حضارة القدس الإسلامية في مواجهة الهجمة الصهيونية
أ.د عبد الحليم عويس
مستشار رابطة الجامعات الإسلامية
منذ خمسة آلاف سنة دخل العرب إلى فلسطين، فمنذ الهجرة السامية الأولى القادمة من الجزيرة العربية، والعرب يعيشون في فلسطين يتنقلون من طور حضاري إلى طور أخر ومن دولة إلى دولة أخرى، وفيهم عرب فينيقيون في الدولة الفينيقية، وهم عرب كنعانيون في الدولة الكنعانية، وتدل المخطوطات الإفريقية التي عثر عليها في الأردن أن أغلبية السكان في زمن الرومان كانوا عربا وقد أنشأوا في القرن الرابع الميلادي مملكة الأنباط في جنوب فلسطين.
أما الإسلام فهو الذي دخل فلسطين عام 636م تقريبا (15 هـ تحديدا) والإسلام عندما جاء لم يأت بناء جديدا يهدم الأبنية القديمة بالجملة، وإنما جاء إصلاحا وتكميلا وتصحيحا، حيث يعد الإسلام الأنبياء جميعا أصحاب رسالة واحدة قوامها توحيد الله وعبادته حق عبادته، وإقامة حياة الناس على الحق والعدل والخير وحيث يعد الإسلام نفسه أيضا دين كل الأنبياء فكل الأنبياء كانوا مسلمين ودعاة إسلام: ((مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً ولا نَصْرَانِيّاً ولَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ)) ((ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلَهَكَ وإلَهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وإسْمَاعِيلَ وإسْحَاقَ إلَهاً واحِداً ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)).
ومن هنا جاء دخول الإسلام إلى بيت المقدس دخولا طبيعيا بالنسبة للوجود العربي الثابت في فلسطين ودخولا طبيعيا بالنسبة لمعنى الإسلام ورسالة الإسلام.
وفي ضوء هذه المعاني جاء عمر إلى بيت المقدس خاشعا متبتلا مستجيبا لرغبة المهزومين في القدس حين شرطوا أن يحضر الخليفة بنفسه ومعطيا لهم الوثيقة العمرية أو العهدة العمرية التي تعد بكل مفرداتها من أعظم وثائق الفتوحات في التاريخ كله.
إن المؤرخ (رابوبوت) يصف مقدم عمر إلى القدس وصفا رائعا يجسد لنا المعاني التي ألمحنا إليها... يقول:
"أما سكان أورشليم الذين اعتادوا أن يروا الأباطرة البيزنطيين في أبهتهم وأرديتهم المطرزة بالذهب فقد كان مرآهم للخليفة مشهدا رائعا ذلك أن خليفة النبي كان يرتدي بردة رثة من وبر الإبل وقد اخترق أورشليم على بعير يحمل كل أمتعته وما يكفيه من تمر ليوم واحد فكان هذا التناقض بين بساطة المنتصر وتقشفه وبين الهوس الباذخ الذي تعود على الظهور به ليس الأباطرة البيزنطيون وحسب بل ممثلوهم من ولاة الأقاليم كان هذا التناقض مذهلا لم يلبث أن أحدث تأثيره العميق في شعب حانق على حكومة كانت في نظره استبدادية جشعة.
وبمقتضى الوثيقة العمرية أعلن السلم العام والأمن العام للأشخاص والأموال والعبادات وللعباد في أديرتهم وكنائسهم وهنا أيضا يشهد رابوبورت وهو يكتب في مؤلفه "تاريخ فلسطين" من وجهة النظر اليهودية: "يجب أن نعترف بأن إعلانا كهذا في بداية القرن الوسيط (قد التزمت به كل الجيوش الإسلامية بعامة) هو إعلان حافل بالإنصاف فهو يتنفس عدالة وتسامحا وما استطاع أباطرة بيزنطة ولا أساقفة الكنيسة أن يعبروا مطلقا عن مشاعر من هذا القبيل باسم ذلك الذي دعاهم إلى دين الحب.
ومنذ الفتح، وما تبعه من سلام وأمان وعدل وإنصاف ـ بدأت الخطوات الإسلامية العملية لتحضير القدس وفلسطين وتعميرها وإزالة آثار الظلم الروماني منهما وكان الخليفة عمر بن الخطاب أول من بدأ تحضير بيت المقدس ونشر الإسلام وتعليم العربية بها وقد أقام رضي الله عنه الدواوين وقام بتقسيم البلاد إداريا وترتيب البريد وإنشاء الحسبة وصك النقود النحاسية، على أحد وجهيها عبارة (محمد رسول الله) ورسم سيف وعلى وجهها الآخر (إيلياء) و(فلسطين) وحرف (ميم) والهلال.
