعتقد أن وقف أي عقار لا يؤثر في قيام اليهود بفروض العبادة عند الحائط لأن اليهود كانوا يقيمون دائما طقوس عبادتهم قبل إنشاء الوقف وبعده. واستنادا إلى هذه الحجج طالب اليهود من اللجنة الاعتراف بأن حائط البراق مكان مقدس لجميع اليهود في مختلف أنحاء العالم ومن حقهم الذهاب إليه للقيام بالطقوس الدينية دون معارضة كما طالبوا أن تقدم اللجنة اقتراحا لحكومة الانتداب حتى تقوم بالتنسيق مع دائرة الأوقاف الإسلامية لإنشاء مبان جديدة في بعض المواقع بمدينة القدس مقابل إخلاء أملاك وقف المغاربة.
وفي 14 كانون الثاني 1931 أصدرت اللجنة تقريرها ورفعت نسخة منه إلى وزير الشؤون الخارجية في الحكومة البريطانية ونسخة أخرى إلى عصبة الأمم، وقد بينت اللجنة في هذا التقرير أن حق ملكية الحائط وحق التصرف بعد عائد للمسلمين، فالحائط ملك للمسلمين نظرا لكونه جزءا لا يتجزأ من الحرم الشريف كما أن الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام حارة المغاربة حيث يقيم اليهود صلواتهم هو أيضا ملك للمسلمين لكونه موقوفا حسب أحكام الشرق الإسلامي لجهات البر والخير، وأشارت إلى أنه ثبت لديها أن المنطقة التي تكتنف الرصيف قد وفقها على المسلمين الملك الأفضل ابن صلاح الدين الأيوبي عام 1193م، وبينت أن أدوات العبادة التي يضعها اليهود بالقرب من الحائط لا تعتبر، أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له.
وأوصت اللجنة بحرية وصول اليهود للحائط الغربي لإقامة الشعائر الدينية في جميع الأوقات ويسمح لهم بوضع الخزانة المحتوية على سفر أو أسفار التوراة والمائدة التي توضع عليها الأسفار عند القراءة فيها عند الحائط في المناسبات التالية:
أوقات الصيام أو اجتماع خلاص للصلاة العامة تدعو إليه رئاسة حاخامي القدس بسبب وقوع كارثة أو نكبة أو مصيبة عامة شريطة إبلاغ الحكومة بذلك.
في يومي عيد رأس السنة وعيد الغفران.
في أيام الأعياد المخصوصة الأخرى التي تعترف بها الحكومة التي جرت العادة فيها على جلب الخزانة المحتوية على الأسفار إلى الحائط.
وأوصت اللجنة بعدم وضع أي مقاعد أو كراسي أو خيمات على الرصيف الكائن أمام الحائط وعدم وضع أي حاجز أو ستار، وأنيط تعمير الحائط باعتباره من الآثار التاريخية بحكومة الانتداب بعد استشارة المجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الرباني لفلسطين.
وبالرغم من اعتراف اللجنة بملكية المسلمين للحائط، فقد أبدى المجلس الإسلامي الأعلى احتجاجه على تقرير اللجنة ورفضه له، حيث رفع مذكرة لحكومة الانتداب بين فيه الأسباب التي دعته لرفض التقرير، وتتمثل في عدم اعتراف المسلمين بصلاحية بت اللجنة في مسألة حائط البراق لأنه لا حق لغير المسلم في الفصل في المسائل الشرعية، كما أن التقرير أعطى اليهود حقوقا في حائط البراق ليست لهم وفي ذلك مخالفة لقانون التملك لأنه يسلب المسلمين حق التصرف في ملكهم. كما بعث الحاج أمين الحسيني بمذكرة إلى عصبة الأمم بين فيها عدم اعتراف المسلمين بقرارات اللجنة وأشار في هذه المذكرة إلى المادة الثالثة عشرة من صك الانتداب والتي ضمنت بموجبها امتيازات المقامات الإسلامية المقدسة وحظر كل تعرض لجوهر أو إدارة هذه المقامات.
يتبع باقي الموضوع