المادة التاريخية لغزوات الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم في تفسير الطبري ومقارنتها بكتب التاريخ
الباحث:
أ/عبدالمنعم محمد كندو
الدرجة العلمية:
ماجستير
تاريخ الإقرار:
4/8/2003
نوع الدراسة:
رسالة جامعية
الملخص:
ولهذا أردت أن تكون دراستي عن غزوات النبي e في أكثر التفاسير أهمية، ألا وهو تفسير شيخ المفسرين الإمام الطبري، مقارناً ذلك بكتب التاريخ، ولا سيما أن الطبري من أقدم المؤرخين. وقد سميت بحثي: ((المادة التاريخية لغزوات الرسول محمد e في تفسير الطبري ومقارنتها بكتب التاريخ)). وقد كان للطبري رحمه الله منهج خاص في تفسيره يقوم أولاً على ذكر الآية أو الآيات، ثم يعقبها بذكر أشهر الأقوال التي أثرت عن الصحابة الكرام أو التابعين في تفسيره، ثم يورد بعد ذلك روايات تاريخية أخرى متفاوتة في الصحة، وذلك لوجود عدة قراءات في الآية، أو للاختلاف في تأويلها، ثم يعقب على كل ذلك بالترجيح بين الروايات، ثم ينتقل إلى آية أخرى متبعاً المنهج السابق نفسه عارضاً، ثم ناقداً، ثم مرجحاً. على أن المادة التاريخية التي أوردها الطبري في تفسيره لم تكن كلها صحيحة، بل كان فيها الصحيح، والحسن، والضعيف، إلا أنها كانت تعطي بمجموعها صورةً تاريخية وافية عن أسباب الغزوة وأحداثها ونتائجها، إلا أنها كانت أقل تفصيلاً مما ذكره في تاريخه، وقد كان الطبري يجمع بين صفة المحدث والمؤرخ، لذا نجده يسير على منهج المحدثين في تفسيره، لأنه كان يلتزم بسرد المادة التاريخية مسندةً إلى أصحابها، سواء كانوا من الصحابة أم من التابعين، وقد كان جريئاً في نقد الآراء والروايات التاريخية في تفسيره، والتي قلما نجد لها مثيلاً في تاريخه، ولعل السبب في الاختلاف بين تفسيره وتاريخه يعود لاختلاف طبيعة كل من الموضوعين.
أسباب اختيار الموضوع:
هناك أسباب كثيرة دفعتني لاختيار هذا الموضوع أهمها:
1ـ إن المسلمين في هذه الأيام، يواجهون معارك متنوعة مع أعدائهم ومن أهمها المعارك الحربية، فأردت أن أعود إلى القرآن وتفسيره عند الطبري والمادة التاريخية التي اعتمدها في تفسيره لكي يأخذ منها المسلمون الدروس والعبر، وسنن الله في النصر والهزيمة.
2ـ لأبين أوجه الاتفاق والاختلاف بين مروياته التاريخية في التفسير ـ فيما يتعلق بالغزوات ـ عن المرويات التاريخية في تاريخه وغيره من المؤرخين أيضاً.
3ـ لتنبيه الباحثين في التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية بخاصة إلى أهمية دراسة المرويات التاريخية في التفسير المعتمدة على الآيات القرآنية من أجل إعطاء النصوص القرآنية معانيها الصحيحة المرادة وليس تأويلها تبعاً للهوى أو رغبة في دعم رأي أو مذهب. مع تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لنا بقوله: ((من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار))([1]).
4ـ فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم النبوية والعسكرية لتكون سنة متبعة وأسوة حسنة، لإنقاذ البشرية من الضياع والهلاك ومما تتخبط به في دياجير الظلام، وعقابيل الضلال.
5ـ شعوري ـ من خلال مطالعتي التاريخية ـ بالحاجة إلى الكتابة في هذا الموضوع بهذه الطريقة لا سيما أني وجدت معظم الباحثين يهتمون بالسرد التاريخي لهذه الغزوات أكثر من اهتمامهم بالحديث عنها من واقع القرآن الكريم، فأردت أن أعرض الموضوع من خلال القرآن وتفسيره علّي أكون قد وفقت في ذلك قدر الإمكان.