وقد أقيمت في فلسطين الطرق الجديدة، مثل طريق القدس - إريحا وطريق القدس - الرملة وانتشرت المساجد والمدارس والتي كانت تعكس على مر العهود الإسلامية مدى الرعاية والعناية التي حظيت بها فلسطين.
ونحن نرى هذا الاهتمام بشكل واضح في تاريخ المساجد في القدس، حيث تقترن به أسماء الخلفاء والولاة والسلاطين عهدا بعد عهد من عبد الملك بن مروان وابنه الوليد إلى الخليفة المنصور العباسي إلى الملك الظاهر الفاطمي إلى صلاح الدين الأيوبي الذي طهر المسجد الأقصى بعد أن حلوه الصليبيون إلى كنيسة واسطبل وطهر مسجد الصخرة الذي جعلوه مذبحا لهيكل الرب المقدس ثم إلى السلطان قلاوون وقانصوة الغوري وسليمان القانوني، وعبد الحميد الثاني العثماني، حتى تصل القائمة التاريخية الإسلامية إلى الحاج محمد أمين الحسيني مفتى فلسطين.
وتتكرر هذه الصورة باستعراض تاريخ المدارس ودور تعليم القرآن والحديث.. حتى أنه كان في بيت المقدس وحدها قبل عدة قرون (240) مسجد، (10) دور لتعليم القرآن (7) لتعليم الحديث، (20) مدرسة، (70) زاوية للتعليم والعديد من الأسواق كما يروى الرحالة التركي "أوليا تشلبي".
وشهدت فلسطين في العهد العثماني عناية خاصة، بدأت بسليم الأول المتوفي (1520م - 926هـ) الذي أمر بتجديد بناء السور وسليمان القانوني المتوفي (1566م - 974هـ) الذي أقام الطريق وسك "الفضة العثمانية" وامتدت إلى السلطان مراد الذي عمل على استتباب الأمن، وحتى السلطان عبد الحميد الثاني جزاه الله خيرا (عزل عام 1327م هـ ـ 1909م) وما واجهه من جهود الدول الكبرى وجهود الصهيونية العالمية لفتح السبيل أمام اليهود للهجرة إلى فلسطين، وما كان من مواقف الرفض والإباء التي يعدها المؤرخين المنصفون من أكبر أسباب عزله. ومن الأسباب الفاعلة في سقوط الخلافة العثمانية.
الجغرافيا السكانية للقدس:
تعد الفئات الإسلامية والقبائل العربية التي استوطنت القدس بعد الفتح الإسلامي على الرغم من وجود العرب الكنعانيين بفلسطين من الألف الرابع قبل الميلاد، وقد أصبح العرب غالبية كبيرة بعد الفتح الإسلامي فزادت نسبتهم عن 90% من سكان القدس في كل عصور تاريخ الإسلام.
وقد ذكر (أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي) أن أهم القبائل العربية المعروفة التي استوطنت بيت المقدس في العهد الإسلامي (إضافة لمن سكنوها من العرب قبل الإسلام) هي:
قبيلة بني عمر، ويقال لهم العمريون وهم بطن من بني عدي بن كعب عدنانية من قريش استوطنوا القدس.
بنو فيض، وهم بطن بني صقر من جذام الجنوبية الأصل، وهم قحطانيون استوطنوا القدس.
الجعافرة، وهم بطن من بني الحسين من بني هاشم من العدنانية وهم ينتسبون إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر.. استوطنوا القدس.
أما عن الفئات الإسلامية الأخرى ـ غير العرب ـ فقد استوطن القدس:
1- المغاربة ولهم في القدس حارة تنسب إليهم ويسكنونها وقد وقفها عليهم ـ على اختلاف أجناسهم وذكورهم وإناثهم ـ الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن على بن السلطان صلاح الدين وكانت لهم زاوية تعرف باسمهم وشيخها يسمى بشيخ المغاربة في القدس.
2- الهنود وكانت لهم زاوية في القدس عرف بزاوية الهنود.
3- الأكراد وكانت لهم حارة تنسب إليهم.
