معنى الأنا حسب لالاند
نقرأ في معجم لالاند الفلسفي في معنى الأنا Moiما يلي: "وعي فردي، بوصفه منشغلا بمصالحه ومنحازا لذاته"، وأيضا: "الميل إلى إرجاع كل شيء إلى الذات". ويستشهد لالاند بعبارة للفيلسوف واللاهوتي، العالم الفرنسي، بليز باسكال يقول فيها: "للأنا خاصيتان، فمن جهة هو في ذاته غير عادل من حيث إنه يجعل من نفسه مركزا لكل شيء، وهو من جهة أخرى مضايق للآخرين من حيث إنه يريد استعبادهم، ذلك لأن كل "أنا" هو عدو، ويريد أن يكون المسيطر على الكل".
مفهوم "الأنا" مبني على السيطرة، سيطرة الذات على ما تتخذه موضوعا لها، سواء كان هذا الموضوع أشياء الطبيعة أو أناسا آخرين. وفي هذا المعنى كتب ماكس هوركهيمر يقول: "من الصعب جدا أن يحدد المرء بدقة ما أرادت اللغات الأوربية في وقت من الأوقات أن تقوله وتعنيه من خلال لفظ ego (الأنا)، إن هذا اللفظ يسبح في تداعيات غامضة قاحلة. فمن حيث أنه مبدأ "الأنا" الذي يحاول جاهدا كسب المعركة ضد الطبيعة على العموم وضد الآخرين من الناس على الخصوص، كما ضد الدوافع السلوكية التي تحركه، يبدو (الـ ego ) مرتبطا بوظائف السيطرة والحكم والتنظيم (...). ولم يتحرر مفهوم الأنا في أي وقت من حمولاته وشوائبه الأصلية الراجعة إلى نظام السيطرة الاجتماعية. وحتى الصياغات المثالية لنظرية الأنا عند ديكارت تنطوي بالفعل، فيما يبدو، على معنى السيطرة. إن اعتراضات جاساندي على "التأملات" (=اسم كتاب لديكارت) تضع موضع السخرية تصور روح صغير، الـ ego أو "الأنا"، يقوم من داخل قلعته المخبأة في أعماق الدماغ […] بالتنسيق بين ما تنقله الحواس ويصدر أوامره إلى مختلف أجزاء الجسم".
من خلال هذا التصور لـ "الأنا" كمبدأ للسيطرة يتحدد موقع "الآخر" ودلالته ووظيفته في الفكر الأوربي، أي بوصفه موضوعا للسيطرة أو عدوا، أو بوصفه قنطرة تتعرف الذات من خلاله على نفسها. يقول سارتر: "أنا في حاجة إلى توسط الآخر لأكون ما أنا عليه".
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
انماط الذاكرة الانسانية:
تحدث علماء النفس المعرفي عن ثلاثة انماط للذاكرة تمثل نظم في تخزين المعلومات وهذه الانماط هي:
الذاكرة الحسية والذاكرة القصيرة المدى والذاكرة الطويلة المدى
واعتبر اتكستون وشيفرن هذه الانماط في معالجة المعلومات مكونات منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض حيث تدخل المعلومات الحواس ثم تخزن للمرة الاولى في الذاكرة الحسية الاقل من ثانية ثم تنتقل الى الذاكرة القصيرة المدى حيث تتم المعالجة المعرفية للمعلومات لمدة قصيرة ثم تصل المعلومات الى الذاكرة الطويلة لتخزينها لوقت الحاجة كما هو موضح في الشكل التالي:
اولاً: الذاكرة الحسية
يقوم العالم من حولنا بتزويدنا بالاف المثيرات الصوتية والبصرية واللمسية والشمية والذوقية التي تدخل الحواس وتقوم الحواس بدورها الآلي في نقل هذه المعلومات الى المرحلة القادمة من التخزين وهي الذاكرة القصيرة.
ولكن بحكم الانتباه فان بعض المعلومات يصل فقط الى الذاكرة القصيرة ويتم نسيان بقية المعلومات التي لانركز انتباهنا عليها، وحول مصير هذه المعلومات التي لايتم الانتباه اليها فقد اختلف علماء النفس حول ذلك حيث يكتفي غالبيتهم بفكرة فقدانها وعدم قدرتها في التأثير على الخبرات وبناء المعرفة.
ويمكن تلخيص اهم خصائص الذاكرة الحسية بالتالي:
1- تنظيم الذاكرة الحسية لتمرير المعلومات بين الحواس والذاكرة القصيرة حيث تسمح بنقل حوالي 4-5 وحدات معرفية في الوقت الواحد علماً بان الوحدة المعرفية قد تكون كلمة او حرفاً او جملة او صورة حسب نظام المعالجة.
2- تخزن الذاكرة الحسية المعلومات لمدة قصيرة من الزمن لاتتجاوز الثانية بعد زوال المثير الحسي.
3- تنقل الذاكرة الحسية صور حقيقية عن العالم الخارجي بدرجة من الدقة عن طريق الحواس الخمس.
4- لاتقوم الذاكرة الحسية باية معالجة معرفية للمعلومات بل تترك ذلك للذاكرة القصيرة.
ب- الذاكرة والهوية الشخصية
بغض النظر عما إذا كانت الهوية جوهرا قائما بذاته أو تعاقبا لحالات شعورية متباينة، فإن الهوية ليست كيانا ميتافيزيقيا مكتمل التكوين منذ البدأ، إنها سيرورة سيكلوجية تجد سندها المادي في الذاكرة، وعملية تطورية تنشأ تدريجيا بفضل تفاعل الفرد مع الغير
سبق لــ ابن سينا أن لاحظ، في هذا الإطار، بأن فعل التذكر هو الذي يمنح الفرد شعورا بهويته وأناه وبثباتها.ويتجلى هذا واضحا في شعور الفرد داخلياً وعبر حياته باستمرار وحدة شخصيته وهويتها وثباتها ضمن الظروف المتعددة التي تمر بها، كما يظهر بوضوح في وحدة الخبرة التي يمر بها في الحاضر واستمرار اتصالها مع الخبرة الماضية التي كان يمر بها.
إذا كانت الذاكرة هي مايعطي لشعور الشخص بأناه وبهويته مادتهما الخام، فإن امتداد هذه الهوية في الزمان، كما يلاحظ جون لوك، مرهون باتساع أو تقلص مدى الذكريات التي يستطيع الفكر أن يطالها الآن: وبعبارة أخرى إنني الآن هو نفسه الذي كان ماضيا وصاحب هذا الفعل الماضي هو نفس الشخص الذي يستحضره الآن في ذاكرته.
لهذا السبب، وعندما يتساءل برغسون عن ماهية الوعي المصاحب لجميع عمليات تفكيرنا، يجيب ببساطة: إن الوعي ذاكرة، يوجد بوجودها ويتلف بتلفها
ومن الجدير بالذكر أن الوعي بالذات على هذا النحو الأرقى ليس مقدرة غريزية او إشراقا فجائيا، بل هو مسلسل تدريجي بطيء يمر أولا عبر إدراك وحدة الجسم الذي ينفصل به الكائن عما عداه وعبر العلاقة مع الغير.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]