الولايات المتحدة ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين ( الأونروا )
أنشئت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين ( الأونروا ) ، بمقتضى قرار الجمعية العامة رقم 302 في 8 ديسمبر 1949 ، وقبل خمسة أيام من ذلك كانت الجمعية العامة قررت إنشاء المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ، في حين لم يأت القرار إلى ذكر من يعتبرون لاجئي فلسطين بموجب تفويض الأونروا ، فلا قرار الجمعية العامة رقم 194 ولا قرارها رقم 302 ، ولا أي قرار لاحق للجمعية العامة تضمن تعريفاً لمصطلح لاجئي فلسطين ،
ووضعت الأونروا تعريفاً للاجئي الفلسطيني عدل أكثر من مرة كان آخرها عام 1993 ، فأصبح اللاجئ الفلسطيني يعرّف بأي شخص كانت فلسطين مكان إقامته المعتادة خلال الفترة من 1 يونيو 1946 إلى 15 مايو 1948 ، وفقد منزله وسبل معيشه معاً نتيجة الصراع سنة 1948، وكان تعديل التعريف لأكثر من مرة يرجع إلى ضغوط من كبار المانحين للأونروا لخفض أعداد متلقي المساعدات واستند هذا التعريف إلى معيار الإغاثة وتم إقصاء اللاجئين الفلسطينيين من إتفاقية جنيف لسنة 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين وبروتوكولها لسنة 1967 بروتوكول اللاجئين فقد نص الفصل الأول (أ.د) من الاتفاقية بأنها لا تطبق على الأشخاص الذي يتمتعون بالحماية أو المساعدة من منظمة أو من مؤسسة تابعة للأمم المتحدة غير المفوضية السامية لشئون اللاجئين كما أن الفصل السابع (ج) من القانون الأساسي للمفوضية السامية لشئون اللاجئين ينص عن أن تفويض هذه الهيئة لا يمارس على الأشخاص الذين يستمرون في التمتع بالحماية أو بالمساعدة من منظمات أو مؤسسات أممية أخرى ، ونفس نوع الإقصاء قد تضمنه الفقرة 2 (ط) من الفصل الأول من اتفاقية نيويورك لسنة 1954 المتعلقة بوضع المهجرين ، هذا الإقصاء يفسر بأنه أراد أن يعمل على اعتبار وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين نتيجة مباشرة لما أقرته الأمم المتحدة ذاتها من خلال اعتمادها القرار 181 بشأن تقسيم فلسطين اهتماماً خاصاً ولأسباب ذات صبغة سياسية محضة ،
ونتيجة لهذه المقررات وصعوبة ممارسة اللاجئين الفلسطينيين لحقهم في العودة ، فإنهم يتعرضون باستمرار للإقصاء من كل آلية حماية ويحرمون من الضمانات التي يحصل عليها عادة غيرهم من اللاجئين
منذ إنشاء الأونروا ، يتم تجديد تفويضها كل ثلاثة أعوام من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي أوسع برنامج للأمم المتحدة في الشرق الأوسط ، يستخدم أكثر من 22 ألف موظف معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يشتغلون في نحو 900 مركز وتتولى الوكالة عن طريق برنامجها العادي تقديم المساعدة لثلاثة مليون وستمائة ألف لاجئ فلسطيني مسجلين بالمنطقة التي تعود لها بالنظر ، أي لبنان والأردن وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ، ومن بين هؤلاء يعيش مليون ومائة ألف لاجئ في تسعة وخمسين مخيماً .
وتعد الولايات المتحدة من أكبر الممولين لأنشطة وخدمات الأونروا ، فبين عامي 1950 – 1975 ، كانت تسهم بحوالي بـ 57% من إجمالي ميزانيتها وذلك لأنها كانت ترى آنذاك أن دعم أنشطة الأونروا من شأنه أن يخفف من التوتر حول حدود إسرائيل بتسكين هؤلاء اللاجئين عن طريق تقديم الإغاثة لهم وبالتالي يدعم الولايات المتحدة في المنطقة إسرائيل في مواجهة الشيوعية ، ومن جانب آخر يصبح على الوكالة أن تتولى القيام ببرنامج تشغيل تمولها الولايات المتحدة مما يدعم النفوذ الاقتصادي لها في المنطقة .