4-اللاجئون سياسيا وهم كثير من الأعلام اللاجئين ـ وعائلاتهم ـ الذين كان السلاطين يبعدونهم عنهم وبعضهم اختار الإقامة فيها بعيدا عن مشكلات الحكم عن طيب خاطر.
على أنه من الجدير بالذكر هنا ـ أن هذه الطوائف كلها ـ قد ذابت في بوتقة العروبة ولم تكن أصولها الهندية والكردية والتركية أو غيرها حائلا بينها وبين الذوبان في العروة عن رضا واقتناع وذلك بتأثير الإسلام عليها فالعروبة عند المسلم الرشيد مرتبطة ارتباطا وثيقا بدنيه الإسلامي وهي عند (العرب يغير المسلم) حضارته وثقافته التي تشكل حياته الاجتماعية وعلاقته بالآخرين.. ومعروف أن المسيحيين هم الذين سلموا القدس للمسلمين، ومن هنا فقد بقيت دائما أقلية (عربية مسيحية) تعيش في القدس وتدافع عنها ضد التسلل اليهودي ولها ما للمسلمين وعليها ما عليهم.
بل أننا لنعتقد أن هذه الأقلية المسيحية كانت أكثر صلابة في وجه التسلل اليهودي إلى القدس لأنها عانت منهم الإسلام الكثير بدليل أنه كان من شروط تسليم القدس التي خضع لها المسلمون ألا يساكن اليهود فيها المسيحيين والمسلمين أنه شرط شرطه النصارى أنفسهم عند تسليم المدينة لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وللمسلمين ودلالة هذا الشرط قوية لا تحتاج إلى بيان.
التسامح الإسلامي في القدس:
وقد توالت عصور التاريخ الإسلامي والمسلمون يعاملون أبناء الأديان الأخرى في القدس وغيرها أفضل معاملة عرفت في التاريخ، لدرجة أن المؤرخ الإنجليزي الكبير "أرنولد توينبي" اعتبر ظاهرة التسامح الإسلامي ظاهرة فريدة وشاذة في تاريخ الديانات.
وكان أهل الذمة الأصليون يعاملون كاهل البلاد الأصليين دائما لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم في إطار ما نص عليه الإسلام..
وقد نص القرآن على معاملتهم بالحسنى ومجادلتهم بالتي إلا الذين ظلموا منهم كما أوصى الرسول بهم خيرا.
وقد كان الخليفة العباسي هارون الرشيد يعامل الزوار النصارى للقدس معاملة الإسلامية المعتمدة لأهل الكتاب وقد سمح الرشيد للإمبراطور "شارلمان" بترميم الكنائس ولا سيما كنيسة العذراء التي تقوم على مكانها كنيسة الدباغة وفي سنة 796م ـ أهدى هارون الرشيد (شارلمان) ساعة دقاقة وفيلا وأقمشة نفيسة وتعهد بحماية الحجاج النصارى عند زيارتهم للقدس ـ كذلك كان شارلمان يرسل كل سنة وفدا يحمل هدايا إلى الرشيد.
وقد زار القدس في القرن التاسع عشر "برنار الحكيم" وذكر أن المسلمين والمسيحيين (النصارى) في القدس على تفاهم وأن الأمر مستتب فيها أضاف قائلا:
"وإذا سافرت من بلد إلى بلد ومات جملي أو حماري وتركت أمتعتي مكانها وذهبت لاكتراء دابة من البلدة المجاورة سأجد كل شيء على حاله لم تمسه يد".
وتتوالى صفحات التاريخ في القدس فلا نكاد نجد فيها انقطاعا لفعالية الروح الإسلامية المتسامحة العادلة التي تقوم على حراساتها دروس المسجد الإبراهيمي والحلقات العلمية الإسلامية في المسجد الأقصى، ومسجد الصخرة، ولا تنطوي صفحة مضيئة من صفحات التاريخ إلا لتبدأ أخرى حتى نهاية العصر العثماني الذي يتحدث عنه مؤرخ مسيحي معاصر هو الأستاذ (هنري كنن) بقوله:
وفي سنة 1518م / 924هـ فتح العثمانيون فلسطين وظلوا بها إلى سنة 1917م / 1336هـ غير أن هذا الفتح لم ينطو على أي استعمار ولم ترتب عليه أي تغير كان في قوام الشعب إذ أن الفتح التركي لم يغيرا ويؤثر على أي نحو في الطابع العربي للبلاد..
