Esraa Eman Hussein{Admin} Admin المدير العام للمنتدى
الابراج : عدد المساهمات : 4049 تاريخ التسجيل : 15/06/2009 العمر : 35 الموقع : www.esraa-2009.ahlablog.com
| موضوع: تدريس التاريخ بين الواقع والمأمول الجمعة 06 نوفمبر 2009, 2:57 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تعد قضية تدريس التاريخ من القضايا الملحة التي لا يجب إهمالها أو غض الطرف عنها ، فالتاريخ هو ذاكرة الأمة ، وأمة بلا تاريخ هي أمة بلا ذاكرة ، وأمة بلا هوية ، وهي أمة لا تعرف ماضيها ، ولا تفهم حاضرها ، ولا تحسن استشراف مستقبلها ، وهذا ما أكده شيخنا الغزالي رحمة الله حين قال " التاريخ هو ذاكرة الأمة ومستقبلها ومستودع تجاربها ومعارفها وهو عقلها الظاهر ، وخزانة قيمها ومآثرها ، وأساس شخصيتها في القدم والممتدة مع الزمان " 0 ودراسة التاريخ هي في الواقع البداية الصحيحة لصناعة التاريخ ، فمن يحسن دراسة التاريخ يحسن صناعة حاضره ومستقبله ، لأنها تزودنا بالسنن الألهيه " [فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلًا] {فاطر:43} ، كما أنها تمدنا بالمعرفة الحقة للقوانين التى تحكم حركة المسيرة الإنسانية ، فسقوط الأمم وانهيارها يرتبط جديا بشيوع الظلم والاستبداد ، كما أن ازدهارها يرتبط بانتشار العدل والوسطية والإخلاص 0 والحقيقة أنه ليس هناك أدنى شك حول الدور الذى يلعبه التاريخ فى حياة الأمم والأفراد ، فلقد انقضى الزمان الذى كان يردد فيه مقولة كريستوفر دوسن " ما أسعد أمة ليس وراءها تاريخ " ، وكذا انتهى الزمان الذى كان يسود فيه مذهب روسو " من أن الحمقى هم الذين يسمحون لأولادهم بأن يتعلموا التاريخ " فلقد تغير هذا الزمان وأصبح من المستحيل لأية أمة أن تلحق بركب التطور والحضارة والرقى بعيداً عن نبض الماضى وبمنأى عن فقه صحيح لتجارب السابقين ، فأمتنا اليوم أصبحت أحوج الأمم لدراسة تاريخها وأخذ العبر والدروس منه والتعلم من أخطاء الأمم السابقة ، كما أنها أصبحت ملزمة بأن تحث أبنائها على التزود منه كلما اشتد ظمؤها إلى المثل الأعلى والقدوة الحسنة والبطولات النادرة والتضحيات الرائدة التى نكاد نحسبها لولا صدق التاريخ أحلاما وأساطير 0 ولقد علمت الكثير من الأمم مدى أهمية دراسة التاريخ ، ومدى كونه صمام الأمان الذي يقي الأجيال من الانسلاخ من شخصيتها ، والتنكر لتراثها واستدبار مرجعيتها ، مما يجعلها موسومة بالتبعية المدنية والعبودية الحضارية والوجود الملفق ، فمنذ أعوام قامت أزمة بين دولتى الصين واليابان عندما حاولت اليابان أن تغير بضعة أسطر فى كتبها عن تاريخ الصين ، لقد أدركت الصين مدى أهمية تلك السطور فى صياغة العقول وبناء الإنسان ، فأرادت أن تغيرها 0 ويلاحظ أنه على الرغم من أهمية دراسة التاريخ إلا أن تدريس مقرراته فى المدارس والجامعات ما زالت تواجه العديد من التحديات من ضمنها سيطرة الأساليب والطرق ذات الطابع النظرى والتقليدى وغياب الأساليب الحديثة فى عمليتى التعليم والتعلم والتقويم ، الأمر الذى له أثره السلبى على العملية التعليمية ، ومن ثم على صياغة الفكر الطلابى 0 أما التحدى الآخر فهو تذبذب السياسة التعليمية نحو مقررات التاريخ ، ففى عام 1994 – 1995 م جعل المسئولين عن التعليم مقرر التاريخ فى الثانوية العامة بالقسم الأدبى مقرراً اختيارياً ، مما أدى إلى انصراف الطلاب عن دراسة التاريخ ، ثم تراجعت الوزارة عن سياستها وجعلته مقرراً اجبارياً عام 1998 – 1999 م ، ثم قامت الوزارة بإحداث تطوير فى نظام الثانوية العامة عام 2004 م ، يعمل على تقسيم المقررات الدراسية إلى مجموعات دراسية ، كل مجموعة دراسية تشتمل على عدد من المقررات ، وجاء التاريخ ضمن مجموعة من المجموعات ، مما يعنى وضعه مرة أخرى فى محل الاختيار ، وعلى هذا فإن دراسة التاريخ فى مقرراتنا الدراسية أصبح الآن عرضة للمزايدة المزاجية ، مما قد يعود بالأثر السلبى على مستوى الوعى التاريخى لدى الطلاب ، ومما قد يقضى على هوية الطلاب أنفسهم ، ويجعلهم منسلخين عن أصولهم ومبادئهم ، ولذا وجب علينا إعادة النظر فيما نرسمه من سياسات نحو دراسة وتدريس مقررات التاريخ ، فبمثل هذا تنهض الأمم وعينها على تاريخها تحرسه ، وعين أبنائها على تراث الآباء تدرسه ، ثم تسلمه إلى الأجيال تتوارثه 0
بقلم / د0صفاء محمد على محمد مدرس المناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية كلية التربية بالوادي الجديد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
| |
|