دور أتراك أسيا الصغرى في مواجهة الحملات الصليبية البرية 1096 -1190م
الباحث: أ/ خالد محمد المطري
الدرجة العلمية: ماجستير
تاريخ الإقرار: 2002م
الملخص:
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين...
وبعد:
فإن موضوع هذه الدراسة يستمد أهميته من أن ما قام به أتراك آسيا الصغرى من جهود كبيرة لدفع خطر الحملات الصليبية البرية على المشرق الإسلامي لم ينل ولو الجزء اليسير من الاهتمام الذي حظت به باقي القوة الإسلامية المقاومة الأخرى، كالقوة الزنكية أو الأيوبية أو المملوكية.
فمع أن أتراك آسيا الصغرى كانوا القوة الإسلامية الوحيدة - تقريباً- التي تحملت عبء مواجهة ثمان حملات صليبية برية، والوحيدة أيضاً التي تمكنت من دحر وهزيمة ست حملات بأكملها، إلا أن هذا الدور الهام ظل بعيداً عن مجال اهتمام معظم الباحثين سواءً المتخصصين في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب زمن الحروب الصليبية أو المهتمين بتاريخ أتراك آسيا الصغرى.
فقد اكتفى الصنف الأول منهم (أي كتاب الحروب الصليبية) بتناول أحداث الحملات الصليبية - برية وغير برية - تناولاً عاماً سواءً أكان ذلك بالنسبة لمن كتبوا عن تاريخ الحركة الصليبية بأكملها أو الذين أقتصر حديثهم على تناول حملة أو حملتين من هذه الحملات. ونظراً لكثرة ما ورد في كتابات معظم من يمثلون هذا الصنف من نقاط تستوجب النقاش والتصويب فقد خصص جانب كبير من حواشي هذا البحث لتأدية هذه المهمة.
أما الصنف الثاني منهم (أي المهتمين بتاريخ أتراك آسيا الصغرى) فقد ركزوا جهودهم على دراسة تواريخ قوى آسيا الصغرى التركية وليس دور هذه القوى مجتمعة في مقاومة الحملات الصليبية البرية. وإذا ما أهتم احدهم بالتطرق إلى بعض جوانب هذا الدور فلا يتعدى أو يتجاوز حديثة التناول العام أو المختصر والمطابق لما هو وارد في مؤلفات الصنف الأول.
وليس ذلك وحسب إذ أن الحملات الصليبية البرية نفسها لم تُعن بدراسة متخصصة تبين عوامل قيامها وطبيعة وحجم قواتها الحقيقيين والأسباب التي أدت إلى إخفاقها.
ونظراً لما سبق ذكره فقد توجه اهتمامي إلى إبراز جوانب هذا الموضوع في دراسة علمية مستقلة.
هذا بالنسبة لأهمية الموضوع وهدف البحث، أما عن تقسيم الدراسة فقد قسمت الموضوع إلى بابين رئيسيين يسبقهما عرض ودراسة لأهم مصادر البحث وتمهيد خاص عن أوضاع أتراك آسيا الصغرى قبيل قيام الحروب الصليبية.
وقد اختصت فصول الباب الأول بدراسة تفاصيل مواجهة أتراك آسيا الصغرى للحملات الصليبية البرية المبكرة حيث نتناول في أول فصوله وعنوانه الحملة الصليبية البرية الأولى (المعروفة بحملة العامة) علاقة أتراك آسيا الصغرى بقيام الحروب الصليبية، طبيعة وحجم قوات هذه الحملة الصليبية مقارنة بما هو معروف عنها في مؤلفات المؤرخين المحدثين، هجوم قوات رينالد اللمباردي على نيقية واكسريجوردون، وهزيمته على يد قوات السلطان قلج ارسلان الأول، معركة سهل دراكون الفاصلة، المواجهات التركية الصليبية التي دارت بعد هذه المعركة، النتائج النهائية التي أسفرت عن تصدي أتراك آسيا الصغرى لقوات هذه الحملة.