وقد استمتع جميع المواطنين في الدولة العثمانية على اختلافهم من ترك وعرب ومسلمين وعرب مسيحيي ويونانيين وأرمن ويهود بحقوق مدنية متساوية دون نظر إلى جنس أو معتقد أو دين ثم جاء الدستور العثماني في 23 من كانون الأول (ديسمبر 1876 ـ 1293هـ) فأكد مرة أخرى مبدأ المساواة في الحقوق وهو المبدأ الذي كان مرعيا فيما سبق.
ولم يتعرض تاريخ القدس لأحداث دموية واضطهاد ديني منذ الفتح الإسلامي إلا في تلك الفترة التي استولى فيها الصليبيون على بيت المقدس (1099 – 1187م) (429 – 573هـ) وهي فترة شغلت من هذا التاريخ نحو تسعين سنة.
القدس تحت الحكم الصليبي:
وعلى نقيض التسامح الإسلامي الذي فرض السلام والأمن وحقق العدل والرعاية والحق لكل من وجدهم الإسلام في بيت المقدس.. أجل.. على النقيض من ذلك ما أن دخل الصليبيون بيت المقدس حتى عقدوا أو لاجتماع لـ (ديوان المشورة العسكرية) قرروا فيه قتل كل مسلم بقى حيا فيا ويستمر تنفيذ الإعدام الصليبي أسبوعا كاملا سجله المؤرخون النصارى بقولهم : "إن الدماء وصلت في رواق المسجد حتى الركب".
ويقول مؤرخ نصراني آخر: "لم يوفر الصليبيون أحدا من سيوفهم لا من الرجال ولا من النساء والعجزة ولا من الأطفال وظن المسلمون أن مسجد عمر يحميهم من الموت ولكن ظنهم خاب إذ أن الصليبيين لحقوا بهم خيالة ومشاة ودخلوا المسجد المذكور وأبادوا كل من وجده فيه بحد السيف.
ويقول كاتب نصراني آخر: "لم يميز النصارى في إبادتهم بين رجل وامرأة وبين صغير وكبير وراحوا يتباهون بأنهم قتلوا سبعين ألف من المسلمين وأنهم لم يغمدوا سيوفهم قبل أن خمدت نار الانتقام المتأججة في قلوبهم".
والغريب أنه لما شاء الله أن تقهر هذه الغارة البربرية الصليبية وظهر صلاح الدين الأيوبي. الذي أعاد القدس إلى الإسلام وكانت لديه الدوافع القوية للانتقام بكل معنى الكلمة نظرا لما ارتكبه النصارى من جرائم لا تحصى ولا تليق بإنسانية الإنسان طيلة الغزوة الصليبية.
الغريب أن صلاح الدين ـ باعتراف كل مؤرخي النصارى بلا استثناء ـ لم يحاول أن يتشفى أو ينتقم.. بل استولى على القدس دون أن ينتهك حرمة كنيسة واحدة ودون أن يقتل لاجئ واحد إلى أية كنيسة دون اعتداء على طفل أو شيخ عجوز.
والأغرب من ذلك ما فعله صلاح الدين ـ خضوعا للتسامح الإسلامي الرفيع ـ حين وقع الصليبيون بالقدس في يده أسرى.. ومع أن الذاكرة التاريخية لصلاح الدين تعي ما حدث لدماء سبعين ألفا من المسلمين تباهي الصليبيون بأنه أخمدوا بها نار الانتقام المتأججة في صدورهم ـ إلا أن صلاح الدين مع ذلك أبدى من ضروب التسامح الإسلامي ما أبقى ذكره خالدا في التاريخ الإنساني كله باعتراف النصارى قبل المسلمين.
يقول المؤرخ الصليبي "أرنولد" الذي كان حاضرا ذلك اليوم المشهود: "لقد تقدم العادل إلى أخيه صلاح الدين يستوهبه ألفا من هؤلاء الأرقاء بإجابة السلطان ثم استوهبه بليسان (الأمير) والبطريرك مثل العادل فأجابهم وهنا التفت صلاح الدين إلى الحاضرين وقال:
لقد أدى أخي صدقته وكذلك فعل الأمير والبطريرك والآن جاء دوري لتأدية صدقتي أنا.. فأمر رجالا من حرسه أن ينطلقوا وينادوا في شوارع القدس : أن كل عاجز عن دفع الفداء يستطيع أن يخرج وأنه حر لوجه الله.."
