بابل أو بابليونا أو بابي لوس المدينة الأسطورية التي يعرفها الجميع ,لم تحظى مدينة في العالم بالاهتمام الذي نالته , وقد ورد ذكرها في القران الكريم(ما انزل على الملكين هاروت وماروت)و من خلال هذه السطور سنبين الأسباب التي أوصلت بابل إلى هذه المكانة.
موقع بابل: تقع بابل على الجهة اليسرى من نهر الفرات جنوب بغداد ب100 كم تتميز بموقع ممتاز من حيث وقوعها على طرق التجارة القادمة من بلاد الشام ومن الهضبة الإيرانية والخليج الفارسي وهي محصنة بشكل طبيعي ضد الأعداء (لوقوعها بين دجلة والفرات).
نشأتها : لا يعرف تاريخ دقيق لها ولكن يعتقد انه كان في عصر المبراطورية الاكادية حوالي 2100ق.م وكانت مدينة دينية وتجارية وأول ملوكها شار-كالي –شالي وسكانها من الشعوب السامية ,أخذت مكانتها تكبر بعد مجيء الاموريين من الغرب بعد سقوط بلاد أكاد بيد الغوتيان وهم احد شعوب جبال زاغروس .
وتقول أسطورة بابلية بان الإله مردوخ انشأ على الماء معبده (ايساجيل) على الماء ومزج الغرين والماء ليتكون من الخليط بشر وأسكنهم بجوار المعبد ليقوموا بخدمته وعبادته فبابل حسب الأسطورة أول مدينة أنشأها الله في اللوحة التي كتب عليها حمو رابي قانونه قال بأن الإله انليل وهب المدينة لمردوخ فهي مدينة الإله وكانت تكتب بالسومرية كا.دينجر.را(كي) وترجم إلى السامية باب-ايلي (باب الله)
وهي مركز الكون وتوضح خريطة على لوح طيني بابل في المركز تحيط بها 5مثلثات تمثل الأقاليم الخمسة التي تحيط بها
أسوار بابل وبواباتها: يحيط بابل سورين خارجي (شالهو)على شكل متوازي أضلاع سمكه أربعة أمتار ويدعى(نيمتي-انليل),وسور داخلي (دورو)وسمكه6.5متر ويدعى(ايمغور-بعل)وبين السورين 7.5متر عبارة عن مجرى مائي وعلى السوار الخارجية أبراج بسماكة 9امتار وارتفاع 30مترا ومحيط السور بحدود17كم والسور مبني من الأجر وكذالك البوابات التي قال هيرودوت بان عددها مئة ولكن هيرودوت معروف بالمبالغة وأشهر هذه البوابات هي بوابة عشتار وتعود شهرتها أنها الوحيدة السليمة ,الباب كان عبارة عن دهليز طويل بين السورين ومستند إلى السور في داخل الباب غرف الحراسة وما يعرف الآن بالجمارك وللبواب أهمية اجتماعية وتجارية ودينية .
جميع الأبواب تتقابل بشكل مزدوج ولكل باب اسم ,فباب الجنوب هو باب اله نين أورتا اله العاصفة والحرب الباب الاخر انليل اله السماء .في الشرق اله زبابا اله الحرب والأخر مردوخ ,في الشمال اله سن اله القمر والمقابل عشتار ومن جهة الفرات اله الشمس اله العدل ومن الغرب اله اداد اله الريح والمطر ويقابله اله لوغال جيرا اله الجحيم ,هذه أشهر أبواب بابل و أسمائها
كل باب ينطلق منه شارع وأشهر الشوارع هو شارع الاحتفالات الذي ينتهي في معبد مردوخ , وشارع الإله سن وشارع الإله انليل ولشوارع أهمية اقتصادية فهي أسواق البلد ومعنى السوق باللغة البابلية هو شارع .
أما أحياء المدينة فهي 24 حارة تشبه الحارات القديمة في دمشق ويصل إليها الماء عن طريق ثلاث اقنية هي 1الفرات 2اراهاتو 3ليبيل هاغالا.
البيوت: كانت بيوت بابل فسيحة ولكل بيت حديقة والشبابيك صغيرة تشبه المشربيات وهي نحو داخل صحن البيت فلا وجود لشباك نحو الشارع
الإمبراطورية البابلية: بعد استيطان البدو الاموريين بلاد الرافدين اخذوا الحضارة من أولاد عمومتهم الأكاديين وعمروا المدن وتمكنوا منم إنشاء إمبراطورية على كامل ارض الرافدين وعاصمتهم بابل التي وصلت إلى قمة المجد على يد حمو رابي الشهير ,الذي فتح ماري على مجرى الفرات الأعلى وتمكن لأول مرة أن ينشا وحدة اقتصادية وإدارية في الهلال الخصيب وشن الحروب على بلاد إيلام وشعوب جبال زاغروس لإرغامهم على السيادة البابلية ولكن بعد وفاته بفترة قصيرة تمكن الحيثيون بقيادة مورسيل من غزو بابل واسر الإله مردوخ عام1550ق.م ولكن الملك الكاشي اغوم-كاكريمه تمكن من هزيمة الحثيين واسترجع مردوخ وزوجته زربانيت ودخل بابل دخول الفاتحين وأسس امبراطوريةكاردونياش التي استمرت 600 عام واعتنى ببابل واستمر خلفائه على هذا المنوال حتى دب الضعف في الدولة الكاشية فهاجم بابل ملك إيلام عام1174ق.م وفي النهاية سقطت بابل بيد الدولة الأشورية ولكن لم تفقد أهميتها الدينية والتجارية .
في عهد الملك سيرغون الثاني قام ماردوخ-بلادان بالاستقلال بمساعدة إيلام ولكن سيرغون هاجمها سنة710ق.م وفي عهد سنحريب نهبت بابل ودمرت سنة689ق.م ليعود اسر حدون يجدد بنائها واستمرت محاولات البابليين حتى تحقق لهم الاستقلال تحت زعامة ملك الكلدان نبو بولاسر .
بابل في عهد الكلدان: وصلت بابل إلى قمة المجد في عهد نبوخذ نصر الذي جدد أسوارها وبنا المعابد والقصور والحدائق ومنها حديقة بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع تكريما لزوجته التي اشتاقت إلى موطنها في الجبال حيث الغابات والظلال الوارفة وهذا الملك هو صاحب قصة السبي اليهودي الشهيرة .
في سنة539ق.احتل كرش الفارسي بابل وضمها إلى إمبراطوريته وجعلها إحدى عواصمه الثلاثة واستمرت بابل في عهد الفرس وعهد الاسكندر في عزها ثم عافها الزمان شيا فشيئا حتى تحولت إلى أسطورة تحت الرمال .