التدوين التاريخي في اليمن في القرن الثامن الهجري( الرابع عشر الميلادي)
الباحث:
أ/ محمد أحمد محمد الكامل
الدرجة العلمية:
ماجستير
تاريخ الإقرار:
6/12/2000م
نوع الدراسة:
رسالة جامعية
المقدمة
إن الحمد لله وأستعينه واستغفره واستهديه ، واشهد إن لا اله إلا هو وحده لا شريك له وان محمد عبده ورسوله
ثم أما بعد :
فالإنسان دأب منذ فجر التاريخ على تسجيل ما يمر من أحدث إحساسا بأهمية التاريخ وما في من العظة والعبرة ، ولقد أيد القران الكريم هذه الفطرة ، فالزمنا بتتبع أخبار الأمم لنتعظ ونعتبر فقال تعالى( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) و( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) 2 صدق الله العظيم .
واتخذت عملية التدوين تلك أشكالا وصوراً وعدة ، كالمخربشات والنقوش ، وغير ذلك من مظاهر التسجيل عبر العصور التي كانت تتبع الوسائل المتاحة في كل عصر ، ولم تصل عملية التدوين التاريخي إلى مستوى عال من المنهجية ،والا في عصر متأخر على أيدي المسلمين عندما ارتبط التاريخ وكتابته بعلم الحديث ومناهجه ، وأصبح فناً وعلماً قائماً بذاته .
واتخذت عملية التدوين تلك أشكالا وصورا عدة كالمخربشات والنقوش وغير ذلك من مظاهر التسجيل عبر العصور التي كانت تتبع الوسائل المتاحة في كل عصر ولم تصل عملية التدوين التاريخي إلى مستوى عال من المنهجية إلا في عصور متأخرة على أيدي المسلمين عندما ارتبط التاريخ وكتابته بعلم الحديث ومناهجه وأصبح فناً وعلماً قائماً بذاته.
واتخذت عملية التدوين التاريخي عندهم مناهج عدة ،دفعت العقليات التاريخية النافدة ، إلى النظر في مجل تلك المناهج ودراستها وتحليلها، فظهرت بعض الكتابات في ذلك ، منها ماخصصه ابن خلدون في مقدمته عن علم التاريخ وفضله وتحقيق مذاهبه ، ومنها ماكان دراسة مستقبلية لعملية التدوين التاريخي ومناهجها ككتاب ( المختصر في علم التاريخ ) لمحي الدين الكافيجي (ت 879هـ/ 1474م ) ، وكتاب (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ) لشمس الدين السخاوي (ت 902هـ / 1497م) .
وفي العصر الحديث - بعد ظهور نظريات منهجية جديدة في كتابة التاريخ - تعددت النظرات إلى التاريخ ومناهجه من زوايا مختلفة فبلعت الدراسات التاريخية لمناهج التدوين التاريخي في الإسلام العالم مبلغاً لا مثيل له من قبل .
أهمية الموضوع والدراسات السابقة :
شهد دار الإسلام في فتر الدراسة - القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) - نشاطاً عليماً واسعاً في مجال التدوين التاريخي - كما في غيره من العلوم - فظهر عدد كبير من المؤرخين في معظم الامصار الإسلامية ، كتبوا في موضوعات مختلفة من التاريخ ، فتعدت مناهجهم وطرقهم في تنال موضوعاتهم التاريخية.
وأصبحت كتابتهم التاريخية من أهم المصادر التاريخية من أهم المصادر التاريخية التي اعتمدها المؤرخون في الفترات اللاحقة ومن ابرز مؤرخي هذه الفترة : الملك المؤيد عماد الدين أبو الفدا (ت732 هـ /1333 م ) وشهاب الدين النويري(ت732 هـ/1333م) وعلم الدين البرزالي (ت 739 هـ /1338 م) وشمس الدين الذهبي (ت 748هـ / 1347 م) ولبن فضل الله العمري (ت 749 هـ /1348 م) وابن شاكر الكتبي (ت 764 هـ / 1361 م) والصلاح الصفدي ( ت 764 هـ / 1363م) وتاج الدين السبكي ( ت 772 هــ / 1371 م) وعماد الدين بن كثير (ت 774 هـ/ 1372م ) وغيرهم من المؤرخين ..
واليمن من الأمصار الإسلامية التي شهد نشاطات مبكرة في التدوين التاريخي واختيارنا لدراسة التدوين التاريخي في اليمن في القرن الثامن الهجري ( الرابع عشر الميلادي ) يأتي من إن اليمن في هذه الفترة شهدت نشاطاً كبيرة في التدوين التاريخي إذ مثل التدوين التاريخي في هذه الفترة منعطفاً مؤثراً في مسيرة التدوين التاريخي في اليمن ، من حيث غزارة الإنتاج وتنوعه وتميز كماً وكيفاً - عن الفترات السابقة - إذ بدأت تتبلور في هذه الفترة وتشكل الأطر العامة للرؤية المنهجية في علميات التدوين التاريخي - رغم عدم تخصص مؤرخي هذه الفترة وتشكل الأطر العامة للرؤية المنهجية في عمليات التدوين التاريخي - رغم عدم تخصص مؤرخي هذه الفترة بفن الكتابة التاريخية فتعددت مناهج التدوين التاريخي فالتقوا مع مناهج التدوين التاريخي في دار الإسلام في معظمها وتميزوا عنهم في بعض المناهج التي اختصوا بها لتأثرها الخاصة ( الطبيعية ، والسياسية ، والفكرية ، والاجتماعية) .