ويقول المؤرخ الإنجليزي "كوكس" لقد لاقى اللاتينيين من رحمة صلاح الدين وتلطفه وإنعامه فوق ما انتظروا ومن المؤكد أن مثل هذه المعاهدة لو عقدت في زمن "بطرس الناسك" و"جود فري" لخرقت ساعة النصر وأنصب الويل على المغلوب.
إن هذه هي الحقيقة التي يعترف بها الإنجليزي "كوكس " لكن الذي لم يدركه "كوكس" هو أن القضية ليست فرقا بين صلاح الدين وبطرس الناسك لكنها (الفرق الكبير) بين تاريخ المسلمين وتاريخ غيرهم وبين معاملة المسلمين لمخالفيهم ومعاملة غيرهم من الأمم ـ ولا سيما النصارى لمخالفيهم.
والحق أننا لا نقول شعارات متعصبة بل نقول حقائق تاريخية ثابتة فعبر أربعة عشر قرنا من الزمان هي عمر الإسلام على الأرض لم يجد المسلمون فيها صورة من صور التسامح من اليهود والنصارى عندما تتحقق لهم الفرصة التاريخية، إن بينهم من اللإحن والأحقاد الكثير الذي يختفي في مرحلتنا هذه تحت عباءة المصلحة الطارئة في هذا المنعطف التاريخي الكلوح الذي يتجرع كؤوس الذي فيه خلال أيامنا تلك.. لكنهم ـ مجتمعين أو منفردين ـ لم تسنح لهم فرصة لإبادة المسلمين إلا واهتبلوها.. هكذا فعلوا بالمسلمين في الأندلس وهكذا فعلوا بهم في جزر البحر الأبيض. وهكذا فعلوا بهم في الفلبين على يد الاستعماريين الأسبان والأمريكيين وهكذا يفعلون اليوم بالمسلمين في البوسنة والهرسك وفلسطين وأوربا الشرقية وأسيا الوسطى ويتعاونون حتى مع الوثنيين في العالم كله ضد الإسلام.. دين الحب والرحمة والتسامح.
أما تاريخ الإسلام مع غير المسلمين من أهل الكتاب فهو أشرف صفحة في تاريخ البشر لا يجادل فيها إلا كل موتور وجاهل أو مريض أو ظالم لا سبيل إلى أن يبصر الحق.
إن تاريخ المسلمين مع أنفسهم أو مع مخالفيهم ليس تاريخ ملائكة معصومين، لكنه ـ مع أنه تاريخ بشر يصيبون ويخطئون ـ هو أشرف وأزكى تاريخ عرفته البشرية في اعترافه بالآخرين وفي حواره الحضاري وفي تقديره النبيل لحقوق الإنسانية من زاوية إنسانيتها المجردة مهما كان عقيدتها أو لونها أو جنسها، فالناس سواسية كأسنان المشط وكلهم لآدام وآدام من تراب.
مكانة القدس في الإسلام:
هناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة تؤكد المكانة الدينية المقدسة للقدس: وحسبنا الإشارة إلى الآية التي استهلت بها سورة الإسراء والإشارة إلى حديث شد الرحال للمساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.
ولهذه القداسة وبناء على هذه المكانة نظر المسلمون إلى بيت المقدس على أنه مزار شريف ومنزل مبارك وموضع مقدس كريم.. فشدوا إليه الرحال وأحرموا منه للحج والعمرة وزاره لذاته بغية الصلاة والثواب وأحاطوه برعايتهم الدينية الكريمة.
وقد احرم الخليفة عمر بن الخطاب نفسه للحج و العمرة من المسجد الأقصى كما أحرم منه سعيد بن العاص – أحد المبشرين بالجنة وقد وفد سعد بن أبى وقاص قائد جيش القادسية إلى المسجد الأقصى فأحرم منه بعمرة ولذلك فعل الصحابة عبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس ومحمود بن الربيع ألا نصارى الخزرجى وأما الصحابة والفقهاء وأعلام الفكر الإسلامي الذين زاروا بيت المقدس وبعضهم أقام فيه فهم اكثر من أن يحصوا وحسبنا أن نذكر بعضهم لندل على المكانة الدينية التي احتلها بيت المقدس في ذكر المسلمين وحضارتهم.
