يعتمد أغلب الباحثون في تعريفهم العنف على أنه " استخدام القوة ( السلطة ) أو التهديد باستخدامها ضد الذات أو ضد شخص أخر , مما يسبب أذية جسدية أو نفسية " .
وفيما تكون أنواع العنف محددة , إمّا ضد الذات , أو ضد شخص أخر , أو تأخذ الشكل الجماعي .
ويحدد الدكتور بسام المحمد أمين سر رابطة الطب الشرعي لسيريانيوز أشكال العنف ضد الأطفال " العنف الجسدي , العنف الجنسي , العنف النفسي , الإهمال ونقص الرعاية , الاستغلال الاقتصادي "
ويشمل العنف ضد الأطفال (اشكاله ) :
العنف البدني والعنف النفسي والتمييز والإهمال وسوء المعاملة. كما يتراوح من الإيذاء الجنسي في نطاق البيت إلى العقاب البدني والمهين في المدرسة؛ من القيود البدنية التي تفرض في منزل الطفل إلى الوحشية على أيدي أعوان الأمن؛ من الإيذاء والإهمال في المؤسسات إلى الاشتباكات بين عصابات الصبية في الشوارع التي يعمل بها الأطفال أو يلعبون؛ ومن قتل الأطفال إلى ما يطلق عليه القتل "دفاعاً عن الشرف".
العنف الجسدي .. انتشار يرسخه المجتمع :
الدكتور المحمد يحدد العنف الجسدي بأنه " نمط سلوكي يتمثل بإحداث المسيء لإصابات غير عرضية بالطفل، والتي قد تكون بقصد فرط التأديب، أو العقاب الجسدي، أو انفجار المسيء لتصريف ثورة غضب ، أو إحداث متلازمة الطفل المعذب " .
ولعل العنف الجسدي هو الظاهرة الأكثر وضوحاً في مجتمعنا الشرقي , حيث يأخذ الشكل التأديبي في معظم الأحيان , الأمر الذي أصبح عرفاً اجتماعياً , لدرجة أصبح من الطبيعي رؤية أباء يضربون أبنائهم في الأماكن العامة حتى .
السيدة منى عباس محمد ( صاحبة روضة خاصة وباحثة في شؤون الطفولة ) قالت لسيريانيوز " الأمر يتعلق بمفهوم التملك لدى رب الأسرة , فالطفل ملك لأبيه , بمعنى أنه حر التصرف به , وكيفما يشاء ليحسن تربيته , وهذا الأمر هو ما يساعد في تفشي ظاهرة ضرب الأطفال من قبل ذويهم " .
وعن عواقب العنف الجسدي , قال الدكتور المحمد " عواقب الإساءة الجسدية تؤدي إلى حدوث عواقب عصبية مثل الإعاقات الدائمة نتيجة إصابات الرأس , والإساءة الجسدية تزيد احتمال معانات الأطفال من محاولات الانتحار والإصابات المفتعلة وتعذيب النفس , وحدوث كسور وخلوع وتشوهات " .
العنف الجنسي .. والمعاصي المستترة :
مع غياب أي إحصائية رسمية تشير لحجم العنف الجنسي الذي يتعرض له الأطفال , سواء بالتحرش أو الملامسة , أو حتى عرض الصور , تصبح مهمة الخوض في هذا الجانب أصعب ومع هذا يقدم الدكتور المحمد تعريفاً للعنف الجنسي بقوله " هو قيام المسيء بأي تصرف جنسي , أو تصرف مثير للرغبة الجنسية , أو انتهاك متعمد لخصوصية جسم المساء إليه، بدون قبوله بتلك الأفعال " .
ولعل هذا التعريف يزيد من عدد الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجنسي , الأمر الذي تذهب إليه إحدى الدوريات المحلية ( مجلة أبيض – أسود ) , من خلال دراسة ميدانية لسجلات الطبابة الشرعية بدمشق , حيث تطالعنا بأرقام أبسط ما يمكن أن يقال عنها , أنها كبيرة , فعدد " الأطفال المتعرضين للاستغلال الجنسي عام 2004 بلغ (25) حالة , لترتفع في عام 2005 إلى (99) حالة بينما وصلت في العام 2006 إلى (189) حالة , وصلت نسبة حالات الملامسة الحد الأعلى وفقاً للتقارير الطبية الواردة حيث بلغت (69.84% في العام 2006) أمّا حالات الارتخاء في (المعصرة الشرجية) نتيجة تكرار الاعتداءات الجنسية فقد بلغت (16.4% في العام 2006) في حين بلغت نسبة التمزق غشاء البكارة (13.76% في العام ذاته ) .