أما الفصل الثاني فيختص بمواجهة أتراك آسيا الصغرى للحملة الصليبية البرية الثانية ( المعروفة بالنظامية) ونتناول فيه أوضاع أتراك آسيا الصغرى قبيل هذه المواجهة توافد الأمراء الصليبيين إلى القسطنطينية وطبيعة علاقتهم بالبيزنطيين، حصار نيقية والمعارك التي خاضها السلطان قلج ارسلان الأول والمدافعين عن المدينة ضد القوات الصليبية والبيزنطية المحاصرة لها، استسلام حامية نيقية للبيزنطيين، معركة ضوروليوم، معركة هرقلة، مواجهة أتراك كليكيا السُفلى للصليبيين، حملة الأمير سفين الدانمركي، نتائج المواجهات وإنعكاسها على أتراك آسيا الصغرى. بينما يختص الفصل الثالث بدراسة المواجهات التي خاضها أتراك آسيا الصغرى ضد حملات عام 1101م الصليبية البرية، ونتناول فيه أوضاع آسيا الصغرى قبيل هذه المواجهات والانتصار الذي حققوه على حساب الصليبيين والأرمن بجوار مدينة ملطية، تصدي أتراك آسيا الصغرى لأولى حملات عام 1101م الصليبية وانتصارهم على قواتها قرب سهل أولوس انتصارهم على ثاني وثالث حملات ذلك العام عند مدينة هرقلة نتائج المواجهات وانعكاساتها على أتراك آسيا الصغرى وباقي القوى الإسلامية الأخرى.
أما بالنسبة للباب الثاني وعنوانه: مواجهة أتراك آسيا الصغرى للحملات الصليبية البرية المتأخرة فيتناول فصله الأول (حملات الملوك الصليبيين البرية بين عامي 1147-1148م) العوامل التي أدت إلى عودة المد الصليبي البري وخروج كبار ملوك غرب أوروبا- لأول مرة- على رأس حملات صليبية برية، أوضاع أتراك آسيا الصغرى وعلاقتهم بالبيزنطيين قبيل المواجهات، طبيعة وحجم الحملة الملكية الألمانية، انقسام قوات هذه الحملة إلى قسمين مستقلين وسير كل قسم منهما في طريق مختلف، نجاح أتراك آسيا الصغرى في تحقيق النصر على قسمي الحملة ومنعهما من عبور أراضيهم إلى بلاد الشام طبيعة وحجم الحملة الملكية التي تولى قيادتها لويس السابع، تصدي أتراك آسيا الصغرى لقوات هذه الحملة وإلحاقهم الهزيمة بها عند جبل كادموس، اضطرار الملك لويس السابع إلى ركوب البحر- من مدينة اضاليا- والتخلي عن الجزء المتبقي من جيشه نتائج المواجهات وانعكاسها على أتراك آسيا الصغرى والقوى الإسلامية الأخرى.
أما الفصل الثاني من هذا الباب وعنوانه: حملة الإمبراطور فردريك بربروسا الصليبية فنتناول فيه العوامل التي ساهمت في عودة الصليبيين إلى اتخاذ الطريق البرية من جديد أوضاع آسيا الصغرى السياسية وعلاقة سلاجقتها بالقوى السياسية المعاصرة الكبرى (البيزنطية، الأيوبية، الألمانية الصليبية) طبيعة حملة الإمبراطور فردريك ومسيرها إلى الشرق، أوضاع آسيا الصغرى قبيل المواجهات، تصدي تركمان الأوج لقوات فردريك بربروسا، محاولات الأمير قطب الدين ملكشاه بن قلج أرسلان الثاني التصدي لقوات الحملة الصليبية الألمانية، اقتحام الألمان مدينة قونية وعقد اتفاق وهدنة بين الجانبين، مغادرة الحملة الصليبية قونية واستمرار التركمان في مهاجمتها، حقيقة موقف الأمير قطب الدين وأبيه السلطان من هذه الحملة، موت فردريك بربروسا وزوال خطر حملته على المشرق الإسلامي، تأثير المواجهات على أوضاع سلاجقة آسيا الصغرى، وعلاقتهم بالأيوبيين.
وقد أعقبت هذين البابين بخاتمة مختصرة ذكرت فيها أبرز النتائج التي انتهت إليها دراسة الموضوع.