السيد إبراهيم أحمد New Member عضو جديد
الابراج : عدد المساهمات : 16 تاريخ التسجيل : 14/02/2011 العمر : 65 الموقع : https://www.facebook.com/profile.php?id=100000789262267
| موضوع: فاطمة الزهراء .. أم أبيها السيد إبراهيم أحمد الأحد 25 مارس 2012, 9:48 am | |
| نساء فى حياة
الرسول صلى الله عليه وسلم
7 ـ فاطمة الزهراء .. أم أبيها
السيد إبراهيم أحمد
فى بيت شهد موت الذكور من الأولاد فى سن مبكرة ، مما خلف فى حنايا القلب حزن دفين ، لم يبدده إلا صراخ طفل جديد وإن يكن أنثى فالزوجان لا يأبهان لهذا فيسميانها زينب ، ثم تتابع الفرحة بالمواليد فتأتى الثانية رقية وبعد عام تدركها أم كلثوم ، حتى أصبح محمداً صلى الله عليه وسلم حديث نوادى قريش بأنه لا ينجب إلا البنات وكأن هذا من صنيعه .. !!
شبت البنات متحاباتٍ تحفهن رعاية أم رؤوم ، وأب حنون ، ممتلئات بالنعمة ، ورغد العيش ، جمعنَّ إلى جانب الثراء الظاهر ، مجد النسب ، وشرف المكانة بالانتساب لعائلتى والديهما .
أتت مسك الختام فى رحلة الإنجاب فاطمة التى أطلت على دنيا الأب وقد بلغ الخامسة والثلاثين من عمره على التقريب ، وأدرك الأم عامها الخمسين أو أقل ، وقد ارتبط ميلادها بحادث مشهود محفور فى ذاكرة المكيين حين غطى سماء مكة سحابة كبيرة من النزاع بين أشرافها دام حوالى الأربع ليال عندما كانوا يجددون للكعبة بنائها فى من يحمل الحجر الأسود إلى مكانه منها إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومى وكان من عقلائهم عرض عليهم أن يحكِّموا بينهم أول داخلٍ عليهم من باب المسجد فقبلوا، وشاء الله أن يكون القادم محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد، فلما انتهى إليهم، وأخبروه بخلافهم طلب رداء فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعًا بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا ما أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم فوضعه في مكانه، فانقلب الخلاف فرحاً وسعادة غمرت مكة كلها.
وكأنما شاء الله أن يكون لمولد هذه الطفلة الجميلة ، الشبيهة بأبيها ، ارتباط بحدث مثلما ارتبط ميلاده صلى الله عليه وسلم بعام الفيل ، ربما كان فى هذا دلالة على عمر طويل قادم سيرتبطان خلاله ببعضهما أكثر ، ستكون له فيه رغم صغر سنها مثل الأم فى حنوها فكان يكنيها بأم أبيها ، لما كان من تذكيرها له بحنان فاطمة الكبرى أمه القرشية الهاشمية فاطمة بنت أسد التى سماها باسمها من شدة حبه لها رضى الله عنهما ، وصلى الله وسلم على معلم الإنسانية كلها أسمى معانى الوفاء .
الزهراء أطول أخوتها صحبة لأبيها صلى الله عليه وسلم فلم تتركه منذ ولادتها وحتى مماته صلى الله عليه وسلم ، سيدة الصابرين التى تجرعت كوؤس الآحزان مترعات كأساً كأساً ؛ فقد مات أخويها القاسم وعبد الله ثم ماتت أمها ثم تتابعت الأحزان بوفاة أختيها : رقية يوم بدرفى العام الثامن من الهجرة وأم كلثوم فى العام التاسع من الهجرة ، وآخرمن شيعت إبراهيم أصغرأخوتها من السيدة مارية .
إنها فاطمة .. التى تحب أن تسمع ذكر اسمها من أبيها حين يذكره على الملأ ، فتحس كأنها طائر عبقرى يغطى بجناحيه جبال مكة وآكامها ووديانها ، وقر فى قلبها الطفولى أن هذا النداء سيكتب له الخلود ، ولن تستأثر به جنبات تلك القرية مكة وحدها بل أن بطون الكتب ستحويه ، وألسنة الخلق بكافة الألسن والجنسيات ستلتذ بنطقه ، لقد سمعته لما خرج صلى الله عليه و سلم يوماً إلى قريش وقد نزل قوله تعالى : "وأنذر عشيرتك الاقربين " فجعل ينادي : ’’ يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا ’’ ، ثم اختص فاطمة من أولاده فخاطبها :’’ ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا ’’، وسمعت اسمها الحبيب فى المرة الثانية من فمه الشريف صلى الله عليه وسلم هديراً ، وزئيراً ، وبروق ورعود وذلك حين أتاه حِبَهُ وحبيبه وابن حبيبه أسامة بن زيد مستشفعاً للمرأة المخزومية السارقة لكيلا يقيم عليها حد السرقة ، فغضب صلى الله عليه وسلم من أسامة ثم جمع الناس ، فخطب فيهم ، فقال : ’’ياأيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم انهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمدٍ يدها ’’ .
