المملكة النورماندية في جنوب إيطالية و صقلية :
- قيام الدولة النورماندية :
في القرن الحادي عشر الميلادي أخذ فريق من النورمانديون يتركون موطنهم في " نورماندية " ويتوافدون إلى الجنوب الإيطالي ، حتى تمكنوا من تأسيس دولة " نورماندية" ، وفي مطلع ذلك القرن يمكن أن نقسم جنوب إيطالية إلى :
1- الإمارات اللومباردية وهي (سالرنو- كابو – نبيفنتو ) وكانت هذه الإمارات تتمتع بالحكم الذاتي .
2- الدويلات البحرية وهي ( جيتة – نابولي – مالفي ) ، وكانت هذه الدويلات تدين بالتبعية الاسمية لبيزنطة ، وكانت تتمتع بالحكم الذاتي .
3- الأقاليم البيزنطية وهي ( أبولية – كاليبريا ).
- وقد ساعد النورمان على فتح جنوب إيطالية عدة عوامل هي :
1- كان الجنوب الإيطالي مسرحاً للنزاع بين عدة قوى ذات مطامع سياسية و اقتصادية و دينية ، وهي الإمبراطورية البيزنطية و اللومبارديين و البابوية ، لذلك كان هذا الانقسام عاملاً مساعداً للفتح النورماندي .
2- كلن الحكم البيزنطي في "أبولية" يتصف بالشدة والقسوة ، لذلك استاء السكان من الحكم البيزنطي لذلك كانوا على استعداد للتعاون مع أي قوة ضد البيزنطيين .
3- غارات العرب المسلمين على سواحل جنوب إيطالية ( مثل غاراتهم على " سالرنو" بسبب عدم دفع الجزية) مما جعل السكان لا يثقون بالقوة السياسية القائمة ، وهذا كان عاملاً مساعداً لفتح النورمان تلك البلاد .
4- رغبة الأمراء اللومبارديين في طرد البيزنطيين من " أبولية" و" كاليبرية" ، لذلك وقفوا مكتوفي الأيدي عندما اكتسح النورمان هذين الإقليميين .
5- ضعف الدولة البيزنطية وعجزها عن الدفاع عن ممتلكاتها في جنوب إيطالية كان عاملاً مساعداً للنورمان على فتح جنوب إيطالية .
- و يرتبط ظهور النورمان في جنوب إيطالية بثورة " ميلو" حاكم مدينة " باري" الذي كان يريد تحرير مدينة " أبولية" من البيزنطيين ، وذلك أن النورمان كانوا في الحج ، وعندما عادوا شاهدوا مدينة " " سالرنو" محاصرة من قبل العرب المسلمين ، لذلك طلب حاكم المدينة من النورمان مساعدته ، لذلك ساعدوه و رفعوا الحصار عن المدينة ، وعند ذهابهم إلى بلادهم أرسل معهم وفداً إلى بلاد النورمان يدعوهم إلى القدوم إليه ، وفعلاً عند قدوم كثير منهم اتصلوا في طريقهم بالثائر "ميلو" و حاربوا معه البيزنطيين، وعلى الرغم من أن ثورة " ميلو" فشلت إلا أن النورمان استقروا في"أبولية"(سنة 1030م) و شكلوا أول إمارة لهم ، وكانت تلك الإمارة برئاسة شخص اسمه " رانولف" .
- أسرة أروتفيل :
أخذ أبناء هذه الأسرة يتوافدون إلى جنوب"إيطالية" و"صقلية" لذلك ساعدوا على قيام الدولة النورماندية ومن أبناء هذه الأسرة الذين قدموا إلى جنوب "إيطالية" " وليام" وشقيقه" دروجو" حيث عملوا في البداية كمرتزقة ، وفي ( سنة 1042 م ) استطاع " وليام" الاستيلاء على " أبولية" و أتخذ من " ملفي" عاصمة له .
- روبيرت جويسكارد :
وصل (سنة 1046 م ) إلى جنوب إيطالية ويعتبر المؤسس الحقيقي للدولة النورماندية ، عمل في البداية كقاطع طريق أو زعيم ثم انضم إلى عملية فتح " أبولية" التي كان يقودها شقيقه " دروجو" .
وفي ( سنة 1057 م ) اختار الزعماء النورمان " روبيرت جويسكارد" أميراً على " أبولية" ثم استولى على " ملفي" ( سنة 1073 م ) كما استولى على " سالرنو" ( سنة 1076 م ) كما قام بحملة ضد بيزنطة ( 1081 – 1085 م ) .
- النورمان و البابوية :
لقد حصل النزاع بين الطرفين لعدة أسباب نذكر منها :
1- التوسع النورماندي في جنوب إيطالية .
2- تهديم النورمان للكنائس و الأديرة و ما تبعها من أعمال السلب و النهب .
- لذلك أصبح البابوات يكرهون النورمان لذلك تحالف البابا " ليو التاسع" مع " أرجيروس" عامل بيزنطة على " أبولية" و"كاليبريا" .
- وفي (سنة 1053م ) سار البابا " ليو التاسع" على رأس جيش كبير للوقوف بجانب"أرجيروس" في نزاعه ضد الرومان إلا أن النورمان هاجموا "أرجيروس" وانتصروا عليه قبل قدوم البابا ثم هاجموا البابا " ليو التاسع" و انتصروا عليه في معركة " كيفتاتي" في ( حزيران سنة 1053 م) و وقع البابا في الأسر .
- معاهدة " ملفي" ( سنة 1059 م ) :
وقعت هذه المعاهدة ( سنة 1059 م ) بين النورمان و البابوية في عهد البابا " نيقولا الثاني" وتضمنت عدة بنود هي :
1- تعهد " جويسكارد" بالولاء و الطاعة للكنيسة الرومانية .
2- تعهده بعدم المشاركة بأي عمل أو قول ضد الحبر الروماني .
3- تعهد " جويسكارد" أيضاً بحماية حقوق و ممتلكات القديس " بطرس" .
4- منح البابا " جويسكارد" لقب " دوق أبولية و كاليبرية و الأمارات اللومباردية وصقلية أيضاً عندما يتم تحريرها من العرب المسلمين .
وكان لهذه المعاهد نتائج نذكر منها :
1- كسبت البابوية من خلال هذه المعاهدة حليف إلى جانبها و هم النورمان .
2- اعترفت البابوية بالوجود الروماني مما ساعد " جويسكارد" على إتمام مشاريعه التوسعية .