أما منهجي في البحث فألخصه في النقاط الآتية:
1ـ قمت بجمع المادة التاريخية لكل غزوة من الغزوات من تفسير الطبري، ثم أختار ما يرجحه الطبري أولاً أو اختيار إحدى الروايات التي يأتي الطبري بها في تفسيره والتي تكون متشابهة إلى حد كبير مع بعضها البعض، ثم أقوم بتنسيقها وترتيبها وتنظيمها حتى تكون الصورة التاريخية للغزوة متكاملة.
2ـ قمت بتوثيق المادة التاريخية لتفسير الطبري ـ فيما يتعلق بالغزوات ـ من كتب الحديث الصحيحة التي أوردتها باللفظ والمعنى أحياناً أو بالمعنى فقط . وقد قدمت تلك الكتب على كتب التاريخ العام، وذلك لأنها ثمرة جهود جبارة قدمها علماء الحديث، عند تمحيص الحديث ونقده سنداً ومتناً، بالرغم من أن كتب الحديث لا تورد تفاصيل المغازي وأحداث السيرة، بل تقتصر على بعض ذلك.
3ـ بينت أوجه الاتفاق والاختلاف بين تفسير الطبري وكتب التاريخ وبينت الزيادة فيها. كما أكملت بعض النقص للمادة التاريخية لتفسير الطبري من تاريخه، وغيره من كتب التاريخ، وذلك لإعطاء صورة تاريخية متكاملة لما حدث في الغزوة، ولما كان الطبري في تفسيره يغفل بعض التفاصيل المتعلقة بغزواته صلى الله عليه وسلم فقد استعنت بكتب التفاسير الأخرى لإكمال هذا النقص.
4ـ قمت أيضاً بتحليل كثير من مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات لتكون لنا ولمن بعدنا درساً وعبرة وعظة في الجهاد والتربية والإدارة في حياتنا وواقعنا، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قائداً ربانياً وأن كل غزواته كانت للدفاع عن الدعوة، ولحماية نشر الإسلام ولتوطيد أركان الإسلام، لا للعدوان والاغتصاب والاستغلال.
أهدف البحث :
يهدف البحث بيان أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في مغازيه، لنكون على بصيرة وهدىً من أمرنا. وقد أشار السلف الصالح من هذه الأمة إلى أهمية دراسة المغازي، فقال علي بن الحسين: ((كنا نُعَلَمُ مغازي النبي صلى الله عليه وسلم كما نُعَلَمُ السورة من القرآن))([2]) قال محمد بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما:((كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول يابني، هذه شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها))([3]) نعم والله إنها لشرف الآباء والمدرسة التي يتربى فيها الأبناء؟ فما أجدرَ المسلمين في حاضرهم رجالاً ونساءً، شباباً وشيباً أن يتعلموها ويعلموها غيرهم، ويتخذوا منها نبراساً يسيرون على ضوئه في تربية الأبناء والبنات، وتنشئة جيل يؤمن بالله ورسوله، ويؤمن بالإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان، والتضحية بكل شيء في سبيل سيادته وانتشاره، لا يثنيهم عن هذه الغاية الشريفة بلاء وإيذاء، ولا أطماع ولا إغراء .
الدراسات السابقة :-
من خلال مطالعتي ومجالستي لبعض الأساتذة وبحسب ما وصل إليه علمي، يتضح أن الدراسات السابقة لم تتناول موضوعاً بهذا الشكل الذي اخترته، وهو المادة التاريخية لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الطبري ومقارنتها بكتب التاريخ، إلا إذا اعتبرنا ما كتب في هذا المجال مثل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم صورة مقتبسة من القرآن الكريم والسنة للأستاذ محمد عزة دروزة، وحديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم للدكتور أبي بدر محمد بن بكر آل عابد، والسيرة النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية للدكتور مهدي رزق الله أحمد، والسيرة النبوية للدكتور مصطفى السباعي، ومصادر السيرة النبوية وتقويمها للدكتور فاروق حمادة وما كتبته كتب الحديث المشهورة في المغازي والسير والجهاد للإمامين البخاري ومسلم وغيرهما، وهي كتب قيمة استفدت منها في هذا البحث.
أما بحثي فقد تميز ببيان منهج ابن جرير الطبري التاريخي في تفسيره ومقارنته بكتابه التاريخي المسمى (تاريخ الرسل والملوك) مع مقارنته بكتب التاريخ الأخرى.