الحياة العلمية في الجند
الباحث:
د / علي مسعد أحمد قائد الهويدي
الدرجة العلمية:
دكتوراه
الجامعة:
جامعة صنعاء
القسم:
تاريخ
بلد الدراسة:
اليمن
لغة الدراسة:
العربية
تاريخ الإقرار:
2009
نوع الدراسة:
رسالة جامعية
الملخص:
وفي الأخير آمل أن تكون هذه الدراسة قد حققت أهدافها, فإن أمةالإسلام أمة علم والبحث في ميدان الحياة العلمية ليس القصد منه التفاخر بالماضي وذكر مفاخر الآباء والأجداد, وإنما إدراك الإمكانات الحضارية كون العلم الركيزة الأساسية في بناء حضارتها, للوصول إلى شحذ الهمم من أجل إبداع علمي يقود للتقدم والرقي, والبحث يظهر أن محلاف الجند كان مركزا من مراكز الحضارة, وخرج منه علماء كان لهم تأثير في البلاد الإسلامية عامة,وقد تركوا آثاراً لا تخفى, لمّا تزل تحدث عنها الكتب العلمية التي تعقبت آثارهم . وهذا الذي حاولنا البحث عنه قصد الكشف عن تلك الكنوز الثمينة التي تركها أولئك الأفاضل من الصحابة والتابعين وخلال القرن الأول فحسب, وفي مخلاف الجند خاصة. وخلال رحلة البحث هذه أمكننا الوقوف على بعض النتائج المنبثقة عن هذه الدراسة التي نعدد منها ما يلي:
- كشفت هذه الأطروحة أهمية محلاف الجند، وتنوع سكانها, وتقدم مجتمعها، وإمكاناتها الاقتصادية التي أهلتها لتكون في الموقع الذي احتلته قبل الإسلام، وحاضرة اليمن في عصره الأول.
- شهد مخلاف الجند نشوء مستقرات بشرية بدا عليها الطابع الحضاري, استلهمها العرب عند بنائهم للأمصار, مثل: تخطيط المدن, وبناء القصور والحصون والقلاع.
- أسهم أهل الجند في النشاط الاقتصادي بشكل فاعل لبى احتياجات الداخل, وقام بتصدير الفائض للخارج, حيث استثمر العائد الاقتصادي في بناء الجند حضاريا, فبدت المدن مثالا واضحا على ذلك, مثل: الجند, جيشان, جبا, الثجة .
- تبين سماع أهل الجند بخبر مبعث النبي - e - وهو مازال في بداية دعوته عبر أهل الكتاب, والاحتكاك بالعرب, والاتصال بهم عبر التجارة, ومواسم الحج.
- تعاطى ملوك حمير سكان مخلاف الجند مع هذا الدين بإيجابية, فترقبوا واستجابوا, ثم قاتلوا إلى جانبه ومعه, وثبتوا عليه.
- لم ينظم الجند دفعة واحدة للإسلام وإنما بدأ الانضمام تدريجيا منطقة منطقة ليتوج الانضمام الجماعي لملوك حمير في السنة التاسعة, وبذلك ارتبطت الجند بدولة الإسلام, وأصبحت جزءا منه يديره عامل معين من الرسول - e - ويعاونه عمال ومعلمون, واستمر كذلك في عصر الخلفاء الراشدين وما بعده .
- ثبت أهل الجند على الإسلام ولم ينضموا إلى حركة الارتداد الأولى والثانية.
- يعد الرسول - e - هو المعلم الأول لأهل الجند إما عبر الوفود التي انطلقت إليه أوعبر
المعلمين المرسلين من عنده والذين اختارهم بعناية فائقة كانت الشخصية العلمية هي أساس التولي للقضاء والإدارة .
- يعد الصحابة هم بناة لبنات مدرسة الجند, وقد قام بهذه المهمة أربعة عشر صحابيا فضلا عن الصحابة من أبناء الجند والذين شرفوا برؤية الرسول - e - وسماعه, ورغم تفاوتهم في العلم الذي حملوه إلا أنهم حملوا علم رسول الله - e – ونشروه.