العنف النفسي .. والإهمال .. والنقص العاطفي :
تقول المحامية الزاهر " إن معظم الأطفال الذين يتعرضون لأعمال العنف , سبب لهم ذلك الأمر عقداً نفسية , مما خلق لديهم ردات فعل عكسية , مولداً في أنفسهم حب الجريمة وارتكابها عندما يكبروا , والبعض منهم يقدم على ارتكاب الجرائم برغم صغر سنه ,ونجد أن بعض المجرمين من تجاوز عمر الطفولة قد أقدم على ارتكاب جرائم مختلفة بدوافع غالباً ما تكون دفينة نتيجة لما تعرضوا له من أعمال عنف وشدة في طفولتهم , وغالباً ما يكون الهدف أو الغاية من جرائمهم إنما هو التخلص والانتقام لذواتهم " .ويظهر العنف النفسي ضد الأطفال جلياً في اختلال نمو شخصية الطفل , وسلوكه اليومي , حيث تؤدي الإساءة العاطفية إلى سلوكيات انعزالية سلبية أو عدائية .
ويلحظ الدكتور بسام المحمد النتائج الناجمة عن النقص العاطفي عند الأطفال سريرياً " بالتبول اللاإرادي عند الطفل , ونوبات غضب شديدة , إضافة لبعض السلوكيات الشاذة " فيما تؤكد الباحثة منى عباس محمد بأن الحرمان العاطفي , والعنف النفسي عند الطفل يولدان " انخفاض احترام الذات , ويتسببان بمشاكل تعليمية , وحذر مفرط من الكبار " .
وتركز هذه الدراسة :
التي تنظر إلى العنف من منظور حقوق الإنسان والصحة العامة وحماية الطفل، على خمسة ’بيئات‘ يحدث فيها العنف هي: البيت والأسرة، والمدارس والبيئات التعليمية، والمؤسسات (الرعاية والقضائية)، ومكان العمل، والمجتمع المحلي.
وقد يتصدّر العنف المفرط ضد الأطفال عناوين الصحف ولكن الدراسة تخلص إلى أن العنف بالنسبة لكثير من الأطفال أمر روتيني، وأنه يشكل جزءًا من واقعهم اليومي.
وعلى الرغم من أن قدراً كبيراً من العنف يظل مختفياً عن الأنظار أو لا يتم الإبلاغ عنه، ومن ثم فإن الأرقام نادراً ما تعكس مستواه الحقيقي، إلا أن الإحصاءات الواردة بالتقرير تكشف عن صورة مذهلة. فعلى سبيل المثال:
· تقدّر منظمة الصحة العالمية أن قرابة 000 53 طفل بين سن الولادة والسابعة عشرة ماتوا في عام 2002 نتيجة للقتل؛
· وفقاً لآخر تقديرات مكتب العمل الدولي، بلغ عدد الأطفال المنخرطين في أعمال السخرة أو الأرقاء 5,7 مليون طفل، وعدد العاملين في البغاء وإنتاج المواد الإباحية 1,8 مليوناً، وعدد ضحايا الاتجار 1,2 مليون طفل في عام 2000؛
· في 16 من البلدان النامية التي تستعرضها دراسة عالمية للصحة في المدارس، تراوحت نسبة الأطفال في سن المدرسة الذين تعرضوا للمضايقات الشفوية أو البدنية في المدرسة خلال الأيام الـ 30 السابقة على المسح ما بين 20 في المائة في بعض البلدان وما تصل نسبته إلى 65 في المائة في بلدان أخرى؛
· وفقاً للدراسة، كثيراً ما يتعرض الأطفال رهن الاحتجاز للعنف من جانب الموظفين، بما في ذلك كشكل السيطرة أو العقاب، وكثيراً ما يحدث ذلك بسبب مخالفات بسيطة. والعقوبات البدنية وغيرها من ألوان العقوبات العنيفة مقبولة كتدابير تأديبية قانونية داخل المؤسسات التأديبية في 77 بلداً.
وبالرغم من أن النتائج قد تتفاوت حسب طبيعة العنف المرتكب وشدّته، فإن التداعيات بالنسبة للأطفال على الأمدين القصير والبعيد تكون جسيمة ومدمرة في الكثير من الأحيان. ويمكن للجراح البدنية والعاطفية والنفسية التي يخلِّفها العنف أن تترك انعكاسات قاسية على نماء الطفل وصحته وقدرته على التعلم. ويتبين من بعض الدراسات أن التعرّض للعنف في الطفولة يقترن اقتراناً شديداً بالسلوكيات المضرة بالصحة في المراحل اللاحقة من الحياة، كالتدخين وإدمان الكحول والمخدرات والخمول البدني والسمنة المفرطة. وتسهم هذه السلوكيات بدورها في بعض الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة، بما فيها الأورام السرطانية والاكتئاب والانتحار واضطرابات القلب والأوعية الدموية
el masder
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]