أقمار التجسس الصهيونية وكيفية إطلاقها من طائرات أف 16
أفق" إسرائيل.. تحتل سماءنا
بقلم : إياد القرا
في اجتياح إسرائيلي جديد يعد الأقوى.. حشدت إسرائيل صفوة جنودها واحتلت بهم جزءا جديدا من الفضاء.. فما احتلته من أرضنا لم يكفها فقررت أن تحتل فضاءنا لترصد علينا كل خطوة نخطوها...
في 28 مايو 2002 أطلقت إسرائيل "أفق 5" آخر عنقود أقمارها الصناعية للتجسس والتي أطلق عليها "مجموعة أفق".. وقد ذكر مصدر استخباراتي في بيروت أنه عقب الإطلاق تم عقد اتفاق بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة في إطار حربها ضد "الإرهاب" يقضي بأن تقوم إسرائيل بمراقبة الحركات الإسلامية ورصد اتصالاتها، بالإضافة إلى التعاون في تحديد هذه الحركات، أو أي حركات أخرى معادية لما تسمى بعملية السلام في المنطقة.
وعلى الرغم من أن إسرائيل بدأت متأخرة في مجال الفضاء (عام 1989) فإنها أصبحت من أكثر الدول تطورًا في هذا المجال وترصد ملايين الدولارات لإنتاج الأقمار الصناعية التي تصل تكلفة الواحد منها إلى ما يزيد عن 25 مليون دولار.
البرنامج الفضائي الإسرائيلي.. تعثر يعقبه نجاح
سعت إسرائيل مبكرًا للتخطيط لبرنامجها الفضائي منذ عام 1959 حينما أنشأت "اللجنة القومية لأبحاث الفضاء" لدراسة إمكانية إقامة برنامج فضاء إسرائيلي، تلا ذلك إنشاء معهد بحوث الفضاء بجامعة تل أبيب، وفي عام 1969 توجهت إسرائيل للولايات المتحدة بطلب لمساعدتها في إقامة محطة لرصد الأقمار الصناعية، ثم قامت بتوحيد مراكز البحوث في مجال الفضاء تحت قيادة واحدة من أجل البدء في تنفيذ برنامج موحد.
وتعتبر البداية الفعلية للمشروع الفضائي الإسرائيلي بإطلاق القمر الصناعي للتجسس في 19-9-1988م (أفق-1)، وكان هدفه اختبار القدرات التكنولوجية للصاروخ "شافيت" -الذي حمل القمر الصناعي للفضاء- ومعرفة مدى قدرة الأجهزة التي يحملها على الصمود في منطقة الفراغ وانعدام الوزن في الفضاء.
وعلى الرغم من إطلاق إسرائيل للقمر الصناعي الأول "أفق-1" فإنها استمرت في الاعتماد في مصادر معلوماتها على الأقمار الصناعية الأمريكية. وقد نجح "أفق-1" في المهمة الموكلة له من فحص للأجهزة، وقد انتهت خدمته عام 1989 باحتراقه في الفضاء.
وفي أعقاب سقوط "أفق-1" جهزت الصناعات العسكرية الإسرائيلية نفسها لإطلاق قمر صناعي آخر يقوم بنفس المهمة فأطلقت "أفق-2" في إبريل 1990، إلا أنه لم يدم طويلاً حيث احترق في الفضاء بعد ثلاثة شهور من إطلاقه وسقط في يوليو 1990م .
وخلال الفترة بين عامي 1991 و 1995م التي شهدت اندلاع حرب الخليج الثانية، فشلت الأقمار الصناعية الأمريكية في إيصال معلومات مبكرة عن انطلاق صواريخ عراقية باتجاه إسرائيل، وهو ما زاد من شعور إسرائيل بأهمية الاعتماد على قدراتها لمواجهة الأخطار التي تهددها.
اكتفاء ذاتي.. في التجسس
وفي عام 1995م دخل برنامج الفضاء الإسرائيلي مرحلة متقدمة من التطور، بإنتاج وإطلاق القمر الصناعي للتجسس "أفق-3" في 5-4-1995م، والذي وفر لإسرائيل قدرة كبيرة للاكتفاء الذاتي في مجال المعلومات الاستخباراتية التي كانت تحصل عليها من خلال أقمار التجسس الأمريكية.
كان "أفق-3" يدور على ارتفاع 600كم فوق سطح الأرض، ويمر مباشرة فوق بعض العواصم العربية وحتى شمال طهران العاصمة الإيرانية، وكان يبلغ من الوزن 225 كجم، وهو مجهز بمعدات تشغيل تعمل بواسطة الطاقة الشمسية تضم معدات تنصت إلكترونية وسمعية متطورة، ترسل المعلومات التي ترصدها إلى القاعدة الأرضية 6 مرات يوميًا.
وعلى الرغم من الإمكانات العالية للقمر الصناعي التجسسي "أفق-3" والتي ترصد حركة الآلات العسكرية، والصواريخ، والاتصالات السلكية واللاسلكية وتعترض المكالمات الهاتفية وتسجلها، فإن الصناعات العسكرية الإسرائيلية بالغت في قدراته حيث ادعت أنه يملك القدرة على قراءة أرقام السيارات في شوارع العاصمة العراقية بغداد.