إنها فاطمة .. التى صحبته فى غزوة أحد لتداوى الجرحى مع نساء المسلمين ، لينخلع قلبها حين تكاثر المشركون حوله صلى الله عليه و سلم وقد انكسرت رباعيته وسال الدم على وجهه الشريف ، فجرت عليه واعتنقته وأخذت تمسح الدم من على وجهه الشريف ، ولما وجدته لا يتوقف حرقت حصيرا ومنعت به الدم فامتنع . إنها فاطمة .. الشبيهة الحبيبة والتى شاءت إرادة الله تعالى أن يمد فى عمرها رضى الله عنها وأرضاها ليكون منها ـ دون إخوتها ـ النسل المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهى من أعظم المناسبات التى أدخلت فيها الزهراء الفرحة على أبيها صلى الله عليه وسلم حين كان ينادى الحسن والحسين: يابنى وكانا يدعوانه : يا أبت.
إنها فاطمة .. التى كان صلى الله عليه وسلم ينهض إذا دخلت عليه ويقوم بتقبيل رأسها ويدها، ويجلسها في مجلسه ، كما كانت رضى الله عنها إذا دخل عليها صلى الله عليه وسلم قامت إليه وأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مجلسها ، وكان صلى الله عليه وسلم كلما قدم من سفر بدأ بالمسجد، فيصلى ركعتين، ثم يذهب لفاطمة، ثم يأتي بيوت أزواجه.
إنها فاطمة .. التى لم يتحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها عنه وكذلك لم تتحمل هىَّ بعده عنها ، وذلك فى أول أيام زواجها من على حين أسكنها بيت أمه فاطمة بنت أسد وكانت دارها بعيدة عن بيت النبوة ، وكانت تتمنى أن تكون من السكن بقرب أبيها وسرعان ما تحقق أملها فقد جاءها النبى قائلا : " إنى أريد أن أحولك إلىّ " ، فقالت لرسول الله : فكلم حارثة بن النعمان أن يتحول ـ ينتقل من منزله ـ وأكون إلى جوارك ـ وكان حارثة كلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول له حارثة عن منزل بعد منزل ، حتى صارت منازل حارثة كلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بنية ، قد تحول حارثة عنا حتى استحييت ُ مما يتحول لنا عن منازله ، فبلغ ذلك حارثة فتحول وجاء إلى النبى فقال : يا رسول الله إنه بلغنى أنك تريد أن تحول فاطمة إليك وهذه منازلى وهى أسقب ـ أقرب ـ بيوت بنى النجار بك وإنما أنا ومالى لله ولرسوله والله يا رسول الله للذى تأخذه منى أحبُّ إلىّ من الذى تدع ، فقال له الرسول: " صدقت، بارك الله عليك " فحولها رسول الله إلى بيت حارثة .
إنها فاطمة .. التى عاشت لتشهد رحيل أعز وأعظم الناس قاطبةً الأب الحانى والبقية الباقية لها بعد موت الأم والأخوة والأخوات فزهدت فى الابتسام ولقاء الناس بعده إذ ليس بعده عندها إلا أن يحين دورها فى الرحيل لتلحق به صلى الله عليه وسلم ،لترزء وحدها دون كل أولاده بهذا المصاب الجلل .
إنها فاطمة .. الزهراء.. سيدة نساء العالمين في زمانها ، والبضعة النبوية ، والجهة المصطفوية ، بنت سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية أم الحسنين رضي الله عنها وأرضاها بعد وفاة أبيها بستة أشهر فى ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة ، فدُفنَت رضى الله عنها وأرضاها ليلاً كما أوصت بعد أن صلى عليها على بن أبى طالب ونزل فى قبرها زوجها على والعباس والفضل بن العباس رضى الله عنهم أجمعين .
| |
|