فمن هؤلاء أبو عبيدة الجراح وصفية بنت حيي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن جبل وبلال بن رباح مؤذن الرسول الذى رفض الأذان بعد وفاة الرسول فلم يؤذن إلا بعد فتح بيت المقدس وعياض بن غنم وعبد الله بن عمر وخالد بن الوليد وأبو زر الغفاري وأبو الدرداء وعبادة بن الصامت وسلمان الفارسي وأبو مسعود الأنصاري وتميم الداري وعمرو بن العاص وعبد الله بن سلام وسعيد بن زيد ومرة بن كعب وشداد بن أوس وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وعوف بن مالك وأبو جمعة الأنصاري كل هؤلاء من طبقة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن التابعين والفقهاء الأعلام: مالك بن دينار، وأويس القرني وكعب الأحبار ورابعة العدوية والإمام الأوزاعي وسفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم ومقابل بن سليمان والليث بن سعد ووكيع بن الجراح والإمام الشافعي وأبو جعفر الجرشي وبشر الحافي وثوبان بن يمرد وذو النون المصري وسليم بن عامر والرسي السقطي وبكر بن سهيل الدمياطي وأبو العوام مؤذن بيت المقدس وسلامة المقدسي الضرير وأبو الفرج عبد الواحد الحنبلي والإمام الغزالي والإمام أبو بكر الطرطوشي والإمام أبو بكر العربي وأبو بكر الجرجاني وأبو الحسن الزهري ومئات غيرهم، ومن الخلفاء الذين زاروا بيت المقدس عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك الذي هم بالإقامة في بيت المقدس واتخاذها عاصمة لدولته بدلا من دمشق وأبو جعفر المنصور والخليفة المهدي بن المنصور وغيرهم من خلفاء الأيوبيين والمماليك والعثمانيين وقد درج بعض الخلفاء والملوك بداء من العصر المملوكي ـ على كنس الصخرة وغسلها بماء الورد بأيديهم ومن هؤلاء الظاهر بيبرس والمالك العادل زين الدين كتبغا المنصوري والملك الناصر محمد بن قلاوون وأخوه السلطان حسن والملك الظاهر برقوق والملك الأشرف قايتباي والسلطان سليمان القانوني والسلطان محمود الثاني والسلطان عبد الحميد والسلطان عبد العزيز والسلطان عبد الحميد الثاني وغيرهم.
إننا كمسلمين ـ نؤمن عن يقين نابع من الإسلام أن بيت المقدس وما حوله إنما هو أرض مقدسة لا نستطيع أن نفرط فيها إلا إذا أفرطنا في تعاليم دينه وغنى التكيا ـ إننا ـ وحدنا في الأرض بالأمس واليوم ـ الذين نؤمن بكل الأنبياء ونكرمهم وننزههم عن كل نقص بدءا من آدم وإبراهيم ونوح.. وحتى موسى وعيسى ومحمد ـ عليهم جميعا السلام ـ وليس في ديننا نص واحدا لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الشريفة ينسب إلى نبي فاحشة أو جريمة أو كذبا.
ولا يقبل إيمان المسلم إلا إذا آمن بكل الأنبياء وأنزلهم جميعا منزلة كريمة: ((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إلَيْهِ مِن رَّبِّهِ والْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ ومَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)) ((قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ومَا أُنزِلَ إلَيْنَا ومَا أُنزِلَ إلَى إبْرَاهِيمَ وإسْمَاعِيلَ وإسْحَاقَ ويَعْقُوبَ والأَسْبَاطِ ومَا أُوتِيَ مُوسَى وعِيسَى ومَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)).
وفي القرآن الكريم عشرات الآيات التي تتناول كل نبي على حدة تثبت له كل كريم من الخلق وتنفي عنه كل ما حاول بعضهم إلصاقه به وتحكي للمسلم قصة جهاده في أداء رسالته وما لاقاه من الأذى المادي والمعنوي لتوحي إلى المسلم أن يحذو حذوه لأن رسالة الأنبياء منذ نوح وحتى محمد رسالة واحدة تنبع من مصدر واحد وتهدف إلى غايات واحدة ويكمل بعضها بعضا وبالتالي ـ انطلاقا من هذا الإيمان الكامل نقف نحن المسلمين حماة لكل التراث والمقدسات الدينية السماوية وذلك بأمر ديننا الذي مثل آخر حلقه في سلسلة الوحي السماوي والذي حمل اتباع ـ نتيجة هذا ـ مسئولية إنسانية عامة:
((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) ((وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ)).
واجب المسلمين نحو القدس:
يصف القانوني الأستاذ هنري كتن الملابسات التي أصدرت وعد بلفور في الثاني والعشرين من نوفمبر 1917 وهو الوعد الذي قطعته الحكومة البريطانية على نفسها بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ـ ثم ما لحق هذا التصريح من إصدار عصبة الأمم لصك انتداب بريطانيا على فلسطين في 24 يوليو 1922 حيث فوضت من قبل عصبة الأمم في تحقيق وعدها المشئوم.