وفي عام 1998 تمت محاولة إطلاق "أفق 4" إلا أنها باءت بالفشل، ولم يتم الإعلان عن أسباب فشل الإطلاق. إلا أن هذا دعا الصناعات العسكرية الإسرائيلية إلى العمل لتمديد وجود القمر الصناعي "أفق-3" في الفضاء والذي كان من المفترض إنهاء مهمته عام 1998، وفعلاً نجح الخبراء الإسرائيليون في تمديد وجوده في الفضاء لثلاث سنوات أخرى حتى عام 2001 حيث انتهى مخزون الغاز وأصيبت المعدات بالعطل، وخلال الفترة من عام 2001 وحتى إطلاق القمر التجسسي "أفق-5" مايو 2002 اعتمدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية على القمر الصناعي الخاص "إيروس".
"أفق 5" آخر عنقود "مجموعة أفق"
وبانطلاق "أفق 5" في مايو الماضي تكون إسرائيل قد أتمت منظومتها الفضائية التجسسية لمجموعة أسرة "أفق" الخمسة. و"أفق 5" يعتبر نقلة نوعية في الصناعات العسكرية الإسرائيلية لما يمتاز به من قدرات استخباراتية وتجسسية عالية تؤهله لكي يكون بداية لجيل جديد من أقمار التجسس.
يبلغ وزن القمر الصناعي "أفق-5" 225 كجم، وارتفاعه 2.3 م، وقطره 1.2 م، يدور على ارتفاع 270 كم، وسيصل إلى 600 كم، ينجز 16 دورة حول الأرض في اليوم الواحد، تعمل معداته بالطاقة الشمسية، ويحمل أجهزة متطورة للتصوير وأجهزة تنصت لالتقاط الاتصالات السلكية واللاسلكية، يوجد بداخله جهاز كمبيوتر لتسجيل المعلومات والبيانات، كما أنه مزود بكاميرا خاصة حديثة جداً تقوم بعمليات التصوير الدقيق، وتقوم بإيصالها بدقة إلى قواعد استقبال المعلومات والصور الأرضية، وقد تم صناعتها بتكتم شديد في مصانع "آل- أرف" الإسرائيلية. ويتميز "أفق 5" بخفة وزنه وهو ما يضمن له البقاء أكبر فترة ممكنة في الفضاء.
يقول الخبراء الإسرائيليون بأنه بإمكان "أفق 5" تصوير أجسام صغيرة جداً على الأرض وبدقة عالية، ومتابعة الحركات غير الطبيعية في البلاد العربية والشرق الأوسط كالمظاهرات والحوادث الكبيرة. كما يمكنه إجراء رصد مبكر للصواريخ والإنذار بانطلاقها، ومتابعة وتسجيل المكالمات الهاتفية والاتصالات السلكية واللاسلكية ومتابعة مصدرها.
ويمكن توجيه "أفق 5" من خلال القواعد الأرضية وهو ما يعطيه القدرة على متابعة الهدف المراد رصده بسهولة، فهو يغطي منطقة واسعة من الدول العربية والشرق الأوسط، تشمل شمال أفريقيا وإيران وأفغانستان وباكستان وشمال تركيا وحتى السودان بالجنوب، ويتم بيع الصور التي يلتقطها القمر بمبالغ كبيرة جداً لدول تعتبرها إسرائيل صديقة مثل الهند وتركيا وهو ما يمثل مصدر دخل ضخما، على الرغم من أن إسرائيل ترفض أن تبيع لهذه الدول أقمارا صناعية من تصنيعها.
طائرات الـ "إف 16" قواعد لإطلاق الأقمار الصناعية
تسعى إسرائيل لتطوير قدراتها على إطلاق الأقمار الصناعية من خلال الاعتماد على ما تمتلكه من طائرات "إف 16" و"إف 15" بدلاً من اعتمادها الحالي على قواعد عسكرية باستخدام صواريخ أرض جو مثل "أريحا 2" و"شافيت" وهذا ما يدعمه قادة سلاح الجو الإسرائيلي ويدرسونه باستمرار، ولهذا الغرض أجرت إسرائيل تجربة لإطلاق قمر صناعي من خلال استخدام صواريخ يتم إطلاقها من خلال الطائرات بمساعدة روسيا وباستخدام صاروخ روسي الصنع، وقد أشرف على هذه التجربة معهد "التخنيون" في حيفا إلا أنها باءت بالفشل وسقط الصاروخ، كما فُقدت السيطرة على القمر الصناعي ولم يعرف حتى الآن المكان الذي سقط فيه.
ويُرجع قادة الجيش سعيهم المستمر للاعتماد على الطائرات في إطلاق الأقمار الصناعية لعدة أسباب منها:
- قلة تكاليف إنتاجها مقارنة بإقامة قواعد لإطلاق الأقمار الصناعية.
- القدرة على إطلاق الأقمار الصناعية من أي مكان دون صعوبات.
ويبقى سعي إسرائيل دءوبًا لاحتلال أكبر منطقة ممكنة من الفضاء الفسيح، سواء بأقمار البث التجارية، أو بأقمار التجسس.. لتكتمل منظومة الاحتلال أرضًا وفضاءً وعقولاً.. فأين من يقاوم هذا الاحتلال؟!!