من هنا اكتسبت هذه الفترة أهمية دفعت الباحث إلى دراسة التدوين التاريخي فيها وذلك من حيث دراسة الظروف العامة المحيطة بعملية التدوين، واتجاهات التدوين التاريخي ومناهجه ومعرفة نصيب اليمن من التدوين التاريخي في دار الإسلام في تلك الفترة والتأشيرات المشتركة.
ويمكن إن نجمل أهمية الموضوع وسبب اختياره بالنقاط التالية:
1. إن التغييرات المنهجية والفكرية التي نهدتها دار الإسلام في هذه الفترة أكدت على أهمية الدراسات التحليلية للمناهج المتبعة في التدوين التاريخي فاحتلت تلك الدراسات مكانة كبيرة في الدراسات التاريخية المعاصرة عند مختلف الشعوب والأمم ومنها دراسة علم التاريخ ومناهجه عند المسلمين - وذلك لما تحققه تلك الدراسات من تعرف مهم ودقيق على المصادر التاريخية في مختلف جوانبها مما يجعل الاستفادة منها كبيرة في تحليل تاريخ الأمم واعادة بنائه بناءاً موضوعيا ودراستنا هذه محاولة في سبيل ذلك.
2. إن التدوين التاريخي في اليمن - في هذه الفترة - كان واسع النشاط في مختلف الاتجاهات التاريخية إذ ما قورنت بالفترات السابقة فتعددت مناهج التدوين وتنوعت اتجاهات وثقافات المؤرخين مما ترك صبغة واضحة على التدوين التاريخي في الفترات التي تلت هذه الفترة اذ ارتفع مستوى الوعي والرؤية التاريخيتين الى الحد الذي انبثق عنه دراسات تاريخية اكثر منهجية في التدوين من حيث الدقة والتنظيم على النحو الذي نجده في كتابات المتأخرين من المؤرخين اليمنيين.
3. إن احد - على ما اعلم - لم يضع دراسة مستقلة وافية عن هذا الجانب في هذه الفترة في اليمن عامة وان تطرق بعض الدارسين في ثنايا كتاباتهم التاريخية – عن اليمن عامة او عن دولة بني رسول او عن دولة الائمة الزيدية - الى بعض المظاهر في فترة الدراسة ومنها لمحة عن التاريخ وكتابته فان ذلك الإشارات لم تكن وافية وتلك الدراسات نستطيع إن نقسمها الى قسمين:
أ. دراسات وضعت عرضا (بيبلوجرافياً) للمؤلفات اليمنية ومنها المؤلفات التاريخية في كل الفترات التاريخية ومنها فترة الدراسة ومن تلك الدراسات: (مصادر الفكر العربي الاسلامي في اليمن) لعبد الله الحبشي، و(مصادر تاريخ اليمن في العصر الاسلامي) لأيمن فؤاد سيد، و(اعلام المؤلفين الزيدية) لعبد السلام الوجيه، و(الادبيات اليمنية) لبروكلمان، و(مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني) لحسين العمري.
ب. دراسات تناولت المظاهر الحضارية، ومنها العلمية اما في اليمن عامة ام في جانب من جوانبه، فتناولت موضوع هذه الدراسة عرضا ومنها: (الحياة السياسية ومظاهر الحضارة في عهد دولة بني رسول اليمن) لمحمد عبد الفتاح عليان، و(الحياة العلمية في مدينة زبيد في عهد الدولة الرسولية) لعبد الله العبادي، و(الحياة العلمية في تعز في عهد بني رسول لعبد الله الحبشي، و(مظاهر الحضارة في اليمن في عهد دولة بني رسول وبني ايوب) لأسامة احمد حماد، و(الحياة الاجتماعية والفكرية في اليمن من مستهل القرن السادس الهجري حتى منتصف القرن التاسع الهجري) لفتحي على حسين هلال.
وغير ذلك من الدراسات التي لم تتطرف الى التدوين التاريخي باتجاهاته ومناهجه المختلفة في هذه الفترة ولم تتناوله بدراسة مستقلة.
أهم مصادر الدراسة ومراجعها:
لاشك إن لكل دراسة مصادر ومراجع أساسية تتفق مع موضوع الدراسة وبما إن دراستنا هذه تتناول احد الجوانب الفكرة في مجال التدوين التاريخي فان كثيرا من المصادر والمراجع كانت أساسية في اعتماد الباحث عليها في هذه الدراسة ولذلك وخشية للإطالة، لم يمثل الباحث - هنا - لنماذج من تلك المصادر والمراجع داعياً القارئ الكريم للإطلاع عليها في مواضعها في هذه الرسالة، وما يمكننا هنا هو إعطاء لمحة عامة عن أهم المصادر والمراجع وقيمة الاستعانة بها.