يصف (هنري كتن) هذه الملابسات بقوله: "أن العرب قد خدعوا خدعة ترقى إلى مرتبة الخيانة وأنه لمن الامتهان للحضارة الإنسانية المعاصرة وللقانون الدولي أن تسيطر خدعة ترقى إلى مرتبة الخيانة حتى تؤتي ثمارها في شكل إبادة كاملة لحق شعب يربو عدده عن خمسة ملايين وعن ضياع شبه كامل لأرض هذا الشعب ولمدينة القدس التي تمثل بالنسبة له جزءا من دينه وتاريخه وحضارته ولقد وصف "القانونيون ورجال السياسة في العالم وعد بلفور"بأنه وثيقة بمقتضاها قطعت أمه وعدا رسميا لأمة أخرى بمنحها بلاد أمة ثالثة أنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق".
وعند صدور وعد بلفور كان العرب يشكلون 90% من السكان ـ ومع ذلك فإن هذا الوعد الغريب يسميهم "الطوائف غير اليهودية" وكأنهم أقلية وينص على أنه يتعهد بأن يحمي حقوقهم المدينة والدينية وكأنهم أقلية.
ومع ذلك فإن أغلبية هؤلاء الـ 90% من التعساء يعيشون الآن لاجئين في الخيام وقد ضاعت كل حقوقهم الدينية التي نص عليها الوعد الظالم وضاعت مدينتهم المقدسة.
وفي تحليل سياسي للصحفي الإنجليزي "ميكل أدامز" نشرته الغارديان بتاريخ 3 نوفمبر سنة 1967 يتوجه فيه " أدامز إلى مواطنيه الإنجليز قائلا:
إن تصريح بلفور كان تصريحا ظاهرة البراءة وباطنه الخداع وهذا أمر ينبغي على كل إنجليزي أن يتذكره عندما يتأمل الموقف الحالي في الشرق الأوسط.
فإذا كان هذا هو نصيب الشرعية التي يحظى بها "الأساس" الذي بموجبه اغتصبت فلسطين والقدس ـ فإن ضمير العالم المتحضر ملزم ـ في ضوء فقهه المحايد لهذا الأساس ولما لحقته من تطورات خلال أكثر من ستين سنة بأن يعيد النظر في هذا الخطأ التاريخي والقانوني الكبير.
إن مبادئ الحق التي أزهقت وقواعد العدل التي هدمت توشك أن تمتد آثارها إلى العالم كله. وإنها قد امتدت الآن فأصبحت الشغل الشاغل لأكثر من عشرين دولة عربية ولأكثر من خمسين دولة إسلامية وللقوى الكبرى في هذا العالم.
وأن بقاءها دون أن يتحرك ضمير الإنسان كله معيدا للحق والعدل إلى ميزانها الدقيق ـ لكفيل بأن يصيب حضارة العصر بنزيف رهيب وأن يحدث خلخلة كبرى في مقاييس الوجود والتحضر.
أن المؤرخ الإنجليزي الموسوعي الأستاذ "أرنولد توينبي" صاحب أكبر دراسة للحضارات واحدث نظرية ظهرت في تفسير التاريخ قد تنبه إلى هذا الخطر الذي يتجاهله الكثيرون في العالم والذي يوشك أن يهز البناء الإنساني كله.
وقد وجه في سنة 1955 (عبر مجلة فرونت بيج) نداء إلى الشعب اليهودي في إسرائيل وإلى العالم كله يقول لهم "لا تقترفوا أخطاء الصليبيين" ويقول لهم فيه أيضا: "لقد كان التخلف والتفسخ والفوضى والفساد تجثم على صدور العرب فصال الصليبيون وجالوا وانتصروا في عشرات المعارك وهددوا واستفزوا ما شاء لهم زهوهم وخيلاؤهم" معتقدين أنهم قادرون على طرد العرب وطمس معالم العروبة (والإسلام) بحد السيف كما اعتقد حكام إسرائيل بعد كل جولة منذ عام 1948 غير أن انكسارات العرب المتتالية في عهد الصليبيين قد فتحت عيونهم على عيوبهم فعرفوا أن سر قوتهم في وحدتهم وتفانيهم وراء صلاح الدين ساروا فقطفوا ثمار النصر يوم 3 تموز 1187م في حطين. وفي النهاية يطالب "توينبي" الأقلية اليهودية أن تعيش كأقلية مع العرب والمسلمين في أمن وسلام.