- يعد معاذ بن جبل عالم الصحابة أشهر من قام بمهمة التعليم وفي شتى المجالات: القراءة, والحديث, والفقه, والتفسير, وأسس جيلا حمل العلم عنه وبلّغه إلى تابع التابعين.
- السائد على أهل العلم من تلاميذ معاذ وغيرهم أنهم نشروا العلم في الجند قبل انتقالهم للأمصار واستقرارهم فيها.
- استقبل مخلاف الجند كثيراً من العلماء من الصحابة والتابعين وعلى رأسهم معاذ بن جبل وإذا كان الجند يفخر بما قدمه من إنتاج علمي كبير فان الفضل يعود إلى جيل التأسيس مثل معاذ وتلاميذه.
- تعد مساجد مخلاف الجند في هذه المدة موضوع الدراسة هي المدارس الحقيقية التي قامت بنشر العلم بين جيل الصحابة والتابعين وتابع التابعين والتي قامت عليها المدارس العلمية وأماكن التعليم المختلفة.
- ظهرت الكتاتيب وبيوت العلماء أماكن للتعليم ساهمت في انتشار العلم وذيوعه في الجند وغيره .
- نشأة الأسر العلمية مظهراً علمياً يعكس مقدار الاهتمام بالعلم ومكانته في مجتمع الجند في المدة التي هي موضوع الدراسة .
- استغل علماء الجند الرحلات العلمية للتعلم .
- رفد مخلاف الجند الأمصار الإسلامية بعلماء كبار استقروا في هذه الأمصار, وأسهموا في نشأة المدارس العلمية فيها, وكان في مقدمتهم أصحاب معاذ الذين لازموه في اليمن للأخذ عنه وخرجوا معه .
- الحياة العلمية في الجند في القرن الأول الهجري دارت بشكل واضح حول علوم الشريعة؛ كونها انبثقت من الدين, فقد كان المسلمون يهتمون اهتماما بالغا بالدراسات الشرعية؛ نظرا لعنايتهم البالغة بتوضيح تعاليم الدين, انطلاقا من حرصهم على نشر الإسلام وتعليمه وتثبيت الدين في النفوس, خاصة وقد حدثت انتكاسات عرفت بالردة في بعض المناطق وإن كانت الجند نأت عن ذلك, وبذلك استطاع علماء الجند أن يطرقوا أبواب المعرفة المختلفة في إطار العلوم الدينية( القرآن, والحديث, والتفسير, والفقه, والملاحم,واللغة) , وضاهوا بذلك المراكز العلمية الأخرى في الحجاز كمكة والمدينة .
- كان لأهل الجند إنتاج علمي ثمين لم يدونوه بأنفسهم لغياب التدوين في هذا القرن, ولكن تلاميذهم ومن بعدهم دونوا ذلك العلم وحفظوا ذلك التراث.
- يلاحظ أن العالم كان يوزع جهده على كافة مجالات العلم من تفسير وحديث وقراءة ولغة مما جعل العالم يوزع جهوده عليها, فلم نرَ من يتخصص مثلا للقراءة أو التفسير كما حصل في القرون اللاحقة, وفي ذلك لمع اسم طاووس بن كيسان مثالا للعالم الموسوعة الذي قدم جهودا واسعة في مختلف المجالات.
- أسهم أهل الجند بجهد كبير في الدعوة والجهاد في سبيل نشر الإسلام وتوطيد دعائمه, واستقر كثير منهم في الشام والعراق وبلاد فارس, وقد كان لهم الأثر الفاعل بعد الفتوح والاستقرار في تعليم الناس دينهم ونشر علوم الإسلام فيها .
وأخيراً فإن ما قدمه أهل العلم في الجند يعد صفحة مشرقة من صفحات الحضارة الإسلامية تقدر أهميتها وقيمتها فيما قدموه للأمة من ثمرات الفكر العلمي التي لا تزال معالمها واضحة في بنية الحياة العلمية من روعة العطاء.