للتاريخ وظائف مهمة في إطار المنهج المدرسي ، ترمي في مجملها إلى تحقيق النمو الاجتماعي للأفراد ، وتنمية قدراتهم العقلية بصفة عامة ، والقدرة على التفكير السليم بصفة خاصة ، مما يساعد على حسن تنمية الموارد البشرية والطبيعية لمجتمعاتهم وحل مشكلاتها .
وتحقيقاً لهذه الوظائف فإن مناهج التاريخ –باعتباره مادة دراسية- قد تطورت في الوقت الراهن ، وظهرت اتجاهات حديثة على درجة كبيرة من الأهمية ، ينبغي على المربين التعرف عليها والاستفادة منها في تطوير مناهج التاريخ في مراحل التعليم العام بصفة عامة ، والمرحلة الثانوية بصفة خاصة .
* ومن أهم تلك الاتجاهات العناية بتنمية التفكير الناقد لدى الطلاب من خلال تدريس التاريخ بحيث يكتسبون الدقة في ملاحظة الوقائع التي تتصل بالموضوعات المناقشة ، وتقييم هذه الموضوعات ، والقدرة على استخلاص النتائج منها بطرق منطقية سليمة ، ومراعاة موضوعية العملية كلها ، وبعدها عن العوامل الذاتية .
* ومن تلك الاتجاهات أيضاً الاهتمام بالأٍسلوب التكاملي في بناء المنهج ، وقد أثبتت الدراسات التي أجريت في كثير من دول العالم أن هذا الأسلوب أقدر من غيره من التنظيمات المنهجية الأخرى على تحقيق أهداف التربية التقدمية التي ترمي بالدرجـة الأولى إلى مساعـدة الطالب على النمو الشامل والمتكامل
فكـراً وسلوكــاً .
* ومن الاتجاهات المعاصرة أيضاً العناية بالتربية البيئية في المناهج المدرسية ، التي يتوقع لها أن تحظى بمزيد من الاهتمام في المستقبل ، نظراً للتطور التقني المتزايد، وما يترتب عليه من تلويث للبيئة وإخلال بالتوازن البيئي . ومن الجدير بالذكر أن منهج التاريخ يمكن أن يوجه بحيث يخدم الاتجاه الداعي إلى تضمين التربية البيئية في المناهج الدراسية ، إذ أن التاريخ يتضمن مادة مناسبة تفيد في ترسيخ هذا الاتجاه .
* وبالإضافة إلى ما سبق يعد الاهتمام بالتعلم الذاتي والتربية المستمرة مدى الحياة من الاتجاهات الحديثة في مناهج الدراسات الاجتماعية ، وهو في نفس الوقت له جذور في التراث التربوي الإسلامي ، مما يكسبه مزيداً من الأهمية .
* ومن بين الاتجاهات التربوية المعاصرة ، التي تلقى كثيراً من العناية والاهتمام لدى المربين ، الطريقة الاستقصائية في التدريس في مراحل التعليم العام ، حيث أصبح التدريس الاستقصائي المحور الأساسي في الدراسات الاجتماعية الحديثة .
* ومن الاتجاهات المعاصرة كذلك التوسع في استخدام ما استجد من التقنيات التعليمية في تدريس التاريخ ، مما يساعد على تحقيق الأهداف المنشودة من تدريس هذه المادة .
* ومن تلك الاتجاهات أيضاً الاهتمام بتاريخ الحضارة إلى جانب التاريخ السياسي، كما أصبح يعني بالشعوب بدلاً من تركيز العناية على الساسة والقادة والعظماء ، لأن التاريخ السياسي وحده ليس تاريخاً كاملاً ، كما أن دراسة الحضارة لا يمكن فصلها عن التاريخ السياسي ، إلا إذا قصد بها أن تكون دراسة جانب من الموضـوع .
* ومن الاتجاهات المعاصرة التي يوليها المربون عناية خاصة،الربط بين الماضي والحاضر أثناء تدريس التاريخ ، وذلك من أجل الاستفادة من دراسة التاريخ في فهم الحاضر وتبين ملامح المستقبل، مما يحقق وظيفية تدريس التاريخ .
* ولكي تواكب مناهج التاريخ الاتجاهات الحديثة للتعلم ، ينبغي الاهتمام بالمفاهيم في تلك المناهج ، بحيث تصبح هذه المفاهيم أساساً يساعد على تحديد الأهداف واختيار المحتوى وتنظيمه ، واختيار الوسائل التعليمية وأساليب التقويم ، ومن ثم فهي يمكن أن تساعد على التخفيف من التعقيد في حقائق التاريخ الناتج عن الاستغراق في التفاصيل والجزئيات .
ولذلك ينبغي السعي لتطوير مناهج التاريخ في مدارسنا وفقاً تلك الاتجاهات التربوية التي تحظى باهتمام المربين في الوقت الحاضر .
مقتبس عن د / حسن علي إسحاق البشاري
رسالة جامعية لنيل الدكتوراه.تاريخ الإقرار: 2006