وفي اعتقاد "توينبي"وهو اعتقاد تخالفه فيه بقوة ـ أن الطريق لا زال مفتوحا أمام أصحاب النفوس الكبيرة الرزينة في إسرائيل ـ للعمل بسرعة وتفان لتحقيق المطالب التالية:
- إجلاء القوات الإسرائيلية عن المناطق التي احتلتها.
- تعويض حكومة إسرائيل للبلدان العربية عن جميع الخسائر المادية التي تكبدتها.
- إعادة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
- التزام حكومة إسرائيل بحل القضية الفلسطينية.
والحق الذي يستأهل أن يضاف إلى ما ذكره توينبي ـ الذي سجل نداءه قبل أحداث 1967 ـ أن قمة المأساة في قضية فلسطين هي (مأساة القدس) فإن الأفراد والجماعات على السواء هي مخلوقات عابرة وذات أجل وتنتهي مآسيها بزوالها عن الحياة ولكن هذا الشيء لا ينطبق على المدن التاريخية والتي تشكل أبنيتها وحجارتها وأزقتها وأماكنها المقدسة وذكرياتها والارتباط بها رمزا تاريخيا وحضاريا ولا يمكن نسيانه.. إنها روح وجزء من دين وإنها حضارة وتاريخ ـ وهذا هو حال الفلسطينيين والعرب والمسلمين مع القدس..
وهذا ـ أيضا ـ حال القدس الطاهرة التي كتب عليها أن تقاسي الآلام العظيمة الموازية لمجدها العظيم إنها لمدينة جميلة حزينة وقورة ترك التاريخ معالم عبئه الثقيل عليها وعلى شعبها الفلسطيني والمتمثل في كوارث الحاضر الصهيوني والمجهول المرعب الذي ينتظر مستقبلها إذا لم يستيقظ ضمير الإنسانية المخدر بالأكاذيب الإعلامية الصهيونية.
لقد كانت القدس مركز الدائرة في حروب صليبية استمرت قرابة قرنين من الزمان وخلفت من الأحقاد والدماء بين الغرب والشرق ما لا يمكن علاجه في قرون طويلة.
وأن القدس في أيدي الصهيونية العالمية وبمساعدة أوروبا وأمريكا قد عادت فأصبحت محور الدائرة في صراع لا يدري أحد "كم سيظل قائما" وكيف سينتهي وماذا سيخلف من نتائج؟
إن الضمير والحديث والشرعية القانونية الدولية وما وصلت إليه الإنسانية من حضارة في المجالات الإنسانية والأخلاقية.. ومواثيق حقوق الإنسان.
إن كل ذلك يجعلنا نهيب بالضمير العالمي حفاظا على ما وصلت إليه الإنسانية المتحضرة ـ أن يعيد القدس إلى أصحابها الشرعيين لأنه لا سلام بدون القدس.
والمسلمون والعرب هم أول من ننبههم إلى واجبهم لأنهم أصحاب الحق ولأنهم المسئولون مسئولية دينية وتاريخية عن عودة القدس.
ولا يشفع للمسلمين في تقصيرهم ما أخذ يتسلل إلى أحاسيسهم إزاء غفلة الضمير العالمي والتواطؤ السياسي والعسكري مع الصهيونية من أن هناك اضطهادا عنصريا ودينيا عالميا موجها ضدهم فإن حركة التاريخ التي تخضع لسنن الله في الحق والعدل لن تظل سائرة في طريقها المنحرف ولابد أن عود إلى طريقها الذي ينسجم مع سنن الله ولسوف تنتهي هذه الفترة الاستثنائية الشاذة في التاريخ عندما يوجد المسلمون الواعون بارتباطها بالقدس ارتباط عقيدة وعبادة ارتباط إسراء ومعراج ارتباط قبلة أولى بأختها الثانية ، ارتباط المساجد الثلاث التي تشد إليها الرحال وتضاعف فيها الحسنات وتستحق أن نبذل من أجلها دماءنا وأموالنا أن هؤلاء المسلمين عندما يوجدون سوف تبدأ رحلة عودة القدس وفلسطين.. وعودة الأمة الإسلامية إلى مكانتها الطبيعية.. خير أمة أخرجت ـ بالحق والخير.. للناس كل الناس.
(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
صدق الله العظيم