وانتهجت الولايات المتحدة تجاه الأونروا سياسات تقوم على السيطرة على الوكالة مالياً و إدارياً فهي كانت تتبع ربط مساعداتها إلى الوكالة بمدى تحقيق مصالحها الإقليمية في المنطقة آنذاك ، وتوجيه نشاط الوكالة نحو توطين اللاجئين من خلال برامج التشغيل فقد كانت الغاية من عملية التوطين هي استبعاد فكرة العودة إلى فلسطين , إذ أن إسرائيل لا تستطيع استيعاب كافة اللاجئين ، واستمرار وبقاء الوكالة على فترات متقطعة فالولايات المتحدة بحكم مركزها المالي في الوكالة وإمكانياتها في ممارسة الضغط داخل الأمم المتحدة كان في استطاعتها أن تنهي أعمال الوكالة ولكنها تجد مصلحة في الإبقاء عليها ، وبالإضافة إلى تقديم الدعم المالي إلى إسرائيل بلا حدود ومقابل تدعيم الوكالة مالياً
فمما لا شك فيه أن دعم الولايات المتحدة للأونروا كان مرتبطاً بشكل كبير بالظروف الدولية والإقليمية أنذالك ، فمنذ مؤتمر مدريد إلى هذه اللحظة تعاني من الأزمات والعقبات في تأدية مهامها ،
فقد حضرت الأونروا بصفة مراقب في اللجان التي أنشأتها المفاوضات المتعددة بموجب اتفاقية مدريد ، غير أن إسرائيل اعترضت بشدة على أي توسيع لدور الأونروا , وكانت من قبل رفضت إسرائيل إعادة تعريف مهمة الأونروا ، ومع تقرير المساهمات المتزايدة لتحسين نوعية الحياة في الأراضي المحتلة ,
حاول المسئولون الإسرائيليون حصر تفويض الأونروا في نطاق عملياتها الإنسانية التقليدية , فقد رفضوا انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على هذه الأراضي ورأوا في المساعدة العامة خروجاً غير ملائم عن التعويض فليس للأونرا حالياً صفة تمثيل اللاجئين بنصوص اللوائح الخاصة بها وسعت الولايات المتحدة منذ إعلان المبادئ الفلسطيني – الإسرائيلي في سبتمبر 1993 إلى تغيير أهداف الأونروا وتغيير مهامها بحيث تتقلص أنشطتها وبرامجها تدريجياً من ناحية ، وبحيث تغير من أولويات العمل والمناطق الجغرافية التي توزع أنشطتها عليها والتي يوجد فيها اللاجئون ، بحث تتركز بصفة رئيسية على مناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة على حساب لبنان وسوريا والأردن من ناحية ثانية ، وبحيث يتم نقل مهام وأنشطة الوكالة أخيراً إلى سلطة الحكم الذاتي من ناحية ثالثة ، عما يعني تصفيتها في واقع الأمر .
