إدوارد الثاني Edward II ملك إنكلترة (1307- 1327). ولد في كيرنارفون Caernarvon بويلز، وهو أصغر أبناء إدوارد الأول الأربعة الذكور، والوحيد الذي بقي منهم على قيد الحياة فغدا ولي العهد بعد بضعة أشهر من ولادته، إلا أنه شب مخيباً لآمال والده المحارب.
فمع كونه رياضياً قوي الجسم فقد أقبل على الملاهي وعشرة السوء منذ صباه، ومع ميله للصنائع والرياضة والصيد وركوب الخيل فقد كان جاهلاً يعرض عن الثقافة ضعيف الإرادة، يكره الحرب، وغير قادر على تسيير دفة الحكم بمفرده. وهكذا أصبحت السلطة الملكية ونفوذ الأتباع طول حكمه مثار أزمات سياسية مستمرة، إضافة إلى الإرث الثقيل الذي ورثه عن أبيه بنتيجة حروبه المديدة مع اسكتلندة وديونه الضخمة واستياء النبلاء منه.
ناقض إدوارد الثاني سياسة والده من لحظة ارتقائه العرش في 8 تموز عام 1307، فأعرض عن متابعة الحرب مع اسكتلندة، وسجن كبير وزراء أبيه، واستدعى صديقه الحميم بيرز غافستون إلى إنكلترة بعد أن كان والده قد نفاه خشية تأثيره الفاسد على ولده. ولم يكتف بذلك بل رقاه إلى مرتبة الأعيان وسماه كونت دي كورنواي، وزوجه ابنة أخيه، وأقامه نائباً عنه في غيابه في فرنسة. وقد سبب رجوع غافستون أولى الأزمات الرئيسية التي واجهت إدوارد الثاني إذ أجمع خصوم إدوارد الأول القدامى والمعتدلون من النبلاء أنصار إدوارد الثاني على التخلص من غافستون، ونجح تحالفهم في فرض مجلس وصاية من اللوردات (1310)، وقد اتخذ هذا المجلس قراراً في عام 1311 يقضي بإبعاد غافستون وعدد آخر من أنصار الملك عن البلاد، كما حد من سلطة الملك نفسه. واضطر إدوارد إلى الخضوع وسيَّر صديقه إلى الفلاندر. ثم لم يلبث أن سمح له بالعودة من جديد، فطارده النبلاء وقتلوه في حزيران عام 1312. وأثار عملهم هذا سخط الملك عليهم ولكن إلى حين. فقد تفاقمت الأمور في اسكتلندة واتسع نطاق الثورة واضطر الملك إلى التوجه بنفسه إلى هناك في جيوش جرارة، إلا أنه مني بهزيمة شنيعة في معركة بنّو كبورن سنة 1314 وضعته ثانية تحت رحمة المعارضة التي قويت سلطتها بزعامة إرل لانكستر، وفرضت على الملك ما يشبه الوصاية، إلا أن حكومة لانكستر لم توفق في ضبط شؤون المملكة أو فرض الأمن، فاكتسح الثوار الاسكتلنديون شمالي إنكلترة وغزوا إيرلندة، كما انتشرت المجاعة سنة 1316 انتشاراً لم تعرف له إنكلترة مثيلاً في القرون الوسطى. وعندئذ استرد الملك سلطاته بالقوة وأعاد المقربين منه إلى سدة الحكم، ولا سيما لورد هوغ سبنسر، وشن حرباً سافرة على النبلاء المعارضين له فأعدم بعضهم ونفى آخرين أو هربوا إلى فرنسة، وألغى مجلس الوصاية، وقرر حملة جديدة على اسكتلندة انتهت بعقده هدنة لثلاث عشرة سنة. وقضى إدوارد الثاني نحو أربع سنوات من الحكم مطمئناً إلى عرشه تحت سلاح الإرهاب وبمساعدة آل سبنسر (1321- 1325). بيد أن إيزابيلا زوجة إدوارد الثاني - التي كانت على علاقة حميمة مع أحد المعارضين الفارين وتنقم على آل سبنسر- اغتنمت فرصة وجودها في بلاد شقيقها شارل الرابع ملك فرنسة فاستقطبت حولها وجوه المعارضة اللاجئين إلى هناك بزعامة روجر مورتيمر والكونت هينو، واتفق الجميع على خلع الملك عن العرش. وفي 24 أيلول 1326 نزلت الملكة وأنصارها مع ثلاثة آلاف مقاتل في ميناء هاروتيش في إنكلترة فلم تلق مقاومة تذكر، واندفع المؤيدون إلى مخيمها من كل البلاد، كما انحازت لندن إلى صفها، وتخلى معظم أنصار الملك عنه. فلما رأى الملك نفسه مخذولاً فر إلى ويلز موطن أصدقائه من آل سبنسر، ولم يلبث أن وقع في الأسر في 16 تشرين الثاني سنة 1326 في غالموران شمالي بلاد ويلز، وأجبر على التنازل عن العرش لولي عهده إدوارد الثالث (25 كانون الثاني 1327).
وسجن الملك المخلوع في إحدى القلاع، وجرت محاولات لإنقاذه أكثر من مرة إلا أن آسريه راحوا ينقلونه من سجن إلى آخر حتى كان آخر محابسه قصر بركلي الذي حاولوا قتله فيه جوعاً وبرداً، إلا أنه صمد لهذه المحنة، ودُفع حراسه إلى قتله أخيراً بطريقة الخازوق في 21 أيلول 1327، فكان أول ملك لإنكلترة يخلع ويقتل بموافقة ولي عهده. وقد أضعفت عملية خلع إدوارد الثاني وقتله بوحشية سلطة الملكية الإنكليزية، وأدت إلى عدم استقرار الملكية في إنكلترة حتى نهاية القرن الخامس عشر.