فقد شهدت الأونروا ثلاثة تغيرات مترابطة الأول يتمثل في برنامج تنفيذ السلام Peace Implementation Program PIP) )والذي حظي بدعم والمساندة من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وهو أنشأ بغرض تطوير المنشآت الإسكانية والتعليمية والمراكز الصحية والأوضاع البيئية وتنشيط الأوضاع الاقتصادية للاجئين ولكن فقط في نطاق أعمال الوكالة في الضفة الغربية و قطاع غزة ، فقد اندرجت هذه التغيرات في سياق إنجاز شروط انتقال الوكالة من منظمة لإغاثة اللاجئين وتوظيفهم إلى وكالة للتنمية المحلية في إطار إقليمي يشمل مناطق عملياتها ، فهذا التغير قد جاء مكتفياً مع الوجهة السياسية لعملية أوسلو
وكانت إسرائيل والولايات المتحدة وراء هذا الاتجاه الذي يميل إلى نقل مهام وأنشطة وبرامج الأونروا مستقبلاً إلى سلطة الحكم الذاتي وغزة بالتحديد والثاني يتعلق بعجز هيكلي ناجم عن الفجوة بين النفقات المدرجة في الميزانية والنفقات الفعلية وذلك لتقاعس الجهات المانحة عن الوفاء بإلتزاماتها،
والتي أدت بطبيعة الحال إلى عدم مجاراتها بضرورة تلبية متوسط الاحتياجات الفعلية للاجئين، فمن الواضح أن العجز الذي تشهره الوكالة دائماً لتبرير تراجع خدماتها وخفض مستوى معيشة عامليها ناجم عن تكلفة المشاريع المتدرجة تحت برنامج تنفيذ السلام والمشاريع الأخرى ذات الوظيفة المشابهة التي تغطى عجزها الميزانية العادية ويمكن القول أن سعي الولايات المتحدة والاتحادات الأوروبي إلى تكثيف المساعدات والمشروعات الدولية في مناطق سلطة الحكم الذاتي وكذلك ضعف اهتمام سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني وقلة الإعتمادات والمساعدات التي توجهها إلى مخيمات اللاجئين في لبنان بالذات ، واعتبار أن المسؤولية عنهم تقع على عاتق الأونروا ، أدى ذلك إلى أن تعاني الوكالة الدولية من عجز حاد في موازنتها وصل إلى 37 مليون دولار في العام 1996 ، وزاد إلى 60 مليون دولار في عام 1999 ،
فقد خفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من مساهمتها في تمويل الحكومة وذلك علاقة تدل على أن المجتمع الدولي لم يعد مستعداً للاستمرار في تحمل مسئولياته والدول العربية جميعها لا تسهم سوى أقل من 3% في تغطية نفقات الأويزوا وهذا ما ذكره بيترفورد ممثل الأونروا في مؤتمر صحفي عقد في مدينة المنامة بالبحرين فقد كانت الدول العربية تسهم بنسبة 8% طوال العقدين الماضيين ،
والهدف الآن يتمثل في العودة إلى مستوى الدعم السابق فاللاجئون الفلسطينيون الأبرياء هم ضحايا المشكلات السياسية ويعانون أكثر من أي وقت مضى ، وتعد الكويت هي أكبر الدول الداعمين للأونروا فقد دعمتها بمليون دولار ونصف يليها السعودية مليون ومائتين ألف دولار في حين دولة كالسويد تعهدت بتقديم 40 مليون دولار والمملكة المتحدة بـ 27 مليون دولار والدنمارك بـ 12 مليون دولار .
وخلال انتفاضة الأقصى كانت تقوم بدفع تعويضات لأصحاب المنازل المدمرة من جراء العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي ، على الرغم من تدمير بعض مؤسساتها ، واتهامات من إسرائيل بأنها تدعم المقاومة الفلسطينية ، فخلال عام 2001 قتلت إسرائيل سبعة عشر شخصاً من العاملين فيها وألقت القبض على خمسة منهم .
لم تختلف إدارة جورج بوش عن الإدارات السابقة في تقديم الدعم المالي للأونروا من منظور إنساني فقد قالت سيندي كوستا المستشار الخاص للمستشار الأمريكي لبعثة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة أن الولايات المتحدة سوف تسهم بـ 120 مليون دولار منها 30 مليون دولار لتغطية النفقات الطارئة للأونروا وذلك بالتنسيق مع اللجنة الرباعية في سبتمبر 2002.
وفي 4 أغسطس 2003 قام جورج بوش بتمويل مبلغ 26 مليون دولار من صندوق الطوارئ الأمريكي لمساعدة الهجرة واللاجئين .
The U.S. Emergency Refugee and Migration Assistance Fund إلى الأونروا لمواجهة الحاجات الملحة المتوقعة للاجئين الفلسطينيين ، طبقاً لقانون مساعدة الهجرة واللاجئين Migration and Refugees Assistance ، الصادر لعام 1962 ، حيث يتيح له القانون ذلك طبقاً لما يراه مناسباً للمصلحة القومية ، بالإضافة إلى تقديمها لاقتراح في الجمعية العامة دعمته إسرائيل لإتاحة دعم أكبر للأونروا نال موافقة 109 دولة ، وقد خصصت الولايات المتحدة لعام 2006 74.15 مليون دولار بالإضافة لـ 51 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الطارئة .
المصدر : مركز الأبحاث و الدراسات الفلسطينية